Thursday 23rd october,2003 11347العدد الخميس 27 ,شعبان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الأمير تركي بن طلال افتتح اللقاء العلمي السادس لطب الأسرة والمجتمع الأمير تركي بن طلال افتتح اللقاء العلمي السادس لطب الأسرة والمجتمع

  ** الرياض أحمد القرني:
نيابة عن صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبدالعزيز افتتح صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن طلال بن عبدالعزيز مساء امس الأول اللقاء العلمي السادس للجمعية السعودية لطب الاسرة والمجتمع «افاق جديدة للتعليم الطبي في طب الاسرة والمجتمع» بحضور المدير الاقليمي لمنظمة الصحة العالمية لاقليم شرق المتوسط معالي د. حسين الجزائري ووكيل وزارة الصحة المساعد للطب الوقائي د. يعقوب المزروع ورئيس الجمعية السعودية لطب الاسرة والمجتمع وعدد كبير من المسؤولين بوزارة الصحة وجامعة الملك سعود والجمعية والمختصين هذا وقد بدئ حفل الانتاج بتلاوة ايات من الذكر الحكيم بعدها القى رئيس الجمعية السعودية لطب الاسرة والمجتمع د. عدنان بن احمد البار كلمة بهذه المناسبة رحب فيها بالحضور ثم استعرض نشاط الجمعية وما تقدمه من خدمات صحية للأسرة والمجتمع واللجان التي تضمها اللجنة بعدها القى معالي د. الجزائري كلمة بين فيها تطور الممارسة المهنية الطبية خلال القرن الماضي بخطى حثيثة ومتسارعة حيث كانت الممارسة عند بداية القرن العشرين مبنية على التعامل مع الفرد حصراً، وأن الرعاية الطبية تقدم له عند حدوث المرض، ومع تواتر التغيرات السياسية والاجتماعية الكبرى بعد انتهاء الحرب العالمية الاولى، تبدلت النظرة الى الممارسة الطبية حيث تم ادخال البعد الاجتماعي اليها مما اتاح الفرصة لكي توجه هذه الممارسة المهنية نحو الجوانب الاجتماعية للرعاية الطبية وما تبع ذلك من مفاهيم وممارسات وقائية ضمن المفهوم الاشمل للصحة العامة ومع دخول القرن العشرين اوائل السبعينات، ساد العالم اجمع التغير والتيار الجارف لمفهوم الرعاية الصحية الشاملة وما تحتويه من رعاية طبية، وكان نتيجة ذلك ظهور الهدف العالمي الداعي الى تحقيق الصحة للجميع بحلول عام الفين من خلال اعتماد الرعاية الصحية الاولية كاستراتيجية عالمية لكل الدول والمجتمعات، كما اقرت في اعلان الما آتا الشهير عام 1978 وعلى الرغم من انقضاء سنوات القرن الماضي فإن هدف تحقيق الصحة للجميع لايزال بعيد المنال ومازالت المنظمات والجمعيات تبحث في الاسباب والفرص والوسائل التي تجعل من الانظمة الصحية الوطنية انظمة اكثر فاعلية واحسن كفاءة واقل كلفة واكثر عدلاً. ولعل البحث في متطلبات انجاح اسلوب الرعاية الصحية الاولية يكون مجدياً لتحقيق الاهداف المطلوبة لتوفير الصحة للجميع، ذلك ان التوجه المتسارع نحو التخصص والتخصص الدقيق في الممارسة الطبية قد انتج نظاماً طبياً متطوراً في العناية المستشفوية على حساب الرعاية الاولية، وقد ادى هذا بالنتيجة الى تقليل عدد الاطباء العاملين في الرعاية الصحية الاولية والى احجام الراغبين منهم عن التخصص في هذا الميدان، ولعل اكثر ما يفيد في اصلاح هذا الخلل هو الاعتراف بأهمية الدور الذي يؤديه طبيب الاسرة وطبيب المجتمع في تنفيذ وانجاح الرعاية الصحية الاولية جنباً الى جنب مع الطبيب الاختصاص العامل في حقول الرعاية الطبية التخصصية ولعلي لا اضيف كثيراً اذا ذكرت ان ما نقوله عن الطبيب في هذا المجال فإنه يشمل كذلك اعضاء الفريق الصحي العاملين مع الطبيب في التمريض والصيدلة وطب الاسنان والمختبرات وما الى ذلك من مهن صحية اخرى.
