هناك مسيرة عطاء حافلة بالإنجازات والمهام الدولية لخدمة الدبلوماسية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز. ولكن من الطبيعي أن يكون المسؤول الأول عن جميع الاتصالات الدولية والعلاقات الدولية والمساعدات الدولية والاتفاقيات الدولية والمراسم الدولية والسلك الدبلوماسي السعودي، والبعثات السعودية في الخارج، أو البعثات الدبلوماسية والسفارات الأجنبية في المملكة، ووزارة الخارجية التي تعمل تحت إدارة صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية.
فالمتابع لتاريخ ومسيرة الدبلوماسية السعودية، يرى أنها دبلوماسية تتميز بكم كبير وهائل من الإنجازات السياسية والعلاقات الدولية والمساعدات الدولية المملوءة بالمحبة والمصداقية في التعامل، فقد بدأت منذ تأسيس المملكة العربية السعودية على يد المغفور له الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيّب الله ثراه الذي أسّس هذه الدبلوماسية بهدف الاتصال المباشر والشخصي وبناء الإنسان السعودي بعلاقات دولية رفيعة المستوى مع شعوب العالم.
وعلى هذا الأساس، اتسمت هذه السياسة الخارجية السعودية طوال السنوات الماضية بالقوة والتوازن والوضوح على المستوى الدولي. لهذا نجد المملكة بشعبها ترفض ان تكون معزولة عن التنمية العالمية أو المجتمع الدولي، بل من واجبها المشاركة والمساهمة في جميع المحافل والمناسبات الدولية والقضايا العربية والإسلامية والدولية.
وفي الواقع ومن خلال مراقبتي لنشاطات وانجازات الدبلوماسية السعودية التي تعمل تحت مظلة وزارة الخارجية، فإنني أستطيع تقسيم الدبلوماسية السعودية إلى ثلاثة محاور:
1 دبلوماسية سعودية في المحيط العربي والإسلامي:
لقد استطاعت المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز ببناء حضارة وبيئة دبلوماسية على كل الأصعدة والمجالات العربية والإسلامية، مما أكسب الدبلوماسية السعودية الاحترام والتقدير على مستوى العالم العربي والإسلامي.
ومما لا شك فيه فان أساس ومنبع الدبلوماسية السعودية الأراضي المقدسة حيث انها تحمل في معانيها وأهدافها السلم والعدل لجميع المجتمعات الدولية، وهي دبلوماسية عربية إسلامية أصيلة مبنية على ثوابت ومرتكزات مدروسة علمياً وعملياً من جميع النواحي والمجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والعسكرية.
مصدر هذه الثوابت والمرتكزات يرجع إلى الأنظمة الشريعة الإسلامية خاصة فيما يدور في تنفيذ القرار السياسي من أجل خدمة الإسلام والمسلمين والمجتمع الدولي عامة.
2 دبلوماسية سعودية من أجل الأمن والاستقرار والسلام العالمي:
الدبلوماسية السعودية خدمت وما زالت تخدم القضايا العربية والإسلامية والدولية من أجل السلام. والمملكة العربية السعودية عضو هام وأساسي في المجتمع الدولي، حيث انها تملك قوة سياسية ومؤثرة في صنع القرار السياسي والمتغيرات الإقليمية والدولية المتعلقة بالقضايا العربية والإسلامية، وذلك بسبب مكانتها المرموقة وعلاقاتها الفريدة مع معظم دول العالم، أعطاها فرصة المشاركة في صنع القرار الدولي، في القضايا ذات الصبغة الدولية.
وفي الحقيقة، نلاحظ بان منهج الدبلوماسية السعودية واضح مثل الكتاب المفتوح تجد فيه المعاني المفهومة والشرح البسيط في التعامل.
هناك هدفان يتمثلان في منهج الدبلوماسية السعودية هما:
السلام والاستقرار في الإطار السياسي والأمني بين الدول المجاورة والصديقة مع توثيق العلاقات الدبلوماسية. فقد تحملت المملكة عبء القضايا العربية والإسلامية مع تجسيد القيَّم الإسلامية، قيَّم العدالة والحق والسلام.
حفظ حقوق الإنسان واحترام المواثيق الدولية والسياسية بشكل فعال والالتزام والمصداقية في تنفيذ الاتفاقيات الدولية على مختلف المستويات التي تدعم السلام العادل والصادق.
وكذلك قامت المملكة بالمساعي الدبلوماسية والضغوط السياسية الهادئة والإيجابية والمشاركة الفعلية في صيانة الأمن والاستقرار والسلام بين دول المجتمع الدولي، بهدف البناء والرفاهية ومساندة الحق والعدل في كل مكان وزمان من العالم. على سبيل المثال، القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، دعم مسيرة السلام في الشرق الأوسط عن طريق تأييدها لخريطة الطريق، المشاركة في الحرب العالمية لمحاربة الإرهاب الدولي، تقوية الروابط بين دول مجلس التعاون الخليجي في جميع النواحي الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعسكرية، مع الحرص على دعمه واستمراره واستقراره لخدمة المواطن الخليجي.
3 الدبلوماسية السعودية في محيط العلاقات الدولية:
هناك نمو سريع وإيجابي في العلاقات الدولية والاستراتيجية الدبلوماسية السعودية مع دول المجتمع الدولي، حيث انها تسير على أسس وخطط عريضة إيجابية وأفقية خاصة في صنع القرار السياسي، لهذا برزت المملكة العربية السعودية في أدوارها الحيوية كدولة عريقة وصادقة في أفعالها وقراراتها من أجل السلام العالمي.
