عندما خطف التلفزيون بكر الشدي أخذنا نحن المسرحيين نواسي بعضنا البعض في فقد شخصية مسرحية مبدعة، وعندما خطف الموت بكر الشدي أخذنا نواسي بعضنا البعض.
هذه الدراما التي تبادرت إلى ذهني يوم قالوا غادر بكر الشدي، يوم قالوا رحل، يوم قالوا إن المسرحي الذي يحلم دوماً بواقع أفضل غاب.
إن بكر الشدي كما عرفته مسرحياً، يجعلك تتقدم 50 سنة مليئة بالتفاؤل، وذلك حينما يركز على إيجابيات العرض المسرحي ويكبرها في نظرك، لقدقال لي كل أنواع الثناء عندما التقيته بعد مسرحية (سيد المكان) التي أخرجتها لصالح جامعة الملك سعود قبل ثلاث سنوات. شعرت بعدها أنني أمام مسرحي يجيد قيادة دفة الأعمال المسرحية حتى لو لم يكن هو صانعها. حيث يعطي المسرحيين من وقته ومن جهده ومن رؤاه ومن خبرته الشيء الكثير. فهو يدفعنا لأن نعمل بكل تفاؤل، ويؤكد أن العمل ينتج عملاً آخر.
أعرف في بكر الشدي، موهبته المسرحية وأعرف أنه يحترق من أجلها، وكم كان بوده لو يكتفي بها دون غيرها حتى ولو كانت الشاشة الفضية، ولكنه يعرف أن المسرح السعودي ما زال يفتقد المشروعية الرسمية التي تجعل منه كياناً ثقافياً فاعلا بدلا من أن يكون نشاطا في مؤسسة حكومية.كان عليه أن يغادر خشبة المسرح لأنها لم تعط بكرا ما يريد ولا هي أعطت غيره ما يريد. في حين بقي صديقاً وفياً لكل المسرحيين وبقينا نحن أوفياء له.
هذه المرة الوحيدة التي يأتي فيها ذكر بكر الشدي ولم أصفق.. لقد وقفنا منبهرين ونحن نودعه في وجوم، دون ان يكون لنا أي إرادة حيال قضاء الله وقدره سوى رحم الله بكرا وأسكنه فسيح جناته.
|