Saturday 18th october,2003 11342العدد السبت 22 ,شعبان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

« الجزيرة » تكشف خفايا وأسرار الطيور المهاجرة « الجزيرة » تكشف خفايا وأسرار الطيور المهاجرة
المصائد والمطارد عشق يتنامى في نفوس الحاضرة والبادية
الحبارى والقميري هما الأشهر والمعيار الحقيقي للمتعة لدى الصيادين

  *تقرير- صلاح الحسن:
خلال شهر اغسطس من كل عام تبدأ استعدادات هواة الصيد على مختلف ميولهم وهم يعيشون بداية موسم هجرة الطيور البرية من المناطق الباردة في الشمال والشمال الشرقي إلى المناطق الحارة في الجنوب والجنوب الغربي وهي فطرة المولى عز وجل الذي ألهم هذه الطيور وفطرها على ذلك مهتدية بالشمس والقمر والنجوم بأنواعها المختلفة وبترتيب منظم ودقيق يتناسب مع طبيعتها بتوازن بيئي يحافظ على الحياة الفطرية وملامح البيئة المتكاملة وفي خضم ذلك وبين هذا وذاك يبقى التوافق بين جميع هذه العناصر الأساسية «الانسان، البيئة، الطيور» والعناصر الفرعية «الهواية، التنظيم، التوقيت..» أهم مسببات الاستمرار وهذا يتطلب وعياً بيئياً لدى الهواة..في هذا الطرح سنحاول التعرف على انواع الطرائد؟ واسرار طيرانها؟ وجدول الصيد وأماكنه؟ وسبب هذا الشغف لدى الهواة؟ وخفايا واسرار هذا العشق؟
أسرار الطيور
من اهم اسرارها توقيت الطيران وهو أمر في غاية الأهمية ويدرك ذلك أهل الخبرة والدراية لانه يتعلق بمعرفة افضل اوقات الصيد ويمكن ان نختصر ذلك في نوعين:
الطيور الكبيرة «الداجنة»
بانواعها البرية والبحرية فهي تتأخر في الهجرة نظراً لكبر حجمها وقدرتها على التحمل وهي غالبا ما تطير ليلا وبارتفاعات متفاوتة تبدأ من مائة متر وتتجاوز الألف وبسرعة فائقة ومن الممكن مشاهدة اسراب الطيور في اواسط فصل الشتاء وسماع اصواتها وهي بهذا الطيران تتجنب حرارة الجو والطيور الجارحة وتقطع مسافات بآلاف الكيلو مترات.
الطيور الصغيرة
وتأتي بشكل اسراب متفاوتة العدد ويكون طيرانها نهارا وتطير ليلا ايضا ولديها قدرة على المناورة ومن السهل جداً على الصياد تفريقها وهي غالبا ما تحاول النزول على الاشجار والمرتفعات قبل اشتداد حرارة الجو وارتفاع الشمس وعلى اية حال فهي تنزل عندما تشعر بالتعب وفي أي مكان ولكنها تفضل الاماكن المرتفعة والأشجار الكثيفة ولاترتبط بوجهة معينة أو مكان ما.
* هناك ملاحظة مهمة يجب الاشارة لها الطيور البرية مثل «الحبارى، الكروان، الأدرج، السمان» تشترك ببعض المواصفات فهي لا تنزل على الاشجار والاماكن المكشوفة بل تبحث عن المسايل والأراضي ذات الغطاء النباتي وهي دائمة التخفي تحت الاشجار الصغيرة مثل «الرمث، العرفج، الكداد، الحرمل، العوشج»، ويبقى القطا بأنواعه التي تتجاوز الاثني عشر نوعاً وأحجامه المتفاوتة يبحث عن الأماكن المعشبة والاماكن الصخرية.
* أما طيور القماري والصفارى والدخل والخواضير والدرع والبلابل.. فهي تنزل على الاشجار.
* وهناك الطيور البحرية مثل الكركي والوز واللقلق والبط فهي غالبا ما تنزل على اماكن تجمع المياه.
* قد تختلف هذه الطيور بطباعها ومعيشتها وقد تتشابه ولكن هذا هو الاغلب في التقسيم.
أنواع الطرائد
هي انواع متعددة وعديدة ومن الممكن تقسيمها طبقا للطبيعة والخصائص المشتركة وتبقى المسألة نسبية ولكن ما يتفق عليه في الغالب كالآتي:الحبارى بأنواعها، الكروان «السمق»، القطا بأنواعه، الادرج «الدرج»، الحجل، الدحروج، القميري، الصفارى، البلبل، الدخل، الرقيعي، الشولة، البط بأنواعه، الغرانيق، النحم، الأوز، الكركي، اللقلق.
المجموعة الأولى
هي طيور ليلية المعيشة تأتي اسراباً لا تنزل على الاشجار والاماكن الظاهرة تفضل الاماكن المعشبة والصخرية سريعة الطيران والمناورة ولها قدرة عجيبة على الاختفاء قد تطير اثناء النهار، آثار اقدامها متشابهة تقريبا وتختلف في الحجم والتفاصيل وتبقى الحبارى على قائمة التفضيل لدى هواة القنص بالصقور وهي الأجمل والأغلى والاندر.
المجموعة الثانية
طيور صغيرة الحجم نسبيا تطير ليلا تنزل على الاشجار والسهول ومناقع المياه تأتي اسرابا وهي مبتغى هواة الصيد تبدأ بالنزول مع طلوع الشمس لاتستقر غالبا ويعتبر القميري معيار المتعة في الصيد والمذاق.
المجموعة الثالثة
طيور بحرية كبيرة الحجم تهاجر ليلا وتطير لمسافات طويلة على شكل اسراب بتشكيلات منظمة تبحث عن الاماكن المعتدلة وهو شأن جميع الطيور المهاجرة وتفضل اماكن تجمع المياه لا تنزل على الاشجار ما عدا الغرانيق ثقيلة الطيران. وهناك الاف الانواع الاخرى من الطيور وقد اقتصر ذكرنا لأشهرها لدى الهواة.
أماكن الصيد
ان اول منازل الطيور المهاجرة هي السواحل ثم الشعاب والفياض والاماكن المرتفعة منها اوفر حظا بالتواجد وقد تتواجد على السهول ذات الاشجار المعشبة« الرمث، العرفج، الحرمل» لها مسارات وخطوط محددة، تعتمد على القدرة التي حباها بها الله في تحديد وجهتها بشكل دقيق ومنتظم، للشمس والقمر دور كبير في الاستدلال والمعرفة لأماكن الاستقرار والتفريخ والتي غالبا ما تكون في فصل الربيع، وتلعب الرياح دوراً كبيراً في تغيير مسارها.
*، وذكر الحرام منه ذا المخلب، كالصقر والبازي والشاهين، وما يأكل الجيف كالنسر والرخم واللقلق والعقعق والغراب الأبقع والأسود الكبير وما نهى عن قتله كالهدهد والصرد، وما أمر بقتله كالحدأة والغراب، وجاء في سنن النسائي من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنه، ان النبي صلى الله عليه قال:«ما من انسان يقتل عصفورا فما فوقه بغير حقه إلا سأله الله عز وجل عنها: قيل: يارسول الله! وما حقه؟ قال:« تذبحه فتأكله، ولا تقطع رأسه وترمي به»، وفي سننه ايضا: عن عمرو بن الشريد عن ابيه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:« من قتل عصفورا عبثا، عج الى الله يقول: يارب ان فلانا قتلني، عبثا، ولم يقتلني لمنفعة».وهذه بعض الاستدلالات على ما نهى عنه في هذا الباب وهناك الكثير وقد جاءت انظمة الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية انطلاقا من التشريعات في القرآن والسنة النبوية المطهرة فأوجدت المحميات وحددت اوقات الصيد وأعداد المصيد والطرق المشروعة وأوجدت الجزاءات الرادعة للمخالفين والتي تصل للسجن ومصادرة السيارة والغرامة المالية بتوازن يضمن استمرار هواية الصيد والوفرة بالمصيد وقد تولَّد في السنوات الاخيرة لدى الهواة وعي بيئي يلاحظه من يرتاد اماكن الصيد وتتمثل هذه الملاحظات في المحافظة على الاشجار والشجيرات الصغيرة التي تمثل ملاذا طبيعيا للطيور والحيوانات وحرق المخلفات وتنظيف اماكن التواجد وهذا لا يعني عدم وجود ثلة من المتطفلين والجهال على هذه الهواية الذين يقومون بتدمير البيئة بأعمال اقل ما يقال عنها إنها عبثية «هداهم الله».
