لقاء خالد الدوس
طوال تاريخ الرياضة السعودية الذي بدأ منذ ما ينيف عن نصف قرن تعاقب على مسيرتها الخضراء العديد من الرواد والنجوم والأجيال، منهم من كانت له بصمات واضحة وإسهامات بارزة في وضع لبنات مرحلة البناء والبداية ومنهم من عاش حقبة ما بعد التأسيس وكل هؤلاء الرجال بالتأكيد ستظل أسماؤهم محفورة في الذاكرة!!
ومن هذا المنطلق حرصت (الجزيرة) على تقديم هؤلاء الرواد والنجوم والأسماء على صفحات كل جمعة.
ضيفنا هذا الأسبوع مهاجم فريق الهلال في التسعينيات الهجرية الدولي (سابقا) سمير سلطان الذي مثل فريقه في كافة المراحل السنية حيث ساهم وبصورة اكثر فعالية في فوز الهلال ببطولة الدوري الممتاز لموسم عام 1397هـ بعد غياب طويل دام اكثر من 12 عاما حيث توارى فيها الازرق عن ساحة البطولات منذ ان فاز بكأسي عام 1384هـ ويعتبر هذا المهاجم اللامع صاحب لقب أول هدف سعودي في تصفيات كأس العالم من المهاجمين المتميزين ممن نجحوا في الجمع ما بين المستوى الفني والخلق الرفيع رغم تعرضه لقرار الايقاف الشهير (ظلماً) لمدة ستة اشهر كانت الأصعب في حياته الرياضية.. حيث افقده فرصة الحصول على لقب هداف الدوري بعد تصدره القائمة برصيد 9 أهداف في دوري عام 1398هـ الى جانب ابعاده عن خارطة الاخضر بعد ان كان احد عناصره المؤثرة. استضفناه ليحدثنا عن ذكرياته الرياضية وايامه الكروية بحلوها ومرها.. فإلى ما قاله الضيف..!!
البداية بحي الظهيرة
* بدايتي الرياضية مثل بداية اي لاعب في الحواري والمدارس ففي حي الظهيرة اشهر احياء العاصمة الرياض.. شرعت في مزاولة رياضتي المفضلة كرة القدم مع ابناء الحي (نهاية الثمانينات الهجرية).. حيث اوجدنا فريقا سمي بفريق الزهرة تيمناً بفريق زهرة الهلال الذي كان يضم عددا من النجوم (اوائل تلك الحقبة) امثال ابناء الجوهر سعد وناصر وسعد بن خليف وابناء الوعيل واصبحنا نتمرن على ملعبهم بحي الفوطة الذي اصبح مهجوراً فترة طويلة.
طبعاً اذكر من زملائي اللاعبين عبدالرحمن البحيري ويحيى سالمين وسليم عبدالله وكان يشرف على تدريبنا شقيقي الاكبر سالم سلطان بحكم انه الاكبر سنا بهذه المجموعة.
عشق هلالي
* اتذكر جيداً مقر نادي الهلال بحي الظهيرة في الثمانينات طبعا كان يقع مقابل منزل والدي الذي اشتهر بحبه وعشقه لهذا الكيان العريق حتى انه من فرط حبه كان (رحمه الله) ينام مع اللاعبين في معسكراتهم ايام الجيل الماضي جيل ابن مناحي ومبارك العبدالكريم ورغم هلاليته وانتمائه الكبير للنادي رفض تسجيلي في كشوفاته بسبب حرصه واهتمامه بان اواصل دراستي حتى احصل على شهادة الكفاءة المتوسطة وكان هذه شرطه الذي أصر عليه (رحمه الله).
ابن سعيد غيّر قناعة والدي
* شاركت في دوري المدارس على مستوى المنطقة الوسطى مع منتخب المتوسطة الثانية وحققنا نتائج جيدة حيث وصلنا لنهائي البطولة ولعبنا ضد المتوسطة الحديثة واتذكر كان معنا في الفريق محسن بخيت وبداح القحطاني ومساعد عسيري اما المتوسطة الحديثه كانت تضم يعقوب مرسال ومرزوق سعيد وكسبنا المباراة بهدفين سجلت الهدف الاول وصنعت الآخر وكنت نجم تلك المباراة طبعا الشيخ عبدالرحمن بن سعيد (اطال الله عمره) كان من ضمن الحضور وشاهد مستواي عن قرب فأصر على تسجيلي بالنادي في درجة الاشبال ونجح ابو مساعد في اقناع الوالد (رحمه الله) بالفعل فسجلت عام 1392هـ وانا في الصف الثاني المتوسط.
التوم : هذه المجموعة
ستحقق البطولات
* مثلت اشبال الهلال في خط الهجوم تحديدا في مركز الجناح الايسر سنتين واتذكر جيدا ان مدرب الفريق آنذاك السوداني حسن التوم كان يعد من المدربين الجيدين قال ذات يوم اتوقع بعدثلاث سنوات ان هذه المجموعة يقصد اشبال الهلال التي كانت تضم عبدالله العمار وسلطان بن نصيب ومحسن بخيت وغازي سعيد وابراهيم اليوسف وسمير سلطان انها ستحقق البطولات لفريقها في الوقت الذي غاب فيه الهلال عن ساحة البطولات 12 عاما.. وبالفعل صدقت نظرة المدرب وحققنا بطولة الدوري عام 1397ه اي بعد ثلاثة اعوام من انتقالنا للفريق الاول.
94 مثلت الفريق الاول
* انتقالي رسميا للفريق الاول كان عام 1394هـ حيث استدعيت مع بقية الاسماء التي اشرت اليها آنفا بطلب من مدرب الهلال آنذاك طه الطوخي طبعا كانت الطريقة التقليدية 4/2/4 هي المسيطرة على عقول المدربين آنذاك وكنت احتياطيا لمهاجمي الهلال ناجي عبدالمطلوب ومحسن بخيت وعبدالله بن عمر وسلطان بن نصيب واتذكر بعد ثلاثة او اربعة لقاءات من الدوري وأُخترت ضمن 16 لاعبا وجاءت مباراتنا ضد الانصار في ملعب الصايغ ولعبت اول مباراة لي عام 1394هـ طبعا كنت صغيراً ومتخوفاً من جمهور الهلال خصوصا وان مدرجات ملعب الصايغ قريبة وصغيرة وكانت مكتظة بالمشجعين هذا فضلاً عن اللعب بجوار نجوم كنت قبل موسمين اشجعهم وفجأة ألعب معهم ناجي عبدالمطلوب ومحمد الطعيمي وبشير الغول وغيرهم.. لكن هذا الشعور تلاشى تماما في اول عشر دقائق لان المجموعة كانت متألقة ومتحابة والحمد لله كسبت التحدي مع نفسي والكل اشاد مستواي في هذه التجربة الاولى لي في بمستواى الرياضي وعلى رأسهم الشيخ عبدالرحمن بن سعيد الذي راهن على نجوميتي مبكراً.
خلق وطيبة!!
* الشيخ عبدالرحمن بن سعيد بلاشك يعد من الشخصيات الرياضية التي ساهمت بجهدها ووقتها ومالها في تأسيس وبناء نادي الهلال وافضال ابومساعد كثيرة على هذا الفريق فقد كان يعاملنا معاملة أبنائه يساعد هذا ويقف مع هذا كان رجلا مجبولاً على الطبية المتناهية والخلق الرفيع واتذكر عندما طلب من الوالد تسجيلي في النادي لم يتردد - رحمة الله عليه- في الموافقة رغم قناعته بان لا أزاول الكرة داخل اي ناد الا بعدحصولي على شهادة الكفاءة لكن مكانة وحبه لشيخ الرياضيين الغى هذه القناعة.
نجوم الأمس
* في تلك الحقبة كانت هناك مجموعة بارزة من النجوم فتجد كل فريق 4 او 5 لاعبين مؤثرين بعكس الوقت الحاضر فريق كامل لا تجد في صفوفه نجماً بارزاً ومهاجما لافتا للنظر ومن اللاعبين المتميزين آنذاك مهاجم النصر محمد سعد العبدلي وأحمد الدنيني، وفي الاتحاد هناك سعيد غراب والنور موسى والشباب الصاروخ وخالد سرور وفي الهلال ناجي عبدالمطلوب وعبدالله بن عمر ومحسن بخيت.
لعبت دور الجوكر
* من المباريات التي لا يمكن نسيانها واعتبرها في الوقت ذاته الاجمل لقاؤنا لشقيقنا فريق القادسية في الخبر ضمن لقاءات الدوري عام 1397هـ ففي هذه المباريات مثلت الهلال في ثلاثة مراكز فبعد اصابة زميلي المدافع ناصر الشايع اضطررت ان اعود لخانته في مركز الظهير الايسر ولعبت لمدة 15 دقيقة ثم انتقلت لخط الوسط بطلب من المدرب جورج سميث ولعبت باقي الشوط الثاني والجميل في الامر انني احرزت هدفين رغم تعدد مراكزي في هذه المباراة والكل اشاد بالمستوى الذي قدمته في هذه الخانات وأتذكر من الطرف ان احد اللاعبين قال بعدنهاية المباراة ليتك كملت نجوميتك ومسكت بدلاً من اليوسف.
سميث ألغى تفوق النصر
* تسألني عن سر تخصص فوز النصر على الهلال في تلك الحقبة فأجيبك ان السبب يعود للعامل النفسي ولاسيما من عام 89 حتى 1394 كان هناك سيطرة النصراويين رغم تفوقنا الفني عليهم لكنهم نجحوا بالعامل النفسي في كسب هذه المواجهات واتذكر بعد مجيء المدرب جورج سميث وشاف طريقة المعسكرات بالذات قبل مواجهة منافسنا التقليدي النصر حيث كنا نعسكر (5) أيام وهذا كفيل بأن يولد لدى اللاعبين الشد النفسي والضغط العصبي فطلب من الادارة الاكتفاء بيوم واحد قبل موعد المباراة التي كانت تقام الجمعة!!
لكن الإدارة رفضت وباصرار وافقوا ان نعسكر يومين ومن بعدها تحولت الامور لصالحنا واذكر ان المدرب قبل مواجهتنا مع النصر كان يقول لكل لاعب (متع نفسك واستمتع داخل الملعب واد الي عليك والتوفيق بيد الله.
أبو داود أصعبهم
* لعبت ضد العديد من المدافعين المتميزين فهناك قائد الاهلي ومدافعه الكبير عبدالرزاق ابو داود وتوفي المقرن ولطفي لبان من الوحدة وغدره ومفتاح غريب من الاتفاق ومحمد الزولي مدافع النهضة والاخير كان مدافعاً يتمتع بقوة بدنية ومهارة عالية وانا اشبه بمدافع الهلال في الثمانينات عبدالله الرزقان (كندا) وهؤلاء بلاشك كنت احسب لهم الف حساب بالذات ابو داود..!!
نتائج مذهلة
* في مشوارنا بالدوري الممتاز لموسم عام 1397هـ حققنا نتائج مذهلة ومستويات ثابتة توجناها بالفوز واحراز بطولة الدوري بعد غياب دام 13 عاما كانت مليئة بالفشل والاحباطات المتعددة.
كسبنا اقوى الفرق الاهلي 3/2 والاتحاد 2/0 وتعادلنا مع النصر 3/3 واستمر الفريق في الدور الثاني في عطاءاته المتميزة ونتائجه الرائعة طبعا كانت المنافسة محصورة بين الهلال والاهلي، وكان فارق بينهما نقطة واحدة لصالحنا حتى ما قبل نهاية الدوري بمباراة حيث كسب النصر فريق الاهلي وفزنا على الشباب وتوسع الفارق الثلاث نقاط وأصبحت مباراتنا الاخيرة امام النصر تحصيل حاصل بعد ان منحنا النصراويين تذكرة الحصول على بطولة الدوري بعد الخسارة التي تلقاها الاهلاويون في هذه المباراة فحققنا هذا الانجاز بعد غياب 13 عاما.. ثم توالت البطولات حيث حققنا بطولة الدوري ايضا عام 1399هـ وكأس الملك لموسم عام 1400هـ.
ثمن الفستق 3 أهداف
* ثمة موقف آخر اتذكره كنا معسكرين بالمنطقة الشرقية المعروفة برطوبتها العالية قبل لقائنا بفريق القادسية بالدوري بيوم، المهم توجهنا للفندق لتناول وجبة الغداء قبل المباراة بساعات قليلة ونحن نسير بالباص نحو الملعب كان معي كيس فستق واعطيته زميلي غازي سعيد واخذ يتناوله بشراهة واثناء المباراة (حله بطنه)!! واضطر ان يغادر الملعب بلا استئذان فكان موقفاً مضحكا حتى للجماهير.. وبعد مرور سنة أو سنتين غادرنا للمنطقة الغربية لمواجهة الاتحاد بالدوري، المهم اشترى غازي كيس فستق مالح فأفرطت بالأكل وقبل المباراة بعشر دقائق شعرت بمغص شديد حاولت الاعتذار عن اللعب لكن المدرب اصر نظرا لاهميتي في تشكيلة الفريق فطلب من اخصائي العلاج اعطائي حبوباً ضد المغص فتناولت 4 حبات كان ثمنها 3 اهداف في شباك الاتحاد وهدف رابع ملغى واتذكر ان المدرب بعد نهاية المباراة قال تناول في كل مباراة فستق علشان تحرز الاهداف في شباك الخصوم.
