من أكثر المفاهيم تردداً في مجال التجارة والأعمال مفهوم تلخصه الجملة القصيرة التي تقول إن «العميل دائماً على حق». وبقدر ما تحمل هذه الجملة من صدق فإنها أحد المفاتيح الهامة للنجاح في مجال الأعمال. وإذا تساءلنا: كيف يمكن لدور الأعمال أن تقوم بتحويل تلك الجملة الى واقع ملموس؟. وكيف تولي جل اهتمامها بالعميل وايلاءه الرعاية المتوقعة منها؟ وما هي العناية المستمرة لاحتياجاته التي بدورها تؤثر في تمسكه وتعامله مع الشركة التجارية بعينها دون غيرها؟. وتعدد المقومات مال العميل بالشكل المطلوب سوف يجبره علي الهروب، وتركه لمشتريات منتجات الشركة التي كان يفضلها عن البقية بشرائها بسبب عدم توليها العناية الكاملة له. وتعدد المقومات الاقتصادية التي تفتقر إليها بعض دور الأعمال تكاد تكون هي الحلقات المفقودة بين جودة المنتجات وبين جودة الخدمة. وقد اتضح ان 70% من حالات عزوف العميل لشركة معينة وانتقاله الى شركة أخرى إنما يرجع سببه الى تدني مستوى ونوع الخدمة التي توليها دور الأعمال الى العميل، أو التي على الأقل يتوقعها من الشركة نفسها. بينما 30% من تلك الحالات ترجع إلى عدم جودة السلعة ذاتها وانخفاض مستواها النوعي.
وهذا يعني ان العميل يهمه في المقام الأول نوعية المعاملة والخدمة الجيدة من الشركة التي يتردد إليها في مشترياتها، وباهتمام أكثر من اهتمامه الشخصي بالسلعة والمنتج نفسه. وعندما يفضل العميل نوعية الخدمة ولا سيما خدمة ما بعد البيع، إنما يفعل ذلك خوفاً من مستقبل المنتج المشترى، وطمعاً في استخدامه لأطول فترة ممكنة. وأجريت مؤخراً دراسة شكاوى العملاء في الولايات المتحدة الأمريكية فوجد انه بين كل ثلاث حالات من شكاوى العملاء ظهرت حالتان لا يرجع سبب الشكوى فيهما الى خلل فني أو انتاجي في السلعة المشتراة نفسها، وإنما ترجع الشكوى الى سوء الخدمة التي يلقاها العميل بعد الشراء لمنتجات بعض الشركات. ويبدو ان أفضل الأساليب الحديثة لارضاء العميل وتحقيق ربح منه على المدى البعيد يكمن في الاصغاء والاستماع اليه جيداً في كل ما يقوله أو يشتكي منه، وان تسجل جميع ملاحظات العملاء وشكواهم سواء كانتايجابية أو سلبية في مذكرات تناقش لاحقاً داخل الشركة بهدف ايجاد الحلول المرنة لها، وعلاجها بأسرع وقت ممكن. وأن تتحول كل شكاوى العملاء وملاحظاتهم الى استفادة حقيقية للشركة يتم على ضوئها رفع مستوى جودة منتجاتها وكمية مبيعاتها السنوية. وللعاملين في مؤسسات الأعمال الاقتصادية الإلمام بالطرق الحديثة في كسب ثقة واسعاد العملاء كإحدى مفاتيح النجاح لهم، لما عرف حاضراً ان العميل اكتسب من الخبرة بأحوال السلع والخدمة ما يصعِّب على معظم الشركات فرض رأيها في الخطأ والصواب على العملاء منتظرة منهم ان يقبلوا منتجاتها وخدماتها كما تريد هي وليس كما يريد العملاء أنفسهم. والفارق كبير والثمن باهظ.
|