ما كنت سأكتب عن الضجة التي أشعلتها «أبواق الصهيونية» من وسائل إعلام غربية، ودوائر سياسية ومسؤولين كبار في الغرب حول ما قاله «صدقاً» رئيس الوزراء الماليزي الدكتور محاضير محمد.. ليقيني أن كل ما يتعلق بالإسرائيليين.. وكل ما يقوله الغربيون من أمريكا إلى أوروبا قول لا يستحق التعليق عليه لأن ما يسمح به من قول أو تصريح.. تأليفاً أو حديثاً عبر الإذاعة أو التلفزيون يجب أن يكون مؤيداً لإسرائيل حتى وإن كان على حساب تاريخ وثقافة الغرب سواء في أمريكا أو في أوروبا.
ما كنت سأكتب عن ذلك حتى نطق الرئيس الفرنسي جاك شيراك، فهذا الرجل كنت وما زلت أعتبره من الرؤساء الغربيين الشجعان الذي لا تأخذه لومة لائم، ولا تعترضه تهديدات الابتزاز، السلاح التي تلجأ إليها الدوائر الصهيونية للجم الحق الذي لا يمكن أن يظل مخفياً، ولكن جاك شيراك سقط مثلما سقط غيره ممن انتقدوا محاضير محمد الذي لم يقل إلا الحقيقة ومع هذا قذف الاسرائيليون شيراك بحجرلانه لم يوافق على توجيه شجب اوربي رسمي لمحاضير.
ماذا قال الزعيم المسلم الذي يحظى بحب وتقدير واحترام مليار وثلاثمئة مليون مسلم.. كل الذي ذكره.. «أن الأوربيين قتلوا ستة ملايين يهودي من إجمالي اثني عشر مليوناً، ولكن اليوم يحكم اليهود العالم بالوكالة، فهم يلجؤون لغيرهم للقتال والموت نيابة عنهم، ولا يمكن لمليار وثلاثمئة مليون مسلم أن يهزموا على يد بضعة ملايين يهودي».
ماذا في هذا القول..؟
ألم يعترف الأوربيون بأنهم قتلوا ستة ملايين يهودي؟ ألم يروِّجوا لمحرقة اليهود..؟!!
ألم تبتز إسرائيل أوروبا بكل دولها لدفع تعويضات عن هؤلاء الضحايا.
هذه حقيقة لا أحد ينكرها، والأوروبيون يدفعون ثمن فرضها من قبل الإسرائيليين فلماذا يغضب رؤساؤهم..؟!!
أما القيام بالحرب نيابة عن الإسرائيليين.. وبالذات ضد المسلمين، فجاك شيراك ونظراؤه الأوروبيون الذين احتجوا على محاضير يعرفون كم من حرب شنَّت ضد المسلمين لمصلحة إسرائيل..؟!
ضمن ضوابط حرية الرأي في أوروبا، أن تناقش تاريخ الأمم الأوربية، وتبحث في وقائع تعد من التراث وحتى المعتقدات المقدسة النصرانية، فيمكن التسامح بشأنه.. أما أن يتجرأ مفكر أو زعيم سياسي على مراجعة ما يروِّج له اليهود.. أو ينتقد أفعالهم، فهذا ما يغضب الجميع، الذين لم يحتجوا على تحريف حقيقة تاريخية مقدسة حينما برئ اليهود من دم المسيح ... أما أن يكشف أحد زيف أو ادعاءات اليهود مثلما فعل جارودي، أو ينبه لاستغلالهم للأوربيين كما فعل محاضير.. فهذا ما لا يمكن السماح به.. ولذا فقد تبارى الجميع في الوقوف مع اليهود ضد محاضير.. أو ضد مليار وثلاثمئة مليون مسلم ألا يعد هذا تغذية للكراهية يرفضها الغربيون ويمارسونها..!!
|