دراسة د. عبدالله خلف العسّاف
- التسمية والموقع والمساحة
- مهرجان الجنادرية
- أهداف المهرجان
- نشاطات المهرجان
- ركن التراث
- ركن الثقافة
- إحصاءات عن أبرز النشاطات والفعاليات الثقافية في المهرجان
- النشاط المسرحي
- عناية المهرجان بالطفل
- خلاصة
- الهوامش
التسمية والموقع والمساحة
أصل كلمة الجنادرية يعود إلى اسم روضةٍ عربية كانت تسمّى روضة «سويس» ذكرها الهمذاني، وهي من الروضات الملحقة بوادي السُّلَي المعروف.
والأصل الثلاثي لكلمة جنادرية في اللغة جَنْدَرَ، وجنْدَرَ الثوبَ أعاد وشيَه بعد ذهابه، وجندر الكتاب أي أمرَّ القلمَ على ما دَرَس منه، وجندر الشيءَ صقلَه بالجندرة. والجندرةُ آلةٌ خشبية تُتخذ لصقل الملابس وبسطها(1). وهناك من يرى أن لفظةَ جنادرية يمكن أن تكون مأخوذة من كلمة «الجندرة» لتدل على الذين يعملون بالجندرة، وعلى منازلهم. وقد كان أهل الرياض يقصدون الجنادرية بعد نزول الأمطار وظهور النبات والأزهار في الربيع. وهي تقع على مسافة (45) كم في الجهة الشمالية الشرقية من وسط مدينة الرياض. وتقوم عليها منشآت القرية التراثية على مساحة 6كم2 تقريباً.
مهرجان الجنادرية
ويُطلق عيه أصلاً «المهرجان الوطني للتراث والثقافة» يشرف عليه الحرس الوطني العربي السعودي وهو تقليد ثقافي سنوي بدأ في الرياض عام 1395هـ، 1975م في منطقة الجنادرية بالمملكة العربية السعودية بسباق الهجن الكبير.
وقد تمَّ - في عام 1405هـ خلال عهد خادم الحرمين الشريفين حفظه الله - تطويرُ هذا السباق ليصبح مهرجاناً وطنياً للتراث والثقافة. والمهرجان- منذ ذلك التاريخ - يتقدّم بانتظام، وتتطور نظُمه حتى أصبح كياناً تراثياً وثقافياً يذكِّر بأسواق العرب في عكاظ والمربد وغيرهما.
لقد أصبح مهرجان الجنادرية -بفضل التطور السنوي الذي يمر به- مهرجاناً تراثياً وتاريخياً تبدو -من خلاله- قوةُ العلاقة بين ماضي المملكة وحاضرها والارتباط المستمر والمتبادل بين أهل التجارب السابقة وتراثهم، والنمو الثقافي والحضاري في البلاد.
كما أصبح مناسبةً عربية سنوية خاصة لعرض تاريخ المملكة العربية السعودية وتراثها، ومشاركة العرب من المفكرين والأدباء والمثقفين والمبدعين الذين جاؤوا من مختلف الأقطار العربية بمختلف تخصصاتهم الثقافية والعلمية والفكرية. لقد أصبحت أرض الجنادرية اليوم معلماً ومركزاً معروفاً على مستوى العالم العربي، وكذلك صرحاً كبيراً يساعد على تنفيذ جميع النشاطات الثقافية، والأدبية، والأمسيات الشعرية القديمة والجديدة، والفنون الشعبية، والترفيهية المختلفة، وعقد الندوات الثقافية والعلمية(2).
أهداف المهرجان
وقد سعى مهرجان الجنادرية -إلى جانب تطوير سباق الهجن- إلى تحقيق الأهداف الثقافية والتراثية، مثل:
1- التأكيد على أهمية التراث والعمل بكل جهد على إحيائه بشتى الوسائل، والتصدي للمحاولات التي تهدف إلى التقليل من شأنه.
2- التأكيد على العلاقة التبادلية بين التراث والنمو الثقافي، فكلاهما يؤثر في الآخر ويتأثر به، كما أن الشغل الشاغل لكل منهما هو صنع حضارة الأمم.