بعدها القى وكيل وزارة الصحة المساعد د. يعقوب كلمة معالي وزير الصحة د. حمد المانع اوضح فيها ان هذه الجمعية الفتية التي اتمت عقداً من الزمن من مسيرتها الخيرة، وكانت مثالا يحتذى به من قبل الجمعيات العلمية الاخرى بالمملكة، ولاشك فان تبني صاحب السمو الملكي الامير طلال بن عبدالعزيز الرئيس الشرفي للجمعية لها كان الاثر الفاعل واللامحدود في حياة هذه الجمعية وتواجدها باستمرار على الساحة العلمية، كما ان النهج اللامركزي الذي تسير عليه الجمعية والمتمثل في تفعيل مكاتبها الفرعية يعتبر تجربة رائدة كانت لها ثمار مميزة.
واوضح ان هذا اللقاء العلمي يطرح على بساط البحث موضوعا في غاية الاهمية الا وهو جودة خريج كلية الطب، حيث يتناول اللقاء ضمن محاوره الرئسية التعليم الطبي في طب الاسرة والمجتمع حيث ان هذا التخصص يتم الاعتماد عليه في تنفيذ العديد من السياسات الصحية في العديد من الدول المشهود لها بالتقدم والكفاءة في تقديم الخدمات الصحية لمواطنيها كما وكيفاً، وتنتهج المملكة هذا التوجه من خلال تنفيذ سياسات الرعاية الصحية الاولية وطب الاسرة لإيصال الخدمات الصحية المتميزة الى المستفيدين منها من مواطنين ومقيمين، ان الاعداد الحالية من اطباء طب الاسرة والمجتمع المختصين ليست بالكافية لتغطية احتياجات المملكة من الطاقات الوطنية لتغطية احتياجات المراكز الصحية الاولية من مقدمي الخدمة المختصة، وكذلك احتياجات الوزارة من المتخصصين في مجال التخطيط الصحي والكلفة الاقتصادية ووضع البرامج وتقييم الخدمة المقدمة وتطويرها وغيرها من المجالات التي يبرع فيها خريجو برامج طب الاسرة والمجتمع، ونحن اذ نشجع وندعم مثل هذه الجمعيات لأداء رسالتها في دعم التخصص جنبا الى جنب مع الجهود الحكومية، نود ان نعرب عن استعدادنا للتعاون والتنسيق المشترك مع القائمين على هذه الجمعية لتنفيذ كل ما من شأنه تحقيق الصالح العام.
ثم القى صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن طلال بن عبدالعزيز كلمة صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبدالعزيز قائلاً يسرني ان يتجدد لقاؤنا مع انعقاد اللقاء العلمي السادس، هذه المناسبة التي اصبحت طابعاً مميزاً للجمعية السعودية لطب الاسرة والمجتمع، ومعبراً عن حيويتها وحضورها الفاعل، فهذه الجمعية بإسهاماتها العديدة، ومشاركاتها وتأثيراتها الايجابية وامتداد فروعها وانتشارها في مناطق المملكة ومدنها، تعكس الدور الحقيقي المتوقع من منظمات المجتمع المدني في تقاسم الاعباء والمسؤوليات مع الحكومة ممثلة في اجهزتها الرسمية.
واذا كان العمل الاهلي المنظم مطلوباً في كل القطاعات والميادين فإنه في مجال الصحة اكثر الحاحاً، ذلك ان الصحة هي ركيزة كل تنمية واساسها، والجمعية السعودية لطب الاسرة والمجتمع تسهم بدور كبير في هذا المنحى بما تقوم به من نشاطات تعمق الثقافة الصحية وتنشرها.
واللقاء العلمي تتبناه الجمعية وتحرص على تنظيمه كل عام هو سُنَّة حميدة نأمل ان تأخذ بها الجمعيات الاخرى لما توفره من فرص لتجديد المعارف، وتقويم للاداء، ومراجعة لمنهجية العمل واساليب التنفيذ، وما تتيحه من وقفة متأنية لوضع الخطط والسياسات والبرامج، فإذا كان التخطيط المدروس ضرورة حتمية لتحقيق الانجازات المستهدفة فإن التقييم المؤسس على الشفافية والوضوح خاصة فيما يتصل بالدعم المالي الذي تتلقاه والاخذ بجديد العصر والنقد البناء كلها عوامل لاتقل اهمية عن التخطيط ومتطلباته ومدخلاته.