جدول الصيد
يبدأ مع بداية بزوغ الشمس ويستمر حتى الساعة التاسعة تقريبا حيث يتضح وجود الطيور المهاجرة من عدمه فاحتمال وجودها يوميا وبأعداد كبيرة قليل ولكنها تنزل مع طلوع الشمس أو قبلها ولا يعني بأي حال وجودها في مكان ما تعميماً لوجودها في اماكن اخرى اما الفترة الثانية فتبدأ مع زوال الشمس وحتى المغيب ويمنع منعا باتا الصيد بعد غروب الشمس وحتى طلوع الفجر الغادق وهناك فترة الظهيرة أو الهاجرة وتستغل في نتف وتنظيف المصيد والتأكد من سلامة السيارات وصيانتها وبعض الاعمال الاخرى، اما المساء فهو استعراض للمتعة التي يعيشها المرء في النهار ويفضل البعد عن الشعاب والاودية والفياض والارتفاع في الاماكن النظيفة بعيداً عن الهوام والحشرات والاستمتاع بالنسائم العليلة والقصص والتجارب المثيرة بين الاصدقاء وغالبا ما يكون العشاء وجبة شهية وتفضل ان تكون مرق «ادام» من طيور النزل التي تمتاز بالشحم والطعم الشهي المميز وذلك بعد صلاة العشاء ثم سرعان ما تبدأ الفرش بالانتشار استعدادا للنوم والاستيقاظ قبل طلوع الشمس واداء الصلاة ثم تناول وجبة افطار خفيفة وبعدها تنطلق رحلة الصيد بآمال متجددة ونفسية مرتاحة قانعة.
خفايا الصيد
من الصعب كشف اسرار هذه الهواية ليس من باب الحجب ولكن هي فعلاً اسرار لايعرفها الا من يمارس هذه الهواية وتأتي المعرفة بمستوى الخبرة والدراية وتراكم التجارب فالظروف تختلف من رحلة لأخرى والأماكن تتغير والحظوظ تتفاوت والارزاق بيد الله، ولكن قد يكون للعزيمة دور مهم وحاسم فهناك منهم من لا يقفون ولا ييأسون ابدا وتجدهم في حركة وانتشار لتأمين الحد الادنى من لحوم الطير لوجبة الغداء والعشاء وهؤلاء من النادر جدا ألا يصيدوا، وعلى النقيض هناك من ييأس بسرعة ولا يجتهد في الطرد والبحث عن المصائد وسرعان ما يتوقف تحت ظلال الاشجار من السدر والطلح للاسترخاء والنوم.
البعض يعتقد ان سر عشق الصيد يكمن في الصيد نفسه وهذا خطأ شائع، فالعشق ينبع من حب البيئة والتواصل معها والارتباط بكل المعاني والابعاد «الشجر، الأعشاب، الرمال، الفياض، الشعبان، الليل، الفجر، الهاجرة، النسيم، الطيور، الحيوانات، النجوم، الايقاع اليومي، الصبر، التحمل، الأمل، الرفقة الصالحة» كل هذه تشكل اجواء هذا العالم المثير ومما يميزها ايضا الاثارة وعدم التكرار والتجديد واستعادة معنى الحياة الذي سلبته المدنية فهناك ليل وفجر وصباح وضحى وهاجرة ومساء وهناك البعد عن مشاغل المدينة والارتباط والقلق هناك راحة النفس وحنينها للماضي الجميل.ان لأهل هذه الهواية معرفة بطباع الطيور وتمييزها بشكل دقيق وهم اشد حذرا منها فهم قادرون على تحديد اماكنها واوقات هجرتها وتوقيت وجودها.
* بقي ان نذكر ان فترة الخريف التي تصادف هجرة الطيور هي فترة نشاط للزواحف والهوام من العقارب والعناكب السامة وهي غالباً ما تنشط وتزداد حركتها مساءً ولنحتاط منها ولنذكر ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم اذا نزل مكاناً «أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق» وهي بإذن الله وقدرته تحميه من لدغ العقارب وعضات الافاعي.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved