أن تستحضر كل مفردات اللغة الجميلة لكي تكتبها في حق هذا الرجل فلن تصل إلى مبتغاك وأن تبدع كل المعاني الرائعة فيما يستحق هذا الرجل فبالتأكيد ستقصر خطاك عن ذلك ويعجز قلمك عن الكتابة.. ولن تسعفك كل أبواب البلاغة في الوصول إلى ما يتمتع به هذا الإنسان من دماثة خلق وتواضع جم وطيبة دون صدود قل أن يتصف بها شخص في هذا الزمن.. عثمان عبدالله الطويل قد لا يعرفه الكثير لأنه يعمل في صمت وبكل هدوء.. لا يحب المديح أو الاطراء أو الشهرة.. آثاره وعمله واخلاصه وتفانيه يعرفونه جيداً وهي ما تشفع له وتجعله في مصاف الكبار دائماً.. الذين تفانوا في خدمة دينهم ثم مليكهم ووطنهم.. هذا الرجل هو من وضع اللبنات الأولى لشيء اسمه المهمة النفسية والاجتماعية بالمملكة عاصرها يوماً بيوم ووضع حجر الأساس لها تابعها، طورها، سهر ليله من أجلها وقضى جل عمره في خدمتها..
هذا الرجل على الرغم من مكانته ومركزه المرموق إلا أنه كلّما ازداد رفعة في العلم ازداد رفعة في التواضع.. وهؤلاء هم الكبار دائماً.. هناك أشياء كثيرة في هذه الدنيا لا تعرف قيمتها إلا إذا فقدتها ومن هذه الأشياء العزيزة الدكتور عثمان الطويل.. نعم نحن فقدناه على كرسي الوظيفة والعمل ولكننا ولله الحمد لم نفقده كإنسان له بصماته الواضحة في مجال الصحة النفسية والاجتماعية.. ولم نفقده كذكرى عطرة سوف تدوم إلى أن يشاء الله.. فالذكرى الحسنة هي بالتأكيد عمر ثانٍ للإنسان.. تقاعد الدكتور عثمان وهذه سنَّة الحياة.. ذهب من مكتبه وترك الكرسي لمن يخلفه.. ولكن إذا كان الدكتور الفاضل ترك المنصب والمكانة العملية فهو بالتأكيد لم يغادر قلوب محبيه الذين عرفوه وعمل معهم ومن أجلهم بكل أريحية وتواضع ودماثة خلق.. سيبقى الدعاء له بطول العمر والتوفيق في حياته الأخرى.. تمنياتي يا دكتور عثمان لك بحياة سعيدة في ظل كل من أحبّوك وفي ظل دعوات كل من كنت لهم عوناً في يوم من الأيام بعد المولى عز وجل..
|