Sunday 19th october,2003 11343العدد الأحد 23 ,شعبان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

دفق قلم دفق قلم
هل كان عنترة سودانياً
عبدالرحمن صالح العشماوي

لم أكن أعلم قبل أنْ أطّلع على موضوع كتب بهذا العنوان أن أحداً سيُعنى بهذا الجانب من شخصية الفارس الشاعر الجاهلي «عنترة بن شدَّاد».
لقد رددنا شعر عنترة في البطولة والفروسية منذ الصغر، ورسخت في الذهن صورته الحقيقية من خلال مناهجنا الممتازة في دراسة الأدب العربي القديم في معهد الباحة العلمي قبل أن نطّلع على القصَّة التي يغلب عليها الخيال المنتشرة بين الناس عن شخصية عنترة بن شدّاد، ولذلك فقد أصبح الاستمتاع بجمال قصائده، وإبداعه الشعري، وبطولاته الحقيقية، ومشاعره المتأججة بالحب الصادق لابنة عمه عبلة، أعظم في نفوسنا من الاستمتاع بتلك الصورة الخيالية الأسطورية التي رسمها قلم مجهول لشخصية هذا الفارس الشاعر في قصة «عنترة» التي يتداولها الناس .
نعم كنت وما زلت أقف وقفة الإعجاب ببعض الجوانب القوية في شخصية عنترة، خاصة شجاعته النفسية في اقتحام الحديث عن لونه الأسود، وعن أمه زبيبة الأمة التي عُرفت عند الرُّواة بأنها حبشية، وهي التي وصفها عنترة بقوله:


وانا ابن سوداء الجبين كأنَّها
ضبعٌ ترعرع في رسوم المنزل
الساق منها مثل ساق نعامةٍ
والشَّعر منها مثل حبّ الفُلْفُلِ

وهو يقول هذا في مجال الافتخار بقوته وشهامته وشجاعته وطيب أخلاقه، ولهذا يؤكد هذا المعنى بقوله:


إني امرؤ من غير عبسٍ منصباً
شطري، وأحمي سائري بالمُنْصُلِ
وإذا الكتيبة أحجمتْ وتلاحظتْ
أُلفِيتُ خيراً من مُعِِم، مُخْوِلِ

فهو هنا يؤكد أن اخواله ليسوا من العرب، ولكنّه خيرٌ من ذوي الأعمام والأخوال لأنه يحمي هذا الجانب بسيفه البتار حين يحجم الفرسان عن النزال والقتال.
نعم، ما زلت أقف وقفة الاعجاب بهذه الروح الشامخة بين جنبي هذا الفارس الشجاع، الشاعر الذي استطاع ببطولاته وأخلاقه ان يخلّد ذكره في الناس، ويرفع مكانته بينهم، فهو يقتحم هذا الجانب بثقةٍ ويقين وقناعة بقدراته ومكانته.


يعيبون لوني بالسواد جهالةً
ولولا سواد الليل ما طلع الفجر
كما يقول: لئن يعيبوا سوادي فهو لي نَسَبٌ
يوم الفخار إذا ما فاتني النسب
ويقول: تُعيِّرني العدا بسواد جلدي
وبيض خصائلي تمحو السوادا

نعم، ما زلت أقف وقفة الاعجاب بعنترة الذي يقول:


ولقد أبيتُ على الطّوى وأظله
حتى أنال به كريم المأكل

وهو بيت يدل على مكارم الأخلاق، يُروى ان الرسول صلى الله عليه وسلم كما سمعه قال:
ما وصف لي احد فوددت ان أراه إلا عنترة.
كل ذلك يجري لي مع أبي الفوارس عنترة بن شدّاد، استمتع به، وأكرّر قراءته التي تزيدني معرفة بإبداعه الشعري فكأنني مع شعره كما قال الشاعر:


يزيدك وجهُه حُسناً
إذا ما زدته نظرا

ومع ذلك كله فإنه لم يكن يخطر ببالي ان اجد كاتباً معاصراً يؤلف كتاباً صغيراً بعنوان «هل كان عنترة سودانياً»، وهو الكاتب السوداني «ضرار صالح ضرار» حيث يرحل الكاتب الأديب الناقد مع عنترة رحلة ذات هدفٍ آخر يؤكد من خلالها ان أم عنترة «زبيبة» لم تكن من الحبشة، وإنما كانت من السودان، ويورد عدداً من الاستنتاجات من حياة عنترة ومن شعره تؤكد ذلك.
ومن هذه الاستنتاجات قوله: لو كان أخوال عنترة من الحبشة لافتخر بهم لأنهم كانوا في ذلك الوقت ملوكاً مشهورين في الجزيرة العربية، في الوقت الذي كان فيه أهل السودان يعيشون في هدوءٍ وسكون، فما تصل أخبارهم الى جزيرة العرب، لذلك افتقدنا في شعر عنترة هذا الجانب إلا ان كتابه جاء لطيفاً ظريفاً جميل الأسلوب، جديداً في طرحه لهذا التساؤل حول علاقة عنترة بالسودان.
إشارة
يقول عنترة:


إن كنت في عدد العبيد فهمَّتي
فوق الثريا والسِّماك الأعزلِ

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved