قالوا: إن الوقاية يتعاظم شأنها على قدر تضاؤل شأن المعالجة، ويبدو ان الطب العصري اخذ يفضل اكتشاف الامراض قبل استفحالها اذ لاحظ عجزه عن المعالجة في أحوال كثيرة.
ومن احدث ما ابتكره في باب الوقاية الطبية في فرنسا، انهم دشنوا مؤخراً في باريس مركزا نموذجيا يعتمدون فيه على الدماغ الالكتروني لاكتشاف الامراض في مراحلها الأولى.
تدوم الجلسة ساعة وتتسنى معاينة 80 انسانا كل يوم. وتجرى على الطريقة التالية: يدخل المريض حجرة معزولة ويرد على 80 سؤالا بنعم أو لا. والأسئلة تتصل بسوابق عائلية وأمراض سالفة وعادات يومية.. وهل يتعرض في بيئة عمله إلى استنشاق الدخان إلخ؟
ثم يشرب قدحا من الماء المخلوط بالسكر «تسهيلا لاكتشاف داء السكري» ويخضع لعدة فحوص طبية كجس النبض وقياس الضغط الشرياني والتصوير الشعاعي ومخطط القلب الكهربائي وتحليل الدم وتحديد طاقة التنفس. ثم يوجه نموذج الدم ونموذج البول الى آلة تحللها تحليلا آنيا.
ولا يكاد الاختصاصي يفرغ من تسجيل هذه المعلومات على قسائم مثقوبة حتى يحولها الى الدماغ الكتروني ويطلب منه جوابا عن الوظائف الخمس الأساسية في البدن الجهاز الدموي وجهاز التنفس وجهاز الهضم وأوضاع الكليتين وكل ما يتعلق بالوظيفة السكرية. فيصدر الدماغ الالكتروني حكمين: الأول يبين فيه نتائج الفحوص، والثاني يعلق فيه على الحالة الصحية، فإما يحذر المريض من تعرضه لكذا وكذا من الأمراض، وإما يهنئه لأنه مستمتع بصحة سليمة.
اذا نجح هذا المركز، فلا ريب انه ستنشأ مراكز كثيرة مثله.
ومن سيئات هذا الاسلوب الوقائي في الساعة الحاضرة انه يكلف 150 فرنكا وان قانون التأمينات الاجتماعية لا يعوض النفقات المبذولة في المعاينات الوقائية. غير ان صاحب الاسلوب قال يوم التدشين انه سيثبت بالأرقام ان صندوق التأمينات الاجتماعية سوف يقتصد اموالا طائلة اذا عم هذا الاسلوب وانتشر. فإن معالجة الامراض في مراحلها الأولى ادنى كلفة مما تكون في مراحل الاستفحال.
|