* رفحاء - منيف خضير الشمري:
بحيرتان لتبخير المياه وهما تتبعان لمحطة تنقية المياه بمحافظة رفحاء - شمال المملكة - ، أصبحت هاتان البحيرتان حديث المجالس مع حلول كل عام. ومع قرب دخول فصل الصيف، حيث إنهما أوجدتا أصلاً من أجل تصريف المياه المالحة من المحطة، وكانتا في طرف المحافظة، وبعد مرور السنين ونتيجة لتوسع النطاق العمراني والسكاني وصلتهما الأحياء السكنية وتعدتهما بمراحل كبيرة، والحال كما هو عليه لا جديد، «الجزيرة» تجولت عبر الأحياء القريبة من البحيرة، ونقلت معاناة الناس إلى معالي وزيرالمياه والكهرباء د/ غازي القصيبي الذي عُرف عنه حسم الأمور في وقتها الأصلي دون اللجوء للأوقات الإضافية وركلات الترجيح!!!
هجرة جماعية عن الحي!!
* المواطن/ وادي بن فراج العنزي - من سكان حي اليرموك- أكد أن الحي يشهد حالياً ومنذ سنوات هجرة جماعية وعزوفاً عن السكن فيه بسبب هذه البحيرات التي لاتبعد عنا سوى أمتار قليلة ويضيف: وعلى مدى السنوات التي سكنت فيها منزلي الجديد بهذا الحي شاهدت أنواعاً غريبة من الحشرات ربما لا أشاهدها طوال حياتي لو لم أسكن بهذا الحي.
وبعد انتهاء منزل ابني الجديد كانت تحدوه الآمال الوردية بالسكن في هذا العش الجميل مع زوجته وأولاده، والآن منزل ابني معروض للبيع منذ فترة، وأصبح السكن في هذا الحي غير مرغوب فيه، إننا نطمح فقط ببيئة صحية آمنة فهل هذا قليل على المواطن؟!!
* لم أنعم بالجيران منذ أكثر من خمسة عشر عاماً.. هكذا علق أحد جيران البحيرة المواطن/ محمد بن فهد الشريم مضيفاً: حي الملز «جارالبحيرة من الجهة الشمالية الغربية» ينمو ببطء غريب جداً، مقارنة بالأحياء الأخرى، وأنا أحد سكان هذاالحي لم أنعم بالخدمات التي يحتاجها المواطن البسيط، ولم أنعم بالجيران، ولم أنعم بالمشاريع الأساسية «مشاريع البنية التحتية» إلى الآن، لأن الاقبال على هذه الأحياء المحيطة بالبحيرة أصبح معدوماً ان لم يكن محسوماً عند أكثر الناس بسبب هذه البحيرات التي تنفث سمومها وروائحها الكريهة صباح مساء، وتصدر الحشرات بأنواعها وتشكل عقبة رئيسية في تطور الأحياء المجاورة لها مثل اليرموك، الملز، الجميماء ، الشمال، الحي الصناعي، شرق المحمدية... وغيرها.
إن أملنا كبير بالله سبحانه وتعالى ثم في معالي وزير المياه والكهرباء د. غازي بن عبدالرحمن القصيبي أن ينهي هذه المعاناة المتكررة خصوصا وأن البحيرات بشكلها الحالي تأخذ مساحة كبيرة من حي اليرموك والأحياء السكنية تجاوزتها بمراحل...
* المواطن/ ظاهر بن سحل الشمري من سكان حي الملز برفحاء يقول: فعلاً نعاني من الرائحة الكريهة المنبعثة من هذه البحيرات ناهيك عن الحشرات الضارة من بعوض وذباب وزواحف، والكلاب الضالة أيضاً، ونحن نناشد المسؤولين بايجاد حلول جذرية لهذه المشكلة المؤرقة لأبناء وسكان هذاالحي المسكين...
خطر بعوض وروائح
* المقدم/ عبد العزيز بن عبد الله العوفان -شرطة محافظة رفحاء - أكد أن هاتين البحيرتين تمثلان خطراً كبيراً على الأطفال وعلى سكان الحي بأكمله. فقبل سنوات ابتلعت هذه البحيرة طفلاً في عمر الزهور لم يتجاوز العاشرة، وكانت إلى وقت قريب غير مسورة بالشكل الآمن المطلوب، وحتى بعد تسويرها أصبح الأطفال يوجدون فتحات داخل السور ينفذون من خلالها لممارسة السباحة أحياناً والصيد للطيورالمائية أحياناً أخرى، وبعضهم يفضل الجلوس خلالها مختفياً عن أهله.. فعلى كل حال نحن نلمس معاناة الأهالي من هذه البحيرات يومياً، ونضم صوتنا لأصواتهم بضرورة ايجاد حل جذري لهذه البحيرات من خلال نقلها برمتها خارج المحافظة عبر أنابيب نقل مياه، وتحويل مساحتهما الشاسعة إلى حدائق عامة أو مشاريع استثمارية تخدم البلد أو تحويلهما إلى مخططات سكنية...
* صالح بن حمد الرخيص - من سكان حي اليرموك - يقول : أفكر جدياً بالهجرة عن هذا الحي الذي لا يبعد عن البحيرة سوى أمتار قليلة ، ولكن هل من المعقول أن أنزل منزلي المملوك لي وأتجه إلى المنازل المستأجرة؟!!
ويضيف: يومياً أستقبل روائح كريهة ومزعجة من هذه البحيرات في منزلي على حساب عائلتي وأطفال وضيوفي، إني أخجل فعلاً إذا زارني أحد وسط هذه الروائح الكريهة التي تنشط وقت الغروب بشكل يجعلنا نتجه يومياً في هذا الوقت إلى خارج المنزل حتى تهدأ الرائحة!!!
* فيصل بن جزاع الخشرم - مدير مدرسة ثانوية الحسن البصري برفحاء - يقول: كنت أسمع عن معاناة هذه الأحياء من بحيرات التبخير، ولم أشعر بها فعلاً إلاَّ بعد أن بدأت ابني منزلي في حي اليرموك القريب من البحيرة الجنوبية .. ويضيف: لا أقول إلاَّ كان الله في عوننا وعون سكان هذه الأحياء، فكيف صبروا طوال عشرين عاماً على هذه الروائح الكريهة والبعوض والذباب؟! صدقوني حتى عمال البناء عندي يشتكون من شدة لسعات البعوض ومن الروائح التي تزكم الأنوف.
* المواطن/ عبدالله بن صلفيق الشمري - من سكان حي اليرموك- يقول: البعوض صبرنا عليه، والروائح الكريهة اعتدنا عليها «والشكوى لله»، ولكن الأمراض التي بدأت تتفشى في الأطفال من الجروح وأمراض الصدر والربو والالتهابات بأنواعها من يصبر عليها ؟!!
عزوف عن المشاريع
* عبد العزيز بن ابراهيم التويجري - رجل أعمال- أكد أن لديه مشروعاً استثماريا أوقفه مؤقتاً بسبب هذه البحيرات قائلاً: استثمرت أرضاً من بلدية رفحاء - ضمن المشاريع الاستثمارية التي تطرحها البلدية سنوياً- وذلك لإنشاء قصر أفراح بجوار البحيرات، وبعد الشخوص للموقع وجدنا أنه لا يمكننا استثماره كقصر أفراح يرتاده كثير من المواطنين ويرتاده النساء والأطفال بسبب الروائح الكريهة التي تنبعث من البحيرة وبسبب وجود مخلفات المياه المالحة التي تجمعت على شكل مياه راكدة تجمعت حولها طبقات خضراء وسوداء تغطيها أفواج من الحشرات بأنواعها ومن أشهرها البعوض، ناهيك عن وجود نباتات نبتت حولها، وأصبحت مأوى للكلاب الضالة أيضاً .. فكيف ينشأ قصر أفراح وسط هذه الأجواء غيرالصحية؟!!
وأضاف: وأهالي رفحاء على مدى عشرين عاماً وهم يطالبون ويبرقون للمسؤولين -حفظهم الله- بإزالة هذه البحيرات التي تتوسط الأحياء السكنية، وفعلاً لقي الأمر اهتمام المسؤولين وخصوصاً أمير منطقة الحدود الشمالية رعاه الله الذي دعا وزير الزراعة والمياه -السابق- للوقوف عليها شخصياً، وفعلاً زارها معالي الوزير وشاهدها بنفسه، ومنذ ذلك العام إلى الآن لم يتغير شيء ونحن ننتظر!!
* رجل الأعمال إبراهيم بن حمد الأحمد يؤكد عزوف المستثمرين عن هذا الحي بسبب البحيرات قائلاً: لا يختلف اثنان على أن هذه البحيرات تسببت على مدى سنوات طويلة في كساد سوق العقار والاستثمار وذلك تحديداً في أحياء اليرموك، الملز، الجميماء التي تعتبر أقرب الأحياء للبحيرات بروائحها الكريهة وبعوضها المزعج..
ويضيف: وقد يتصور من يقرأ هذا الموضوع ان هذه البحيرات عبارة عن مستنقعات صغيرة تتضرر منها أحياء مجاورة، ولكن من يزور محافظة رفحاء وتحديداً خلال فصل الصيف يدرك أن المعاناة شاملة للمحافظة كلها. وأن الروائح تصدر لكافة الأحياء، وكذاالحشرات .. فما بالكم إذا كانت هذه البحيرات تتوسط عدداً من الأحياء المأهولة بالسكان.
