* أنشكي العراق من أندرو جراي رويترز:
قبل سقوط صدام حسين لم يكن يجرؤ سعد علي رجل الأعمال من بغداد على مزاولة أي نشاط في الشمال الكردي ولكنه الآن يستمتع بتناول المرطبات مع عائلته في مقهى داخل أحد كهوف التلال بشمال البلاد.
أغلق صدام المنطقة أمام معظم العراقيين بعد تمرد الأكراد عام 1991 وإقامتهم منطقة للحكم الذاتي بمساعدة القوى الغربية التي كانت تراقب الوضع بالطائرات.
وبرحيل صدام يهرب آلاف العراقيين من شدة الحرارة في الجنوب وينعمون بجو بارد منعش في مصايف بالشمال.
وبفضل عودة السياحة تمكن عراقيون أكراداً وعرباً من الالتقاء بعد أكثر من عقد من الانفصال.
واستطاع شبان الاستمتاع بجمال الطبيعة في شمال بلادهم للمرة الأولى، قال علي وهو يجلس إلى منضدة من البلاستيك في كهف انشكي على مسافة 50 كيلومتراً جنوب الحدود مع تركيا «لا أصدق انني هنا، الناس يحسنون معاملتي، الأنظمة والحكومات تخلق خلافات بين العرب والأكراد، ولكننا شعب واحد وأمة واحدة».
وكانت نقاط تفتيش من أجهزة الأمن التابعة لصدام منتشرة في المنطقة والمرور خلالها يتوقف على مزاج الحراس أو حجم الرشوة.
وكان الجنود يشكون في أي شخص يحاول زيارة المنطقة التي كان حزب البعث الحاكم يعتقد انها قاعدة لاعداء الدولة.
ويتذكر وليد عبد الرحمن وهو زائر آخر من بغداد ويقول وهو يشخص نحو المروج الممتدة على مرمى البصر «عند العودة كانوا يسألون.. هل اتصلت بأحد في الكويت أو اسرائيل».
ويقول ان الأكراد المشهورين بالكرم كانوا من ناحيتهم يرحبون عادة بالضيوف ولكن بحذر خوفا من جواسيس صدام.
والآن اختفت نقاط التفتيش وتتدفق حركة السيارات في سهولة على طول الطريق الرئيسي من الموصل، وبعد الحرب سارع وكلاء السفر في بغداد المتخصصون في جولات سريعة في الشمال إلى إرسال حافلات مملوءة بالزوار إلى المنطقة كل أسبوع، وأصبحت الأعداد أقل بعد افتتاح المدارس.
قال كاميران بارواري مدير فندق جيان بدهوك ان نسبة الأشغال في الفندق زادت 70 في المئة بعد الحرب بالمقارنة مع مناطق اخرى في العراق، قال «كان الناس يخشون المجيء إلى هنا، والآن زال سبب خوفهم».
وكما يحدث في أماكن أخرى اثارت السياحة توترات مع السكان المحليين ومخاوف من طمس هوية المنطقة.
وبعض الأكراد لا يرحبون بزوار يعتقدون انهم منفلتون أخلاقيا، وقال سكان ان مشاجرة واحدة على الأقل وقعت حديثا مع بغداديين حاولوا تجاذب الحديث مع كرديات.
قال سيار مصطفى عامل الجمارك وهو يجلس في مقهى بدهوك يطل على الجبال «نحن الشعب الكردي نحب استقبال أكبر عدد ممكن من الضيوف، ولكن دهوك بلدة صغيرة وإذا ازدحمت تحدث مشاكل... في الثمانينات أقام حزب البعث نوادي ليلية، ولكننا لا نحب هذه الأشياء، بلدتنا تتمسك بالتقاليد».
بيد أن الموسم السياحي كان هادئا وربما بات الشمال العراقي أكثر إغراء مما كان عليه في الماضي، يمنح السلام في المنطقة العراقيين متنفسا لنسيان تفشي الفوضى وغياب القانون والاحتلال بقيادة الولايات المتحدة.
الشوارع أكثر نظافة من مثيلاتها في أماكن أخرى بالعراق ولا توجد داوريات أمريكية، وسائقو السيارات لا يخالفون أشارات المرور، قال مصطفى «لا توجد حوادث اختطاف في البلدة أو اغتيالات أو كوكايين، لا شيء من هذا القبيل، فقط حوادث سيارات».
|