ذا شاء لنا ان نعبر عما في الوجدان والارواح بكل ما فيها من أعماق عن تأهب المسلمين هذه الأيام وزحفهم الى مكة المكرمة حيث تهفو النفوس المؤمنة مشتاقة الى بيت الله الحرام لأداء فريضة الإسلام الخامسة «الحج» قال تعالى {)وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) (الحج:27) )لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ) (الحج:28)} من منطلق هذه الآيات البينات التي اردنا ان نعطي بها لوحة معبرة اصدق تعبير عن هذه الشعيرة من أركان الإسلام الخمسة مستمدة من كتاب الله الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد. ففي الحج تجرد كامل من صغائر الدنيا الزائلة والاتجاه التام كلية الى ممارسة مناسكه التي يستشف منها الجديد المثير الصادر عن نفسيات تؤمن بخالقها المعبود وجلال رسالة الإسلام المقدسة، ومن دعاها وتفهمها سوف يمضي متفانيا في سبيلها لا يخشى في الله لومة لائم، يمثل النهضة الأبية في حياة المسلمين وتقاربهم وتوحيد كلمتهم وتجميع صفوفهم من الفرقة وربطا لأواصرهم الفكرية والعقائدية نتيجة للتقارب الروحي يربط فيما بينهم والذي جاء استجابة طبيعية لتفهم المسلمين لواقعهم لأنهم عاشوا في بيئات وان اختلفت في ألوانها وأشكالها وعاداتها وطبائعها فصبغتها اسلامية وروحها اسلامية أصلا.
لقد جمع الإسلام بين أفراد المسلمين بآمالهم وآلامهم وآخى بينهم وكان هذا هو المعنى العام الذي اجتمعوا عليه واتحدوا به في اسمى اللقاءات. والحقيقة ان الله سبحانه وتعالى وهب بعض عباده ايمانا قويا صادقا وعقيدة اسلامية سامية اودعت في قلوبهم وفكرهم سمو الغاية ونبل الأهداف وحميد السجايا وكريم الخصال، وفي تلك البقاع الطاهرة التي يتفيأ ظلالها الندية حجاج بيت الله الحرام، فيشاهدون مؤتمرا اسلامياً ضخماً فيه جمع لشملهم وتوحيد لصفوفهم وتضامن لجهودهم البناءة الخيرة. ومن كان لله كان الله معه «من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا». وجهود فيصلنا الباني ورائد أمتنا الإسلامية وقائد مسيرتها الظافرة تبدو ماثلة للعيان ترعاها عناية الله في هذا المؤتمر الإسلامي الشامخ يرعى مصالح أمتنا، فحجا مبروراً وسعياً مشكوراً.
|