* كتب - مندوب الجزيرة:
تقوم وسائل الإعلام بدور فعال في توجيه الرأي العام من خلال تأثيرها المتزايد في عدد كبير من قطاعاته وشرائحه، وفي الغرب تتحمل وسائل الإعلام -عن جهل أوعمد- مسؤولية كبيرة في تشويه صورة الإسلام، وهو ما يحمل وسائل الإعلام في الدول الإسلامية مسؤولية أضخم في تصحيح هذه الصورة والتعريف بسماحة الإسلام ووسطيته.. حول مسؤولية وسائل الإعلام في ترسيخ الوسطية يدور هذا التحقيق.
المنهج الحق
بداية يقول الدكتور محمد بن خالد الفاضل الأستاذ بجامعة الأمير سلطان: إن الوسطية هي المنهج الحق، والصفة التي شرّف الله بها أمّة الإسلام وامتدحهم بها، قال تعالى:
{وّكّذّلٌكّ جّعّلًنّاكٍمً أٍمَّةْ $ّسّطْا...}،
وقال تعالى في مدح هذه الأمة حينما تكون على الجادة التي رسمها الله لها:{كٍنتٍمً خّيًرّ أٍمَّةُ أٍخًرٌجّتً لٌلنَّاسٌ تّأًمٍرٍونّ بٌالًمّعًرٍوفٌ وّتّنًهّوًنّ عّنٌ المٍنكّرٌ وّتٍؤًمٌنٍونّ بٌاللَّهٌ}
والمراد بالوسطية في الدين: التوسط والاعتدال في أخذ الدين وتطبيقه بين الإفراط والتفريط، بين الغلو في الدين والجفاء عنه. ومازال الحق يسير في ركاب المعتدلين المتوسطين من أهل السنة والجماعة السائرين على منهج الخيار والعدول من سلف الأمة. وقد ورد في السنة الصحيحة القولية والفعلية أقوال ومواقف تحث على الاعتدال والتوسط وتحذر من الغلو والجفاء، وقد بدأت مظاهر الغلو، تطل برأسها في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، ومع أنها قليلة فقد عالجها الرسول صلى الله عليه وسلم بالعلاج النبوي الرباني الناجع، ورسم لأمته الطريق في معالجتها والتحذير منها. ويضيف د. الفاضل أنه ومنذ القرن الأول إلى يومنا هذا لم يخل عصر أو مصر من بعض مظاهر الغلو أوالجفاء لكنها تقل وتكثر وتقوى وتضعف بحسب قوة السلطان والعلماء أو ضعفهم، ومازال دور العلماء هو الدور المحوري الفاصل في علاج هذه الظواهر، ولئن كان انتشار العلماء فيما مضى محدوداً ووسائلهم بدائية ضعيفة فإنهم اليوم ليسوا كذلك، ولذا تكون المسؤولية عليهم أكبر. إن وسائل الإعلام الحديثة على تنوعها قد يسرت لهم الانتشار والذيوع والوصول إلى أنحاء العالم، وأصبح عامة المسلمين يتطلعون إليهم لعلاج هذه الظواهر السيئة التي بدأت تطل على المسلمين، وتطورالأمر فيها حينما تحولت من القول والاعتقاد إلى الفعل، فحصلت في بعض البلدان حوادث تفجير وتدمير وتخريب وترويع تبين للناس أن محركها هو الغلو والتطرف والاشتطاط في فهم النصوص وتفسيرها وأضاف أن هذا الأمر - على الرغم من أنه محدود بفضل الله- إلا أنه يشكل سابقة خطيرة خصوصاً في مجتمعنا الآمن المحكوم بالشريعة الإسلامية والمتظلل بظل العقيدة السلفية الراشدة البعيدة عن الشطط والقائمة على الوسطية والاعتدال، مما يدل على أن هذه الأفكارقد نبتت خارج هذه البلاد وحمل بعض شبابنا فيروساتها في رحلاتهم الخارجية إلى تلك الأماكن التي تفرخ هذه الأفكار المنحرفة البعيدة عن جوهر الإسلام وصفائه وسماحته. وأكد د. الفاضل أن العلماء يتحملون مسؤولية كبيرة تجاه هذه الظواهر وكذلك وسائل الإعلام، بكل أنواعها ومما تمكنه من الإمكانيات الهائلة تتحمل مسؤولية كبيرة في القيام بدور يناسب حجم المشكلة وخطورتها، ويحتاج الظرف الراهن منها إلى خطة سريعة ومحكمة تستقطب فيها الكفايات المؤهلة من العلماء وطلاب العلم والتربويين وأساتذة الجامعات لمواجهة هذه النازلة، بتبصير الشباب والناشئة وإنقاذهم من براثن هؤلاء الرؤوس المخربين الذين لايريدون بنا ولا ببلادنا ولا بديننا خيراً، ومتى وجد الصدق والإخلاص والتجرد في النتائج ستبدو كبيرة ومحمودة.
ظاهرة دولية
ومن جانبه يقول الدكتور مساعد بن عبدالله المحيا: من المؤسف أن تظل الدوائر والوسائل الإعلامية العالمية والغربية تربط بين ظاهرة التطرف أو الإرهاب كماتسميه وبين المجتمعات الإسلامية وربما الإسلام على الرغم من أن هذه الظاهرة لم تعد محلية أو إقليمية وإنما أصبحت إحدى الظواهر الدولية التي تقلق كل فرد. ويضاف إلى هذا أن ثمة اختلافات واسعة بين هؤلاء جميعاً فيما يشير إليه مفهوم الإرهاب وفقاً لكثير من الاعتبارات الأيديولوجية والثقافية والبراجماتية.. لا سيما مع انتشار الوسائل التقنية الحديثة المتعلقة بالجوانب المعلوماتية التي قادت إلى مفهوم عالم القرية الإلكترونية الأمر الذي أدى إلى اهتمام المؤسسات الرسمية وغيرالرسمية المحلية والإقليمية والعالمية بدراسة هذه الظاهرة رغبة في الحد من تناميها.
اختلاف المفهوم
وأضاف د. المحيا أن هذه الظاهرة أصبحت مشكلة دولية إلا أن الاختلاف في تحديد مفهوم هذا المصطلح يعد أحد الجوانب التي يتعذر فيها أن يكون لوسائل الاتصال أثر محدد وواضح في معلاجتها والتصدي لها خصوصاً في بيئاتنا الإسلامية حيث أصبح الغلو والتطرف إحدى المشكلات التي تؤرق الكثيرين ممن يحملون هم الأمة ويتصدون لمعالجة العديد من مشكلاتها.. والحقيقة أن التفكير في علاج تلك الظوهر السلبية دون الاكتراث بعمق وشفافية في الأسباب والمؤثرات هو في تقديري شكل من أشكال البحث في النتائج والآثار المجردة عن آليات الحلول الجذرية لمثل تلك المشكلات.
وفي نظري لابد من التأكيد على أن الغلو ظاهرة لازمت المجتمعات الإسلامية منذ عهد المصطفى صلى الله عليه وسلم ثم نمت بعده وازداد أثرها وخطرها ولذا فإن الحديث عن استئصال الفكرالمتشدد ربما كان ضرباً من الخيال.. غير أن ذلك لا يعني بحال عدم القدرة على الحد من انتشاره أو أثره أوتحجيمه وهو ماينبغي أن توضع لأجله استراتيجية طويلة المدى من حيث التنفيذ شاملة كل الفعاليات مشتملة على كل المصادر التي تقوم لذلك، مشيراً إلى أنه ربما يتعذر الجزم بأن جميع طوائف المسلمين يرون مفهوم الوسطية برؤية واحدة وأن كثيراً من أصحاب الفكر الغالي والمتشدد يرون أن ما هم فيه من شكل هو أشكال الوسطية التي أمر بها الإسلام..!!
استثمار واجب
وطالب د. المحيا وسائل الاتصال بأن تظل واحدة من الآليات التي يمكن أن تستثمر في محاربة الغلو ونشر الوسطية، مبيناً أن وسائل الاتصال المقروءة والمسموعة والمرئية تساهم كثيراً في نشر الوسطية ليس في مجتمعنا المحلي فحسب وإنما في كل المجتمعات العربية والإسلامية وذلك جزء لايتجزأ من المسؤولية الملقاة على عاتقنا.. غير أننا وبرغم قناعتنا بأهمية ممارسة هذا الدورإلا أننا من الناحية العملية لم نقدم سوى القليل من حمل تلك الرسالة ونقل هذا التوجه، لا سيما وزننا لانزال نتهم في مناهجنا وبعض من علمائنا ودعاتنا ونخبنا بأن هؤلاء جميعاً هم من يقف وراء ظهور الغلو والتطرف !! ويضيف د. المحيا قائلا: إن المتأمل في عدد من برامجنا التي حاولت أن تقدم صورة أخرى لمجتمعنا ولما ينبغي أن يكون عليه المجتمع من وسطية أمر بها الشارع.. يلحظ أن هذه البرامج كانت من طبيعة نمطية تعد من أيسر وأسهل البرامج، خصوصاً أن عدداً منها تشبه في تقديري عدداً من الأفلام والمسلسلات والمواد الدرامية التي قيل إنها أعدت لمعالجة ظاهرة الإرهاب والعنف في بعض المجتمعات العربية منذ وقت مبكر..!! غير أنها لم تزد على كونها قدمت أشكالاً من السخرية بكثير من العبادات والسنن التي رغب بها الإسلام.. إذن فالبرامج الحوارية المباشرة كانت من أبرز البرامج التي سعت لمعالجة ذلك غير أن ذلك يعد من الأنماط البرامجية السرعية والسهلة وغير المكلفة التي تنهج أسلوب مخاطبة جمهور غير مقصود، فتقدم له معلومات وأفكاراً تعدها أمراً مسلماً وهي بالنسبة لمن يراد منهم الاستماع إليها حرية بنقاش عميق وبشفافية تأتي على آراء أصحاب الفكر الغالي بقدر من الهدوء والتوازن.
