في ظل النظام العالمي الجديد وما نتج عنه من ظهور متغيرات اقتصادية كالانفتاح الاقتصادي والعولمة وانشاء منظمة التجارة العالمية وغيرها من المتغيرات أدت الى اعطاء القطاع الخاص دوراً فاعلاً في التنمية الاقتصادية لأي دولة خاصة بعد ان قام القطاع العام في المراحل السابقة بدوره في التنمية ولكن الظروف الاقتصادية العالمية حتمت على القطاع العام أن يتنحى جانبا ويعطي القطاع الخاص الفرصة نظراً لقدرته على التعامل مع المتغيرات التي طرأت على الساحة الاقتصادية العالمية.
إن الدعوة الى التخصيص في المملكة تشكل ضرورة أساسية يحتمها واقع المرحلة الحالية والمقبلة، هذه الدعوة جاءت بعد الاعلان عن النية في تحويل ملكية بعض الأنشطة الى القطاع الخاص ليقوم بدوره المأمول في دعم الاقتصاد الوطني، لذلك فمن الضروري تسخير القدرات الرأسمالية المتوفرة لدى القطاع الخاص والموجودة في شكل ايداعات قصيرة الأجل في داخل المملكة وخارجها نحو اسهام في عملية التنمية حتى نستطيع التغلب على التحديات الرئيسية التي تواجهها مسيرة التنمية الاقتصادية.
لقد أكدت خطط التنمية المختلفة على أهمية التخصيص ويمكن الاشارة هنا الى أهم القطاعات الاقتصادية التي تم تخصيص بعضها وأخرى يمكن تخصيصها في المستقبل بإذن الله منها:
- تخصيص خدمات البريد وما يلحق بها حيث يمكن للقطاع الخاص القيام بهذه المهام بصورة جيدة مما يزيل عبئاً كبيراً من على كاهل الدولة لذا فإن خطوة تخصيص هيئة البريد والبرق والهاتف هي خطوة جيدة.
- تخصيص الخدمات الحكومية جزئياً بفتح المجال أمام القطاع الخاص لتقديم خدمات موازية لبعض الخدمات الحكومية مع وضع ضوابط لذلك مثل الخدمات التعليمية والصحية مع وجود مراقبة من وزارتي المعارف والصحة.
- تخصيص مباشر لبعض المنشآت العامة ببيع جزء منها أو كلها للقطاع الخاص وتجلى ذلك في طرح جزء من أسهم سابك للاكتتاب العام.
- تخصيص عملية تشغيل الخدمة والنشاط الذي تقوم به الحكومة بفتح المجال أمام القطاع الخاص لتنفيذ الأعمال لحساب الحكومة مثل عقود المقالات والتوريد والتشغيل والصيانة.
وفي المملكة ساد النظام الاقتصادي الحر طوال تاريخها الحديث وحيث ان مناخ الاستثمار فيها مواتٍ لرأسمال الأجنبي، وحيث ان معظم النشاط التجاري والصناعي والزراعي والخدمي يتم عن طريق القطاع الخاص وهناك عدة أدوار سوف يقوم بها القطاع الخاص بعد تحويل ملكية بعض المؤسسات والمشاريع العامة الى القطاع الخاص ومن هذه الأدوار:
1- تعميق دور القطاع الخاص وقدراته باتاحة المجال له للقيام بأنشطة أوسع.
2- تحقيق الكفاءة في ادارة وتشغيل الخدمات والأنشطة التي تضطلع بها الدولة.
3- تقليل الدعم ما أمكن للأنشطة التي تملكها الدول والتي أصبحت اعانتها تشكل عبئا على الميزانية العامة.
4- تغيير طبيعة دور الحكومة في الاقتصاد.
5- التشجيع على تملك العاملين للشركات.
6- تسييل بعض أصول الدولة عن طريق بيع جزء من الشركات والمشاريع التي تملكها بالكامل مثل «الهاتف السعودي - الخطوط الجوية السعودية - الموانئ».
إن عملية الخصخصة هي سلاح ذو حدين وتتطلب عملية تطبيقها التريث والدراسة المستفيضة لآثارها على المجتمع والمنشآت الوطنية حيث ان هناك فوائد كثيرة لعملية الخصخصة ولكن هناك أيضا بعض الآثار السلبية لها والفوائد هي:
1- زيادة فرص التصدير أمام المنتجات الوطنية وفتح أسواق لها خارجياً.
2- تحسين الانتاج وزيادته.
3- إعادة الأموال الوطنية المهاجرة للاستثمار في أرض الوطن.
4- جلب الاستثمارات الأجنبية.
5- تحسين نوعية الخدمة المقدمة للمستهلك واشباع رغباته.
6- زيادة كفاءة تشغيل المنشآت الاقتصادية.
ومن الآثار السلبية لعملية الخصخصة ما يلي:
1- تخفيض حجم العمالة بالمؤسسات والشركات بحثاً عن زيادة الربحية مما سيزيد من حجم البطالة.
2- تحويل الملكية من ملكية تدر دخلاً للدولة الى ملكية تدر دخلاً للأفراد ممكن أن يكونوا أجانب مما يقلل الدخل العام للدولة.
3- بعد خصخصة المؤسسات والهيئات سوف تتحول سياسات هذه الشركات الى سياسات لتحقيق الربحية فقط دون النظر الى الأهداف الوطنية التي تخدم احتياجات المواطنين.
إن الجهات المعنية قدمت كافة التسهيلات الممكنة لخلق بيئة اقتصادية مريحة للنشاط التجاري والاقتصادي ومنها دعم الشركات الوطنية ومنحها بعض التسهيلات ولكن من الضروري أن تكون هناك ضوابط تحكم عملية الخصخصة حتى نتفادى الخطأ ولابد أن يكون القائمون على الشركات التي تخصص من ذوي الخبرة العملية والكفاءة ويتمتع من يدير هذه الشركة بمميزات ادارية ناجحة كقدرته على اقامة علاقات عامة والقدرة على اتخاذ القرار والقدرة على التجديد وتطوير الأداء.
لذا فإن عملية تخصيص المنشآت الاقتصادية وتحويلها من القطاع العام الى القطاع الخاص سوف يحقق نتائج ايجابية عديدة ستدعم الاقتصاد الوطني بإذن الله ولكن من الضروري الانتباه في عملية تطبيق الخصخصة حتى نتجنب بعض السلبيات التي تتولد عن هذه العملية وأن نستفيد من تجارب الدول التي طبقت نظام الخصخصة والتي انتهجت فيه أسلوباً وبرنامجاً متدرجاً حتى لا يتأثر الاقتصاد وعلى العموم نحن في المملكة لدينا والحمد لله تجارب قديمة في عملية خصخصة بعض المنشآت وسيساعدنا في التطبيق السليم لعملية التخصيص مما يعود على الاقتصاد بالنفع بإذن الله تعالى.
(*) مستشار اقتصادي ومدير دار الخليج
للبحوث والاستشارات الاقتصادية
|