يعتبر المسئول الإداري في أي منشأة حكومية كانت أم خاصة من أهم العناصر المؤثرة في قدرة هذه المنشأة على تحقيق الأهداف العامة والخاصة المحددة مسبقاً، فكلما كان المدير مؤهلاً من الناحية العلمية والمهارية كانت فرص النجاح أكبر وكانت الإضافة الإدارية لهذا المدير محسوسة وملموسة على أرض الواقع.
وفي اعتقادي أنا ومن خلال تعاملنا مع الكثير من المديرين والمسئولين نستطيع أن نحدد أبرز السمات والممارسات التي تشكل شخصية المدير الناجح وبالتالي نستطيع الحكم على هذا المدير أو ذاك بأنه من الفاشلين أو من الناجحين.
فلو نظرنا إلى ميداننا الإداري لوجدنا أن المدير الناجح هو ذلك المدير الذي يخاف الله سبحانه وتعالى في أدائه لواجباته وفي ممارسته لصلاحياته الإدارية التي تمنح له بموجب النظام ولا نقول هنا بأن المدير الناجح هو ذلك المدير الذي تظهر عليه علامات الصلاح فقط ولكنه ذلك المدير الذي تصدق أفعاله الإدارية أقواله وتصريحاته الإعلامية وغير الإعلامية.
ومن علامات نجاح المسئول تمتعه بالنزاهة عند اختياره للعاملين معه وعند اختياره للمسئولين لديه وبشكل تنتفي معه الواسطة المقيتة التي سلبت البعض حقوقهم المشروعة وساهمت في إسناد الأمر إلى غير أهله في بعض المواقع الإدارية.
وفي هذا السياق نجد أن المدير الناجح يحرص على أداء أمانته العملية أكثر من حرصه على خدمة الأصحاب وذوي القربى مما يسهم في نجاح المنشأة وفي تحقيق المدير لدرجة الأفضلية التي ينشدها.
ومن خصائص مديرنا الناجح اهتمامه بالتخطيط لمستقبل المنشأة أكثر من حرصه على تحقيق مكاسب إعلامية وقتية متناسياً ما قدمه المديرون السابقون من جهود وأعمال ساهمت في تشكيل الواقع الحالي للمنشأة.
ومن الخصائص أيضا حرص المدير على تنمية العلاقات الإنسانية بينه وبين العاملين في المنشأة مما يزيل الحواجز المعنوية التي يفرضها بعض المديرين حولهم ويسهم في تنشيط المؤثرات الإنسانية في العمل الإداري.
ففي حالات كثيرة نجد ان بعض المديرين يجد متعة خاصة في البقاء في برجه العاجي دون إحساس بمعاناة العاملين معه ودون حرص على مواجهة مشاكلهم الإدارية التي قد تطرأ بعيداً عن أنظار المسئول الكبير.
والمدير الناجح يتميز بصدقه في التعامل مع رؤسائه وعدم لجوئه إلى قلب الحقائق الإدارية لتغطية عجزه أو فشله في تحقيق بعض أهداف المنشأة كما يحدث مع بعض المديرين الذين يسخرون كافة الجهود والطاقات لتحسين الواقع عند زيارة المسئول الأعلى للمنشأة في مناسبة عامة أو خاصة.
ومن الصفات المميزة للمدير الناجح قدرته على تجاوز الحاجز الإداري الذي يفرضه في الغالب مدير المكتب ومن معه من العاملين بهدف عزله عن بقية العاملين وبهدف تحقيق مصالحهم الخاصة من خلاله كصاحب قرار نهائي في المنشأة.
وفي هذا الشأن أجد أن البطانة التي تتشكل قسراً حول المسئول تحاول إلباسه نظارة خاصة لا يرى من خلالها سوى ما يريدونه أن يراه ولا يتعرف على ما لا يريدون له معرفته.
وفي اعتقادي أن تكون مثل هذه البطانة الفاسدة حول الضعاف من المديرين يمثل حربة في العمود الفقري للإدارة وطعنة غائرة في صميم المصلحة العامة لا يستقيم الحال إلا بالتخلص من هذا المدير الذي عجز عن رؤية الواقع رؤية سليمة تساعده على تصحيح الخلل وتعينه على تحقيق الأهداف العامة.
والمدير الناجح هو ذلك المدير الذي يعطي للمال العام حرمة تعادل حرمة المال الخاص فلا يسمح بالتجاوزات المالية العلنية وغير العلنية ولا يقر باباً من أبواب الصرف ولا تصرفاً من التصرفات في أملاك الدولة دون مراعاة لحق المال العام الذي حرمه الله سبحانه وتعالى إلا بالحق.
وهنا ننبه إلى أن بعض المديرين لا يسرقون ولا يسمحون بالسرقة ولا يخالفون نصا نظاميا لكونهم يعلمون خطورة ذلك على دينهم أولاً ثم على كرسيهم ثانياً ولكنهم للأسف يتجاوزون في استغلال الصلاحية المالية والادارية مثل التوسع في الانتدابات والصرف على الحفلات والشكليات والمشاريع التي ليس لها الأولوية في سلم الأولويات.
وأخيراً وليس آخراً فإن المدير الناجح هو ذلك المدير الذي يهتم بالجوهر والمضمون أكثر من اهتمامه بالشكل والمظهر على الرغم من أهمية هذا الأخير.
ففي حالات كثيرة نجد أن المسئول يبذل الأموال الطائلة لتحسين شكل المكتب ولتغيير لون السيارة وزي العاملين دون السؤال عن جدوى ذلك في أداء المنشأة لأهدافها التي سيحاسبه الله أولاً ثم المسئول ثانياً عليها.
بعد هذا العرض الانتقائي أود فقط أن أطرح سؤالاً هاماً على كل من يقرأ هذا المقال وهو في ضوء ما تقدم ما تقييمك لمديرك الذي تعمل معه؟؟ أتمنى أن نتفق على أنه مدير ناجح..
|