وتزامن هذا اللقاء الذي يعقد بعنوان «التعليم الطبي» مع مرور عشر سنوات على تأسيس الجمعية يؤكد اهمية تلك المعاني التي بالضرورة تترجم في استراتيجية واضحة تأخذ في الحسبان الظروف والمستجدات التي تشهدها المنطقة والعالم واهمية ان تكون استجابة قوى المجتمع المدني لهذه التغيرات بالطرق المناسبة التي تزيد ثقة الدول فيها وتزيل الشبهة عن نشاطاتها، الامر الذي يعين على اقامة علاقات متوازنة مع الجمعيات المماثلة ومع الاجهزة والمنظمات المعنية في الداخل والخارج.
ومن واقع متابعتنا في برنامج الخليج العربي «أجفند» لشأن التنمية البشرية المستدامة، وعلاقاتنا بالمنظمات الدولية والاقليمية المعنية بالصحة وجدنا ان تعميم الرعاية الصحية الاولية، بالتركيز على مفهوم صحة الاسرة والمجتمع، ورفع كفاءة العاملين فيها بالتدريب وصقل الخبرات وتطوير المهارات، وتوسيع مظلتها لتغطي الشرائح الضعيفة في المجتمع، هو اقصر الطرق واكثرها موثوقية للوصول الى التنمية الصحية المرجوة.
ولكن للاسف، لايزال كثير من الدول النامية لاتعطي الرعاية الصحية الاولية حقها في خطط التنمية وبرامج القطاعات الصحية، ومن السلبيات الواضحة لهذا التجاهل او الاغفال ان المردود النوعي لا يتناسب والحصص الضخمة التي ترصد في ميزانيات قطاع الصحة، وتبقى شريحة الفقراء مهمشة حيث كلفة الحصول على الخدمات الصحية باهظة ومرهقة، وبذلك يفقد قطاع عريض في المجتمع اهم الحقوق التي كفلتها الشرائع والانظمة.
وفي ظل هذا المنظور غير المتوازن للتنمية الصحية يتم تغييب بعد آخر مهم جداً، وهو برامج الوقاية، ولا شك ان الصحة الوقائية جزء من رئيس في الرعاية الصحية الاولية، بل هي محور الحركة في قطاع الصحة بالنسبة لمجتمع يستشرف المستقبل وينشد إعداد اجيال لغد افضل، ولذلك فإن توجهنا في «أجفند» والمؤسسات التنموية الاخرى التي نتولاها هو التركيز على البعد الوقائي في الرعاية الصحية الاولية. ومن هنا كان تبنينا دعم الجهود التي تبذلها هذه الجمعية ونفر كريم من ابناء الوطن لمكافحة امراض الدم الوراثية التي تنتشر بصورة مقلقة في بعض مناطق المملكة، وكما تعلمون فإن المساعي مستمرة بالتواصل مع اصحاب القرار لاستصدار الزامية الفحص الطبي قبل الزواج كونه الوسيلة الوحيدة الناجعة للتصدي لهذه الامراض ووقف انتشارها.
وعلى الرغم من ان التوعية بخطورة امراض الدم الوراثية، وتحديداً الثلاسيميا والانيميا المنجلية، تتم بصورة باعثة على الرضا، ووسائل الاعلام تلفت الانظار باستمرار، إلا ان المخاوف تتزايد من تطورات هذه الامراض الفتاكة المعطلة للطاقات والقدرات المهدرة لمبالغ ضخمة في علاج لا طائل من ورائه، فالاطباء المختصون يؤكدون ان المملكة تتصدر دول العالم في انتشار هذه الامراض، ويحذرون بشدة من التباطؤ في اقرار الزامية الفحص قبل الزواج ذلك ان كل يوم يمر دون اعتماد هذا الاسلوب الوقائي الناجع المجرب في عدد من الدول التي استطاعت السيطرة على الظاهرة والقضاء عليها تماماً يعني تفاقم الاوضاع بولادة 12 طفلاً مصاباً يومياً ومئات من حاملي مسببات المرض ودخول اسر عديدة في دوامة لا نهاية لها من المعاناة حيث لا علاج معروفاً لهذه الامراض حتى الآن.
تعلمون ان الخصخصة التي تعد من ابرز سمات هذا العصر اصبحت تفرض نفسها في قطاع الصحة، وبعيداً عن الطروحات المتباينة التي لها وجاهتها حول هذا المفهوم فإننا نقول: اذا كان لابد من الخصخصة في هذا القطاع الانساني فلنوجه جهودنا لئلا تكون خصخصة بلا قلب، بمعنى الغول الاقتصادي الذي يحوز كل شيء ويلتهم بلا رحمة ولكن الخصخصة المتعلقة التي توازن بين الاحتياجات المجتمعية والضرورات الاقتصادية، وفي تقديرنا ان ذلك يتحقق بتطوير رؤانا واستحضار المفهوم الواسع للخدمة الصحية والطبية بما يكرس القيم الاخلاقية والانسانية ويرسخها بعيدا عن هيمنة عقلية الربح والخسارة بحيث لا تصبح الخدمة الصحية سلعة يحصل عليها فقط القادرون على الدفع، فالمستهدف هو الانسان بوصفه رأس المال الاغلى والرصيد المتجدد، ففي حومة الخصخصة لاينبغي ان نهمل القراء فتضيح حقوقهم، ولذلك لابد ان نلتزم الدولة بتوفير الخدمة لغير القادرين.
واذا كان من اهم مظاهر الخصخصة في هذا القطاع رواج سوق التأمين الطبي فإننا نحتاج الى ضبط هذه السوق من الانفلات ومن طغيان المفهوم التجاري الصرف، كما نحتاج الى التوقف عند الرؤى النقدية التي يطرحها بعض المختصين بهدف تطوير نظم التأمين ولوائحه حتى لا تكون البلاد حقل تجارب لشركات التأمين التي لا تمتلك مقومات التنافس الذي يحقق الجودة وييسر الحصول على الخدمة.
لعل مما قد يسهم في ايجاد التوازن المطلوب الذي اشرنا اليه، ويخفف بعض الانعكاسات السلبية من مضاعفات الخصخصة ان مجتمعنا يشهد تصاعداً لدور القوى المدنية في مجالات تقديم الخدمات الصحية والطبية، وبروز اكثر من جمعية اهلية تقدم خدمات تخصصية زهيدة الكلفة،لاسيما لذوي الاحتياجات الخاصة، وهناك نشاط تثقيفي واضح تقوده بعض الجهات الطبية.
ويسعدني ان اشيد في هذا الصدد بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الابحاث وما يضطلع به من دور في ترسيخ قيم العمل الاهلي الطوعي في مجال الصحة، وقد اعلن مؤخراً تأسيس برنامج وطني للتثقيف الصحي وتنمية الوقاية الصحية الذاتية، وهذا النشاط امتداد لعدد من المبادرات اطلقها «التخصصي» ومن بينها انشاء مركز لعلاج الصرع واستقطاب المتطوعين للتوعية بهذا المرض، وقد استحق هذا المشروع الفوز بجائزة «أجفند» العالمية عام 2001 لتميزه ورياديته.
في اعتقادنا ان مثل هذه المبادرات تعكس مدى العلاقة التبادلية بين المجتمع ومؤسساته، ولذلك فهي مطلوبة من المؤسسات التعليمية ليس فقط لتكون برامج موسمية ومظاهر احتفالية ولكن لتصبح جزءاً من رسالتها وفي صميم المناهج الدراسية.
بعدها قام صاحب السمو الملكي بتكريم أ.د. توفيق التميمي رحمه الله ثم تكريم الاعضاء المؤسسين للجمعية وتكريم مكاتب الجمعية المتميزة بعدها قدم رئيس الجمعية درعاً تذكارياً لصاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبدالعزيز ودرعاً آخر لمعالي وزير الصحة بعدها قام سموه الكريم بافتتاح المعرض الطبي المصاحب لفعاليات هذا اللقاء العلمي.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved