مشروع الأمير عبدالله بن عبدالعزيز لعلوم الحاسب الآلي «وطني» كان يمكن ان يكون الوسيلة الأولى لنشر المعرفة.. ولكنه توقف لأسباب بعضها سوء إدارة وبعضها سوء ظن.. ولكنه بالتأكيد ليس جهلاً بأهمية المعرفة والوعي الوطني.
مشروع «وطني» كان يمكن أن يكون الأساس الذي تدخل منه المملكة إلى الحكومة الإلكترونية.. ولو سار المشروع حسب ما خطط له لكنا الآن على أبواب اكتمال مشاريعها وبنيتها الأساسية وكوادرها المشغلة وأجهزتها المساندة.. ولصار عندنا الكيان الذي يمكن من خلاله تحقيق طموحات الأمير سلمان في جعل الرياض عاصمة للتقنية.
المشكلة ان صناعة الوعي والمعرفة اقتصرت على جهات التعليم العام.. التي هي الأخرى ركزت على دروس الحشو والحفظ واغفلت تنمية مهارات التفكير والتحليل والاستنباط والاستنتاج.. أما الجهات الأخرى المفترض ان تشارك في صناعة الوعي المعرفي مثل المكتبات العامة والجامعات ومراكز البحث والدراسة.. فقد ركزت على مباحث الدين والتاريخ.. واتجهت للأكاديميين والمتخصصين واهملت القاعدة العظمى من الناس وأهمهم الناشئة.
مشروع «وطني» كان من الممكن ان يكون على الأقل نافذة متاحة لمن رغب في الاطلال على عالم المعرفة.. لعل ذلك يولد وعياً.
كمتابع لأخبار مشروع «وطني» منذ ولادته وحتى وقف تنفيذه.. ولد عندي اهتمام جعلني اتابع تجارب أخرى.. لعل أهمها تجربة الأردن.
الأردن هذا البلد الذي «25%» من موارده تأتي من تحويلات المغتربين.. والبقية من الهبات الدولية او تبرعات جمعيات النفع العام العالمية مثل: البنك الدولي.. والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي.. والبنك الإسلامي للتنمية بجدة.. وبنك الاستثمار الأوروبي.. وبنك الاعمار الألماني وغيره.. هذا البلد بهذه الأوضاع سوف ينهي بنهاية هذا العام 2003م ربط كافة مدارسه بالحاسب الآلي.. وبدأ في تطبيق مراحل جديدة من نشر المعرفة والوعي المعرفي سماها «محطات المعرفة»، وهي بفكرتها وتطبيقاتها وأهدافها لا تختلف عن مشروع «وطني».
«محطات المعرفة» برنامج أطلق في الأردن عام 2000م وهدف الى رفع مستوى المعرفة في مجالات تكنولوجيا المعلومات، وهي امتداد لمركز تكنولوجيا المعلومات وخدمة المجتمع المحلي.. الذي هو جزء من برنامج عالمي يضم 70 دولة، ويهدف الى توفير المتطلبات لصقل مهارات الافراد معرفيا واستخدام تلك المعرفة لاغراض خدمة المجتمع المحلي.
برنامج «محطات المعرفة» مكون من ثلاث مراحل.. المرحلة الأولى منها تسعى الى تكوين 100 مركز، وتأهيل أكثر من 500 مدرب لتدريب 20 الف مواطن في المدارس والجامعات وقطاع الأعمال الصغيرة ومتوسطة الحجم.
«محطات المعرفة» ستصبح أساساً لدخول وتحول الأردن بشكل كامل الى حكومة الكترونية بحلول عام 2008م كما ستدعم تدريب الطلبة خارج الصفوف الدراسية.. وتربط تكنولوجيا المعلومات بالتنمية المحلية من خلال تقديم خدمات استشارية لأصحاب المبادرات بتوفير مجالات عمل جديدة او مشروعات مدرة للدخل في المجتمعات المحلية.. اضافة الى انه قد تم اعتماد التجربة الأردنية أي برنامج «محطات المعرفة» نموذجا يحتذى به، من دول منطقة الشرق الاوسط وتحديداً في مصر ولبنان.
وبنهاية عام 2003 ستكون الحكومة الأردنية قد انفقت مليار دولار تقريباً في بناء 170 مدرسة مجهزة على أساس تكنولوجيا المعلومات.. والانتهاء من بناء 100 مركز لتكنولوجيا المعلومات.. وسيصل عدد المدارس التي تم ربطها بالكامل بشبكة الانترنت الداخلية الى 2700 مدرسة، علماً بأن نسبة المباني المدرسية المستأجرة في حدود 12% من اجمالي مدارس الأردن.
مشروع «وطني» ما كان يجب ان يتوقف مهما كانت الأسباب والمسببات.. فسوء الإدارة او سوء الظن لا يعني ايقاف بناء المستشفيات او المدارس او الطرق.. وكذلك الوعي الوطني.
|