Tuesday 21st october,2003 11345العدد الثلاثاء 25 ,شعبان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الأزمنة الأزمنة
مهاتير محمد.. قمة القمة
عبدالله بن عبدالعزيز بن إدريس

في أكثر القمم الإسلامية «العشر».. قلّ أن تسمع أو ترى من يضع نقط الحقائق الشائكة على حروفها.. فيصدع بما لم يعتد عليه المؤتمرون، من جرأة في تشخيص أدواء الأمة الإسلامية، وطرح الحلول لمعالجتها - سوى مرتين: الأولى ما فعله سمو الأمير عبدالله بن عبدالعزيز في «القمة العربية ببيروت»، حيث وضع المبادرة الشهيرة لحل القضية الفلسطينية والتي عرفت باسمه حتى الآن.. وتبناها العرب والمسلمون.. ولازالت هي المبادرة المعروضة لحل ما سُمِّي بقضية «الشرق الأوسط» بين الفلسطينيين وإسرائىل، حول إقامة دولتين جنباً إلى جنب.. ولكنَّ مجرمي الحرب والعطاش إلى دماء العرب في إسرائيل وأمريكا لم يرتضوها.. ولم يستجيبوا لها.. وإلا لوفرت على الجانبين كثيراً من الدماء والدمار والخراب وعاش الجيران في أمن وسلام.
وفعل سمو الأمير عبدالله بن عبدالعزيز في مؤتمر «القمة الإسلامية العاشرة» نحواً مما فعل في «قمة بيروت العربية»، حيث قدَّم في «بوتراجايا» بماليزيا، أفكاراً بناءة جداً فيما إذا فُعِّلت وتُرجِمت إلى واقع محسوس.. جاءت هذه الأفكار في بداية كلمته التي ألقاها في هذه القمة «إن الأزمة التي تمر بها الأمة الإسلامية تكمن في خلل فكري، واقتصادي، وسياسي، ويتطلب التعامل معها بشجاعة وحكمة».
نعم: العالم الإسلامي في حاجة ماسّة جداً إلى شجاعة القول.. وحكمة العمل.
ولعل فاتحة الشجاعة المطلوبة.. أو أحد نماذجها.. ما جاء في خطاب رجل ماليزيا الأول، والمثقَّف الكبير.. مهاتير محمد رئيس الوزراء الذي صدع بمالم لم يصدع به غيره من زعماء العالم الإسلامي.. فصارح الأوروبيين والأمريكيين بأنهم منحازون إلى جانب «اليهود» بعد أن قتلوا منهم من قتلوا.. فأرادوا أن يكفِّروا عن جريمتهم هذه بمنحهم أرض فلسطين العربية الإسلامية ليقيموا عليها دولة إسرائيل.. وليحصل الغرب من ذلك على مكسبين هامين جداً.. أحدهما: أن يبعدوا عنهم شر اليهود.. ويتلخصوا من أذاهم.
الثاني: أن يجعلوا من هذه الدولة «النشاز» ركيزة.. وقاعدة متقدمة.. لإعادة حروبهم الصليبية على الإسلام وأهله.. وإشغال المسلمين عن اللحاق بركب التقدم العلمي والتقني.. الذي وصلوا إليه في هذا العصر.
مهاتير محمد.. لم يقل شيئاً نُكراً.. بل حقائق تاريخية.. حينما دعا العالم الإسلامي أن يتعلموا من اليهود.. الذين كان ذُلُّهم ومهانتهم وحقارتهم وضعفهم التاريخي مضرب الأمثال في العالم دعا المسلمين أن يتعلموا منهم الوسائل والسبل التي أوصلتهم إلى «أن يحكموا العالم بالوكالة».. كما قال.. وقد صدق فيما قال.. أليس هذا الذي قاله واقعا منظوراً؟ وإلا فلْتفسِّر لنا أمريكا موقفها الذي لا يتغير.. منذ أقامت الدولة الصهيونية عام 1948م وهي لم توافق على أي قرار من قرارات مجلس الأمن التي تدين العدوان الإسرائيلي على العرب والمسلمين.
لقد استخدمت أمريكا حق النقض «الفيتو» ضد إدانة إسرائيل «82» مرة.. فهل كل دول «مجلس الأمن» الثابتين والمتحركين دائماً على خطأ.. وأمريكا وإسرائيل، دون العالم على حق وصواب..؟!
***
ما أصدق ما قال الرئيس الماليزي - ساخراً - «ليس من المناسب انتقاد الأوروبيين واليهود.. فهم يعتقدون - على ما يبدو - أنهم شعب مميز.. لكننا لا نعتقد ذلك».
هذه المصارحة الشجاعة من مضيف القمة الإسلامية العاشرة - كانت برداً وسلاماً على الشعوب الإسلامية التي عانت طويلاً من مجاملات زعمائها للغربيين.. ورِقَّة خطابهم تجاههم. رغم ما هم عليه من دعم غير محدود لإسرائيل، وغضٍّ لبصرهم «وضميرهم» مما ترتكبه من عدوان وحشي على الشعب الفلسطيني والشعوب العربية المجاورة.. وإنكار صارخ لحق الشعب الفلسطيني في استعادة أرضه ومقدساته وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها «القدس».
لقد تمادى الغرب وخاصة أمريكا في عداوتهم للإسلام.. والطعن في خاتم وأعظم رسل الله محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم وشتمه بأفظع الألفاظ - قُبِّحوا - حتى وصفه أحد الضبَّاط الكبار في البيت الأبيض بأنه «شيطان»!
أرأيتم أيها المسلمون كيف يشتم الغرب أعظم وأجل رسل الله.. ولا يرضى بانتقاد اليهود مهما فعلوا ومهما أجرموا.. ما دامت جرائمهم لا تتجاوز العرب والمسلمين..؟!
د. مهاتير محمد.. بشجاعته ومواجهته لموقف الغرب المنحاز كليا إلى جانب العدوان الإسرائيلي الوحشي ضد الفلسطينيين - كان بحق «قمة القمة»..! عبارته وشجاعته وحكمته فهو مؤهل أن يكون «أمينا عاماً لمنظمة المؤتمر الإسلامي» بعد نهاية خدمة أمينها الحالي.. الذي لم يقم بأي جهد يذكر لخدمة ما أنشئت المنظمة من أجله.!
وعاشت شجاعة مقارعة الخصوم والأعداء.. بلا ذل ولا وجل..!

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved