قفز العالم من زراعة الأرض إلى زراعة الفضاء بالأقمار الصناعية للبحث العلمي والعسكري والبث الفضائي.. ومازالت الدول المتقدمة تجني ثمرة التقدم العلمي تاركة للعالم الثالث وحكوماته ان تحكي لشعوبها قصة المؤامرة.
هذا التقدم العلمي لم يحمل عن كاهل البشرية أسباب التعاسة، فمشكلات البيئة في تفاقم، وأسلحة الدمار تزداد فتكاً، وشرور النزاعات المسلحة منتشرة، وأسلحة الدمار الشامل تزداد ضراوة، فالعلم وإنجازات التكنولوجيا نور ولكن هذا النور لا صفاء فيه ولا خير إلا بالحكمة والعدل.
سكان العالم المتقدم يمثلون 21% من البشرية، والدول الأقل تقدماً تمثل 79%، دول العالم المتقدمة تمتلك اكثر فنون التقدم والتكنولوجيا، ومعظم التطورات العلمية المثيرة، كتلك التي تجري في عالم الوراثة.. تتم على أرضها، وهي أكثر قدرة على زيادة بل ومضاعفة مواردها، إلى جانب ان الدول التي تمتلك ادوات التقدم ونمو الثروات نسبة نمو سكانها أقل ونمو البشر بمقدار محدود، ذلك يجعلنا أمام عالم يتسع فيه بون التقدم والتخلف، عالم تتركز فيه الثروة بأيدي أناس قلة وينتشر فيه الفقر على الأغلبية وهكذا تتسع الفروق وتغيب فيه فكرة العدل.
عدد سكان الأرض ستة مليارات إنسان، مليار إنسان جوعى، ومليار بلا مأوى، ومليار لا يجدون الماء النظيف.. ويزداد عدد البشر وتزداد شراهة بعض الأغنياء، عالم يأكل فيه الكبير الصغير، وعلى طول المدى يصبح هذا العالم لا مكان فيه للفقراء، وأصبح البون شاسعاً جراء تأثير زحف صناعي واسع وتقدم تكنولوجي تركز في دول الشمال.
تقرير التنمية البشرية الصادر عن البرنامج الانمائي للأمم المتحدة «1999م» يشير إلى أن أغنى مائتي شخص في العالم قد زاد ما يملكونه في السنوات الأربع الأخيرة في ظل العولمة بمقدار تريليون دولار.
إن أغنى ثلاثة أفراد في العالم يملكون أصولاً تفوق الناتج القومي لكل الدول الأقل نموا في العالم. ثروة أغنى ثلاثة أفراد في العالم تفوق دخل ستمائة مليون في عام كامل!.
إن التقدم العلمي والتطور التكنولوجي لوحده غير كاف لعلاج مشكلات الانسانية.
إننا في عالم يحتاج إلى «صحوة أخلاقية» لانقاذ إنجازات القرن التكنولوجية كلها من أعدائها ومن ذاتها أولاً خاصة عندما تتصف هذه الذات بالأنانية، والسعي إلى الاحتكار المعرفي والاقتصادي.
| 
