ليس جديداً أن تتسع مساحات التطرف لدى بعض شرائح الأمة الإسلامية، وهي تتصاعد بتصاعد ممارسات الغلو نتيجة الفهم الخاطئ للشريعة الإسلامية، وهذه الحالة التي تقود إلى طريق واحد.. هو طريق الإرهاب.. وترويع الأمة، وتهديد المجتمعات... حالة ليست جديدة على الأمة الإسلامية، فقد شهد تاريخ الأمة فترات وأزمنة طغى فيها التطرف على سلوك أبنائها الأمة والغلو على فكر بعض مفكريها الذين غيّبوا سماحة الإسلام وأغلقوا عقولهم وأفئدتهم عما يختزنه دين الرحمة والإنسانية من توجهات تقدم التسامح والعفو والمعاملة الحسنى، على الكراهية والعقاب. ونحن نشهد هذه الأيام لجوء بعض الجماعات المنحرفة إلى الأعمال الإرهابية لفرض فكرهم المتطرف نتيجة فهمهم الخاطئ للتعاليم الإسلامية، وانغماسهم المغلق في ممارساتهم التي تنبعث من الغلو المطلق والانغلاق التام بعد الانفتاح على الآخر، لافتقارهم للمقومات الفكرية والسلوكية في سبيل مقارعة الآخرين بالحجة والإقناع وذلك لانغلاقهم الفكري داخل قوقعة ذهنية. هذه الحالة الانحرافية تأتي نتيجة تنامي الغلو والتطرف والفهم الخاطئ التي شهدتها السنوات الأخيرة من العهد الراشدي وإبان العصر الأموي والعباسي، وظلت تظهر وتختفي في مراحل متعددة من التاريخ الاسلامي وهو ما نتج عنه جماعات الخوارج الذين دفعهم الغلو إلى الخروج عن الملة وارتكاب المعصية باللجوء إلى الإرهاب والقتل وإثارة الفتن والحروب. وبالقراءة المتمعنة والتحليل العلمي لواقع الأمة الإسلامية اليوم يرى المتابع أن الحالة التي تعاني منها الأمة الآن هي إفراز لهيمنة الغلو على فكر وأفعال بعض من أبناء الأمة، وكما أوضح الأمير عبدالله بن عبدالعزيز في كلماته في ماليزيا وباكستان فإن الغلو يوصل إلى التطرف وأن التطرف يقود إلى الإرهاب وان الأمة قادرة على معالجة هذه الحالة من درجات الغلو بتوسيع مساحة الفهم لمقاصد الشريعة الاسلامية وانتهاج التسامح والتفاهم مع الآخرين، ولذلك فإن المقترح الذي قدمه الأمير عبدالله بن عبدالعزيز بتشكيل لجنة سلام اسلامية لبحث القضايا العالقة بين المسلمين فيما بينهم، وبين المسلمين والآخرين مقترح عملي يتيح معالجة الآثار السلبية لشيوع ثقافة الغلو بين بعض المسلمين، ومعالجة الكراهية التي تحكم العلاقة بين المسلمين والآخرين. إنها لجنة تعالج الظواهر السلبية التي أخذت تطبع سلوك بعض منا، وتعالج العلاقة مع الآخر التي تشهد خللاً يتمثل في عدم فهم وتفهم الآخرين للمسلمين ... وتفهم المسلمين للآخرين.
|