أصبح الحديث عن سوق الأسهم السعودي هو المسيطر على الساحة الاقتصادية خلال الأشهر الماضية وقد تطول هذه الفترة مع كل نمو يتحقق لهذا السوق الواعدة والأكبر كقيمة سوقية في الوطن العربي، وقد ظهر كثير من التحاليل للسوق سواء خلال فترات الارتفاع وهم قلة أو وقت الانخفاض وهم كثيرون كمكاتب الاستشارات كما تسمى وتستغل هذه الفترات نفسيات المتداولين برغم أن حالات الارتفاع والانخفاض شيء طبيعي في السوق، لقد أصبح السوق السعودي مفتوحاً للجميع بأن يملك حق الإفتاء والتوجيه به سواء المتعامل أو غير المتعامل بالسوق أو من يملك فقط الخبرة الزمنية فقط أو من يملك الشهادات العليا وهم ليسوا مقياساً على أي حال، أو من يرتاد السوق مرة ومرتين يومياً، أو من فتح مكتباً للإحصاء ليقيم السوق السعودي للأسهم، أصبح سوقاً للجميع يملك حق التحليل من وجهة نظره وهي أبعد ما تكون وبدون أي رقابة أوضابط لها من أي جهة.
تستغرب جداً حين تجد بعض المحللين للسوق بأنهم حين يتحدثون تلفزيونياً تجدهم لا يملكون العمق الكافي والعلمي الحقيقي، ويردد عبارات مكررة ومعروفة سلفاً عن السوق كأن يقول «سترتفع الأسعار مع نشر نتائج الربع الثالث التي يتوقع أنها إيجابية... لشركة كذا»، ولكن حين تقرأ التقارير التي تنشر تجدها مختلفة كثيراً عن الرأي المطروح تلفزيونياً وما يكتب بالصحافة أو غيرها، وهذه دلالة على أن ما ينشر في الصحف لا يكتبه أو يعرف عنه أي شيء هذا المحلل فقط هي معادلات جاهزة وتنشر، هذا مثال لما يطرح في الساحة الاقتصادية الخاصة بسوق الأسهم السعودي، وهذا مؤثر حقيقة في السوق كأحد العوامل المؤثرة، ولكن مع مرور الوقت أثبتت أحداث السوق عكس ما تتحدث عنه هذه المكاتب أو ما شابهها ولأنها متداخلة بالسوق بشكل رئيسي وتقدم النصائح بعكس ما تدعي وبدون رقابة على ما تنشره وبدون تحفظ فإننا نجدها تلون التقارير بألوان الطيف التي تريد وبعيداً عن أي موضوعية أو حيادية في ذلك وبرغم أنها تحاول إثبات العكس لكن ما كتب ونشر يثبت أنها أصبحت خارج دائرة الرؤية والاهتمام.
المؤثرون أو بمعنى أدق المؤثرات بسوق الأسهم السعودي هي عدة جهات سواء من داخل السوق أو خارجه، وحين نقول من داخل السوق فإننا بذلك نعني المتعاملين سواء كانوا مضاربين أو مستثمرين والعوامل النفسية المؤثرة بهم، وأسلوب المضاربين، ولكل متعامل مع السوق مباشرة كالبنوك وصناديقها التي تقدر بالمليارات كمجموع، ولعل أكثر العوامل المؤثرة بالسوق هي، الحالة الاقتصادية سواء محليا أو خارجيا، حجم السيولة، أسعار النفط، قنوات الاستثمار ومدى المرونة بها، أسعار الفائدة، مستوى النمو الاقتصادي، حجم البطالة، الوضع السياسي.. وغيرها. وحين نتحدث عن العوامل المؤثرة التي يمكن التعامل معها أو التأثير بها مباشرة نجدها تتعلق بالإنسان نفسه حيث إن الظروف الأخرى لا تتعلق بالفرد نفسه بل تخضع لقنوات وسلسلة طويلة من الإجراءات والإصلاح الاقتصادي، وحين نركز على الفرد المؤثر بالسوق فأننا نتحدث عن المضارب الذي قد يملك مئات الملايين أو ألف ريال فالجميع له الحق بدخول السوق والتعامل معها، أما المستثمر فله حسابات أخرى وهو مؤثر ويعتبر من عوامل استقرار السوق حيث لا يهمه من قريب أو بعيد تغيرات السعر وتقلباته إلا اقتناص الفرص في عمليات الشراء.
من الصعب جداً القول أن السوق السعودي يؤثر به فلان من الناس لأنه يملك رأس مال كبيراً، وقد يكون بشركة صغيرة أو متوسطة، لكن أن نقول كل السوق فهذا صعب جداً إلا في حال التكتلات الكبيرة والتي تحتاج رؤوس أموال كبيرة، وآخر ما سمعت أو ينقل أن يكون من مؤثرات السوق بشكل رئيسي هي «منتديات الأسهم» من خلال مواقعها في الإنترنت، وهذه أغرب ما قرأت وسمعت ولأنها لاتستند على واقع رقمي «إحصائي» حقيقي فهي غير موضوعية نهائيا، وأطرح السؤال الآتي: ما هو حجم رؤوس أموال الذين يتعاملون مع المنتديات؟ هل تم حصرهم وبالتالي حصر رؤوس أموالهم وقوتهم المالية؟ فهم وفي الغالب ذوو رؤوس أموال صغيرة وصغيرة جداً ونسبة قليلة جداً تملك رأس المال المتوسط، ويجب أن ندرك أن اللاعبين وصناع السوق الكبار بالتأكيد لا يعرفون المنتديات أو يشاركون بها لسبب رئيسي أنهم يكتفون برأيهم ومستشاريهم الخاصين وليس مكاتب إحصاء وحصر منتديات، السوق ليست بهذه السهولة أن يؤثر به منتدى أو عدة منتديات هي مجرد تبادل رأي وفكر بسوق الأسهم السعودي الذي يفتقد المعلومة الحقيقية في ظل غياب جهات محايدة غير منتفعة، هل لهذه الدرجة يتم تهميش رجال الأعمال السعوديين وبأنهم لا يجدون المعلومة إلا في المنتديات أو أنها تقوّم السوق السعودي!! وبرغم أن المنتديات ليست مكاتب إحصاء وحصر فقد قدمت خدمة معلوماتية وثقافة للمستثمرين والمضاربين لمن يحسن القراءة ويعرف الغث والسمين منها، وهي أفضل كثيراً من تلك المكاتب التي يكتب تقاريرها من لا يمت للسوق بصلة ولا يعرف عنها شيئاً ولسبب بسيط أنهم لا يديرون محافظ ولا يتداخلون بالسوق فهم على الأقل جهة حيادية لا توحي ولا تدفع برأي بيع أو شراء وليست لها مصالح من جهات محددة، والمنتديات تضع بصفحتها الرئيسية عبارة مثبتة وهي «أن الآراء المطروحة لا تعبر إلاعن رأي كاتبها» وهي مجال حواري كأي حوار، ولكن لماذا التركيز عليها، هل لهذه الدرجة سحبت البساط مكاتب الإحصاء والحصر؟! وقد يكون، وما نأمله أن يبزغ نور السوق المالية وتفتح الساحة لدور الإستشارات الحقيقية ومكاتب التداول والسمسرة كأي أسواق مالية عالمية وستكون هناك المنافسة الحقيقية التي ستنسخ مكاتب شخصية اجتهادية لم تفرق بين الإحصاء والحصر والتحليل المالي العلمي الحقيقي.
أصل في النهاية إلى أن السوق السعوي «وأي سوق مالي» ليس من السهولة التأثير عليه بعامل أو عاملين، لكن كما هي الحروب لا تقوم لسبب واحد فالسوق أيضاً لا يتأثر بعامل واحد فقط بل بكم كبير من المؤثرات داخل وخارج السوق، وأقول لكل متعامل بالسوق أن السوق السعودي يستند على اقتصاد ينمو نمواً حقيقياً وهناك حزمة إصلاحات اقتصادية يقودها صاحب السموالملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز رئيس المجلس الاقتصادي الأعلى وكل يوم نجد قرارات وإصلاحات مستمرة، وبدعم أسعار النفط المرتفعة، ونتائج الشركات الجيدة وتوزيعاتها فالثقة موجودة بالسوق للشركات القيادية وذات العوائد، وأحذر من مكاتب الإحصاء والحصر التي لا ترتبط بمعنى التحليل الحقيقي للسوق.
| 
