Friday 17th october,2003 11341العدد الجمعة 21 ,شعبان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

خبراء السياسة والقانون حذروا من تلاعبها بالمجتمع الدولي: خبراء السياسة والقانون حذروا من تلاعبها بالمجتمع الدولي:
هل تنجح أمريكا في تدويل الوضع بالعراق؟

* القاهرة - مكتب الجزيرة - علي البلهاسي - طارق محيي:
بعد حوالي ثلاثة أشهر من الفشل والاخفاق الذي تعانيه الولايات المتحدة في العراق تسعى واشنطن حاليا لانقاذ ما يمكن انقاذه من خلال الدعوة لمشاركة قوات دولية واعطاء دور أكبر للامم المتحدة في العراق.. استراتيجية واشنطن الجديدة والتي عرفت بمحاولة تدويل الوضع في العراق من وجهة نظر المحللين وسيلة أمريكا الاخيرة للخروج من المأزق العراقي الذي وضعت نفسها فيه فالقوات الامريكية في العراق زادت خسائرها البشرية بسبب المقاومة والاوضاع تتجه الى مزيد من التدهور في جميع المجالات والرئيس الامريكي بصدد مواجهة فضيحة سياسية بسبب كذب ادعاءاته بشأن امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل مما يعرضه لضغوط شديدة من قبل الكونجرس والرأي العام الامريكي وهو على اعتاب انتخابات رئاسية قادمة عام 2004.
ولكن هل تنجح أمريكا في استقطاب دول العالم للمشاركة في قوات التحالف بالعراق؟ وهل يعني فتح باب المشاركة أمام القوات الدولية والأمم المتحدة اضفاء شرعية على الوجود الامريكي في العراق؟ وهل يمكن ان تشارك قوات عربية واسلامية؟
حول هذه التساؤلات استطلعت الجزيرة آراء نخبة من المحللين والمفكرين السياسيين وخبراء الاستراتيجية.
موقف عربي مشرف
في البداية اشاد الدكتور عبد الله الاشعل مساعد وزير الخارجية المصري بتصريحات سمو الامير سعود الفيصل وزير خارجية المملكة في القاهرة مؤخرا وان المملكة سوف تؤيد ارسال قوات دولية الى العراق بشرطين: الاول ان يصدر بتشكيل هذه القوات قرار من مجلس الامن حتى يكون لهذه القوات تواجد مشروع والثاني ان يتم ارسالها بعد جلاء القوات الامريكية عن العراق.
واكد الاشعل ان هذا الموقف يجب ان يكتمل بموقف آخر وهو ان العالم العربي يجب الا يشارك بقوات لحفظ السلام في العراق الا عندما يتعلق الامر فقط بتأمين الاوضاع داخل العراق وحتى يتهيأ للشعب العراقي اختيار حكومة مسئولة ولا يجب مطلقا المشاركة بقوات تساند الاحتلال وتحميه من المقاومة وقال ان هذا الموقف يجب ان يكون موقفا عربيا واضحا خصوصا وان الموقف يقدم الأساس الصحيح للموقف العربي الجديد بضرورة حث الولايات المتحدة على الاسراع بانهاء الاحتلال وتمكين العراقيين من حكم انفسهم وتقرير مصيرهم والمحافظة على الوحدة الاقليمية والوطنية للعراق.
واوضح د. الاشعل ان مساءلة تدويل أمريكا لوضعها في العراق مسألة خطيرة لأنها ستؤدي الى تكريس الاحتلال وتوريط المجتمع الدولي في خطأ كبير فبدلا من ان يساهم ويسعى الى انهاء الاحتلال سيكون طرفا رئيسيا في تكريسه واعطائه الشرعية لاستمراره اضافة الى المشاكل التي ستثار حول قيادة القوات الدولية واهداف وجودها في العراق.
واشار الى ان الولايات المتحدة تسعى الان الى الأمم المتحدة لسد ثغراتها واضفاء صفة الشرعية على وجودها اي انها تلتحف بالشرعية الدولية وتريد ان تكون في ظل الأمم المتحدة، وحذر د. الاشعل من التلاعب بالأمم المتحدة قائلا: ان أمريكا تهمشها عندما تتعارض مع مصالحها وتلجأ اليها الان لتخدم مصالحها وتيسر مهمتها الصعبة في العراق كما حذر من تشابك الدور الدولي مع دور الولايات المتحدة مؤكدا ان الأمم المتحدة يجب ان تدخل العراق بعد انسحاب القوات الامريكية واضاف الاشعل ان القوات الامريكية الان هدفها وقف المقاومة العراقية والقضاء عليها وان القوات الدولية لو تدخلت في وجود القوات الامريكية فمعنى هذا مساعدتها على القضاء على المقاومة وهذا موقف غير صحيح لأن المواثيق الدولية تعطي الشعب العراقي الحق في ان مقاومة الاحتلال.
التدويل سياسياً
ويقول الدكتور محمد نور فرحات استاذ القانون الدولي بجامعة القاهرة لا اعتقد ان الولايات المتحدة الامريكية تسعى الى تدويل الوضع في العراق ولكنها تسعى جاهدة إلى إشراك اطراف دولية لاخراجها من المأزق الذي تعاني منه في ضوء تصاعد المقاومة العراقية يوما بعد يوم وفي ظل الحقيقة التي ادركتها وهي ان النفط العراقي لن يستطيع تغطية تكاليف الحرب وبقاء مئات الآلاف من الجنود الأمريكيين اضافة الى اعمار العراق وبالتالي وجدت أمريكا ان الحسابات التي بنت عليها خطتها قبل غزو العراق حسابات خاطئة من الناحية الاقتصادية والسياسية والعسكرية والنفسية ايضا... وهي تحاول الان اشراك اعضاء آخرين معها للتغطية على هذه الخسائر.
واشار فرحات الى ان أمريكا اعلنت بالفعل عن رغبتها في مشاركة عدد من الدول معها في مهام حفظ الامن واعادة اعمار العراق ووجهت دعوات بالفعل الى بعض الدول ومنها الدول العربية واستبعد فرحات مشاركة الدول العربية أو الاسلامية بقوات في العراق خاصة في ظل رفض الهند القاطع ومعارضة فرنسا وروسيا والمانيا اضافة الى ان الشعب العراقي سينظر إلى أي قوات تنضم إلى قوات التحالف في العراق على انها قوات معادية وقوات احتلال وحذر الدول العربية من مغبة اشتراكها في قوات التحالف.
واكد فرحات أن القانون الدولي لا يضفي شرعية على جريمة احتلال قد وقعت بالفعل فغزو الولايات المتحدة وبريطانيا للعراق هو جريمة ثابتة في حق الشعب العراقي وتم دون اجماع دولي ودون صدور قرار من مجلس الامن أو موافقة الأمم المتحدة فالأساس القانوني لوجود الولايات المتحدة وبريطانيا في العراق غير موجود.
واوضح ان مسألة التدويل ستكون سياسية بالدرجة الاولى حيث ستقوم الدول المعارضة والرافضة للتدويل باعادة حساباتها من ناحية المكسب والخسارة وماذا سيعود عليها من مكاسب في حال مشاركتها في حفظ السلام في العراق والمشاركة في اعادة الإعمار وان هذه الناحية الاقتصادية قد تنجح فيها أمريكا وتستدرج عن طريقها الاقطاب المعارضة وهي فرنسا والمانيا وعدد من الدول الاخرى واكد ان الولايات المتحدة وجدت نفسها الان في واقع عسكري ووضع سياسي واقتصادي غير قادرة على تحمل تداعياته ولذلك فإنها ستلجأ سياسيا الى انجاح مهمتها بتدويل وضعها في العراق بجميع السبل المتاحه لديها.
احتلال غير مشروع
واوضح السفير عصام الدين حواس مندوب مصر الاسبق لدى الأمم المتحدة ان الشرعية الوحيدة المتاحه حاليا للولايات المتحدة هي انسحاب قواتها من العراق وترك العراقيين يحكمون انفسهم اما غير ذلك فكلها أعمال لتبرير وجود القوات الامريكية والبريطانية في العراق، وقال حواس نحن الآن امام احتلال عسكري امريكي بريطاني للعراق وسواء كان مدعما بقوات دولية أو حتى من الأمم المتحدة فإن ذلك لاينفي صفة الاحتلال غير المشروع للعراق.
وقال حواس ان الأمم المتحدة اصدرت القرار رقم 1483 الذي ينظم بعض الأوضاع في العراق خلال الفترة الانتقالية ولتسهيل الامور لحين انسحاب القوات الامريكية والبريطانية من العراق وهذا القرار لا يعطي مشروعية لبقاء القوات الامريكية او تكريس الاحتلال ولكنه ينظم الامور لحين الانسحاب وشدد حواس على أهمية دور الأمم المتحدة في اعادة بناء العراق وعودة مقاليد السلطة الى الشعب العراقي مؤكدا ان الأمم المتحدة موجودة ولها دورها في المجتمع الدولي والدليل على ذلك ان أمريكا ستلجأ إليها في محاولة لاضفاء الشرعية على تواجدها في العراق ولا اعتقد ان الأمم المتحدة ستساهم في هذا لأن أمريكا وبريطانيا دولتان مارقتان ومخالفتان لمواثيق الأمم المتحدة بغزوهما، وقال انه مع عدم اعتراف الأمم المتحدة بالاحتلال الامريكي للعراق ومطالبتها أمريكا وبريطانيا بالانسحاب واصدارها القرار 1483 فانه على أمريكا ان تنسحب من العراق ولا تتحدى الشرعية الدولية مرة اخرى وتتحايل على القانون الدولي لتبرير الاحتلال.
وأكد حواس اهمية دور الجامعة العربية في اعادة بناء العراق وعدم السماح لأي دولة عربية بالمشاركة بقوات مع قوات التحالف واستبعد حواس ان تشارك اي دولة عربية او اسلامية في مسألة تدويل الوضع الامريكي في العراق في حين لم يستعبد ان تشترك دول اخرى مثل فرنسا وروسيا وغيرهما في هذه القوات الدولية لأنها ستحسبها من ناحية المكاسب الاقتصادية في اعادة بناء العراق مؤكدا انه لو نجحت الولايات المتحدة في تدويل وضعها فانها لن تنجح في اضفاء الشرعية الدولية على احتلالها للعراق.
توريط الآخرين
من جانبه اكد الدكتور هشام صادق استاذ القانون الدولي بجامعة الاسكندرية أهمية اعطاء دور اكبر للأمم المتحدة فيما يتعلق بالمسألة العراقية مستنكرا ان يظل دور المنظمة الدولية مقتصرا على اعمال الاغاثه الانسانية وترك الامر لقوات الاحتلال الامريكي البريطاني لتقرير مصير الشعب العراقي.
واشار الى ان تحديد دور الأمم المتحدة في المسألة العراقية لا ينبغي ان يكون بقرار امريكي ولكن بقرار من مجلس الامن الذي لابد له من اتخاذ خطوات فاعلة من اجل تسوية الاوضاع في العراق وعلى هذا لابد من صدور قرار دولي جديد يزيد من صلاحيات الأمم المتحدة ويفتح الباب لمشاركة دولية واسعة في العراق من اجل وقف الاوضاع المتدهورة هناك بسبب ممارسات قوات الاحتلال.
وقال ان الأمم المتحدة مازال بامكانها ممارسة دور فعال بعيدا عن الهيمنة الامريكية ولعل صدور قرار جديد من مجلس الامن لفتح الباب أمام المجتمع الدولي للمشاركة في الملف العراقي سيمكن المنظمة الدولية من ممارسة دورها الذي افتقدته بعد حرب العراق التي خرجت من تحت ارادتها.
واكد صادق انه سواء شاركت الأمم المتحدة او شاركت قوات دولية فان هذا لا يعني اضفاء شرعية على الوجود الامريكي في العراق فهو وجود غير شرعي وغير قانوني بالمرة وان هذه المشاركة ستكون لوقف تدهور الاوضاع فقط الذي تسبب فيه الاحتلال وربما استخدمت أمريكا سلاح عقود الاعمار لاغراء قوات دولية بالمشاركة وقوات عربية على وجه الخصوص ولكن موقف هذه الدول سيتوقف على مصالحها في المشاركة من عدمها وموقفها من محاولات فرض الهيمنة الامريكية اما موقفنا كعرب فلابد ان يكون رفض ارسال مثل هذه القوات لأن الهدف هو توريطنا في الاحداث لأخذ صدمات المقاومة وربما تزايد الغضب الشعبي العراقي تجاه هذه القوات المشاركة وهذا ليس من مصلحتنا كعرب.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved