* لندن - واس:
افتتح صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل سفير خادم الحرمين الشريفين في المملكة المتحدة وايرلندا أمس مؤتمر «تجربة المملكة العربية السعودية في مكافحة الإرهاب» الذي تنظمه سفارة المملكة في بريطانيا بالتعاون مع المعهد الملكي البريطاني للخدمات المتحدة في لندن والذي يستغرق يوما واحدا وباربع جلسات.
وقد رحب سموه عند افتتاحه للمؤتمر بالحضور وبالمشاركين في جلسات المؤتمر مشيرا إلى ان صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية قد وجه رسالة للمؤتمر قرأها سموه على الحضور وفيمايلي نصها:
أيها الجمع الكريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد كانت المملكة العربية السعودية في مقدمة الدول التي استهدفها الإرهاب وعانت منه وتضررت من آثاره وتبعاته في شتى المجالات لذا كانت أيضا في مقدمة الدول التي حاربت الإرهاب وتصدت له بكل حزم واقتدار إدراكا منها لخطورة هذه الظاهرة التي أفرزتها عدة مؤثرات وعوامل دولية وإقليمية وانسجاما مع عقيدتنا الإسلامية وإيماننا الراسخ الذي يحارب كل ما يلحق بالإنسان من ضرر أو يعرض حياته للخطر.
لقد تعمقت تجربة المملكة العربية السعودية في إدراك حجم ظاهرة العنف والإرهاب الذي أصبح يهدد العالم بأسره متخطيا كل الحدود والحواجز وما يمكن ان يتركه من آثار مدمرة تهدد أمن الشعوب وتعطل خطط التنمية بشتى أشكالها ومقاصدها إلى جانب بث الرعب في النفوس الآمنة وتعطيل استمتاع الناس بنعمة الحياة التي وهبها الله لخلقه وإعاقة جهودهم في إعمار الكون والتعاون لما فيه خير وسعادة الجميع.
ولذا بادرت المملكة ومنذ زمن بعيد إلى الدعوة إلى قيام استراتيجية عربية لمكافحة الإرهاب تبناها مجلس وزراء داخلية العرب وبمباركة مجلسي العدل والإعلام العربيين وبشكل غير مسبوق في أي مجتمع آخر يعكس مصداقية وفاعلية الجهد العربي في التصدي لظاهرة الإرهاب وبما يشكل سبقا لكل جهد دولي في مجال مكافحة هذه الظاهرة الخطيرة كما أسهمت المملكة العربية السعودية في وضع خطة إعلامية نموذجية شاملة لتوعية المواطن العربي وتحصينه بالقيم الروحية والأخلاقية ضد الإرهاب والفكر المنحرف.
أيها الجمع الكريم..
إن جهود المملكة في مكافحة الإرهاب واضحة ومعلومة لدى كل منصف ومتابع سواء ما كان منها على الصعيد الثنائي أو الإقليمي أو الدولي أو ما كان في مجال الإجراءات المالية أو الإجراءات الأمنية وتعقب خلايا الإرهاب والتصدي لها وللقائمين عليها أو المتعاطفين معها أيا كانوا وحيثما كانوا.
والذي نأمله ان تحظى هذه الجهود بتفهم ودعم من المجتمع الدولي والمعنيين بمكافحة الإرهاب بدلا من انتقاصها ومحاولة الصاق التهم بالآخرين على نحو جعل من الإسلام والمسلمين محل اتهام من قبل البعض وكان الإرهاب صناعة إسلامية وفي تجاهل واضح وصريح لمبادئ هذا الدين الذي يحارب الإرهاب وقتل النفس البريئة عادا ذلك جريمة في حق الأسرة الإنسانية.
إن علينا جميعا ان نتجاوز تبادل الاتهامات والصاق الإرهاب بعقيدة أو مجتمع دون آخر..
وان نبادر إلى العمل المشترك والتعاون المثمر في التصدي لهذه الظاهرة التي لا يقتصر ضررها أو خطرها على مجتمع دون آخر أو أمة دون اخرى.
وان المملكة لتؤكد للجميع موقفها الثابت والمعلن ضد الإرهاب أيا كان مصدرها والقائم به وتدعو إلى صياغة واضحة ودقيقة لمفهوم الإرهاب وعلى نحو تجتمع به الجهود وتتحد الطاقات والإمكانات لمحاربته وحماية البشرية من خطر آثاره المدمرة.
وبحيث يتضح الفرق الواضح بين الإرهاب والكفاح المشروع للشعوب لنيل استقلالها وسلامة أراضيها لذا لا يترك للخلط بين هذين المفهومين سببا من أسباب إعاقة توحدالجهود الدولية في التصدي للارهاب ومخاطره.. مما جعل الكل في خطر والكل مهدد في أمنه واستقراره.. وليصبح المستفيد من ذلك أصحاب الفكر الإرهابي ومن يستثمره في بلوغ مقاصده الذاتية حتى وان كانت على حساب الآخرين ومبادئ العدل والانصاف.
وختاما نرجو لكل جهد مخلص في سبيل مواجهة الإرهاب التوفيق والنجاح وان نرى مجتمعنا الإنساني يعيش حياة آمنة مستقرة تغمرها مشاعر الاحترام المتبادل والتعاون المثمر لما فيه خير وسعادة انسان هذا الكوكب الصغير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
والقى بعد ذلك سمو الأمير تركي الفيصل كلمته في المؤتمر واستهلها بالآية الكريمة)مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ) واكد سموه رفض الإسلام للإرهاب في كل صوره وأشكالها.
وشدد على ان المملكة أكثر الدول التي عانت وتعاني من الإرهاب وان شبكة القاعدة الإرهابية تجعل من المملكة هدفها الأول والأساسي ولذا فان المملكة قد بدأت حربها على الإرهاب بصورة عامة وشبكة القاعدة وزعيمها أسامة بن لادن بصورة خاصة منذ فترة طويلة قبل هجمات 11 سبتمبر في الولايات المتحدة وسرد سموه عددا من الأمثلة بينها الهجمات الإرهابية التي استهدفت المملكة ومصالحها منذ التسعينات مثل الهجوم على سفارة المملكة في الخرطوم والتفجيرات في مركز تدريب الحرس الوطني في الرياض 1995م والتهديدات للخطوط الجوية السعودية وغيرها.
ولفت النظر إلى انه سبق ان سافر إلى أفغانستان وطلب من حكومة طالبان تسليم أسامة بن لادن قبل احداث 11 سبتمبر كثيرا ولكن جهوده لم تكل بالنجاح.
وقدم سموه تعريفات مختلفة للإرهاب بينها تعريف وزارة الخارجية البريطانية وتعريف وزارة الخارجية الأمريكية وتعريف القاموس لمعنى الإرهاب مؤكدا ان جهود المملكة في محاربة الإرهاب مستمرة وقد قامت السلطات في المملكة باعتقال العديد من المشتبه بانتمائهم لشبكة القاعدة ويخططون للقيام بهجمات إرهابية..
موضحا ان عدد الذين تم اعتقالهم قد بلغ 600 متهم تم إطلاق سراح 190 منهم بينما تم تقديم ما يتراوح بين 70 إلى 90 متهم للمحاكمة ومازال التحقيق يجري مع ما يتراوح بين 250 إلى 300 معتقل.
وأبان سموه ان المملكة زادت من جهودها لتحسين القوانين التي توقف تمويل الإرهابيين من داخل وخارج المملكة وأيضا محاربة غسيل الأموال وقامت بالتعاون مع الولايات المتحدة وبريطانيا في جهود مشتركة لم تنحصر فقط في تبادل المعلومات عن الإرهابيين ولكن تعدتها إلى العديد من المجالات الهامة في محاربة الإرهاب.
وقال إن كل المسؤولين في المملكة وفى مقدمتهم الملك فهد بن عبدالعزيز يؤكدون على التعاليم الإسلامية باننا أمة وسطا وان التطرف والتشدد ليس من سمات المسلمين وان هناك حملة توعية للمواطنين بمضار التطرف.
وأكد سموه ان عملية ومراجعة قطاع التعليم ومناهجه بالمملكة ليست عملا جديدا وليست مرتبطة فقط بمحاربة الإرهاب انما هي عملية دائمة ومستمرة تهدف إلى تحسين وتطوير وترقية التعليم مناهجة وطرقه وامكاناته.
وشدد على أهمية التعاون وتوحيد الجهود العالمية في محاربة الإرهاب الذي لايستهدف دولة معينة دون اخرى أو شعبا معينا أو منطقة معينة أو اتباع دين معين فالإرهاب يهدد كل الشعوب والإرهابيين يقتلون المسلمين مثلما يقتلون المسيحيين واليهود ويقتلون العرب مثلما يقتلون الغربيين وهم يحملون فكرا غريبا وليس من الإسلام في شيء.
وقال محلل شؤون الأمن القومي بالولايات المتحدة والاستاذ بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن ان المملكة والولايات المتحدة تقفان في مقدمة الدول العالمية في الحرب ضد الإرهاب وشدد على أهمية المزيد من التعاون بين البلدين في هذا الإطار لانه وبدون تعاونهما الكامل معا وتفهمهما لظروف بعضهما البعض فان مستقبل البلدين في مواجهة الإرهاب لن يكون ناجحا.
وأوضح ان تنظيم شبكة القاعدة يستعمل أساليب معقدة ولا يكتفي بالهجمات الإرهابية فقط وإنما يبذل جهود حثيثة لزرع النزاع بين المملكة وحلفائها الغربيين وان وسائل الإعلام الغربية تخدم أحيانا مصالح شبكة القاعدة في هذه الاتجاه في تقديم اتهامات غير مبررة ضد المملكة وخصوصا فيما يتعلق بتمويل الإرهاب وتحدى الحضور وكل الصحف العالمية ان تقدم مصدر موثوق به لاحصاءاتها ومعلوماتها عن تمويل الإرهاب.
وأضاف ان الإعلاميين والأكاديمين يخلطون بين الإرهاب وبن لادن وحتى أحيانا يساوون بين الإرهاب والإسلام..
وقال إن محاربة الإرهاب لا تتم بكشف الحكومات لمعلوماتها عنه لان ذلك سيساعد الإرهاببين أكثر.
وتابع يقول إن هناك أراض خصبة لترعرع ونمو الإرهاب مثل رد الفعل من النزاع الفلسطيني الاسرائيلي..
مؤكدا انه على اسرائيل ان تتفهم ان حكومة المملكة قدمت مقترحات للسلام وانها تؤمن بالتغيير التدريجي والموضوعي وليس بالعمل الثوري.
|