اطلعت على ما كتبه الاخ العزيز محماس بن عايض الدوسري في عددكم الصادر رقم 11326 من يوم الخميس 6 شعبان في صفحة عزيزتي الجزيرة بعنوان «صحة الجسد في قلة الحسد» ولي وقفات مختصرة من هذا الداء الخطير وهو «الحسد» وكان بودي أن يكون العنوان «صحة الجسد في ترك الحسد» فأقول متوكلا على ربي:
اولاً: الحسد هو أعظم شر وأكبر بلية يبتلى الله بها عباده، وهم على اختلاف كبير في تفاوت حسدهم. وأول من حسد هو ابونا آدم عليه السلام حينما كرمه الله ورفع من قدره وشأنه وأنعم عليه وفضله وامر الملائكة بالسجود له. خرج ابليس اللعين وتكبر وحسد آدم وقال على وجه التكبر والتهكم .{أّنّا خّيًرِ مٌَنًهٍ خّلّقًتّنٌي مٌن نَّارُ وّخّلّقًتّهٍ مٌن طٌينُ } وكذلك قصة ابني آدم هابيل وقابيل حيث حسد احدهما الآخر وتقبل الله من هابيل قربانه فحسده قابيل وقتله لكيلا يتحدث الناس انه خير من قابيل. والآيات كثيرة في هذا الباب ومعلومة. قال الشهيد سيد قطب في ظلال القرآن «ج6 ص 4008» الحسد انفعال نفسي إزاء نعمة الله على بعض عباده مع تمني زوالها، وسواءً اتبع هذا الحاسد الانفعال بسعي منه لإزالة النعمة تحت تأثير الحقد والغيظ او وقف عند حد الانفعال النفسي فإن شراً يمكن أن يعقب هذا الانفعال - انتهى.
ثانياً : الحسود ليس له من حسده إلا القهر والخسران لانه كالنار تأكل نفسها ان لم تجد ما تأكله وصدق الشاعر حين قال:
اصبر على حسد الحسود فان صبرك قاتله
كالنار تأكل بعضها أن لم تجد ما تأكله
ثالثاً: ان الحسود يهلك نفسه ودينه كما قال عليه الصلاة والسلام:« إياكم والحسد فان الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب او العشب» اخرجه ابو داود وابن ماجة.
رابعاً: ان كل ذي نعمة محسود فليستعن اولئك الطيبون المحسودون بربهم ولا يضرهم كيد الحاسدين بإذن الله.
خامساً: انه لا حسد الا في اثنتين اخبر عنهما المصطفى عليه الصلاة والسلام وهو الحسد المحمود في صاحب المال وصاحب القرآن.
سادساً: ان ترك الحسد وصفاء القلوب من أعظم النعم على العبد المؤمن وطول عمره.
قيل لاعرابي عمره مائة وعشرون سنة: ما أطول عمرك؟ فقال تركت الحسد فبقيت.
يا طالب العيش في امن وفي دعة
رغداً بلا قتر صفوا بلا رنق
خلص فؤادك من غل ومن حسد
فالغل في القلب مثل الغل في العنق
|
سابعاً: اعرف الحاسد بهذه العلامات:
1- إن رأى نعمة لم يبارك ولا يحمد الله ولا يصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
2- كثير الشكوى من قدر الله وتراه دائماً ضجراً لا يحمد الله وقلما يحدث بنعم الله التي يتنعم فيها.
3- قليل الذكر كثير التكالب على الدنيا واكثر ما يتكلم في المال وحطام الدنيا الفاني.
4- يركز بعينيه على ما يعجبه تركيزاً ثابتاً مشدوهاً ومعجباً لدرجة الذهول.
5- ترى على وجهه صفرة واسوداداً وكآبة وهو عبوس دائم الحزن كثير الفضول والتطفل وصدق الله {إن تّمًسّسًكٍمً حّسّنّةِ تّسٍؤًهٍمً}
وصدق الشاعر:
ألا قل لمن كان لي حاسدا
اتدري على من اسأت الأدب
اسأت على الله في فعله
لانك لم ترض لي ما وهب
فجازاك عني بأنه زادني
وسد عيك وجوه الطلب
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
|
عبدالله بن محمد المكاوني / الخرج
|