إعداد وحوار:إبراهيم عبدالرحمن التركي - متابعة:علي سعد القحطاني - تصوير:فتحي كالي
الترشيد عملية دورية
فيصل بن سلمان في مواجهة مدير التحرير
(1)
** أما الواجهة..
فأكاديمي اختار «السياسة» فنأت.. ولم يختر «الإعلام» فدنا.. وظل «دبلوماسياً» في شخصيته.. منطلقاً في «عفويته».. «مباشراً» في رؤيته..!
** وأما المواجهة..
فتزامن مع مناسبة.. وإبحار مع محاسبة.. وقراءة «خطوات» مضت.. و«خطوطٍ» أمضت.. و«تخطيط» سيأتي»..
***
(2)
** لم ينتظر طويلاً..
بدأ «بالتغيير»..
وسعى إلى «التطوير»..
فاختلفت ملامح
وتعددت وجوه..
آثر «الشباب»..
واحتفظ ببعض «الشيوخ»..
وأبدل «الأسود والأبيض»..
فزها «اللون»
وبقي اختبار «المذاق»..!
* * *
(3)
** تحسبه «مركزياً».. فينفي..
وتسمعه «شورّياً» وتكتفي..
منطقه «الصلاحية» قبل «المسؤولية»
و«المحاسبة» مع «المراقبة»..
و«الخطأ» طريق «العاملين»..
* * *
(4)
** لم يترددْ في إجابة.
لكنه امتنع عن بعضها.. بأدب
وتأمل في بعضها.. لسبب..
فجاء الحوارُ ممتلئاً..
«برزانته».. و«رويته»..
و«سعيه».. و«وعيه»..
و«تواضعه».. و«أريحيته»..
وإذْ هو اللقاء «الأول»
فلن يقلّ عن «الأفضل»..
وإن لم يجئ «الأشمل» أو «الأكمل»
* * *
(5)
قارئٌ متميزٌ..
تابع «فيليب حِتِّي» ناشئاً..
وتوقف عند «أمين معلوف» ناضجاً..
وبينهما «علائم» و«علامات»..
تشيرُ إلى «تمكن»..
وتؤكد «إمكانات»..
وتأسف إن فقده «البحث والتخصص»..
وتسعد أن كسبه« الإعلام »..للرأي «العام».
* * *
(6)
** الأمير الدكتور فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز
رئيس مجلس إدارة المجموعة السعودية
للأبحاث والتسويق
في الواجهة ومع المواجهة
مقابلة
* أهلاً بك سمو الأمير في هذه المواجهة التي ربما كانت الحوار الأول الذي تجريه مع مطبوعة سعودية..
* أنا سعيد بهذا اللقاء والتعرف إليك عن قرب وإن كنت قد قابلتك في مناسبات عامة، كما حدثني عنك الأخ عبدالوهاب الفايز.. وحين عرفت أنك من سيجري الحوار وافقت فوراً و«بصمت بالعشرة»..
تغيير
* شكراً.. وسأبدأ مما لوحظ في بداية توليك رئاسة المجموعة السعودية من تغيير كبير.. ولعلي من منطلق إداري أسأل أو أتساءل.. هل قوبل هذا التغيير بعملية «مقاومة» Resistance كما يسميها علماء الإدارة..؟
* ليست مقاومة بمعنى «الممانعة» وإنما بمعنى الاختلاف في الاجتهادات.. إذ حين نتعود على «روتين معيّن» في العمل فإننا لا نود تغييره، والحقيقة أن هذه «الممانعة» أثبتت صحتها وأثبتت عدم صحتها في آن معاً..
وجهات
* كيف..؟
* نحن في المجموعة نتبع المبدأ الآتي.. نرحب بالحوار واختلاف الرأي داخل المجموعة، ويعطي الجميع الفرصة لإبداء آرائهم قبل اتخاذ القرار، ولكن عندما يتخذ القرار يجب أن يشارك الجميع فيه ويدعموه، وثمة فرق بين عملية «صناعة القرار» وبين عملية «تقبله» و«تنفيذه». في عملية الصناعة تتم الحوارات ويحتدم الجدل كما يحصل في أي مؤسسة، ويفتح المجال للجميع، بل بالعكس نحن نشجع المدير كما الموظف الصغير على حد سواء، ولكن متى ما اتخذ القرار.. فلابد من الالتزام..
مخالفة
* هل يمكن لهم أن يخالفوا أو لنقل:يختلفوا مع رأيك.. وبالتالي يصدر قرار لم تشأه..؟
* في أحوال كثيرة يكون القرار مخالفاً لما أرغب فيه أو يرغب فيه أحد الزملاء من مديري الشركات وفي مرات كثيرة كنا نجتمع لطرح موضوع معيّن بتوجه محدد ثم نخرج ونقتنع بوجهة نظر مخالفة، وأحياناً البعض يخالف وأصر على وجهة نظري وفي النهاية نتخذ قراراً واحداً، ومتى دخل القرار حيز التنفيذ فعلى الجميع أن يشارك..
رؤية
* لكن: هل خلف هذه التغييرات رؤية معينة لفيصل بن سلمان يريد أن يبرزها أو يضعها داخل إطار ويقول: هذا توجهي.. أو هذه أهدافي..؟
* عندما شرفني زملائي أعضاء مجلس الإدارة بتولي هذا الموقع بعد وفاة « أخي أحمد بن سلمان» رحمه الله تصادف هذا الترشيح مع تعيين الدكتور غازي القصيبي وزيراً للمياه، وبالصدفة قابلت الدكتور غازي قبل أدائه القسم بيوم (الدكتور غازي أستاذ وفي مقام الوالد وأعرفه جيداً وصداقتي معه تمتد إلى الفترة التي كنت خلالها طالباً في بريطانيا وكان هو سفيراً ).. المهم لما رآني قال لي: أنت تفهم في الصحافة مثلما أفهم في المياه..!
تصور
* لكن لديك تصوراً حول واقع المجموعة وما يراد لمستقبلها..؟
* من السهل جداً مزاولة وممارسة العمل في مثل هذه المجموعة المؤسسة على بنيان راسخ لتبقى المهمة صعبة في المحافظة على المكانة المتميزة التي بلغتها.. في ظل التحديات والتطورات المتتالية في سوق الإعلام وفي صناعته بشكل عام..
فلسفة
* أود أن نظل في إطار التغيير الذي قمت به والذي يؤكد أن هناك فلسفةً خلفه، وفي هذا.. فإن هناك من لاحظ الاستغناء عن بعض الخبرات القديمة والاستعانة بالكوادر الشابة.. لماذا...؟ هل هو استغناء عن «الحرس القديم» كما هي توجهات بعض المدارس الإدارية..؟
* أولاً، أغلب موظفي الشركة السابقين ما زالوا على رأس العمل، وفي حالات نادرة ولأسباب مختلفة وعن غير قصد فإن هناك بعض الزملاء يعدون على الأصابع ولظروفهم تركوا العمل برغبتهم، فبعضهم وجد فرصة عمل أفضل، وبعضهم لديه ظرف صحي لا يستطيع بسببه ممارسة العمل الصحفي، وآخرون لديهم أسباب وجيهةٌ أخرى..