3- إظهار الوجه الحضاري المشرف للمملكة العربية السعودية، وذلك من خلال التعريف بأوجه النشاطات الثقافية والفنية المختلفة الموجودة في المملكة، وإبراز دور كل منها، وخصوصاً تلك التي تستمد مادتها من التراث. والواقع أن هذه المادة التراثية توضح جهود أسلافنا في شتى ميادين المعرفة، وتبرز الإنجازات الضخمة التي حققوها وتربط حاضر هذه الأمة بماضيها المجيد.
4- إتاحة الفرصة أمام الشباب لزيادة معلوماتهم عن تراثهم الشعبي بوصفه تربة خصبة لشتى المجالات الثقافية والفنية، مع إلقاء الضوء على أثر التراث الشعبي في هذه المجالات، وذلك من خلال اختيار فقرات للمهرجان يراعى فيها الآتي:
* إبراز أهداف الأدب الشعبي والشعر الشعبي من خلال عقد الندوات الأدبية والأمسيات الشعرية والمحاورة.
* إشراك فرق الفنون الشعبية من مختلف مناطق المملكة لتعبر برقصاتها الشعبية المختارة عن صميم البيئة.
* تسليط الضوء على دور الفن التشكيلي في الحفاظ على الثقافة وصيانتها في المجتمع، واعتباره وسيلة مهمة من وسائل التسجيل التاريخي، وذلك من خلال إعداد معرض للفنون التشكيلية يشترك فيه نخبة من الفنانين يتقدم كل منهم بأعمال فنية تستلهم التراث الشعبي.
* استعراض بعض جوانب التراث في المجالات المختلفة، وذلك من خلال معارض: للصحف والدوريات، وللصور الإعلامية، ولرسوم الأطفال، وللآثار، وللكتب، وللصناعات التقليدية والحرف، وللأزياء والحلي، ولصور الفروسية والهجن، ولصور الصيد والرياضة.
* ويشمل المهرجان -إلى جانب ذلك -: السوق الشعبي الكبير، والدياسة، والسواني، والحراثة، والألعاب الشعبية، عرض الفروسية.
5- التأكيد على القيم الدينية والاجتماعية التي تمتد جذورها في أعماق التاريخ لتصور البطولات الإسلامية لاسترجاع العادات والتقاليد الحميدة التي حثّ عليها الدين الحنيف.
6- إيجاد صيغة للتلاحم بين الموروث الشعبي بجميع جوانبه، وبين الإنجازات الحضارية التي تعيشها المملكة، والعمل على إزالة الحواجز الوهمية بين الإبداع الأدبي والفني وبين الموروث الشعبي.
7- تشجيع اكتشاف التراث وبلورته بالصياغة والتوظيف في أعمال أدبية وفنية ناجحة.
8- الحثّ على الاهتمام بالتراث الشعبي، ورعايته، وصقله، والتعهد بحفظه من الضياع، وحمايته من الإهمال.
9- العمل على صقل قيم الموروث الشعبي ليدفع برموزه إلى واجهة المخيلة الإبداعية ليكون في متناول المبدعين خيارات من موروثاتهم الفنية بألوان الفن والأدب.
10- تشجيع دراسة التراث للاستفادة من كنوزه الإيجابية كالصبر وتحمّل المسؤولية، والاعتماد على الذات لتدعيمها والبحث عن وسائل الاستغلال الأمثل لمصادرالبيئة المختلفة.
11- رصد المتغيرات السريعة التي واكبت التقدم العلمي عالمياً ومحلياً، وأثر ذلك على الحياة الاجتماعية والثقافية في المملكة من خلال المعارض والحِرَف التي توفّر أسلوباً مميّزاً للمقارنة الموضوعية.
12- العمل على التعريف بالموروث الشعبي بوساطة تمثيل الأدوار، والاعتماد على المحسوس حتى تكون الصورة أوضح وأعمق، وإعطاء صورة حية عن الماضي بكل معانيه الثقافية والفنية.
13- تجديد التراث الثقافي والفكري للمملكة الذي هو شاهد على أصالة هذه المنطقة، ووفرة عطائها، وخصوبة منبتها، وعمقها الحضاري. فقد كانت المنطقة وما تزال تزخر بالأدب والأدباء، وأئمة الدين، وروّاد الفكر والعلم، وكانت مجالس ذويها عامرة بالشعر والشعراء في شتى المجالات(3).
نشاطات المهرجان
تقوم نشاطات المهرجان الوطني للتراث والثقافة -الجنادرية على ركنين أساسيين هما التراث، والثقافة.
1- ركن التراث
تم تحديد مساحة من الأرض على شكل خريطة المملكة العربية السعودية، تقيم عليها كل منطقة من مناطق المملكة قريةً تراثية تمثلها تضمّنت عشرات الحرف التي تمثّل صناعات الخوص والمعدن والنسيج والفخار والجلد والخشب والبناء والحياة البحرية والمأكولات الشعبية، يضاف إلى ذلك المزرعة القديمة التي ضمّت السواني والحراثة والدياسة وحفر الآبار والمورد وصرم النخيل، إلى جانب الأسواق الشعبية والعروض والرقصات والألعاب الشعبية، وتمثيل بعض العادات والتقاليد مثل زفّة العريس والرحلات على الجمال، ورقامة ألعاب مفتوحة للجمهور مثل جمع السفر وفك الرشا، وتمثيل المدرسة القديمة والكتاتيب، وغير ذلك من مظاهرالحياة الشعبية التي كانت سائدة في المملكة العربية السعودية.
ويمكن استعراض بعض نشاطات هذا الجانب التراثي وفعالياته على النحو التالي:
- مشاركة جميع إمارات ومحافظات المملكة في هذا النشاط التراثي والحرفي. وقد عملت بعض الإمارات على إنشاء بيوت تراثية لها على أرض الجنادرية لعرض نشاطاتها السنوية فيه.
- مشاركة العديد من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي لتأكيد صيغة التلاحم والمودة بين دول هذه المنطقة وشعوبها.
- إسهام المؤسّسات والقطاعات الحكومية كل فيما يخصه في هذا النشاط.
- إسهام القطاع الخاص في تقديم الدعم والعون لأوجه النشاطات في هذا المهرجان وكذلك المشاركة في العروض والفعاليات.
- ابتداء برنامج الجنادرية بسباق الهجن السنوي، ويليه حفل افتتاح المهرجان الوطني برعاية خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين.
- إلى جانب هذا فإن الزائر لأرض الجنادرية يراها كخلية نحل تعج بكافة النشاطات التراثية والحرفية، ومنها:
* الفنون الشعبية من كافة مناطق المملكة.
* معارض الفنون التشكيلية.
* الألعاب الشعبية من كافة مناطق المملكة.
* العروض المسرحية، والمدرسة التقليدية، والشعر الشعبي، ومعرض الكتاب ودور النشر، ومعرض الوثائق، ومعرض التراث، والحرف بأنواعها من عموم مناطق المملكة، وذلك فيما يُسمّى بالسوق الشعبي حيث معالم التراث الأصيلة والذكريات العزيزة، والمزرعة التقليدية، وبيت الشَّعر، والنشاط الرياضي وألعاب الجنادرية، والأمسيات الشعرية النبطية، وعروض الفروسية، وسباق الماراثون، وسباق المعاقين، والمسابقات الثقافية للأطفال والمعاقين، ورصد الجوائز القيمة لها(4).
2- ركن الثقافة
يعمل المهرجان - ضمن ركن الثقافة- في اتجاهين أساسيين، أولهما: عقد ندوة سنوية متخصّصة تحت عنوان «الموروث الشعبي في العالم العربي وعلاقته بالإبداع الفني والفكري». وقد تم بحث هذا الموضوع في خمسة مهرجانات متتالية نوقش فيها مفهوم التراث والسير الشعبية والرواية والشعر وأدب الطفل، ويتمثل ثاني الاتجاهين في طرح القضايا الفكرية التي تشغل الرأي العام العربي في ندوات للمناقشة العامة. وقد استضاف المهرجان ضمن الاتجاهين المذكورين نخبة من المفكرين، والأدباء، والنقاد، ورجال الإعلام، والمبدعين في كل الوطن العربي حتى صارت ندوات الجنادرية تمثّل المدارس الفكرية والأدبية والإبداعية العربية جميعها. ويضاف إلى هذه النشاطات إقامة مساجلات الشعر العربي، وإقامة معارض المخطوطات والفن التشكيلي والنشاط المسرحي والنشاط الكشفي، وعقد المحاضرات العامة والمسابقات. ويقام إلى جانب ذلك كلّه النشاط النسائي الحافل طوال يومين مخصّصين للنساء، كما تقدّم معارض الوزارات التي تبيّن النهضة الراهنة للبلاد(5).
إحصاءات عن أبرز النشاطات والفعاليات الثقافية في المهرجان
قدّمت الجنادرية حتى تاريخ إعداد هذه الدراسة سبعة عشر مهرجاناً، وقدّمت ضمن نشاطات هذا المهرجان وفعاليته أكثر من 195 نشاطاً وفعالية تتوزع على المحاضرات، والندوات، والنشاط النسائي، والأمسيات الشعرية، والأمسيات الأدبية، ومسابقات تحفيظ القرآن، وغير ذلك.
كما وصل ما قدّمه المهرجان من كتب ومؤلّفات للمكتبة العربية ما يزيد عن (150) عنواناً تضمّنت الموضوعات التالية:
- تاريخ المملكة العربية السعودية، وتاريخ مؤسّسها المغفور له الملك عبدالعزيز.
- الأدب السعودي، والأدب العربي والإسلامي،
- الميدان الاجتماعي.
- الجمل العربي.
- الخيول العربية.
- الندوات والمحاضرات والأمسيات الشعرية.
- الثقافة العامة.
- دليل المهرجان الوطني باللغتين: العربية والإنكليزية، ومعرض الكتاب ودليل سباق الهجن.
- الفنون التشكيلية، والمسرح.
- الألعاب الشعبية.
- التراث والحرف والآثار.
- الوثائق الصحفية (6).
النشاط المسرحي
أخذ مسرح الجنادرية مكانه ضمن المسارح المحلية منذ العام الثامن للمهرجان. فقبل هذا التاريخ كان المسرح المحلي ينطلق من المسرح المدرسي، ومسارح الأندية. وبعد ذلك من خلال مسرح الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون. ومنذ عام 1412هـ بدأت العروض المسرحية تُقدّم من خلال مسرح القاعة الكبرى بالجنادرية حيث تم إعداد هذه القاعة للاحتفالات المتنوعة، فقُدّم على خشبتها خلال أعوام المهرجان الأولى العديد من الحفلات المتنوعة، إضافة إلى بعض الأعمال المسرحية المتفرقة. وقد تم اعتماد لجنة خاصة بالمسرح في مهرجان 1413هـ. وقد قامت اللجنة في العمل على تطوير إمكانات مسرح القاعة الكبرى ودعمه بالعديد من القدرات الفنية واللوازم التقنية التي ساعدت في تقديم العديد من الألوان المسرحية. وقد تم تحديث الصالة وزيادة إمكاناتها الاستيعابية وتزويدها بكل ما تحتاج إليه من صوت وإضاءة، إضافة إلى تطوير المنشآت المساندة، مثل غرف ملابس الممثلين وتجهيز غرفة خاصة بالمكياج، وغيره من الاحتياجات المطلوبة.
ويُشار هنا إلى أن مهرجان الجنادرية قدّم خلال خمسة أعوام من 1414هـ إلى 1418هـ (41) مسرحية؛ فقدّم في عام 1414هـ (6) مسرحيات، وفي عام 1415هـ (11) مسرحية، وفي عام 1416هـ (12) مسرحية، وفي عام 1417هـ (8)، وفي عام 1418هـ (4) مسرحيات (7).
عناية المهرجان بالطفل
أدرك المهرجان الوطني منذ بداياته الواجب الذي يترتّب عليه تجاه الطفل الذي يُعتبر عدّة المستقبل، فحرص على أن يكون للطفل مساحة مناسبة له في نشاطاته وفعالياته السنوية. ومن ذلك:
- عمل مسابقة ثقافية للطفل في كل عام مع رصد الجوائز القيّمة لها.
- عمل مسابقة لحفظ القرآن الكريم، وحسن ترتيله وتجويده وتعيين الجوائز القيّمة لذلك.
- عمل مرسم خاص للأطفال في أرض الجنادرية لتدريب الأطفال على الرسم والخط واستخدام أجهزة الحاسوب.
- تُقدّم - ضمن البرنامج اليومي للمهرجان في التلفاز- مسابقة ثقافية للطفل على شكل ألغاز شعبية تساعده التعرّف على تراثه، وإعمال فكره.
- مشاركة المناطق بعمل نماذج خاصّة من التراث - من خلال الحرَف - للأطفال.
- تأمين الكثير من وسائل التسلية والترفيه المناسبة لاستخدام الأطفال وتفكيرهم، وعرضها في أرض الجنادرية.
- إقامة معارض خاصّة على أرض الجنادرية خاصة بالأطفال.
- توجد أجنحة خاصّة في معرض الكتاب تحتوي على الكتيبات والنشرات الملائمة لمستويات الأطفال.
- يقوم المسرح بتقديم مسرحية أو أكثر عن الطفل ومستلزماته وحوائجه.
- يقوم القطاع الخاص بعمل مدينة ألعاب صغيرة للأطفال طيلة أيام الجنادرية.
- يُقيم المهرجان نماذج للاهتمام بالطفل مثل: إقامة مدرسة الكتاتيب، والألعاب الشعبية، والألعاب المفتوحة.
- تقديم العديد من الأكلات الشعبية والحلوى المناسبة للأطفال.
- يشارك العديد من الأطفال بمعسكرات كشفية في موقع المهرجان، وذلك بتقديم العروض، وبخاصّة حفل الافتتاح والخدمات اللازمة لزوار المهرجان وروّاده طيلة أيام الجنادرية، كما يشارك الأطفال في سباق الهجن، وسباق التحميل.
- حرص المهرجان الوطني على عقد دورة خاصة من دوراته الثقافية عن الطفل، وذلك في المهرجان الوطني الثامن لعام 1412هـ (8).
خلاصة
إن التزام المملكة العربية السعودية بإقامة مهرجان الجنادرية سنوياً، وإصرارها على تطويره يؤكد التصاقها والتزامها بالحضارة العربية الإسلامية واعتزازها بها. ليس كموروث حضاري وحسب بل كجزء من واقع يشكل انطلاقة قوية للغد.
إن المهرجان الوطني للتراث والثقافة يمثل نقطة وضوح في منهج المملكة الحضاري عبر المؤسّسة العسكرية.
إذ أن المهرجان يمثل في حقيقته التنمية الثقافية المستمدة من جذور الماضي وفق رؤيا عصرية، مؤكدا أن المملكة تعي دورها، وأن ثوابت الاستقرار التي حققها موحد الجزيرة الملك عبدالعزيز هي القاعدة التي يتشكل منها الآن منهج الدولة، ونظام المؤسسات، حيث تحولت الخيمة العسكريةإلى منصة لتنطلق منها الطلقة والكلمة في وقت واحد، وفق فكر وتراث يتداخل فيها بناء الإنساء في مختلف المجالات مع الحفاظ على الهوية الثقافية الوطنية العربية الإسلامية باعتزاز ووعي. ولأن الأمم تقدر بوعي مسؤوليتها بهويتهم الثقافية، فإن المملكة تمثل صورة متميزة في ذلك ليس بالمهرجان ومعطياته وحسب، بل في منطلقه الذي ينساب في مصب واضح وهو أسلوب الحكم الذي تعيشه المملكة.. والذي يتمثل في سياسة الباب المفتوح حينا، وتقدير العلماء حيناً آخر، والرعاية الأبوية للأفراد في أحايين كثيرة(9). يتبيّن لنا مما سبق أن المهرجان للتراث والثقافة - مهرجان الجنادرية من أكبر التظاهرات الثقافية العربية التي حققت نجاحاً كبيراً سببه الرئيسي هو التخطيط الجيد للقائمين على هذا المهرجان والدعم المتواصل من الدولة،والسعي الحثيث من قبل المسؤولين لتحقيق الأهداف التي أنشئ من أجلها، فالمهرجان لم يُستخدم لأغراض دعائية أو غوغائية كما استُخدمت مهرجانات أخرى انتهت بانتهاء تلك الأغراض. ولهذا فمهرجان الجنادرية فرصة لربط الماضي بالحاضر -من جهة-، وهو يُعتبر - من جهة أخرى - رافداً من روافد المحافظة على التراث الوطني للمملكة، إلى جانب أنه نافذة يمكن عن طريقها تعريف المقيمين بالمملكة من مختلف الجنسيات بتاريخ المملكة وتراثها وثقافتها. ولا شك أن هذا المهرجان سوف يساعد على تنشيط السياحة الداخلية في المملكة خاصة وأن المهرجان يقام في العاصمة الرياض التي تتميز بموقعها الجغرافي القريب لجميع مناطق المملكة. كما تتميز بوجود معالم حضارية وتاريخية وتجارية قد لا توجد بغيرها من المدن (10).
****
هوامش الحلقة الخامسة
(مركز الملك فيصل للدراسات الإسلامية والعربية):
1- مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، موقع باللغة الانكليزية على شبكة الانترنت: http://www.kff.com/ framecontacts.htm
2- مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، موقع باللغة العربية على شبكة الانترنت:
/http://www.geocities.comkfcris.html2000
3- سالم بن محمد السالم، دور مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، مجلّة مكتبة الملك فهد الوطنية مج6، ع1، محرّم جمادى الآخرة 1421هـ، يونيو، ديسمبر 2000م. ص 331 وما بعد.
4- مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية (الماهية، الأهداف، التنظيم، النشاطات)، تقرير عن المركز غير منشور.
5- سعيد عبدالله الضبيعان: إطلالة تاريخية على المكتبات العامة في المملكة العربية السعودية مع دليل شامل لها، مكتبة المللك فهد الوطنية، السلسلة الثالثة «16»، الرياض، 1415هـ، 1994م، ص/31.
6- المركز: نشرة إخبارية تصدرها مؤسّسة الملك فيصل الخيرية، العدد العشرون، الرياض، 1421هـ.
7- المركز: نشرة إخبارية تصدرها مؤسّسة الملك فيصل الخيرية، العدد الواحد والعشرون، الرياض، 1422هـ.
8- مؤسّسة الملك فيصل الخيرية، إصدار المؤسّسة، الرياض، 1416هـ.
9- زيارة ميدانية للمركز.
هوامش الحلقة السادسة ( مهرجان الجنادرية):
1- انظر: القاموس المحيط، مادة جندر.
2- صحيفة الجزيرة 15 شوال ط1/1421هـ، العدد 10341-20 يناير 2001م.
3- عرض لأعمال المهرجان الوطني الثقافية والتراثية خلال الفترة من : 1405-1418هـ، ص/81-82، إعداد الإدارة العامة للمهرجان الوطني، الرياض 1419هـ،1999م، إصدار المهرجان الوطني للتراث والثقافة 146.
4- عرض لأعمال المهرجان الوطني الثقافية والتراثية، نفسه، ص/77،78.
5- الموسوعة العربية العالمية، ج24،ص/296، ط1، مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع، الرياض، 1416هـ، 1996م.
6- انظر: عرض لأعمال المهرجان الوطني الثقافية والتراثية، ص/18 إلى 77.
7- النشاط المسرحي في المهرجان الوطني للتراث والثقافة، مسرح الجنادرية (14)، الرياض 1419هـ، 1999م.
8- عرض لأعمال المهرجان الوطني الثقافية والتراثية، نفسه، ص/78، 79، 80.
9- صحيفة الأهرام العربي 6/رمضان 1421هـ، 2/11/2000، السنة 123، العدد 193.
10- صحيفة الجزيرة 22 شوال، ط1/1421هـ، العدد 10338- 17 يناير 2001م.
11- زيارات ميدانية للمهرجان.
|