استراتيجية مطلوبة
وأكد د. المحيا أن لوسائل الإعلام العربية والإسلامية المقروءة والمسموعة والمرئية دوراً بارزاً في نشر الوسطية ومعالجة ظواهر الغلو والحد منها، لكنها لابد وأن تكون وفقاً لاستراتيجية واضحة وشاملة تأخذ بعين الاهتمام كل العناصر التي تشكل هذه المفاهيم والظواهر وأن لا نستبعد أياً منها استهانة بها أو إلغاء وإقصاء، فربما كان من أبرز أسباب عدم نجاح معالجة تلك الظواهر أننا لا نأخذ كل ذلك بالحسبان ولذا فإنه برغم بعض الآثار الإيجابية التي تنجم عن بعض الخطوات السريعة في معالجة تلك الظواهر عبر مجموعة واسعة من البرامج والمواد المباشرة وغير المباشرة ولا سيما أنها تستقطب نخبة من أهل العلم الموثوقين والمقبولين من خلال موضوعات مهمة تتناول أهمية الاستقرار والأمن وحاجة المجتمع إليها وعرض الأدلة النقلية والعقلية التي تؤكد ذلك وتوجبه.. إلا أنه قد يغيب عنها أوتغيب في كثير من الأحيان جوانب أخرى ذات علاقة بمثل تلك الظواهر، من بينها ضرورة اهتمام هذه الوسائل بتطبيق معايير شرعية صحيحة ودقيقة على ما تبثه من مواد وقد يعد غياب ذلك في كثير من الأحيان أحد أسباب وجود أوتنامي هذه الظاهرة في بعض المجتمعات.
ويلفت د. المحيا إلى أن وسائل الإعلام العربية والإسلامية تتباين من حيث ملكيتها فهي إما حكومية وإما تجارية، فالأولى تنزع إلى الاهتمام بما يحقق مصالح تلك الدولة والثانية غايتها الأهم إدراك أكبر قدر من الربح، وممكن لهذه الوسائل وبإمكاناتها الكبيرة أن تساهم في تحقيق مبدأ الوسطية، رغم أنها تفتقر في كثير من الأحيان للإسهامات الصحفية والبرامجية في هذا الجانب.
تأثيرات جلية
ويضيف د. المحيا أن لوسائل الاتصال عامة تأثيرات جلية وواضحة في مجال الاتجاهات والآراء والمواقف ضمن التأثيرات المعرفية التي لفت إليها الأنظار باحثو الاتصال وذلك يؤكد مدى حجم التأثير الذي يمكن أن تحدثه البرامج الإذاعية والتلفزيونية والمواد الصحفية ذات النزعة الفكرية والثقافية المرتبطة بالظاهرة الإرهابية، لاسيما وقد أصبحت هذه المواد والبرامج اليوم من البرامج التي يتفاعل معها جمهور واسع من مشاهدي المحطات التلفزيونية سواء تفاعلوا معها عبر اتصالاتهم أو رسائلهم الهاتفية أن ظلت أطروحاتها مجالاً رحباً ومفضلاً لديهم للتواصل الاجتماعي إعجاباً وسروراً بما أتاحته وقدمته من المعلومات والآراء أو تعبيراً عن عدم الرضا عن ذلك.. لذلك الحاجة تبدو ماسة إلى المساهمة الإعلامية الفاعلة والاستثمارالجيد لذلك النوع من البرامج والمواد وبخاصة في المحطات والصحف التي تتيح ذلك وتشجعه، مدركين حجم الآثار السلبية التي قد تنجم عن تقصيرنا أو عدم اقتناعنا.
وسائل الوقاية
ونوه د. المحيا إلى أن من أبرز وسائل منع الغلو العمل على تنمية جانب الوقاية من تلك الظواهر قبل وقوعها، والحرص على الاهتمام بالبرامج التعليمية النوعية التي تتسق وحاجة أبناء العالم العربي والإسلامي إلى العلم الشرعي المبني على الفهم الصحيح لكتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.. مشيراً إلى أن المؤسسات التعليمية والثقافية الدعوية والخيرية في المملكة العربية السعودية تنعم بالعناية بالعلوم الشرعية في مختلف المراحل الدراسية والمجالات الدعويةرغبة في توثيق الصلة بكتاب الله تعالى وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ولمعرفة الأحكام الفقهية الضرورية التي تشتد الحاجة إليها، وبيان العقيدة الصحيحة والتعرف على سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وهو الأمر الذي يمثل حصناً قوياً ودرعاً واقياً بإذن الله من كل انحراف يضر بالمجتمع المسلم، وكل ذلك يسهم دون شك في بناء الفرد بناء شرعياً متوازناً ومرتكزاً على المنهجية العلمية التي سار عليها سلفنا الصالح رضوان الله عليهم، وسيكون لذلك ثماره الكبيرة وآثاره الإيجابية على كل أفراد المجتمع. ولعل من المظاهر التي يفرزها غياب ذلك في بعض المجتمعات بروز ظاهرة غياب المرجعية العلمية الموثوقة علماً وتقىً، الأمر الذي جعل من الطبيعي أن يظل هؤلاء الأفراد أكثر ميلاً إلى مرجعيات علمية يأخذون عنهم الفتوى على الرغم من أنهم ليسوا مؤهلين لذلك لقلة علمهم وفقههم، وهو ما قد يكون سبباً في وجود الظواهر السيئة.
وسطية المنهج
أما الدكتور محمد الخرعان الأستاذ المشارك بقسم الإعلام، جامعة الإمام بن سعود الإسلامية فتحدث قائلاً: إن أمة الإسلام هي الوسط كما سماها الله عز وجل في كتابه العزيز في قوله سبحانه: {وّكّذّلٌكّ جّعّلًنّاكٍمً أٍمَّةْ وّسّطْا لٌَتّكٍونٍوا شٍهّدّّاءّّ عّلّى النَّاسٌ وّيّكٍونّ الرَّسٍولٍ عّلّيًكٍمً شّهٌيدْا }.
والوسطية تعني الموقف بين طرفين، وتعني الاعتدال والاستقامة وعدم الميل أوالتذبذب ووسطية الأمة ليست وسطية زمان أو مكان، فهي ليست وسطية تاريخية بالنسبة لغيرها من الأمم، إذ هي آخر الأمم، ونبيها عليه الصلاة والسلام آخرالأنبياء وخاتمهم، وهي أمة رسالة تمتد بامتداد رسالتها واتباعها.
وأضاف د. الخرعان أن وسطية الأمة المقصودة في تلك الآية العظيمة هي وسطية المنهج، ووسطية الشريعة، ووسطية العدالة والشهادة على الأمم، وبالتالي فقرآنها الكريم وسنة نبيها العظيم صلى الله عليه وسلم هما عنوان وسطيتها وعدالتها، وهما بوصلة منهجها وشريعتها، والسائرونعلى نهجهما من سلف الأمة المبارك أهل السنة والجماعة هم وسط الأمة وخيارها، يرتكزون على أصول ثابتة راسخة صقلته مسيرة الدعوة الإصلاحية المباركة على يد شيخها وإمامها المجدد محمد بن عبدالوهاب رحمه الله وغفر له، وتوالى على تجديد جادته وإحيائها جيل مبارك من العلماء الربانيين.
تحولات فكرية
ونوه د. الخرعان إلى أن ما نعيشه هذه الأيام من تحولات فكرية خطيرة لدى فئات من الشباب بعيدة عن منهج أهل العلم في هذه البلاد المباركة وسمتهم وهديهم، يجب أن يقودنا للبحث عن مسبباته ومحاضن نشأته، والتعرف على ذيوله ومراتع تغذيته، حتى نستطيع أن نعالجه بما يحفظ لهذه البلاد تميزها، ويحافظ على خصوصيتها ووسطيتها واعتدالها الذي جعلها أمة وسطاً.
