متابعة: تركي إبراهيم الماضي - عبدالله هزاع العتيبي
أدى النمو السريع لمدينة الرياض إلى زيادة هائلة في الطلب على الانتقال داخل المدينة وبين مدينة الرياض والمدن الأخرى بالمملكة، وقد قدرت نماذج محاكاة حركة المرور الرياضية التي تم تطويرها بالهيئة العليا لتطوير مدينةالرياض ان معدل الزيادة السنوية في رحلات السيارات داخل الرياض بلغ حوالي 9% خلال السنوات العشر الأخيرة «7% مؤخراً» لتصل حالياً إلى حوالي 6 ملايين رحلة سيارة في اليوم الواحد. وتوضح هذه الزيادة الهائلة في الطلب على التنقل المعدل الذي ينبغي ان يصل اليه نظام النقل لتوفير خدمات نقل بمستوى مقبول.
أدى النمو السريع لمدينة الرياض إلى زيادة هائلة في الطلب على الانتقال داخل المدينة وبين مدينة الرياض والمدن الأخرى
لقد أظهرت الدراسات ان 6 ،1% فقط من كافة التنقلات الشخصية بالمدينة تتم بواسطة حافلات النقل الجماعي وبأن الحد الأعلى لمساهمة هذا النقل الجماعي لا تتجاوز 8 ،4% من كافة الرحلات..
ان من المسلم به ان نمو المدينة قد يستمر بمعدل مماثل لعدة سنوات قادمة، وتدعم هذه الحقيقة الأكيدة الحاجة إلى تقويم شامل لنظام النقل بالمدينة ودراسة الفرص المتاحة لتطوير هذا النظام لتلبية احتياجات التنقل الحالية والمتوقعة بمدينة الرياض.
هام جداً !!
أوضح استبيان وهو جزء من دراسة تجريها الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض وزع على عينة من المهندسين والمخططين في مدينة الرياض ان 73% يعتقدون بان تطوير خدمة النقل العام بالمدينة أمر هام جدا بينما ذكر 27% منهم بأن تطوير هذه الخدمة أمر هام.
البداية
يعود البدء بتقديم خدمات النقل العام بمدينة الرياض إلى الثمانينات الهجرية «الستينيات الميلادية» حيث بدأ بها الأفراد الذين يستخدمون حافلاتهم الصغيرة لقاء أجر ضئيل، وكانت خدمات هذه الحافلات الصغيرة المعروفة محلياً ب «الكوستر» غير منتظمة وغير منظمة وكان الهدف الرئيسي من تشغيلها زيادة الدخل مع إعطاء القليل من الاعتبار إلى حاجات المجتمع من ناحية السلامة والراحة وحرية الوصول وجدولة المواعيد واتباع مسارات محددة، وكانت الخدمات تتم على أساس الطلب الفوري نظراً لعدم وجود أية مواقف رسمية، كما كانت فترات تشغيل هذه الحافلات مرنة جداً.
تأسست الشركة السعودية للنقل الجماعي «سابتكو» عام 1399هـ «1979م» لتقديم خدمات النقل العام داخل وبين المدن وخدمات النقل الدولي، وقد منحت احتكار خدمات الحافلات المحلية وخدمات النقل بين مدن المملكة. اما خدمات النقل الدولي فقد كانت تؤدى من قبل شركات نقل قبل ان تبدأ «سابتكو» بتشغيل حافلاتها وجميع هذه الحافلات تعمل تحت إشراف وزارة المواصلات. أما على المستوى المحلي فقد كان الهدف من تأسيس سابتكو إخراج الحافلات الصغيرة التي كانت تعمل في ذلك الوقت من حيز الخدمة وفقاً لعقد تأسيسها. إلا أن عمليات الحافلات الصغيرة استمرت وتزايدت وأصبح عدد تلك الحافلات العاملة بمدينة الرياض أكثر من ثلاثة أضعاف عددها خلال ست سنوات فقط، كما أصبح عدد الرحلات التي تقوم بها على الخطوط المنافسة أكثر بكثير من عدد رحلات حافلات «سابتكو». وتعزى هذه الزيادة في عدد حافلات «الكوستر» بصفة أساسية إلى مضاعفة الأجرة المحددة في عام 1403هـ إلى ريالين، مما يعني ربحاً أكبر لأصحاب تلك الحافلات.
وتجدر الملاحظة هنا بانه على الرغم من كون سابتكو شركة مساهمة تتلقى المعونات المالية ويتم تنظيمها من قبل الدولة «وزارة النقل» الا أن حافلات الكوستر تقع تحت سلطة وزارة النقل دون ان تلتزم حسب التصاريح الممنوحة لها بمسارات محددة أو بمستويات معينة من الخدمة. ويطلب من تلك الحافلات حالياً ان تعمل على خطوط سير معينة على أن يتم إعلان خط السير بوضوح على الحافلات المذكورة، ومع ذلك لا يزال هذا الطلب دون تنفيذ.
تتقاسم سابتكو الخدمة على الخطوط الدولية مع حوالي 14 شركة خاصة. وتنتهي جميع هذه الخطوط بمركز النقل العام الذي أنشئ مؤخراً جنوب الرياض عند تقاطع شارع البطحاء مع الضلع الجنوبي للطريق الدائري. وتستخدم سابتكو مدينة الرياض كمركز لها تؤدي منه الخدمة للمدن الرئيسة بالمملكة مع عشرات من القرى والهجر عن طريق وصلات طرق مباشرة ويتضمن جدول رحلاتها الداخلية والدولية المغادرة والقادمة من/ إلى الرياض 94 رحلة يومياً، أما في أوقات الذروة فترتفع إلى أكثر من 200 حافلة في حيز الخدمة.
وبالنسبة للخدمات الدولية فان سابتكو تسير حافلات على الخطوط الدولية إلى مصر وسوريا والأردن والكويت وقطر والإمارات والبحرين وتركيا وقد بدأ تقديم هذه الخدمة في عام 1410هـ 1990م» وظلت تجتذب أعداداً متزايدة من الركاب منذ ذلك الحين بسبب مصداقية جدول مواعيد رحلاتها وجودة الحافلات التي تستخدمها.
ويقل عدد الأقطار التي تتجه اليها حافلات الشركات الأخرى نظراً لأنها لا تخدم دول مجلس التعاون الخليجي من الرياض. ومع ذلك بلغت حصتها 65% من مجموع عدد المسافرين إلى الدول الأخرى غير دول مجلس التعاون الخليجي، حيث أنها تقوم بعدد 55 إلى 60 رحلة مغادرة وقدوم في اليوم. ويتضاعف هذا العدد تقريباً خلال الموسم.
ضآلة المساهمة
ظلت الحافلات الصغيرة منافسة لسابتكو في النقل داخل المدن وتخدم على أكثر خطوط السير ربحية بالرياض وعليه فقد تناقص أعداد ركاب حافلات سابتكو منذ عام 1402هـ من 1 ،35 مليون إلى 3 ،14 مليون راكب في عام 1407هـ وإلى 1 ،6 ملايين في عام 1411هـ وإلى مليونين في عام 2000 والآن حوالي 25 ،1 مليون.
ان الانخفاض الحاد في عدد ركاب حافلات سابتكو له عدة أسباب من ضمنها الزيادة المستمرة في ملكية السيارات الخاصة بالرياض ولقد نتج عن هذا الانخفاض تدهور في خدمة الحافلات وانخفاض في الربحية.
ان الاستنتاجات السالفة الذكر توضح ضآلة نسبة مساهمة النقل العام بالمدينة وكيف انها تقتصر على مناطق معينة من المدينة وعلى شرائح من السكان «خصوصاً العمال الأجانب ان المنافسة غير المنسقة بين خدمات سابتكو والحافلات الصغيرة لا تساعد على الارتقاء بخدمة النقل العام، يضاف إلى ذلك عدم وجود إجراءات لتشجيع استخدام الحافلات مثل مسارات لأفضلية الحافلات على الشوارع والعناية بأماكن وقوفها وركوبها.
سيارات الأجرة
توجد في مدينة الرياض ثلاثة أنواع من سيارات الأجرة، وهي العامة النظامية «الليموزين» التي تخص شركات سيارات الأجرة يعمل عليها سائقون مستأجرون، وسيارات الأجرة الصفراء التي يعمل عليها أصحابها، وسيارات أجرة المطار التي تملكها شركات خاصة كذلك ويعمل عليها سائقو تلك الشركات. ولا يسمح لها بنقل الركاب داخل المدينة وإنما تحمل الركاب فقط من المطار إلى المدينة وبأسعار محددة حسب المنطقة المتجهة إليها.
كما أنه لا يسمح لسيارات الأجرة النظامية بالانتظار عند المطار وتحميل الركاب من هناك. إلا أن بإمكانها نقل الركاب من المدينة إلى مطار الملك خالدالدولي ولها حرية العمل في جميع أنحاء المدينة. أما الأجرة فتعتمد على عداد المسافات. وتتمتع سيارات الأجرة الصفراء بحرية الانتقال ونقل الركاب من أي مكان.
لقد قدرت الدراسات التي أجريت عام 1412هـ «1992م» بأن حجم الطلب على سيارات الأجرة بالرياض وصل إلى 4080 سيارة في حين بلغ العرض 5860 سيارة. كما أظهر البحث بمركز المشاريع والتخطيط بالهيئة العليا لتطوير الرياض بأن متوسط عدد ركاب سيارة الأجرة أثناء أيام العمل بلغ 63 ،1 «بمن فيهم السائق» ويصل إلى 79 ،1 في نهاية الأسبوع، كذلك أظهر تحليل آخر بأن أكثر من 55% من سيارات الأجرة تجوب شوارع المدينة بدون ركاب وبأن حوالي 30% أخرى كانت تقل راكباً واحداً. وان نسبة كبيرة من سيارات الأجرة تدور حول المدينة بحثاً عن ركاب وبذلك تسهم في الازدحام وتلوث الهواء وحوادث المرور. كما أظهرت دراسة موجزة قام بها المركز لمنطقة البطحاء في عام 1992م بأن سيارات الأجرة تمثل نسبة 11% من عدد السيارات بشارع البطحاء.
ان خدمة سيارات الأجرة ليست فعالة على نطاق المدينة من الناحيتين الاقتصادية والبيئية من حيث مستوى مشغولية السيارات أو استخدامها للشوارع واستهلاكها للطاقة.
خدمات أخرى
وأخيراً هنالك ظاهرتان جديرتان بالذكر وتمثلان أرضية وسط بين الخدمات الرسمية للحافلات وسيارات الأجرة، فقد لوحظ في بعض مناطق المدينة، خصوصاً في الليل وأثناء العطل الأسبوعية وبشكل خاص في منطقة البطحاء، ان بعض الأفراد يعرضون سياراتهم الخاصة كسيارات أجرة غير رسمية، ويبحثون عن عدد من الزبائن الذين هم عادة من العمال ذوي الدخل المنخفض ممن يودون الانتقال إلى نفس المنطقة من المدينة لينقلوهم معهم إليها.
إن هذه الخدمة غير الرسمية تقدم بدائل أكثر لشرائح معينة من السكان ولكنها لا تمر بدون مشاكل. أما الظاهرة الثانية فتقع ضمن المستوى المتزايد لاستخدام سيارات الأجرة لنقل الرجال والنساء على حد سواء إلى المدارس وأماكن العمل، وتوفر شركات سيارات الأجرة عن طريق عقود منتظمة لتقديم خدمات نقل الطلاب والعمال من المنازل إلى المدارس والعمل والتي قد تستلزم في بعض الأحيان إركاب أكثر من شخص واحد في كل سيارة.
ويلاحظ اضطراد زيادة نسبة المساهمة غير الرسمية في استخدام سيارات الأجرة خصوصاً من قبل الطالبات والموظفين.
|