ويرى الأحمد أن استمرارهذه البحيرات بوضعها الحالي ربما يقتل الفرص الاستثمارية التي ينتظرها الأهالي بفارغ الصبر مثل محطات البنزين والاستراحات وقصورالأفراح والمطاعم والمحلات التجارية، ومعظم الأهالي والمستثمرين أوقفوا الشروع في البناء والاستثمار إلى وقت غير معلوم يحدده - على حسن ظن هؤلاء- معالي الدكتور غازي القصيبي!!
آمال المجلس المحلي !!
عضو المجلس المحلي بمحافظة رفحاء الشيخ علي بن محمد التويجري قال عن هذا الموضوع: أهالي محافظة رفحاء بمنطقة الحدود الشمالية أصبح لهم عشرون عاماً وهم يعانون أشد المعاناة من الروائح الكريهة المنبعثة من هذه البحيرات وهي بقايا مواد تكريرالمياه من الأملاح وقد أصبحت هذه البحيرات في وسط الأحياء السكنية المأهولة بالسكان وخلال هذه السنين والمواطنون يطالبون المسؤولين بإبعاد البحيرات إلى خارج المخططات السكنية لكون المواطنين يتضايقون من الروائح الكريهة المنبعثة منها، ومن البعوض والذباب التي أصبحت هذه البحيرات مقراً لتكاثره، ولقد أحاط بها عدد من المخططات مثل حي اليرموك والملز والجميماء وحي الشمال آهلة بالسكان لا يتعد المساكن عن البحيرات إلاَّ عدة أمتار.
وأضاف: ولا شك أن حكومتنا الرشيدة أيدها الله حريصة كل الحرص على صحة المواطن وراحته أينما كان في بلادنا الغالية، ولقد أمرت بردم البرك والمستنقعات أينماكانت حتى لا يتكاثرالذباب والحشرات والبعوض التي تسبب الأمراض.
وعن الجهود المبذولة لحل هذه المشكلة قال: سبق التوجيه من قبل صاحب السمو أمير منطقة الحدود الشمالية الأمير عبد الله بن عبدالعزيز بن مساعد آل سعود بتشكيل لجنة من المحافظة والزراعة والبلدية لدراسة الحالة واقتراح الحلول لها، وقد تم تشكيل اللجنة وتمت دراسة الحالة ورفع المحضر لصاحب السمو أميرالمنطقة وقد أيد - حفظه الله - رأي اللجنة الذي ينص على ترحيل هذه البحيرات وإزالة الضرر عن المواطنين ورُفع الموضوع إلى وزارة الزراعة وتفضّل بعدها معالي وزير الزراعة د. عبد الله بن معمر بناءً على دعوة أمير المنطقة بزيارة محافظة رفحاء ووقف شخصياً على هذه البحيرات ولمس معاناة المواطنين ومافيها من أضرار، وقد وعد خيراً...
واليوم نتوجه لمعالي وزير المياه والكهرباء د. غازي القصيبي بإزالة هذه البحيرات وتصريف مياهها إلى أماكن بعيدة عن المحافظات السكنية وردم الأماكن الحالية وتحويلها إلى حدائق عامة لينعم المواطن بالراحة والاطمئنان في ظل حكومتنا الرشيدة قبل أن يحدث مالا تحمد عقباه من أمراض - لا سمح الله - وليرتاح المواطن في مسكنه الذي هيأته الدولة له، ونحن على ثقة أن معالي الوزير لا يألو جهداً في سبيل راحة واطمئنان وصحة المواطن أينما كان في بلادنا العزيزة.
10 ملايين تحل المشكلة
معالي وزير الزراعة والمياه السابق د.عبدالله بن عبدالعزيز بن معمّر زار محافظة رفحاء «العام المنصرم» ووقف شخصياً بمعية عدد من مهندسي الوزارة على البحيرتين، وشاهد بنفسه الأوضاع التي يعيشها السكان واستمع بمعيةعدد من مهندسي الوزارة على البحيرتين، وشاهد بنفسه الأوضاع التي يعيشها السكان واستمع إلى بعض مطالبهم، كما استمع إلى شرح مفصل لإشكالية البحيرتين والحلول المقترحة من رئيس بلدية رفحاء المهندس/ محمد بن عبد الهادي العمري .. وقد وعد معاليه بإزالة البحيرتين ولكن إلى الآن لم تتم إزالتهما!! فما هو الحل الذي قدمه المهندس العمري إلى معالي الوزير؟!
«الجزيرة» توجهت بهذاالسؤال إلى سعادة رئيس بلدية رفحاء فأجاب:
الحل النهائي لهذه البحيرات هو نقلها إلى خارج المحافظة لأنها تقع في قلب المحافظة تماماً والأحياء السكنية تحيط بها بعد تمدد المحافظة بالاتجاه الطبيعي، بل وتجاوزتها الأحياء السكنية وتوسطت هذه البحيرات المحافظة، أما مايراه البعض من الاكتفاء بإزالة الأشجار التي نشأت حول البحيرة، وتنظيف البحيرات من الرواسب -كحل مؤقت- فهذا الموضوع لا يعتبر حلاً أبداً، فالمواد الكيميائية مترسبة مع عدد من العناصر في البحيرة مثل المياه المالحة والطين .. وغيرها وكل هذه العناصر تؤدي إلى روائح كريهة لا تنفع معها الإزالة والتنظيف.
ولنقل هذه البحيرات لابد أن نحدد أولاً كمية المياه فيها؛ فمحطة التحلية برفحاء تبلغ طاقتها 9500م3 يومياً، وهذا يدل على أن كمية المياه المرفوضة التي يتم ضخها إلى البحيرات لايتجاوز 3000م3 كحد أقصى، ولنقل هذه الكمية خارج المحافظة - جهة الشمال- على بعد 9كم «تقريباً» من موقعها الحالي خارج النطاق العمراني؛ فإن الكمية هذه تحتاج إلى أنبوب ناقل من المحطة إلى المرمى النهائي إلى بحيرات التبخير بقطر لا يتعدى 300 ملم، وبطول من «7-9» كم، إضافة إلى ايجاد بحيرات تبخير تراعى فيها الهندسة القيمية لتقليل التكلفة إلى أقل حد ممكن، وهذه البحيرات المتواضعة الهدف منها التخلص من كمية المياه الرجعية.
ويؤكد المهندس العمري أن البلدية من وجهة نظرها وبدراسة أولية بسيطة ترى أن التكلفة الإجمالية لهذا الحل لا تتجاوز «10» ملايين - كتكلفة تنفيذ -، وهي تكلفة للخط الناقل إضافة إلى بحيرات التبخير.. ويرى أن هذا المبلغ ليس كبيراً لحل هذه المشكلة القائمة داخل المخططات السكنية التي يتجاوز عدد سكانها خمسين ألف نسمة -تقريباً -، إذا ما نظرنا إلى المشكلات التي تسببها هذه البحيرات للسكان من روائح كريهة، ووجود بعوض وحشرات تشكل خطراً على الصحة العامة، وصحة البيئة وصحة الأفراد والمجتمع الذين من حقهم وجود حماية كافية لهم. وهذه التكلفة عشرة ملايين ريال، تأخذها البلدية بعين الاعتبار مقارنة مع محطة معالجة الصرف الصحي لمحافظة رفحاء، التي تبلغ طاقتها الإجمالية بحدود «20» ألف م3 يومياً. وتشتمل على ثلاثة أحواض معالجة، إضافة لخط أنبوب ناقل بطول 9كم، وبقطر «500» ملم، إضافة إلى محطة ضخ وبتكلفة لا تتجاوز «30» مليون ريال.
ويشير المهندس العمري إلى أن البلدية حينما تتطرق لمثل هذه الأرقام والمقارنات فلأن مهندسي وزارة الزراعة -سابقاً- سبق وأن قدموا دراسة لإزالة البحيرات «في أحد خطاباتهم السابقة للبلدية» وحددوا مبلغ «50» مليون ريال لإزالتها ونقلها لخارج المحافظة!!!
ويؤكد أن هذه المبالغ «50» مليون هي مبالغ تقديرية كبيرة جداً مقارنة بما تراه البلدية!!وشدد رئيس بلدية رفحاء في ختام حديثه عن بحيرات التبخير في المحافظة على ضرورة نقل البحيرات خارج النطاق العمراني مؤكداً أن بلدية محافظة رفحاء على استعداد تام لتأمين الأراضي اللازمة خارج المحافظة متى ما طلب منها ذلك وبحسب الإجراءات النظامية المتبعة،لأن هذه المشكلة عامة وكل سكان المحافظة يعانون منها بشكل أو بآخر مضيفاً أن الحلول المؤقتة أثبتت فشلها لأن الروائح الكريهة والبعوض والحشرات تتكاثر برغم تنظيف البحيرات الدائم وتقليم الأشجار التي تنمو وتتكاثر فيها، ولاشك أن هذه الحلول المؤقتة - إن جاز لنا تسميتها حلولا - لا تقي من المخاطر والسموم وأضرار المواد الكيميائية المترسبة...
ولعلها مناسبة جيدة أن نناشد المسؤولين بضرورة ايجاد حلول جذرية لمشكلة تؤرق الأهالي لسنوات عديدة ، وحكومتنا الرشيد - أدامها الله - بمختلف قطاعاتها لا تألوا جهداً في سبيل توفير بيئة صحية آمنة للمواطن والمقيم.
|