فرصة
* لكنك من المؤمنين بإعطاء الشباب فرصة أو دوراً أكبر..؟
* فعلاً.. أنا أعتقد أن هذا الموقع يحتاج إلى ضخ دماء جديدة، ولو أن الأغلبية «القديمة» ما زالت موجودة، وبالعكس فإن حماسنا للشباب والرغبة في ضخ دماء جديدة لن يقودنا للتخلي عن الخبرات القديمة، أعتقد أن هذا خطأ كبير، بل نحن نحافظ عليهم ونعتز بإسهاماتهم السابقة ونسعد بوجودهم معنا، وليس هناك توجه عام للتخلص من بعض الأشخاص لمجرد ضخ دماء جديدة.. هذا ليس مبرراً كافياً..
هوية
* هوية المطبوعات.. دكتور فيصل متذبذبة.. فهل هي الهوية العربية الدولية..؟ أم الإقليمية.. المحلية..؟ مما يتساءل معه القارئ عن «شعارات» ترفعونها لكنها لا تتحول إلى ممارسة..؟
* أعتقد أن ثمة مفارقة وفوارق في التوجهات الإعلامية بصفة عامة، فنحن نشهد عولمة في المؤسسات الإعلامية بمختلف إصداراتها وإسهاماتها وأشكالها، بحيث أصبح الناس يشاهدون التلفزيونات العالمية كما يشاهدون تلفزيونهم المحلي الذي تناقش عبره قضايا عامة وليس مجرد قضايا خاصة بمجتمعهم، وقد توارت كثيراً البرامج التي تناقش قضايا سعودية بحتة.. غير أن هناك تياراً مناقضاً لهذا على المستوى العالمي، ففي مقابل «عولمة التلفزيون» هناك «محللةٌ» في الصحافة، ونحن يجب أن نلتزم هذا التوازن..
محللة
* (محللة) اشتقاق جميل.. لعل «اللغويين» يأذنون له بالذيوع.. لكن كيف ترى قيمة (المحللة) في صحيفة مثل «الشرق الأوسط» توزع في كل العالم العربي وحيث يوجد العرب في الدول الأجنبية..؟
* أعتقد أن دور صحيفة مثل (الشرق الأوسط) مهم جداً وكذا انتشارها العربي لكنها لن تحقق هذا الانتشار إلا إذا تأقلمت مع رغبات واحتياجات القارئ في كل دولة لها سوق كبيرة فيها، المغرب يمثل على فكرة سوقاً كبيرةً لجريدة «الشرق الأوسط» تنافس فيه المطبوعات المحلية هناك، ولذا فهي تُبرزُ أشياء يحتاج إليها القارئ «المغربي» أكثر من القارئ «المصري» أو «التونسي» أو «السعودي»، وفي العراق نحن أول مطبوعة عربية تطبع في العراق.. وأقول تطبع، وليس (توزع) لأن التوزيع أمر بسيط ويمكن أن تأتي الكمية من الكويت بعدما تطبع الساعة السادسة صباحاً تجدها في شوارع بغداد، وهكذا «الطبعة الدولية» التي تطبع في لندن وأوربا وأميركا وهذه عادة للمسافرين والمصطافين، أما في الدول العربية الأخرى فإن طبعات الأسواق المحلية تتأقلم مع احتياجات القارئ في هذا البلد أو ذاك، ومن هنا لابد أن نحقق هذا التواصل والتوازن، كما أن من المهم الحضور «الدولي» والمنافسة في السوق «المحلية» كذلك، والإفادة من التقنية لعمل طبعات مختلفة حسب «الحضور» وحسب «القبول» في كل سوق، إذن هي عملية تزاوج بين «العولمة» و«المحللة» في الوقت نفسه.. وكثير من الصحف الأميركية مثل «واشنطن بوست» و«نيويورك تايمز» تطبع طبعة خاصة لولاية «فلوريدا» تختلف في عناوينها وأخبارها وفي تركيزها على موضوعات معينة عن طبعة «واشنطن»..
رقيب
* بمناسبة الحديث عن الطبعات المتعددة.. كيف استطعتم القفز على تناقضات «الرقباء» في كل بلد، رغم أنه واجهتكم مشكلات «لوجستية»/ «قانونية».. وبالتالي.. كيف تتعايشون مع هذه الأمور خصوصاً أن لكم قضايا لا تزال معلقة..؟
* نعمل الآن على برنامج تدريبي لجميع الكوادر الصحفية في المجموعة من أجل تطوير أدائهم، وقد اتفقنا مع شركة محاماة في بريطانيا لتعمل دورة تدريبية لصحفيينا بشكل عام لمعرفة ماهية المشكلات التي تثير المساءلات القانونية كي نتجنبها قبل حدوثها، ولتكون لدينا حلول استباقية، وهذا لا يتم إلا عن طريق تثقيفهم في مثل هذه الأمور..
إنهاء
* هل تتوقع أن تختفي هذه المشكلات بعد التدريب..؟
* لا.. لن تنتهي هذه المشكلات.. كل الصحف العالمية تواجهها، ولكن نحاول قدر الإمكان تحجيمها، متى أخضعت مواد الصحيفة للرقابة الذاتية الواعية..
هامش
* لكن الهامش أمامكم في بريطانيا هامش واسع..؟
* هناك انطباع خاطئ (أخي إبراهيم)، وهو أنك إذا كنت تصدر صحيفة في لندن فمعناه أنك تخليت أو تحايلت على القيود الرقابية، وأنا لا أدري من أين جاءت هذه الفكرة، فلديهم قوانين تنظم القيود الموضوعة على الصحف وبخاصةٍ في الأمور «الشخصية»، والتعرض لأسماء الناس، وبعض الجهات والدول، وهي أقسى من الأنظمة الموجودة في المملكة، إذ يمكن أن يتعرض الناشر لمطالبات مالية، أي أننا بالعكس نواجه قيوداً وعقبات تفرض وجود رقابة ذاتية صارمة، وهذا لا يعني أن الإخوة في الصحف المحلية ليست عندهم مشكلات أو عوائق نظامية ولكننا نزيد عليهم فالأنظمة التي تنطبق على الصحف المحلية تنطبق على الشرق الأوسط، وعندنا أيضاً القوانين والقيود في بريطانيا وهي أكثر، وعلى سبيل المثال فلدينا حالة مع طرف سعودي (انتهت الآن «ودياً») فقد وجد هذا الطرف أن من مصلحته أن يرفع علينا دعوى في بريطانيا، أحسن مما يرفع علينا دعوى في المملكةفعائد التعويض المالي الذي سيحصل عليه من بريطانيا اضعاف ما يمكن أن يحصل عليه في المملكة وأعتقد أن الحل هو بتوعية وتثقيف الزملاء في المطبوعات على المداخل التي يمكن أن تثير قضايا لتجنبها..
حرية
* لكن في داخل السوق السعودية، يبدو أنكم تعيشون في سلام ووئام مع وزارة الثقافة والإعلام ومع الرقيب السعودي، وبالتالي أنتم تتجاوزون الكثير من الخطوط الحمراء التي تقف عندها الصحافة السعودية..؟
* أنا أعتقد أن «هامش الحرية» الموجود لدى وزارة الثقافة والإعلام غير مسبوق في تاريخ المملكة، ولا أود أن أدخل في أمثلة حتى لا أقع في حرج، قل لي أي حالة أو أي موضوع تجاوزنا فيه الخطوط الحمراء إذا كانت هناك خطوط حمراء ولم تعترضنا مشكلة..؟
مشكلة
* سأدع الإجابة سمو الأمير لدور الصحف المحلية التي كثيراً ما تثير هذا الموضوع.. وأسالك.. هل تواجهون مشكلة مع الرقيب الآخر، الرقيب غير المرئي.. هناك رقباء موجودون داخل المجتمع دون أن تكون لهم صفة رسمية وبالتالي نحن نعرفهم ولا نستطيع مخاطبتهم، و«الشرق الأوسط» منذ أن صدرت ينظر إليها بمنظار مختلف.. وقبل أن أجيء إليك قرأت عبر «الإنترنت» انتقادات قاسية للصحيفة... هذا الرقيب كيف تتعاملون معه..؟
* كلما تزايد النجاح والحضور أقلق ذلك بعض الناس، وليست هناك مؤسسة إعلامية ناجحة لا يعارضها أحد، ولو كنت فاشلاً وغير مؤثر ما انتبه لك أحد أو أعطاك قيمة، ولكن إذا كنت مؤثراً وتطرح ما يحظى بمتابعة كثير من الناس فإن من الطبيعي أن تجد أشخاصاً يواجهونك بانتقاداتهم وهذا مؤشر مصاحب للنجاح، وعدم حديث الناس دليل الفشل، والكاتب الأميريكي المعروف (مارك توين) يقول: ثمة شيءٌ أسوأ من أناس يتحدثون خلف ظهرك وهو أن الناس لا يتحدثون عنك أبداً..
دمج
* كثيرون رأوا في إدخال ملحق (عالم الرياضة) ضمن الشرق الأوسط.. خطوة تسويقية للتخلص من مطبوعة غير ناجحة ودعم «صحيفة» قلَّ وهجُها..؟
* ليس صحيحاً والهدف الرئيس من ذلك هو ربط جيل الشباب بصحيفة (الشرق الأوسط)، فأغلبية السكان في بلادنا دون سن العشرين، وأنا أود من الشباب أن يتعودوا على شراء الشرق الأوسط، دعْه الآن يتعود على قراءة عالم الرياضة وحدها، لكن بعد فترة، سوف يقرأ جريدة «الشرق الأوسط» معها، وإذن فهدفنا هو استقطاب شريحة الشباب وهذا هدف تسويقي مهم، ومع احترامي لما يقال فأنا عايشت قبل مجيئي للمجموعة انتقادات كبيرة لفكرة مسابقة «الشرق الأوسط»، والآن كل الصحف تعمل مثل هذه المسابقات.. وعلى ذلك قِسْ..
موقع
* ما دمنا نتحدث عن الشباب.. اسمحوا لي سمو الأمير أن أثير نقطة جديدة فمجلة المجلة وصحيفة الاقتصادية (وربما سواهما) ليست لها مواقع على الإنترنت رغم أنها أفضل وسيلة لاجتذاب الشباب.. هل تفكرون في أن يكون لجميع المطبوعات مواقع على الإنترنت..؟
* أنا أعتقد أن لا مجال لسوى ذلك، لابد لكل المطبوعات أن تكون لها مواقع على الإنترنت، وإذا سألتني متى..؟ فأقول يرجع التنفيذ لرئيس التحرير وأطالبه بسرعة ذلك إذا رأى أن لا ضرر وأن ذلك يتناسب مع مطبوعته، فأنا أتركها لرؤساء التحرير،ونتوقع هذا في وقت قريب، لكن كيف يكون شكل الجريدة... أو كيف تظهر على الإنترنت.. أو هل يظهر جزء منها فقط..؟، أترك الخيار لهم..
دور
* الناس ينظرون إلى المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق على أنها «الشرق الأوسط» ومجلة (المجلة) و(مجلة سيدتي) و(صحيفة الاقتصادية).. وهكذا.. لكن اعرف أن المجموعة أكبر من ذلك.. هل لنا في شيءٍ حول ذلك ودور الأخوين حافظ والأمير أحمد..؟
* دعني يا إبراهيم أقدم لك فكرة تاريخية عن الشركة.. فقد ابتدأت بجريدة ARAB NEWS وأسسها الصديقان والأخوان هشام ومحمد علي حافظ، ثم جاءت فكرة عند الأخوين (هشام ومحمد) لإصدار صحيفة دولية عربية حينما بدأ العرب يسافرون للخارج، وبدأ الإعلام أيضاً يهاجر إلى الخارج، وظهرت هناك حاجة لإصدار صحيفة عربية فنشأت الفكرة عند الأخوين هشام ومحمد وانطلقا من ذلك لتأسيس الشرق الأوسط، ولاقوا دعماً وقبولاً من أوساط كثيرة في المملكة..
ريادة
* إذن هما صاحبا الريادة..؟
* في الواقع يجب أن نعطي كل ذي حق حقَّه، فلولا الحماس والنشاط اللذان بدأ بهما الأخوان (هشام ومحمد) في تلك الفترة لما تأسست المجموعة.. وهذا نشكرهم عليه فقد قدّموا خدمة للإعلام العربي، والأسواق العربية، كانت فكرة جريئة سابقة لوقتها في حينها تحفُّها مخاطر كثيرة جداً، وبخاصة في استخدام وتطويع التقنية لهذا الغرض، وقد واجها تحدياً كبيراً، لكن الحمد لله نمت (الشرق الأوسط) وتبعتها مطبوعات أخرى، وأصبح في الإمكان إنشاء شركات لمساندة أعمال الشركة التي تقوم بها الشركة السعودية، وجذب أعمال من شركات إعلامية أخرى، فجرى التعاون بين الأمير أحمد رحمه الله والأخوين (هشام ومحمد) في فترة كانت الشركة فيها شركة ذات مسؤولية محدودة، فالأخ أحمد هو الذي أسس هذا الكيان بمعاونتهما، وقد تعب كثيراً في مرحلة التأسيس «الانتقالي»، وظهرت لديهم مبررات لإنشاء شركة توزيع مطبوعات المجموعة في المملكة فجاءت الشركة السعودية للتوزيع وهي توزع كذلك الكتب ومطبوعات أخرى، وعندنا أيضاً شركة توزيع في الإمارات العربية المتحدة، وفي الكويت بالمشاركة مع دار القبس، ولدينا أيضاً شركة (الوسائل) التي تقوم بتسويق وبيع الإعلانات وتمثل وسائل إعلامية أخرى في سوق الإعلان العربي سواء عبر التلفزيونات أو إعلانات الطرق والمجال مفتوح لتطوير أعمالها، وعندنا شركة المدينة للطباعة وهي التي تطبع مطبوعاتنا مثلما تطبع مطبوعات تجارية من مجلات وكتب وبروشورات وغيرها، أي أننا في الواقع لسنا داراً صحفية بل مؤسسة إعلامية شاملة هي الأكبر على مستوى العالم العربي..
تطورات
* هل نتوقع أن نرى خطوات تطويرية في الشركات مثلما رأيناه في بعض المطبوعات..؟
* ما شاهدتموه من تطور، لا أستطيع أن أحكم عليه بالإيجابي أو السلبي، إذا كانت هناك نجاحات بسيطة يجب أن لا نغتّر بها ونقول: حققنا النجاح.. وأنا عندي كما زملائي طموح كبير في هذه المجموعة وأحسب أننا لم نحقق 10% من تطلعاتنا من حيث «النوعية» أو «الكمية» أو«الحجم التجاري».. ما رأيك..؟ أو أسألْ خالد المالك عن رأيه (يضحك)..
ترشيد
* سنطلب تعليق أبي بشّار.. ولكن ماذا عمّا يقال في إطار ترشيد الإنفاق الإداري، وما تم من تسريح عدد من العاملين وإقفال بعض المطبوعات والاعتماد على الدعم الحكومي..؟
* لم تقدّم الدولة دعماً مالياً للمجموعة فما يأتينا من دعم هو مماثل لما تحصل عليه المطبوعات الأخرى مثل الاشتراكات الحكومية والشحن على متن الخطوط السعودية مجاناً، والميزانيات منشورة..
استثمار
* وترشيد الإنفاق..؟
* ترشيد الإنفاق عملية دورية تتم في كل شركة ومؤسسة.. كل عشر أو خمس عشرة سنة أي كلما صار تضخم بحكم تعاقب السنوات فهذه عملية اعتيادية في كل المؤسسات ومن الضروري أن نعمل ترشيداً بين آن وآخر، والترشيد لا يعني الاستغناء عن العاملين فقط، أي أنه لا يمسُّ ترشيد المصاريف فحسب وإنما زيادة الأرباح، والاستثمار في بعض المشروعات المستقبلية، وهذا عمل دوري في كل مؤسسة وشركة كلما حصل ترهل ودعت الحاجة..
ميزانية
* بالمناسبة كيف هو وضع الميزانية..؟
* نشرنا أول قوائم مالية رابحة، ولكن نطمح في ربح أكثر، ومن يرغب في الإطلاع على الأرقام فأهلاً وسهلاً..
نظام
* ما دامت الميزانية تحمل مؤشرات رابحة وبدأتم في اعلان القوائم المالية.. فهل يعني هذا أن المجموعة سوف تتحول إلى شركة مساهمة..؟
* نعم.. هدفنا هو تحويل المجموعة إلى شركة مساهمة، فالنظام يلزمك بإصدار ثلاث قوائم مالية رابحة، نحن أصدرنا الاولى ، وسوف تصدر قوائم مالية لعام 2002م، وفيها ربح أقل من المطلوب..
سبب
* لماذا..؟
* الواقع أننا رغبنا تحمل معظم تكاليف إعادة الهيكلة في سنة 2002م وبعضها سيكون في ميزانية 2003 م وفضلنا أن نتحملها في سنة واحدة أو سنتين ونكتفي بأرباح طفيفة هذا العام، ثم نبدأ في استعادة النمو الطبيعي إن شاء الله في ميزانية سنة 2004م، والخبراء الماليون الذين سوف يقرأون القوائم المالية سيجدون أن أداء الشركة المالي في حالة طيبة جداً، ولكنها تحملت بعض المصاريف الطارئة غير المتكررة وكان بإمكاننا أن نرحل أو نجزِّئ التكاليف على مدى أربع أو خمس سنوات، لكننا آثرنا البت فيها حتى نبدأ في النمو الطبيعي دون أعباءٍ سابقة..
مساهمة
* لكن هل اتخذ قرار حول توقيت تحويل المجموعة إلى شركة مساهمة..؟
* إذا ارتأى الشركاء تحويل الشركة إلى شركة مساهمة عامة بعد صدور ثلاث ميزانيات فهذا لهم، أما أنا فأعمل جاهداً لتأسيس الشركة على أسس سليمة من ناحية مالية وإدارية، وليس لي هدف مالي فحسب فالشركات والمؤسسات العامة تمتاز بوجود رقابة ونظام إداري ومالي يحفظ حقوق المساهمين بما يضمن استمرار المؤسسة وبقاءها، وأنا أريد لها أن تتحول إلى شركة مساهمة عامة لكي يكون أكبر عدد من الأشخاص ذوي مصلحة في استمراريتها وفي نموها، ولكيلا يرتبط وجود هذه المؤسسة بشخص معين فهذا إنجاز إعلامي وثقافي لكل الوطن وليس لمجموعة محدودة.. ويجب أن نحافظ عليه..
مطبوعات
* هناك مطبوعات مستمرة وخاسرة.. هل هناك توجه لدراسة وضع هذه المطبوعات وإقفالها..؟
* نحن ننظر لكل مطبوعة على أساس أنها مركز ربح، فإذا كانت المطبوعة لا تحقق أرباحها تقفل مباشرة، لكن لا يمكن أن آتي بعد شهرين أو ثلاثة وأقول: خسرتم فحان وقت إقفال المطبوعة وإنما تعطي فرصة أشهر أو سنة، وإذا وجدنا أنها غير مربحة فليست لدينا مشكلة في إقفالها لأنها في النهاية تقدِّم خدمة معلوماتية للقارئ، والفشل ليس في تضاؤل الربح المادي فقط ولكن في عدم قبولك عند المستهلك أو العميل سواء كان المعلن أو القارئ، فنجاح المطبوعة في السوق هو المحك ، نحن في النهاية نقدم خدمة، ونسعى لكي نطوِّر أنفسنا ونتفهم احتياجات القارئ في شتى مناطق العالم وهذا هو النجاح، أما إذا كانت المطبوعة غير ناجحة فلن تكون مواصلة الصدور ذات قيمة لدى القارئ والمعلن..
ألوان
* بعد تحول صحف «الشرق الأوسط» و«الرياضية» و«الاقتصادية» للطباعة بالألوان، ومن خلال المؤشرات التي لديكم الآن.. هل أصداءُ التحول لدى القارئ والمعلن عوضت التكاليف المادية..؟
* عندنا مؤشرات جيدة والإقبال ممتاز وبخاصة في سوق الإعلان بعد الألوان وهذا مؤشر إيجابي..
المجلة
* أنا سمعت أن عندك خطة لتطوير المجلة..؟
* أنا أمثل مجلس إدارة ومجلس الإدارة يضع الخطوط العريضة للسياسة العامة للتحرير، ويحدد توجه المطبوعة، ويوافق على ميزانيتها، أما تفاصيل العمل الصحفي فهي موكلة لرئيس التحرير..
مسؤولية
* فقط..؟
* نعم.. لأنه هو المسؤول أمام مجلس الإدارة عن نجاح أو فشل مطبوعته وهو مسؤول أمام الجهات المعنية سواء كانت «قضائية» أو «إدارية» أو «خاصة» في أي دولة كانت، فأنا حين أحمّله «المسؤولية»، لابد أن أعطيه «الصلاحية» من منطلق التوازن بين المسؤوليات والصلاحيات، أما إذا تدخلت وقلت له: ضعْ هذا، وألغ مقال ذاك وما شابههما ولم تنجح مطبوعته فأنا أتحمل مسؤولية عدم نجاحه، وليس هذا دوري، ولكن دوري أن أمثل مصالح الشركاء وأنظر في الأمور التي تمس سياستها العامة، وإيجابيات رئيس التحرير له وسلبياتُه عليه وهو الذي يتحمل تبعات أدائه إن كان فشلاً، كما يستحق مباركة النجاح، وإذا تفوقت أي مطبوعة في الشركة السعودية فيجب أن يجيِّر النجاح لرئيس التحرير..
سعودة
* تُلام المجموعة لتأخرها في سعودة وظائفها «التحريرية» تحديداً.. فهل لكم رؤية حول مفهوم السعودة..؟ وأين تقفون في هذا المجال..؟
* يمكن أن نقسم المطبوعات إلى قسمين، مطبوعات موجهّة للسوق المحلية وأعتقد أن نسبة السعودة فيها عالية جداً، أمّا في المطبوعات العربية الدولية فإن نسبة السعودة فيها تتفق وتتوافق مع التنوع الجغرافي للقراء الذين تصلهم هذه المطبوعة، ولا يمكن جعل محرري صحيفة «الشرق الأوسط» كلهم سعوديين، أو كلهم مغاربة أو كلهم مصريين، بالعكس أرى أن التنوع يثريها والمطلوب تطوير الحس السعودي فيها عن طريق الاستثمار في جيل الصحفيين السعوديين الذين نتوسم فيهم الكفاءة إن شاء الله..
تدريب
* جميل أن تفكروا في تطوير جيل صحفي سعودي.. لكن ما هي وسائلكم..؟
* نحن مقبلون على برنامج لتطوير الصحفي السعودي، ونتمنى أن يلتحق به أكبر عدد من الشباب السعودي بإشراف معاهد خاصة لإلحاقهم بدورات تدريبية «تخصصية» «عالمية» حيث نستثمر في مجموعة منهم كل سنة، وندربهم في مطبوعاتنا..
مشاركة
* وماذا حول مشاركة المرأة في التدريب ؟
* تنمية الكوادر الصحفية في المملكة يجب أن تتجه لتنمية المجالات الخاصة بعمل المرأة في الشؤون الصحفية، فهذا مجال واعد سواء كانت في مجالات التحرير أو التقنية أو النواحي الفنية إذ ثمة مجال لتطوير عمل المرأة السعودية بما يتوافق وظروفنا الاجتماعية وضوابطنا الدينية.. وسوف نهيئ البيئة المناسبة لذلك بما يتوافق مع ذلك..
تسرب
* هل ذلك من أجلكم.. أقصد من أجل مطبوعاتكم فقط..؟
* ليس عندنا أي مانع إذا تسربوا وذهبوا إلى أي مطبوعات أخرى أو بقُوا معنا لأننا نعتقد أننا نسهم إسهاماً كبيراً في تطوير قطاع الصحافة في الحالين، وسوف يكون إسهامُنا في تدريب الكوادر أكبر بكثير مما هو عليه الآن.. مما سيخدم السعودة في مطبوعات معينة مع ضرورة النظر إلى هوية المطبوعة، كما لابد أن نحاول الإسهام في تدريب جيل كبير من الشباب السعودي سواء كانوا عندنا في الشركة أو في مطبوعات أخرى..
توقيت
* متى يتم هذا..؟
* إن شاء الله مع بداية عام 2004م سنبدأ برنامجنا الخاص بتدريب الكفاءات الصحفية في المجموعة.
معهد
* هل تتوقع أن تقود هذه الخطوة إلى إنشاء معهد تدريب.. أو ابتعاث الشباب إلى المؤسسات الصحفية العالمية..؟
* الواقع.. لدينا فكرة لإنشاء معهد تدريب صحفي، وهو توجه «المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق» لكننا وجدنا أننا إذا أردنا أن نؤسس معهداً يدرّب الشباب أو الشابات السعوديات على العمل الصحفي فلابد أن يؤسس بشكل صحيح وهو ما يتخطى إمكانات شركة واحدة..
بديل
* ما هو البديل إذن..؟
* لدينا فكرة ندرسها ولكن لا نريد أن نعلن عن تفاصيلها إلا إذا تأكدنا من كيفية تنفيذها، وهو أن تعمل كل المؤسسات الصحفية السعودية معاً وتشترك في إنشاء معهد للتدريب..
تنسيق
* وهل نسقتم مع تلك المؤسسات حول هذا الغرض..؟
* سبق أن دعونا الزملاء ممثلي المؤسسات الصحفية للاجتماع ووجدنا منهم كل ترحيب، ونحن جادون في دراسة أسلوب وكيفية التنفيذ، ولن نعلن عن إنشاء هذا المعهد إلا إذا أصبحت عندنا اعتمادات مالية كافية وخطة عمل تنفيذية، كما لن نعلن عن مشروعات في الهواء أو قيد الدراسة بين المؤسسات الصحفية وبين الجهات الحكومية المعينة..
صناعة
* هل سيكون تدريباً صحفياً محدوداً أم واسعاً..؟
* نحن نتطلع في هذا المجال ليشمل صناعة الإعلام بشكل عام إذ أرى أن الصحفي المحرر أو الكاتب يمتلك قدرات ذاتية سواء كانت ظاهرة أو كامنة، ولا عبرة «بالشهادات» حتى لو كانت متخصصة إذ يمكن أن تجد لدى شخص كل الشهادات ولكن لا تغني الشهادة عن الموهبة والحس الصحفي بل يمكن أن تجد شخصاً غير متخصص لكنه بالتدريب العملي يلمع ويجيد..
قطاعات
* ماذا عن تدريب القطاعات الأخرى في عالم الصحافة..؟
* هناك قطاعات في مجال الصناعة الصحفية لم تسعود بعد.. مثل فنيي المطابع/ المونتاج/ الإخراج ونحوها.. وهذه الأعمال المساندة لعمل المحرر الصحفي مهمة جداً وتستحوذ على أكبر الميزانيات وتأخذ أكبر عمالة ونسبة السعودة فيها ضئيلة جداً.. ونحن نتطلع إلى أن يركز عمل معهد التدريب (أو مؤسسة التدريب) بالدرجة الأولى على المجالات التي يبقى احتمال أو فرص السعودة فيها أكبر..
اكتفاء
* لكن في هذا الإطار يلاحظ المتابع أن مطبوعات المجموعة رغم مرور ربع قرن على بعضها لم تحقق الاكتفاء الذاتي من الكفاءات، بل ظلت تجتذب الكفاءات من مطبوعات أخرى.. هل هذا أيضاً من هواجس التدريب بمعنى أن يشمل التدريب إعداد أو صناعة القياديين..؟
* نعم.. ونحن في هذا ننتهج أسلوب «التخطيط التتابعي القيادي» بحيث نعمل على برنامج متكامل لتتابع الكفاءات واستمراريتها، فإذا غادر مدير التحرير أو مساعد رئيس التحرير أو نائبه أو رئيس التحرير فإن عندي تلقائياً عدة اختيارات لهذا المنصب من داخل المجموعة، وأنا أريد للسعودي أن يصل إلى مستوى عال من التأهيل والمقدرة والكفاءة.. وأجزم أن بعض رؤساء تحريرنا السعوديين ينافسون أو يضاهون أي مسؤول أو رئيس تحرير في أي مطبوعة عربية، ولا توجد لدينا مشكلة في توفير القيادات الجيدة، لكن المهم هو كيفية المحافظة على الاستمرارية، وهذا بصراحة مفقود ويحتاج إلى إعادة نظر وتخطيط..
فضاء
* أنتم أكبر دار إعلامية عربية مثلما وصفتها.. هل لديكم فكرة أن تدخلوا في عملية البث الفضائي والإعلامي المرئي..؟
* ليس في الوقت الحاضر لأننا في الواقع ننظر إلى الموضوع نظرة اقتصادية بحتة، لا نريد أن يكون لنا حضور تلفزيوني لمجرد أن نحضر في التلفزيون، وإذا لم يكن عندنا شيءٌ نضيفه ويقدره الجميع ويعدونه إضافةً جيدة لما هو قائم الآن ومن ثم يطّلع عليه الناس ويُعجبون به ويكون مربحاً فلا داعي للإقدام.. ومتى ما جاءت الفرصة بهذه المواصفات فلن نتأخر..
كلمة
* تحتفلون بمرور ربع قرن على تأسيس «الشرق الأوسط».. ماذا تقولون لمن يحتفل بكم ومعكم..؟
* أولاً.. رعاية الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية شرف كبير لنا ونقدّر لسموه الكريم قبول طلبنا في أن يتم الحفل تحت رعايته، كما نحن سعيدون جداً بتجاوب ضيوفنا الذين أتوا من مختلف الدول العربية لحضور هذه المناسبة..
وضع
* بالمناسبة كيف هو وضع الصحيفة الآن..؟
* أعتقد أن جريدة «الشرق الأوسط» مثلما بدأت (جريدة العرب الدولية) فإنها واصلت نهجها، ونطبع اليوم في كل المناطق بكميات أكبر بكثير مما بدأنا، وهذا في الواقع لم يأتِ بمجهود شخصي وإنما بتكاتف مجموعة من الأشخاص على مدى خمس وعشرين سنة الماضية، ونحن الآن في تحدٍ إعلامي كبير، فلم تعد المنافسة «ورقيّة» بل هي في «الفضائيات» و«الإنترنت» وأتصور أن في هذا التحدي وكثرة وسائل الإعلام الموجودة منطلقاً لكي نركز على التميز النوعي وهو ما نسعى إليه..
وصول
* إذن لم تصلوا بعد إلى هدفكم..؟
* لا أعتقد أننا وصلنا إلى هدفنا المطلوب وتحقيق ما نسعى إليه وما يحتاجه إليه القراء، ولا أود أن نتوقع الوصول فهذا معناه الوقوف ، والمجموعة كما الجريدة تحاول أن تطور نفسها بشكل مستمر، ونطمح منهم إلى تقديم الأفضل..
برنامج
* هل تم ترتيب برنامج للضيوف المشاركين من أجل إقامة ندوات، ولقاءات على هامش الحفل..؟
* لا.. الواقع هو مجرد حفل افتتاح وعشاء، وفي اليوم التالي لقاء مع سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض، كما سنرتب زيارة خاصة لمن جاء إلينا من خارج دول الخليج للاطلاع على بعض المعالم في الرياض..
منتدى
* ألم تفكروا في إقامة «منتدى» إعلامي يتكامل (ولا يكرر) المنتديات الخليجية والعربية الأخرى، ويعكس إمكانات المملكة.. أم أن هناك عوائق اجتماعية تحول دون ذلك..؟
* لا أعتقد بوجود حواجز أو عوائق اجتماعية، وقد شهدنا قبل أيام المنتدى الاقتصادي الوطني الذي طرحت فيه الآراء بكل شفافية..
المرأة
* ربما حضور المرأة يمثل عائقاً..؟
* أبداً.. وفي كثير من المنتديات تحضر المرأة بما يتوافق مع ثوابتنا الإسلامية وتقاليدنا الاجتماعية، ولكننا لم نفكر في إقامة منتدى لأن كثيراً من الآراء والنقاشات المشابهة طرحت في منتديات نظمتها دول شقيقة، ولا شيء يمكن أن نضيفه، وسمو الشيخ عبدالله بن زايد وهو صديق عزيز أقام منتدى ناجحاً في «دبي» قبل أيام، وقبل أشهر أقام ندوة بمناسبة صدور العدد الألف من جريدة (الاتحاد) وإذا ما تأكدنا من مقدرتنا على الإضافة فلا مانع عندنا من إقامة منتدى إعلامي بشكل جديد..
مكبرات
* كيف يستطيع الإعلام إيصال صوت مَنْ لا يملك «مكبرات» للتعبير عن احتياجاته وخصوصاً أن كثيراً من الاتهامات توجه لبعض مطبوعاتكم باحتوائِها على الآراء التي لا يساندها القطاع الأكبر من المجتمع..؟ ثم إنها تتيح فرصة لتوجهات معادية أمثال (توماس فريدمان) وتحجب أصواتاً أخرى في مثل هذا التوقيت الحاسم..؟
* مرة أخرى أنا لا أريد أن أتدخل في مهام رئيس التحرير، لكن المبدأ العام أن من الخطأ أخذ كل ما يُقال على أساس أنه يمثل رأي شخص أو رأي رئيس التحرير، أو نائب رئيس التحرير، هذا رأي كاتب، دعنا يا إبراهيم نتفق على أساس ثقافي مهم وهو أنه يجب أن نطلع على آراء الآخرين أمّا أن ننغلق على أنفسنا ولا نسمع إلا الأفكار التي تعجبنا فلن نضيف شيئاً، أنا أود أن أعرف فكر الشخص المخالف ووجهة نظره حتى أعرف كيف يفكر وكيف أرد عليه وأتحاور معه.. وهذا مبدأ ثقافي عالمي متفق عليه، والصحيفة هي مساحة ورقيّة للرأي وللحوار وليست معلقة شعرية للمديح.
مأسسة
* ماذا عن «الإعلام السعودي» بعد مأسسة الإذاعة والتلفزيون وإضافة الثقافة وهامش الحرية المطلوب زيادتها..؟
* هناك مسؤولية مشتركة بين وزارة الثقافة والإعلام والمثقفين السعوديين والكتاب والصحفيين لكي يستخدم هامش الحرية الإعلامية لصالح البلاد.. والتناغم الاجتماعي وتجذير الشعور بالوحدة الوطنية، وهذه النقطة يجب أن تكون أمام أعين الجميع ولا استثني من يعملون في الشركة السعودية، وربما رسالتي لا تصل إليهم بشكل واضح عبر لقاءات العمل الرسمية والاجتماعية ولكنها ستكون أقوى عبر صحيفة (الجزيرة)، إذ أتمنى من الجميع أن يعملوا ويستفيدوا من هذه المساحة بما يعزز الشعور بالوحدة الوطنية والمحافظة على الإنجازات التي حققتها البلاد في سنين طويلة..
تراجع
* لكن الإعلام السعودي تراجع في ظل مزاحمة الفضائيات ووقف الإعلام السعودي في مكانه دون أن يجاريها مما أتاح الفرصة لمن شاء أن يعلو صوته صاخباً في ظلّ خفوت أصواتنا..؟
* الذي حصل في الإعلام العربي هو بمنزلة «تغيير ثوري» وهذا الصخب في الحوارات كان له تأثير بلا شك ولكن الإثارة لا تستمر فترة طويلة، ودائماً في النهاية الحوار الهادئ والتطور المدروس هما اللذان سيمثلان الكفة الراجحة فيما بعد ولن يصح إلا الصحيح.. والدليل أن ثمة إرهاصات لهذا التحول إذ أصبح المشاهد العربي واعياً لا يرغب في مشاهدة «حوار الطرشان».. فالشأن السياسي والثقافي لا يؤخذ بشكل جدليّ ينتهي بغالب ومغلوب ولهذا فقد أصبحت هذه البرامج نوعاً من البرامج الترفيهية وكأنك تتفرج على مباراة أو لعبة وليس على نقاش ثقافي وسياسي موضوعي، الآن بدأ التحول للنقاش الهادئ المدروس والمستقبل للإقناع وليس للصراخ..
قناة
* إذن الإقناع وليس الصراخ هو المطلوب كذلك في القناة الرابعة (الإخبارية) التي ستبث من المملكة بعد العيد كما سمعنا..؟
* أتمنى لهم النجاح والتوفيق، وأعتقد أن التنافس بين وسائل الإعلام هو في صالح القارئ والمستمع والمشاهد وكلما إزداد هذا التنافس تحسّن مستوى الخدمة المقدمة.
معاريض
* كتّاب المصالح الشخصية والمعاريض.. ماذا تقول لهم..؟
* أدعو لهم بالهداية.. وأن يقدموا الصالح العام على رغبات أنفسهم..
تفرغ
* من مدارس الرياض إلى جامعة الملك سعود ثم إليها والآن أنت بعيد عنها.. هل تركت الجامعة..؟
* نعم .. حيث تفرغت للمجموعة لأني لااستطيع الجمع بين وظيفتين ولذا تركت الجامعة من اجل اداء العمل في المجموعة على الوجه الاكمل بقدر جهدي.
جامعة
* أستاذ الجامعة لم يعد كما كان.. وطالب الجامعة لا يرغب أن يكون مثل طالب الأمس.. جدت ظروف.. وتغيّر كل شيء.. فماذا تركت في الجامعة..؟
* أولاً في جامعة الملك سعود تعلمت أكثر مما علّمت، تعلمت كثيراً عن الشباب السعودي، ومهاراتهم وأعتقد أن ردود فعل الطلبة واختلاطي معهم جعلتني أتعلم وأفهم الكثير، والمشكلة الرئيسة في التعليم هي في ذهنية شباب الجامعة إذ يأتي الطالب بعقلية حفظية مجردة.. إذا قلت له احفظ مثلاً من صفحة 20 إلى صفحة 45 فليست لديه مشكلة، لكن أن تقول له فكّر في الصفحتين هاتين فإن ذلك يتعبه، وهذه قضية تدفعنا إلى البحث في كيفية تعزيز عقلية التفكير والتحليل لدى طلابنا وطالباتنا..
مشكلة
* هل واجهت هذه المشكلة..؟
* نعم واجهتني هذه المشكلة في قسم العلوم السياسية لأنه قد يكون القسم الوحيد الذي لا يخرِّج شخصاً يجيد ما يفترض أنه تعلم من أجله، فقسم القانون يخرِّج قانونيين، وقسم المحاسبة يخرِّج محاسبين، وكلية الهندسة تخرِّج مهندسين، لكن قسم العلوم السياسية لا يخرِّج سياسيين، فالذي قاد الثورة في بولندا (ليك فالسيا) كان عاملاً في المناجم، و(جون ميجور) رئيس وزراء بريطانيا السابق لم يكمِّل حتى الثانوية العامة، وغيرهم قبلهم ومعهم وبعدهم كذلك وفي أجدادنا قادة هذه البلاد مثل الملك عبدالعزيز رحمه الله فهو لم يعرف التعليم العام لكن لديه الحس والموهبة والغريزة والقدرة على شؤون الحكم والإدارة ،والسياسي مثل الصحفي لا يمكن أن تعلمه اليوم وتخرجه غداً وتقول له: كن سياسياً، ولكن هدف قسم العلوم السياسية تخريج باحثين في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية ليعمل المتخرج مستشاراً أو صحفياً أو مدرساً أو كاتباً يبحث في الشأن السياسي، ولابد أن تتوافر عنده قدرات تحليلية، ومن هنا تأتي المشكلة وهذه مسؤولية الجميع وليس الجامعة وحدها أو المدرسة وحدها، أوالأسرة وحدها بل الجميع يشترك في السعي لتنمية القدرة التحليلية للشباب السعودي لا مجرد حفظ الأسماء والتواريخ فقط بل الربط بين الأحداث بشكل منطقي..
تواصل
* هل هناك صلة تربطك بالجامعة الآن.. تدريس جزئي.. أبحاث.. استشارات مثلاً..؟
* للأسف لا.. عدا «القراءة» إذ لم استطع القيام بأي أبحاث أو مهام لأن عمل المجموعة السعودية يأخذ كثيراً من الوقت باستثناء ما أقوم به الآن من مراجعة رسالتي للدكتوراه التي سأطبعها وسوف تنشر إن شاء الله في شهر ديسمبر القادم وهي عن «العلاقات الدولية في منطقة الخليج العربي أواخر الستينيات أي في فترة انسحاب بريطانيا من الخليج» وسوف تصدر «باللغة الإنجليزية»، وستكون قراءتها مملة جداً لأنها بحث أكاديمي متخصص (يعني لا تعتقد يا إبراهيم أني أعمل دعاية للكتاب..!)..
مستوى
* لم تحدثني عن مستوى الأستاذ الجامعي الذي تأثر بهذا الضعف العام سواء ممن نراهم في المدرجات أو نقرأ نتاجهم في الصحافة ونتابع طروحهم في الفضائيات..؟
* أعتقد أنه لا يمكن التعميم فثمة تفاوت في المستوى وهذا موجود في كثير من الجامعات، والنظام الجامعي الذي يعمل فيه أعضاء هيئة التدريس لا يشجع على البحث العلمي بصراحة، لدرجة أن الأستاذ يتعين على درجة أستاذ مساعد ويستمر في الوظيفة ثلاثين سنة وينهي خدماته أو يأخذ تقاعده المبكر وهو أستاذ مساعد ولا أحد يسأله ويقول له لماذا لم تكتب بحثاً؟!!..
نظرة
* والحل..؟
* أعتقد أن مسؤولي وزارة التعليم العالي لا يغيب عنهم هذا ويتوقع منهم أن ينظروا في هذا الموضوع، ويوفروا وسائل البحث العلمي بشكل مريح، كما يجب أن يُشرّع نظام مجزٍ للترقيةمالياً ومعنوياً مع إعادة النظر في الأعباء التدريسية وعمل تقويم للأستاذ الجامعي كل أربع سنوات، وفي بعض التخصصات لابد أن تخفف شروط الترقية وبخاصة ما يتصل بنشر الأبحاث في مطبوعات محكّمة أو مجلاّت بعينها.. إذ في بعض الحالات ينتظر الأستاذ عدة سنوات حتى يأتيه الدور في النشر، فضلاً عن أن أسلوب البحث يجب أن يكون خلاّقاً وليس محسوباً بعدد الصفحات، مع المطالبة بتطوير مستوى الأستاذ الجامعي ما بين فترة وأخرى وتسهيل مهمته في تنمية مهاراته الذاتية وإمكاناته البحثية..
أول
* أول كتاب قرأته..؟
* تاريخ العرب.. لفيليب حِتِّي..
عمر
* كم كان عمرك؟
* كان عمري (15) سنة..
الآن
* والكتاب الذي تقرأه الآن..؟
*« باسم الهوية» لأمين معلوف.. وهو كتاب صدر عام 1996م بالفرنسية وترجم للإنجليزية عام 2000م ولم أكمله لأنني كلما قرأت فيه كلمني خالد المالك من أجل هذا اللقاء (يضحك)..!
ندم
* الكتاب الذي ندمت على قراءته..؟
* لم أندم على قراءة أي كتاب..
تكرار
* كتاب قرأته أكثر من مرة..؟
* القرآن الكريم، وكتب الجامعة Text Books. وقد يقرأ الواحد منا كتاباً في مرحلة من العمر ثم يقرأ الكتاب بعد عشر سنوات ليستفيد منه أشياء مختلفة استناداً للمعرفة التراكمية التي حصل عليها خلال السنوات الفاصلة بين القراءتين، ولو أعدت قراءة أي كتاب مرة ثانية فسوف أخرج منه بفوائد جديدة..
قراءة
* كيف تعرفت على كتاب «حتِّي»..؟
* كان هذا أول كتاب أعطاني إياه والدي.
سلمان
* بمناسبة الإشارة إلى الوالد.. ماذا تذكر من توجيهاته لك في العمل.؟
* لا يمكن أن أنسى توجيه الوالد لي في مجال العمل وهو أن الكيان أو المؤسسة التي لا تخطئ هي التي لا تعمل وألاّ أخاف من الإقدام على بعض الأعمال لمجرد التهيب من الخطأ أو الإخفاق، وإنما الخطأ هو في الاستمرار والإصرار على الخطأ وهذه هي المشكلة.. هذا هو التوجيه الذي لا يمكن أن أنساه للوالد حفظه الله،و قد طبقته كثيراً ومن ذلك أخيراً ما سألت عنه في البداية عن دمج عالم الرياضة مع الشرق الأوسط فإذا ثبت أن ذلك خطأ، فسوف نقوم بالتعديل، فالخطأ موجود والمهم تداركه بأسرع وقت..
دقة
* يعرف عن والدكم الكريم، دقته المتناهية في المواعيد.. هل جاريته في هذا وتعلمته منه أيضاً..؟
* لا أستطيع أن أجاريه في هذا، ولا يمكن أن أكون في مثل دقته، بل إنه أحياناً في بعض المواعيد يسبقني إليها والمفترض العكس..
تعريف
* بقيت نقطة لدي حول تقصيركم في التعريف بالمجموعة وخصوصاً في مركزها الرئيس بالرياض..؟
* هذا صحيح.. ولعلك تدخل يا إبراهيم مقر المجموعة السعودية لأول مرة مع أن وجودها في الرياض هو بمنزلة كنز مجهول، وأعتقد أننا مقصرون جداً في التواصل مع المجتمع والفعاليات الثقافية ونسعى لتجسير العلاقة مع الوسط الإعلامي والثقافي .
عطاء
* اعرف أن للمجموعة دوراً مهماً في بعض الاعمال الخيرية؟
*نعم فللمجموعة السعودية دور في مجال الأعمال الخيرية كما نسعد بالتعاون مع أي مؤسسة خيرية لما فيه خير هذه البلاد ومهما أعطينا فيبقى ما هو أكثر من أجل الإنسان..
سعادة
* هل أنت سعيد..؟
* الحمد لله..
تعريف
* ما هي السعادة..؟
* سؤال صعب جداً.. سأتركه بلا إجابة (يضحك)
سلطان
* ماذا تذكر عن رحلة الأمير سلطان بن سلما ن الى الفضاء..؟
* أتذكر يوم انطلاق المكوك الفضائي وكنا حاضرين في قاعدة الإطلاق وكانت تلك لحظة مؤثرة فلم أُقدِّر حجم المخاطر حتى أقلع المكوك، ولكني أعتقد أنه الآن في مكوك آخر هو مكوك السياحة وأتمنى له الهبوط بسلام..
كلمات
* ماذا عن فقد فهد وأحمد بن سلمان رحمهما الله..؟
* الكلمات لا تستطيع التعبير.. وربما لاحظت أنني لم أرثهما بكلمة واحدة رحمهما الله فالمشاعر أكبر من كل كلمات الحزن والرثاء.. ولا يبقى سوى الدعاء لهما والترحم عليهما والحرص على أعمال البر والخير من أجلهما..
أنا
* من أنت..؟
* (يضحك).. سؤال صعب مرة أخرى يا إبراهيم ولكني لن أتهرب من الإجابة على أي حال فأنا رئيس مجلس إدارة مبتدئ وأكاديمي سابق..
ملل
* هل مللت من الأسئلة..؟
* لا..
أشياء
* هل بقي شيء..؟
تفضل.. بما لديك..
إضافة
* لعلنا نسينا أشياء أو تجاوزنا أشياء بسبب الوقت «ربما».. فلك أن تضيف ما تشاء..
* أولا أشكر جريدة الجزيرة وبالأخص لأن للجزيرة فضلاً على المجموعة السعودية حيث كانت المكان الذي تدربت فيه قيادات كثيرة ما زالت على رأس العمل في مطبوعات المجموعة، وأخص بالشكر الأخ خالد المالك رئيس تحرير الجزيرة الذي أعده أستاذاً للقيادات الموجودة وله فضل كبير علينا يجب ألا ننساه..
ختام:
* شكراً سمو الأمير..؟
* شكراً لك أخي إبراهيم..
***
محطات في حياة فيصل بن سلمان
الشهادة:
* الثانوية من مدارس الرياض سنة 1987م.
* الجامعية: بكالوريوس علوم سياسية/ جامعة الملك سعود 1992م.
* الدكتوراه : العلاقات الدولية/ جامعة أكسفورد 1999م.
* أستاذ مساعد ـ كلية العلوم الإدارية (1999 ـ 2002م).
* رئيس مجلس إدارة المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق (من سبتمبر 2002 حتى تاريخه).
|