بين صدور مجموعتي القصصية (مجلس الرجال الكبير) وبين زيارتي لمجلس الشورى، ما يقارب من الثماني سنوات، ولكن هذا العنوان كان يلح علي طوال الوقت وبصورة شديدة، ونحن في حضرة احدى جلسات المجلس التي أقيمت لمناقشة قضية العنوسة وغلاء المهور.
لأن الوجود النسائي وسط تلك الهيمنة الرجالية العارمة، كان حضوراً مربكاً مقلقاً، وتم بشكل موارب ومقصٍ عن فعاليات الجلسة.
في البداية أود أن أشكر القائمين على المجلس حين اختاروا طريق العدل والإنصاف، وأشركوا المرأة في القضايا التي تهمها (وإن كان من الصعب أن نفرز القضايا إلى أنثوية وذكرية، فالمجتمع له ديناميكية خاصة يتشارك بها الطرفان) على كل حالٍ هي نقطة إيجابية بيضاء تحسب لتاريخ هذا المجلس، إضافة إلى إدارة العلاقات العامة في المجلس، التي حرص منسوبوها على توفير جو محافظ وقصي للمدعوات بكل ما يتحلون به من دماثة واحترام لأخواتهن.
المشكلة هنا بأن القاعة الخاصة بالسيدات تفتقد جميع التجهيزات الكفيلة بإيصال صوت المرأة وتعليقاتها ومشاركاتها في الطروحات، وكانت النسوة هن الجمهور الصامت الذي يرقب الموضوع بصمت سلبي وعاجز:-
يقضون بالأمر عنها وهي غافلة.. ما دار منها في فلك وفي قطب
لا أود الإشارة هنا إلى القضية التي كانت تناقش (غلاء المهور) وكونها ليست بذات علاقة مع ظاهرة العنوسة، فتلك قضية أخرى.
لكن المشاركة النسائية كانت منعدمة ولا أعتقد بأن مجلساً يمتلك هذا البنيان الفخم والتجهيزات المتطورة بعاجز عن توفير صالة نسائية مغلقة تستطيع المرأة من خلالها أن توصل مشاركتها وآراءها المبنية على أربعين عاما من التعليم وعلى مئات المعاهد والكليات وعشرات الجامعات، والتجربة الأكاديمية والمهنية والفكرية المتميزة والراسخة، أي من يحاول تهميش هذه التجربة أو تقليصها هو حاسد أو جاحد.. أو حتماً يمشي ضد تيار الحياة وصيرورة التبدل والتغير الكوني الخاضع لسنة الله في الحياة، هذه البطاقة الرائعة البيضاء التي وقعت عليها المرأة السعودية أولى بصماتها في مجلس الشورى، بحاجة إلى تجهيز فني يدعم هذه المشاركة وينظمها ولا أظن أن القائمين على المجلس الحريصين على صوتها ودورها بعاجزين عن القيام بهذا الطلب العاجل والملح..
|