لهذا نجد معظم الدول العربية والصديقة يحترمون مواقف المملكة العربية السعودية السياسية الفريدة تجاه القضايا العربية والإسلامية والدولية. فأسلوب الدبلوماسية السعودية في التعامل الدولي نموذج خاص بها، حيث انها تتصف بالهدوء وعدم التسرع في اتخاذ القرارات العشوائية خاصة في القضايا الدولية إلا بعد دراستها وتحليلها من جميع النواحي.
ومما لا ريب فيه، ومعروف عن المملكة بانها دولة تدعم الأمن والاستقرار بمصداقية واضحة لها تأثيرها في النظام العالمي الجديد، لهذا نجد لها الثقل السياسي والاقتصادي والاجتماعي خاصة فيما يخص صنع القرار السياسي الذي يتعلق بشؤون العلاقات الدولية.
وهكذا، فقد أدرك خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز مكانة المملكة العربية السعودية في الإطار العربي والدولي، بان المملكة دولة سلام ومن واجبها تصحيح المسار العربي والإسلامي من أجل إيجاد بيئة عربية متكاملة تعيش في أمن واستقرار وسلام في المستقبل.
وقد أسس الملك فهد بن عبدالعزيز بطموحاته الوطنية الخطوط العريضة الواضحة في منهج السياسة السعودية الخارجية والنهوض بها إلى أعلى مدارج الرقي والتطور الدبلوماسي رفيع المستوى على كافة الأصعدة العربية والإسلامية والدولية.
هذه الخطوط أصبحت قاعدة قوية وجبارة حملت على عاتقها الكثير من المواقف الإنسانية والسياسية والاجتماعية وخدمت العديد من دول منطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامي.
ولا شك فان الموقف الراهن من المواقف الصعبة التي تمر بها الأمة العربية والإسلامية، فالمواقف لا تحتاج إلى طرح الاقتراحات والأفكار السياسية بقدر ما تحتاج إلى الممارسة الواعية والعمل على أداء الواجبات وتنفيذ القرارات المتخذة، لأن حجم الأخطار والتحديات التي تواجهها الأمة العربية والإسلامية كبيرة ودائرة المشاكل والقضايا الإنسانية في العالم العربي أكبر مما تتوقعون، فقد توسعت الساحة السياسية العربية بالمشاكل والقضايا الدولية بين إخواننا العرب والمسلمين الوقت الحاضر، خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر، بدون إيجاد الحلول العادلة لحفظ حقوقهم الإنسانية التي أصبحت ضائعة بين المعسكر الشرقي والمعسكر الغربي واسرائيل الدول الدخيلة في الخريطة الجغرافية العربية والمفروض علينا في الأراضي العربية.
فقد حان الوقت إلى ضم الشمل العربي والإسلامي وفتح باب الحوار والنقاش مع جميع الحضارات العالمية المختلفة لإيجاد الحلول العادلة والضمانات الكفيلة لحفظ الحقوق العربية والإسلامية.
حان الوقت إلى المكاشفة والشفافية بكل مصداقية مع تغيير أسلوب الرسائل الإعلامية والخطاب السياسي بيننا نحن العرب والمسلمين.
حان الوقت إلى إعادة النظر في علاقاتنا العربية والإسلامية من أجل مستقبل شبابنا «ذكور وإناث» العربي والإسلامي، وإيجاد وحدة ومجتمع عربي إسلامي يعمل بهدف السلام والاستقرار والأمن والمحافظة على الأجيال القادمة من أن تخوض في حروب ليس لها نهاية، غير سفك الدماء الطاهرة المسلمة في بلادنا العربية.
حان الوقت لتنقية الأجواء والقلوب العربية والإسلامية من الشوائب وان يكون شعارنا المحبة والإخلاص والولاء تجاه ديننا الإسلامي ووحدتنا العربية والحفاظ على السيادة الوطنية لكل دولة.
حان الوقت لإعادة النظر في تركيبة البيت العربي والإسلامي، للمحافظة على حقوقه وكرامته وعاداته وتقاليده الاجتماعية وأمنه واستقراره..
وانطلاقاً من هذه الرؤية، فمشاركة الوفد السعودي برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد ورئيس الحرس الوطني في المؤتمر الإسلامي الدولي العاشر والذي سوف يعقد في العاصمة الماليزية «كولالمبور» من الفترة 16 19 أكتوبر 2003م، يأتي من صميم وأسس الدبلوماسية السعودية القائمة على السلام والاستقرار الدولي.
الوفد السعودي سوف ينطلق إلى خارج الحدود الوطنية السعودية بهدف السلام والتجول بين أعضاء الدول المشاركة من أجل تنقية الأجواء بين الدول العربية والإسلامية وتعزيز العلاقات الدولية مع المملكة العربية السعودية.
فالدبلوماسية السعودية التي حملها ولي العهد وأعضاء وفده تحمل في إطارها الأسس والقواعد التي من أهدافها فرض السلام العادل لخدمة إخواننا العرب والمسلمين.
هذه الدبلوماسية السعودية تحمل في معانيها الإسلام والسلام وخلق روح التعاون السياسي والاقتصادي الذي يخدم مصالح المملكة ويحقق أهدافها المستقبلية.
|