ألتقي بأهل القرآن، الذين هم أهل القران، وخاصته، لأحدث عن مسائل من مسائل القرآن، وعبادة من أجل العبادات، وأعظم الطاعات، هذه العبادة هو عبادة قلبية، يعلمها الله جل وعلا الذي يعلم السر وأخفى، ويعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور من قلوب عباده. هذه العبادة، هي عبادة التوكل على الله تعالى.
*217* پَّذٌي يّرّاكّ حٌينّ تّقٍومٍ **218* وّتّقّلٍَبّكّ فٌي السَّاجٌدٌينّ **219* إنَّهٍ هٍوّ السَّمٌيعٍ العّلٌيمٍ}.
أيها الأخوة: التوكل على الله تعالى من أجمع العبادات، ومن أعلى مقامات التوحيد، لما ينشأ عنه من العبادات الصالحة، ولهذا قال سعيد بن جبير رحمه الله «التوكل على الله جماع الايمان».
فالتوكل من صفات المؤمنين بل شرط للايمان {وّعّلّى اللَّهٌ فّتّوّكَّلٍوا إن كٍنتٍم مٍَؤًمٌنٌينّ}.
أثنى الله جل وعلا على عباده المؤمنين {إنَّمّا المٍؤًمٌنٍونّ الذٌينّ إذّا ذٍكٌرّ اللَّهٍ وّجٌلّتً قٍلٍوبٍهٍمً وّإذّا تٍلٌيّتً عّلّيًهٌمً آيّاتٍهٍ زّادّتًهٍمً إيمّانْا وّعّلّى" رّبٌَهٌمً يّتّوّكَّلٍونّ}، {رَّبَّنّا عّلّيًكّ تّوّكَّلًنّا وّإلّيًكّ أّنّبًنّا وّإلّيًكّ المّصٌيرٍ} ، {الذٌينّ قّالّ لّهٍمٍ النَّاسٍ إنَّ النّاسّ قّدً جّمّعٍوا لّكٍمً فّاخًشّوًهٍمً فّزّادّهٍمً إيمّانْا وّقّالٍوا حّسًبٍنّا اللَّهٍ وّنٌعًمّ الوّكٌيلٍ}.
ثم جزاء المتوكل العاقبة والنصر والتثبت {وّمّن يّتّوّكَّلً عّلّى اللَّهٌ فّهٍوّ حّسًبٍهٍ}.
والتوكل لا يتعارض مع الأخذ بالأسباب، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالأخذ بالأسباب، «استعن بالله ولا تعجز»، وقال عليه الصلاة والسلام (اعقلها وتوكل) وظاهر في بعض غزواته بين مدعين، وهاجر واختبأ بالغار، وكان يوري في بعض غزواته، وقال من يحرسنا الليلة، وكان يحرسه الصحابة حتى نزل قول الله تعالى {وّاللَّهٍ يّعًصٌمٍكّ مٌنّ النَّاسٌ} ومن سنته اغلاق الباب واطفاء النار عند المبيت.يقول سهل التستري فيمن طعن بالحركة والسعي فقد طعن في السنة ومن طعن في التوكل فقد طعن في الايمان، فالتوكل حال النبي والكسب سنته.ورغم عظم التوكل عند الأنبياء والمرسلين، فإن الفطرة البشرية وما يشعر به المرء من الوحشة والخوف لا يعارض التوكل. قال تعالى:{رّبَّنّا إنَّنّا نّخّافٍ أّن يّفًرٍطّ عّلّيًنّا أّوً أّن يّطًغّى"} فجاءهما الدواء السليم {لا تّخّافّا إنَّنٌي مّعّكٍمّا أّسًمّعٍ وّأّرّى"} .
* مكة المكرمة
|