Sunday 19th october,2003 11343العدد الأحد 23 ,شعبان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

تداعيات انتفاضة الأقصى ترهق كاهل الاقتصاد الإسرائيلي تداعيات انتفاضة الأقصى ترهق كاهل الاقتصاد الإسرائيلي
«200» ألف عائلة إسرائيلية تعاني من انعدام الأمن الغذائي بشكل خطير..

* القدس - بلال أبو دقة:
خطة اقتصادية تقشفية.. خفض نسبة الأجور، ومئات الشركات أعلنت إفلاسها.. في الوقت الذي تطلق فيه وزارة المالية الإسرائيلية تقديرات ترجح اقتراب الخروج من دائرة الركود الاقتصادي،وفي الوقت الذي تفيد فيه دائرة الإحصاءات المركزية بحدوث انتعاش مفاجئ في الطلب، كشف تقرير إسرائيلي جديد عن معطيات تتعلق بآفة الفقر في إسرائيل.
واستنادًا إلى التقرير الذي أعدته منظمة اقتصادية متخصصة يعاني«22%» من الإسرائيليين من انعدام الأمن الغذائي.. أي أنهم يواجهون صعوبات في تحصيل قوتهم.. ويصف التقرير «8%» من المواطنين أي نحو «200» ألف عائلة بأنهم مجموعة تعاني من انعدام الأمن الغذائي بشكل خطير.. موضحا أن المقصود بذلك وجود صعوبات خطيرة في الحصول على الأغذية وتقليص في كمية الغذاء المستهلك، وأشارت حوالي «300» ألف عائلة إسرائيلية بحدوث تقليص في حجم وجودة الغذاء الذي يستهلكونه، وطرح قائمون على استطلاع للرأي أسئلة على «1400» عائلة إسرائيلية تشكل عينة نموذجية تمثل السكان في إسرائيل بهذا الخصوص تتعلق بالوضع الحالي حيث قالت الغالبية الساحقة من المستطلعة آراؤهم: إن ظاهرة الجوع قد زادت حدتها خلال العامين الماضيين، وهو ما يعتبر دليلا على الأوضاع الاقتصادية المتردية الناتجة عن استمرار الركود الاقتصادي وهروب رأس المال إلى خارج اسرائيل بسبب استمرار انتفاضة الأقصى وتداعياتها الخطيرة على الساحة الاسرائيلية.
عدد العاطلين عن العمل في تزايد
وقال رئيس اتحاد أرباب الصناعة في إسرائيل «عوديد طيرا»: إن عدد العاطلين عن العمل ازداد في الربع الثاني من العام الجاري بنحو«20» ألف شخص، ليبلغ الآن «294» ألف عاطل عن العمل، وهو ما يشكل نسبة «3،11%» من القوى العاملة في إسرائيل.
وأضاف طيرا: إن الانخفاض في نسبة المشاركين في القوى العاملة يبعد إسرائيل أكثر فأكثر عن المعطيات المعقولة والمقبولة في العالم الغربي ويشكل أحد العقبات التي يواجهها الاقتصاد الإسرائيلي.
وأفادت خدمة التشغيل في اسرائيل أنه طرأ ارتفاع على نسبة عدد الباحثين عن عمل الذين توجهوا إلى مكاتب العمل التابعة لخدمة التشغيل حيث بلغ مجموع الباحثين عن عمل في نيسان/ أبريل الماضي «197600» شخص.. العديد منهم أقيلوا من عملهم السابق.. كذلك طرأ انخفاض بنسبة «30%» على تراخيص التشغيل الممنوحة للعمال الأجانب في فرع البناء والبنى التحتية.
من جانبه حذر مدير المعهد الإسرائيلي للأبحاث الاقتصادية والاجتماعية الدكتور «روبي نتانزون» من أن استمرار الأوضاع الاقتصادية الراهنة في اسرائيل قد يسفر عن رفع نسبة البطالة إلى نسبة قياسية لم تشهد اسرائيل مثلها منذ قيامها حيث بلغت نحو12% من مجمل القوى العاملة.
