* موسكو - سعيد طانيوس:
أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن الظروف لم تنضج بعد لأن ترسل بلاده أي وحدات من قواتها العسكرية إلى العراق أو لتقديم أية موارد مادية، لأن قرار مجلس الأمن الدولي الأخير لم يعط الأمم المتحدة دورا رئيسيا وأساسيا في اعادة بناء واعمار العراق، وأن كان قد وسع دور المنظمة الدولية عما كان عليه.
وفيما بدا أنه تبرير لتأييد موسكو لهذا القرار، اعتبر بوتين في مقابلة صحافية أجريت معه على هامش مؤتمر منظمة الدول الاسلامية في بوتراجايا في ماليزيا، أن هذا القرار هو خطوة في الاتجاه الصحيح وأن بلاده ايدته بعدما تمكنت من ادخال بعض التعديلات الهامة عليه والتي تساند وحدة وسيادة العراق، إلا أنه اكد أن هذا القرار لم يوفر الشروط اللازمة لكي ترسل موسكو وبرلين وباريس وحدات من قواتها إلى العراق، فهو وإن كان قد وسع دور الأمم المتحدة في العراق إلا أنه لم يعط المنظمة الدولية دورا رئيسا في اعادة بناء العراق واعماره.
وقد التقى بوتين على هامش قمة منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقدة في ماليزيا بالرئيس التركي أحمد سيزار وبحث معه الوضع في العراق وموضوع ارسال قوات تركية إلى هناك بالاضافة إلى مسائل تطوير التعاون بين البلدين.
وحول موضوع التعاون النووي بين موسكو وطهران، اعتبر بوتين أنه من الضروري اتخاذ موقف متكافئ من جميع الأطراف فيما يخص عدم انتشار السلاح النووي. وقال إجابة عن سؤال حول التعاون مع إيران إن موسكو تعارض أي انتشار للسلاح النووي وستبذل قصارى الجهود الكفيلة بالمساعدة على الالتزام بمعاهدة عدم انتشارالأسلحة النووية من قبل جميع الأطراف. واشار إلى إن الشركات الروسية تتعرض «هنا وهناك» لشتى أنواع التقييدات والعقوبات.
وقال إنني لم أسمع مرة عن فرض عقوبات مماثلة على الشركات الغربية أو الأمريكية، في حين تتوفر لدينا معلومات تدل على تعاون تلك الشركات مع إيران بما في ذلك في مجال الذرة وأن هذه المعلومات معروفة لشركائنا في أوربا الغربية وأمريكا.
واوضح قائلا: إنني أود الاقتراح بان نصوغ موقفا موحدا ونزيد من درجة الثقة المتبادلة بغية الكف عن التلاعب بالأمور والعدول عن استغلال موضوع عدم الانتشار هذا وسيلة لممارسة المنافسة غير النزيهة في الحياة الاقتصادية.
وفيما خص العقيدة العسكرية الروسية الجديدة. اعلن بوتين بأن روسيا تقف ضد الضربات الوقائية ولكنها ستحتفظ بحقها في ذلك، مؤكدا أن موسكو تنطلق من أولويات القانون الدولي وتعتبر أن استخدام القوة ممكن فقط في حالة صدور قرارعن مجلس الأمن الدولي بهذا الشأن. إلا أنه أشار في الوقت نفسه إلى احتفاظ روسيا بحقها في القيام بمثل تلك الأعمال إذا سادت مثل هذه التصرفات في العلاقات الدولية.
ورداً على سؤال حول الدول التي تهدد أمن روسيا قال بوتين «لا يهمنا ما هي الدول التي تهدد أمن روسيا. وعلى الجميع أن يفهم بأن رد روسيا سيكون قويا وفي الوقت المناسب».
وأكد الرئيس الروسي أن صاروخ « أس. أس. - 19» الذي اعلن عن امتلاك بلاده له مؤخرا ليس سلاحا هجوميا وإنما سلاح ردع نووي.
وقال إن خبر توفر هذه الصواريخ في حوزة روسيا ليس من المفاجئ، وإن هذه الصواريخ تعتبر من أشد الصواريخ قدرة في العالم، وفي الوقت نفسه فإن الجديد - كما أشار الرئيس الروسي - هو أن روسيا ستتمتع بهذا السلاح خلال فترة لا تقتصر على ثلاث أو أربع أو خمس سنوات وإنما خمس عشرة أو عشرين أو خمس وعشرين سنة.
وقال الزعيم الروسي: إنه خلال هذه الفترة سنتوصل إلى إنتاج أنظمة جديدة من الأسلحة الإستراتيجية محافظين بذلك على حيوية قوات الردع الإستراتيجية النووية.
وحول الوضع في الشيشان، قال بوتين إن السلطة الفدرالية المركزية جاهزة لتوقيع اتفاقية حول تقاسم الصلاحيات مع الشيشان تمنح الأخيرة حقوقا عريضة. وأعرب عن ثقته بان العمل الدؤوب المتواصل على هذا الطريق سيتيح التوصل إلى تسوية شاملة وطويلة الأمد.
ودعا الرئيس الروسي إلى إقامة علاقات طيبة وحميمة مع الدول الإسلامية.
وقالب إن فكرة انضمام روسيا إلى منظمة المؤتمر الإسلامي مفيدة «لأننا نتمنى بإخلاص التعاون مع البلدان الإسلامية. وليس ذلك فقط، وإنما نسعى إلى إعادة التعاون لأنه كان للاتحاد السوفيتي وروسيا في ما بعد علاقات طيبة وطويلة الأمد مع الأغلبية العظمى من الدول الإسلامية».
كما أعرب الرئيس بوتين عن قناعته باهتمام روسيا والعالم الإسلامي في دعم وتطوير هذه العلاقات في ظل الظروف الجديدة التي طرأت على العالم.ورداً على سؤال حول ما إذا كانت روسيا ترمي من خلال مبادرتها الانضمام إلى منظمة المؤتمر الإسلامي إلى صرف الأنظار عما تفعله في شمال القوقاز.
أشار بوتين إلى أن مهمته ليست صرف الأنظار عن الشيشان وإنما على العكس من ذلك جذب انتباه العالم وبضمنه الدول الإسلامية لتطلع على ما يحدث في هذه الجمهورية. وكان الرئيس الروسي قد أعرب خلال لقائه مع رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري على هامش قمة منظمة المؤتمر الإسلامي عن شكره للبنان على الدعم الذي قدمه تأييدا لمشاركة روسيا في هذه القمة.
وأشار الرئيس بوتين إلى أن اللقاءات مع القيادة اللبنانية أصبحت تكتسب طابعا منتظما وهذا أمر يطيب له جدا.
وقال بوتين: «إن بلادكم تتخذ موقفا فاعلا في المنطقة ويفيدني جدا أن أعرف رأيكم حول تطور الوضع فيها». وأعرب عن رغبته باطلاع القيادة اللبنانية على الجهود التي تبذلها روسيا من أجل تطبيع الوضع هناك وعلى نتائج لقاءاته مع نظرائه الأمريكي والأوروبيين.
وشدد رئيس الوزراء اللبناني من جانبه على أن حضور روسيا في قمة منظمة المؤتمر الإسلامي يعتبر تطورا إيجابيا وبناء جدا حيث يساعد على إقامة الحوار بين الحضارات وبلوغ التفاهم بينها، وأن حضور روسيا في منظمة المؤتمر الإسلامي يخدم مصالحها الحيوية الهامة.
إلى ذلك، صرح الكسي غروموف الناطق الصحفي للرئيس الروسي بأن بوتين سيلتقي بعد عودته من ماليزيا وتايلاند وقرغيزيا برئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون في موسكو إلا أنه لم يحدد موعدا واضحا لهذا اللقاء الذي لم يعلن عنه من قبل.
|