منابر مسؤولة
قال ابن كثير رحمه الله، في تفسير هذه الآية:(أي لا يحملنكم بغض قوم على ترك العدل فيهم، بل استعملوا العدل في كل أحد صديقاً كان أو عدواً). وإشاعة الحوار لتنمية الوسطية والاعتدال هو تدريب على قبول الآخر في حدود القبول الممكنة، ورفع لحالة الاحتقان التي تتولد من التجافي عن منابر الحوار، والرضا بالتنافر القائم على الرفض لما لدى الآخر دون إقامة حجة، أو بيان برهان. والحوار الذي يمكن لوسائل الإعلام أن تقوم به له تبعات كبيرة ثقيلة، باعتبار وسائل الإعلام ذات طابع جماهيري تبلغ برسالتها الآفاق، وهذا يقتضي الحذر المناسب في اختيار الأساليب والمحاور وطريقة إدارة الحوار وتوجيهه وأيضاً مواجهة الشبه والتصدي لها، وذلك نهج سار عليه سلف الأمة في كشف الشبهات، ورد الدعاوي على أهلها، فالشبهة أخطر من الشهوة، وهي تفعل بالقلب والنفس فعلاً وتأثيراً كبيراً، لا سيما مع تعدد قنوات الاتصال، ووجود شبكة المعلومات وكونها منفذاً سهيلاً للترويج للشبه والشائعات والآراء دون رقابة أو تدقيق، وهذا يتطلب بيان الحق بدليله، وعرض المنهج الحق بجلائه ويسره وعدالته، والتصدي لذلك بكل عزم وحزم وإعطاء العلماء مكانتهم اللائقة بهم في وسائل الإعلام، وتقديمهم نماذج للاقتداء، ينبغي للأمة التلقي عنهم والأخذ منهم والسعي على نشرالخير، ومحاربة الفساد باب من أبواب نشر الوسطية ومحاربة الغلو، وسد لباب واسع يلج منه الغلاة لتضخيم صورالفساد، والتذرع بها لتكفير الأمة ومجتمعات المسلمين.
أبواب مفتوحة
من جانبه يقول الأستاذ عبدالرحمن بن عبدالعزيز الهزاع مدير عام القناة الأولى بالتلفزيون السعودي: إن وسائل الإعلام في المملكة في كل سياساتها وتوجهاتها تنطلق من وسطية الإسلام، هذه الوسطية الحميدة التي لا غل، فيها ولا تفريط، ويمكن للمتأمل الأمين أن يتأكد من ذلك من خلال ما تبثه من برامج دينية متنوعة حوارية وتوعوية وإرشادية لكن الذي في عينه مرض، أو يجهل حقيقة الإسلام وتعاليمه قد يرى غير ذلك، مثال ذلك الاتهامات الجائرة التي تروجها وسائل الإعلام في الغرب التي تحاول إلصاق تهمة الإرهاب بكل مفردات المجتمع السعودي، سواء باتهامها للمناهج التعليمية أوجمعيات تحفيظ القرآن أو حتى وسائل الإعلام الوطنية المسموعة والمقروءة والمرئية. ويضيف الأستاذ الهزاع، أن برامج ترسيخ الوسطية ومحاربة الغلو، والتطرف موجودة في وسائل الإعلام السعودية بدرجة تفوق نظيراتها في أي دول أخرى وهذه البرامج يشارك فيها العلماء الثقات وهناك تعاون دائم بين وزارة الثقافة والإعلام ودارالإفتاء وهيئة كبار العلماء والمؤسسات الدينية كافة في هذا الصدد بما يضمن ألا تحيد الرسالة الإعلامية عن هذه الوسطية لا سيما أن هذه القضية في ظل المتغيرات التي يشهدها العالم منذ أحداث 11 سبتمبر، أصبحت تمثل هاجساً دينياً ووطنياً، حتى لا تنجح الحملات المعادية في تشويه صورة الإسلام في بلاد الحرمين أو تشكل رأياً عالمياً معادياً له..
وفي ظل هذه الظروف يتضاعف الحرص على الاستفادة من طاقات وجهود العلماء والدعاة كافة في جو من الحوار البناء لدفع الغلو والتعريف بوسطية الإسلام والأبواب مفتوحة في وسائل إعلامنا لأي جهود من شأنها تحقيق هذا الهدف.
ويلفت مدير عام القناة الأولى بالتلفزيون السعودي إلى أن جهود ترسيخ الوسطية ودفع الغلو لايجب أن تقتصر على أوقات الأزمات أو الفتن، بل لابد أن تكون قائمة ومتجددة على الدوام سواء في وسائل الإعلام أو المؤسسات العلمية والتعليمية والهيئات المعنية بالشباب، لأن ذلك يحقق نتائج أفضل وأكثر ثباتاً.
|