ووفق أقوال مدير المعهد الإسرائيلي: فإن نسبة البطالة السائدة حالياً تماثل تلك التي سجلت عشية حرب الأيام الستة وفي بداية التسعينيات، مع انطلاق موجة الهجرة المكثفة إلى إسرائيل من دول الاتحاد السوفييتي سابقاً، وهذه الضغوطات في سوق العمل قد تؤدي الى زعزعة الاستقرار في مجال الأسعار ومؤشر الصرف وتسفر عن زيادة العجز الاقتصادي.
هذا وأكدت دائرة الإحصاء المركزية في إسرائيل في وقت سابق أن عام 2002 هو العام الأسوأ من الناحية الاقتصادية على اسرائيل.. فهذه هي المرة الأولى التي يهبط فيها الإنتاج بشكل حقيقي سنوي متواصل منذ قيام اسرائيل.. وقالت دائرة الإحصاء إن مستوى المعيشة في اسرائيل انخفض بشكل كبير جدا، وقد هبطت مصاريف اقتناء المنتجات الدائمة للفرد هذا العام بنسبة حادة بلغت 8 ،10%.. كما وأن الاستثمارات في السوق تقلصت، وبالنسبة للتصدير انخفض مجمل تصدير البضائع والخدمات هذا بنسبة 4،5%، أما بالنسبة للاستيراد فقد انخفض هذا العام بنسبة 3%.
فيما انخفضت الأجور لساعة العمل هذا العام بنسبة 5%. وبالنسبة للفلسطينيين أعلن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في بيان صحفي تلقت الجزيرة نسخة منه:أن «302» ألف عاطل عن العمل في الأراضي الفلسطينية خلال الربع الثاني من العام الجاري.
وأكدت منظمة العفو الدولية التي تتخذ من لندن مقرا لها في تقرير حصلت عليه الجزيرة: على أن نحو «60» في المائة من الفلسطينيين يعيشون تحت خط الفقر الذي يبلغ دولارين يوميا، كما أن معدل البطالة يقترب من «50» في المائة.
خطة اقتصادية إسرائيلية تقشفية
ويقترح المسؤولون في وزارة المالية الإسرائيلية تقليص ميزانية اسرائيل للعام 2004 بمبلغ 9 مليارات شيقل «2،2» مليار دولار، وهذا ما يعادل حجم التقليص الذي طال ميزانية العام الحالي أيضاً.
ومن المنتظر أن تدور النزاعات الرئيسية في ما يتعلق بالميزانية حول ميزانية وزارة الدفاع الاسرائيلية فقد اتضح أن الفرق بين ما تريده المالية وبين ما توافق عليه وزارة الدفاع يصل إلى ثلاثة مليارات شيقل، وسوف يكون تقليص ميزانيات الوزارات الأخرى منوط بحجم التقليصات في ميزانية الدفاع.
ومن الإجراءات الاقتصادية التي تنوي وزارة المالية الاسرائيلية اتخاذها ضمن ميزانية العام 2004: الاستمرار في خفض الأجور في القطاع العام بنسبة 4% خلال العام 2004، ولن يتم استيعاب موظفين جدد في الحكومة خلال العام المقبل، استمرار تقليص مخصصات الأولاد اعتبارا من الولد الثالث في العائلة، تقليص الدعم المالي للمجالس الدينية، خفض عدد الممثلين الدبلوماسيين في البلاد الأجنبية؛ كذلك تقترح المالية ضمن مشروع الميزانية حل سلطة الموانئ وخصخصتها.
وعقدت حكومة شارون جلسة استثنائية طارئة حضرها منتدى هيئة الأركان العامة، وذلك على خلفية أزمة انعدام الثقة بين وزارتي الدفاع والمالية.
وتقول مصادر أمنية إسرائيلية أن وزارة المالية أعلنت الحرب على وزارة الدفاع.. يذكر أن وزارة المالية خططت لتقليص ميزانية الدفاع ب«5-6» مليارات شيكل، إلا أنه تم تقليصها إلى ثلاثة مليارات شيقل.
ويعارض مسؤولون عسكريون وأعضاء في أجهزة الأمن الاسرائيلية إجراء أي تقليص قد يؤدي إلى تآكل الأجور ومخصصات التقاعد والإكراميات التي تمنح لجنود الخدمة العسكرية الثابتة مما يضطرهم إلى خلع زيهم العسكري.. من ناحيته هاجم وزير المالية الإسرائيلي الأسبق «أفراهام شوحط» التوقعات الاقتصادية لوزارة المالية الإسرائيلية والتي يتم حسبها إعداد مشروع الميزانية المقترحة للعام 2004 بقوله: إن نسبة النمو في المرافق الاقتصادية منوطة بشكل مباشر بالوضع الأمني وإذا لم يتغير الوضع الأمني السائد اليوم فإن النمو لن يتحقق في العام 2004.
وحسب أقوال الوزير الإسرائيلي: فإنه إذا لم تتحقق توقعات النمو التي طرحتها وزارة المالية فإن نسبة العجز المالي في الميزانية ستزيد على 4% من الناتج القومي أي قرابة 20 مليار شيكل.
وسارعت نقابة العمال العامة الاسرائيلية إلى الإعلان عن استئناف نشاطاتها ضد الحكومة الاسرائيلية والبدء في سلسلة إجراءات احتجاجية على نية الحكومة اتخاذ قرار إقالة ألفين من موظفي القطاع العام، وإذا دخل هذا القرار إلى حيز التنفيذ فإنها لن تتردد في إعلان الإضراب الشامل.. وحذر رئيس حزب «شاس» المتدين عضو الكنيست إيلي يشاي في وقت سابق من أن إقالة الموظفين في القطاع العام ستكون بمثابة عملية هجومية اقتصادية ستؤدي إلى انهيار اجتماعي في إسرائيل.
مئات من الشركات الإسرائيلية أعلنت إفلاسها
إلى ذلك عقد أعضاء مكتب التنسيق التابع للاتحادات الاقتصادية في إسرائيل مؤخرا جلسة طارئة بحثوا فيها قضية الديون المتراكمة على الحكومة الإسرائيلية للمزودين، وتقدر قيمة هذه الديون بنحو «5 ،2» مليار شيقل، وتقرر في نهاية الأمر التوجه إلى القضاء ومطالبة الحكومة بتسديد الديون المتراكمة عليها من خلال تقديم دعوى تمثيلية ضدها.
هذا ويستدل من معطيات كشف عنها قسم الأبحاث والتقارير والتقديرات التابعة للمحاكم الإسرائيلية، أنه صدرت في النصف الأول من العام الحالي أوامر بحل «298» شركة و«660» أمرًا بتقييم ممتلكات أفراد أعلنوا إفلاسهم.
وفي العام الماضي صدر «505» أمر يقضي بحل شركات أعلنت إفلاسها نتيجة لتردي الأوضاع الاقتصادية والأمنية بسبب تداعيات انتفاضة الأقصى الخطيرة على الاقتصاد الإسرائيلي الذي شهد ركودا ما بعده ركود على الساحة الاسرائيلية، ويتضح من المعطيات أن عدد أوامر تفكيك الشركات المفلسة التي أصدرتها المحاكم هذا العام أكبر بنسبة 18% من عدد الأوامر التي صدرت خلال العام 2002..
كذلك يتضح من المعطيات أن المحاكم الإسرائيلية قد أصدرت «4955» أمرا يقضي بحل شركات تعثرت أمورها المالية، بين عامي 1978 و2003، كما أصدرت المحاكم «9939»، أمرا بتقييم ممتلكات أفراد انضموا إلى دائرة المفلسين.
وتظهر المعطيات أيضاً أنه تم في النصف الأول من العام الحالي تقديم «1054» طلباً إلى المحاكم المركزية في إسرائيل يقضي بحل شركات وإعلان إفلاسها لحمايتها من الدائنين.
وكلما مرت السنوات واستمرت الانتفاضة الفلسطينية وعدم الاستقرار وهروب رؤوس الأموال ازداد عدد الأفراد والشركات التي تواجه صعوبات مالية تستوجب تدخل المحاكم.
وبلغ عدد الشركات التي تم حلها في النصف الأول من العام 2003 ستة أضعاف عدد الشركات التي واجهت نفس المصير في العام 1979.. ويتضح من المعطيات أيضاً أن عدد ملفات إعلان الإفلاس في إسرائيل تزايد بشكل متواصل خلال الثلاث سنوات الأخيرة عمر انتفاضة الأقصى.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved