ما بالك؟ ماذا دهاك؟ تبدو عليك آثار المرض! ليس أنت فلاناً الذي أعرفه.. نعم بهذه السهام القاتلة وبهذه العبارات الجارحة أرسل ذلك الزائر هذه السهام إلى المريض الملقى على السرير الأبيض.. وليته لم يزره!
بدأت أترقب ذلك الموقف الغريب عندما كنت زائراً لأحد المرضى في المستشفى، اتجهت عيناي مباشرة إلى المريض منتظراً رد فعله؟
فأجاب المريض: نعم إني لا أدري ماذا جرى بي لقد انتهيت من هذه الدنيا لم يبق لي أمل بالشفاء بدأت عيناه تذرفان الدموع ووجنتاه تتلونان حينها أدركت يقيناً أن هذا المريض انهزم نفسياً ومعنوياً وجسمياً وأصبح غير قادر تماماً على المواجهة والصمود في وجه الصعاب والتمسك بباب الأمل بعد الاتكال على أعز من قائل {وّإذّا مّرٌضًتٍ فّهٍوّ يّشًفٌينٌ}.
نعم إن هذا الزائر اسمه زائر بالاسم فقط، لكنه قاتل في الحقيقة المعنوية.
فالمرضى.. والزوار.. كان لزاماً على الطرفين تنفيذ خارطة الطريق.. على الزوار أن يراعوا مشاعر المرضى، وليعلموا أن الزيارة لم تشرع إلا من أجل رفع الروح المعنوية والنفسية لدى المرضى، فالمريض محتاج إلى من يقف معه جنباً إلى جنب، وليس إلى من ينمي لديه روح الانهزام والاحباط النفسي، وفي المقابل على المريض أن يعي جيداً أن من أسباب الشفاء الإيمان بالقضاء والقدر والرضا بما كتبه الله لأن المؤمن إذا أحبه الله ابتلاه، وليعلم أن الله وحده هو الشافي وهو المعافي.. وألا يلتفت إلى وساس الشيطان، وعليه بكبح جماح الاستسلام والانهزام، فلو تأملنا قليلاً في مجتمعنا المعاصر وجدنا أن أغلب المرضى مصابون بأمراض نفسية أكثر منها بدنية.
والسبب في ذلك راجع إلى ضعف الإيمان أولاً ثم الانهزام النفسي والمعنوي والاستجابة لبعض الوساوس من الشياطين والانس.
قال الشاعر:
وتجلدي للشامتين أريهم
اني لريب الدهر لا أتضعضع
|
وليعلم المرء أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وأنا ما أخطأه لم يكن ليصيبه..
|