ريفالينو أبرزهم!!
* الاحتراف في تلك الحقبة بلاشك ساهم في تطور الكرة السعودية وتقدمها كثيرا فمثلا التعاقد مع كابتن البرازيل الشهير ريفالينو اعطى سمعة عالية عن الرياضة السعودية فضلا عن الاستفادة فنيا سواء نحن لاعبي الهلال وحتى لاعبي الاندية الاخرى طبعا كان اشبه بالمدرب داخل أرض الملعب في تحركاته وتعليماته وتوجيهاته، ولا انسى نجوم الكرة التونسية نجيب الامام والكعبي وطارق ذياب وابن عزيزة وغيرهم من المحترفين البرازيليين الجيدين الذين تعاقدت معهم بعض الاندية ساهم بالتأكيد في اعطاء الكرة السعودية طابعاً فنياً آخر.
خميس أنهى علاقتي بالكرة
* أعتزلت الكرة قسرا بسبب الاصابة التي تعرضت لها في أحد تدريبات الفريق حيث اصبت بسبب مدافع الشباب سلطان خميس قبل انتقاله للشباب إثر دخوله القوي عليَّ من الخلف وكان مشهورا بالزحلقة فأصبت في منطقة الكاحل وهي عبارة عن مجموعة من الاوتار اسفل كعب القدم واضطررت ان اسافر للندن على حساب الأمير تركي بن سلطان ولشدة وخطورة الاصابة وآثار العملية السلبية لم اجر هذه العملية واكتفيت بالعلاج الطبيعي فترة وعدت للعب لكن مع مرور الايام ادركت عدم جدوى استمراري خاصة ان خارطة الفريق شهدت ظهور أسماء جديدة امثال منصور الرحمة ومنصور بشير وعبدالرحمن اليوسف وغيرهم فقررت الاعتزال بعد عشر اعوام قضيتها في الملاعب ومثلت فيها الهلال في كافة مراحله السنية.. وودعت الكرة عام 1402هـ.
إخلاص وتكاتف
* لاعبو هلال الامس بلا ريب كانوا اكثر اخلاصا وحباً لشعار ناديهم فقد كانت الالفة والترابط علامة بارزة في نفوسهم ووجدانهم كنا نجتمع شبه يومي في منزل احد اللاعبين وهذا بلاشك كفيل بتعزيز قوة التلاحم والترابط ولعلي هنا اذكر موقفا يؤكد قوة تكاتف لاعبي الهلال اتذكر بعد فوزنا ببطولة الدوري عام 1397هـ حصل كل لاعب على مكافأة قدرها 40 الف ريال كانت قيمة المبالغ الاجمالية للتبرعات.. طبعا كان هناك لاعبون اقتصر دورهم على المشاركة في التمارين فقط ومنهم صالح النعيمة ومحمد النقير واسماء لا اذكرها فقدم كل لاعب حصل على 40 الف ريال تبرعا لهؤلاء اللاعبين بمبلغ 5000 ريال من المكافأة التي حصلوا عليها من ادارة النادي في صورة تنم عن روح المحبة والالفة والترابط بين اللاعبين في تلك الايام الخوالي اما اليوم فأعتقد ان الوضع مختلف ومقلوب 180ْ..!!
رفضت عرض الاتحاد
من أجل الهلال
* كان لدي طموح كبير في مواصلة دراستي الجامعية فبعد حصولي على شهادة الثانوية العامة التحقت في جامعة الملك سعود (جامعة الرياض سابقا) ودرست سنة ونصف ولظروف مشاركتي مع النادي والمنتخب في النصف الثاني من عقد التسعينيات وجدت صعوبة في الاستمرار فضاعت علي فرصة الحصول على الدرجة الجامعية بكلية التربية.
وأتذكر جيدا بعد التحاقي بالجامعة عرض علي شخص تربطه علاقة قوية بالامير طلال بن منصور رئيس نادي الاتحاد آنذاك بأن التحق بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة والانتقال لفريق الاتحاد وطبعا رفضت الفكرة جملة وتفصيلاً نظرا لحبي وانتمائي للهلال الذي لا اتخيل نفسي ألعب لغيره..
|