أصوات كثيرة ارتفعت في العالم الغربي محتجة على خطاب رئيس وزراء ماليزيا مهاتير محمد الذي أشار فيه إلى الوضع المتردي للمسلمين، وقارنه بقوة اليهود وسيطرتهم على العالم دون أن يمس أصولهم أو ديانتهم أو يوجه لهم ما قد يعد كلاماً جارحاً ومهيناً.
وجريمة رئيس وزراء ماليزيا انه قال الحقيقة عن اليهود وقوتهم الفعلية في العالم ولم يزد على ذلك شيئاً.
والعجيب في الأمر ان الأصوات التي شجبت التصريح الواقعي لمهاتير محمد هي نفسها الأصوات التي خرست أو أخرست فلم تقل كلمة حق واحدة في أمور مهينة للإنسان الفلسطيني أشدها اهانة الجدار العازل الذي حول الضفة الغربية إلى سجن كبير وقطع أوصالها وجرف أرضها بحيث أصبح التنقل بين المدن والقرى من الأمور المستحيلة، وهذا الجدار هو من أكبر جرائم العصر، غير أنه لم يُثر في كثير من زعماء الغرب ما يدفع إلى نقد إسرائيل، بل هو وجد من يدافع عنه باعتباره وسيلة لحفظ أمن الدولة اليهودية.
وفي ظل هذه التناقضات العجيبة التي تؤكد وقائعها حقيقة ما ذهب إليه رئيس وزراء ماليزيا مهاتير محمد يخرج علينا مسؤول أمريكي كبير في وزارة الدفاع هو الجنرال ويليام جي. بويكين بتصريح يحمل اهانة شديدة للإسلام والمسلمين يصف فيه الإسلام (بالشيطان) الذي يقف في مواجهة القيم المسيحية اليهودية، ومع استمرار التخاذل الواضح للعرب والمسلمين في الوقوف وقفة جليّة في وجه الاتهامات والاهانات التي تصدر عن الزعامات وعن الصحافة الغربية، سوف يستمر سيل التجريح والاتهام وسوف يزداد الغرب ووسائل إعلامه قسوة في اتهاماته المقيتة للإسلام والمسلمين.
وكذلك في تصديه لأي نقد يوجه إلى إسرائيل أو اليهود، واتهام من يصدر عنه شيء من ذلك بالعداء للسامية، ما دام يشعر انه لن يجد غير أصوات خافتة ترد عليه في استحياء شديد وفي كثير من الأحيان بخوف واضح.
إن ما أورده رئيس وزراء ماليزيا من معلومات لا يمكن اعتبارها عنصرية أو معادية لليهود، فهل هناك من ينكر ان أكثر الاعداد التي قتلت من اليهود كانت في أوروبا منذ الحرب ضد الإسلام في إسبانيا وطرد المسلمين واليهود منها في القرن الخامس عشر وما بعده، ثم في فترة النازية في ألمانيا، وفي المقابل لا يمكن لأي مؤرخ أن يجد مكاناً في العالم العربي أو الإسلامي يمثل تلك القسوة.
|