Wednesday 15th october,2003 11339العدد الاربعاء 19 ,شعبان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

أنت أنت
مجالات التغيير: التخطيط وثقافة المجتمع.. الإداري أولاً
م. عبدالمحسن بن عبدالله الماضي

في فترة الطفرة كانت التنمية العقارية هي السمة الظاهرة والحاضرة في حياة أفراد المجتمع كله في المملكة.. وحيث أن البناء يحتاج إلى مخطط معماري وهندسي.. ونظراً لأنه في ذلك الحين لا وجود لمعماري أو مهندس سعودي.. فقد صمم المخططات معماريون ومهندسون من بيئات مختلفة.
وحيث أن كلا ابن بيئته.. فقد رأينا وجود الفرندات أو البلكونات كما يسميها البعض في كافة الفلل التي بنيت ذلك الحين.. ونحن في مجتمع نوافذ بيوت آبائه وأجداده صممت ونفذت متجهة إلى الداخل.. أي إلى مصباح البيت لأسباب بيئية واجتماعية.. وهذا المثال الواضح المباشر في الشأن المعماري ينطبق بكل حذافيره على كل مجالات التخطيط الأخرى.. سواء أكان تعليمياً أو صحياً أو إدارياً أو مالياً.. إلخ.
والمتفق عليه أن التخطيط لإنجاز تنمية في مجتمع ثقافته الفكرية مستمدة من روح الانفتاح والتحرر وترتكز تعاملاته وحياته على مبادئ أسسها مادية.. يختلف عن التخطيط لإنجاز تنمية في مجتمع ثقافته الفكرية تقوم على مبادئ دينية وطبقية وعرقية.. فكيف لخطط التنمية أن تحقق أهدافها إذا كانت في الأصل أعدت أو تم استقاء قواعدها من خطط تنموية تقود لتحقيق أهداف مجتمعات أخرى في بيئات مختلفة جداً وبعيدة جداً.
إن التنمية الشاملة المتوازنة المستدامة تعني التغيير إلى الأفضل في جميع المجالات.. والانتقال إلى الأعلى.. والسير بوتيرة أسرع.. والرفاه لفئة أكبر.. لذا فالتخطيط لتحقيق التنمية يجب أن يكون مرتبطاً بالبيئة المقصودة بالتنمية ارتباطاً لا انفصام فيه أو انفصال عنه.. وذلك يعني أن تتوافق خطط التنمية مع قيم وسلوكيات ذلك المجتمع المستهدف بالتنمية.
التنمية حق من حقوق الإنسان.. وخططها لا يجوز أن تتحول إلى اجتهادات تقود إلى الإعاقة بدلاً من النهوض.. وتؤدي إلى التوقف وربما التراجع بدلاً من التقدم.. لذلك لا بد أن يتم التعامل مع وضع خططها وفق مفهوم ثقافي وسلوكي وعقائدي.. وأن تكون التنمية شمولية في أدائها وتغطيتها لكافة مناحي التنمية الإنسانية.. وشاملة لكافة فئات المواطنين وأنحاء الوطن.
خطط التنمية في العقود الثلاثة الماضية ركزت على الجانب الزمني فحددت مدة كل خطة بخمس سنوات.. وعلى الجانب المادي ركزت على تنوع مصادر الدخل والموارد اكتشافاً وتنمية.. أما الجانب الإنساني الذي هو محور التنمية الأصلي فقد تم التركيز على حقوق المواطن الأساسية من تعليم وصحة وإسكان.. وأغفل الجانب السلوكي وثقافة العمل والإنتاج.. حتى صارت أحد أهم وأخطر قضايا هذا المجتمع البطالة في وطن هو قبلة طالبي العمل من مختلف أنحاء العالم.
يقول علماء الإدارة إنه لا يوجد بلدان متخلفة بذاتها.. وإنما توجد بلدان فيها مديرون متخلفون.. وكلامهم هذا يؤكده وضع ألمانيا الشرقية والغربية قبل اتحادهما.. وهذا مثال يلغي حجة العنصريين الذين يقولون بتفوق عرق على آخر.. وبالتالي نجاح مجتمع وفشل آخر.
والإدارة بخلاف الخطة هي ممارسة ومحاولة تطبيق خطة على أرض الواقع.. وبالتالي فإن الإداريين هم الأقرب لمعرفة المجتمع ومشاكله واحتياجاته وقدراته وامكاناته.. إلخ.
المواطن الإداري، ابن البيئة، المؤهل هو أحد أهم أصول الوطن.. فالإدارة هي المحور الأساسي لكل فعاليات ونشاطات ومهام أي مشروع تنموي أو تعليمي أو صحي أو صناعي أو تجاري أو اجتماعي أو سياسي.. والمدير الفعال هو ثروة وطنية لأنه يصنع ويقود الأصول الوطنية الحقيقية لأي مجتمع وهي الموارد البشرية.
فالإنسان هو المورد الوطني الذي لا ينضب.. وهو حجر الأساس لأي تنمية.. والاهتمام به وتنميته وتأهيله هو العمود الفقري للنهوض والتقدم للأمام.
الإنسان هذا المورد الوطني الهام يحتاج إلى عناية إضافية تنمي نواحي التفكير والسلوك والتطلعات والطموحات فيه.. وتحد بل يجب أن تنزع الروح السلبية التي تكرس فيه التخلف وتعيق مسيرة التنمية.. كالفردية والإتكالية والأنانية والاستهلاكية والاستعلانية والاستعدائية والانغلاق ومحاربة التجديد.. كما تدفع المجتمع إلى رفض الجمود كنمط للحياة.. وترفع القيمة الاجتماعية للعمل والإنتاج.
نحن نواجه مشكلة ولابد من الاعتراف بذلك.. والخوف هو أن ما سوف يتم عمله هو فقط محاولة لترميم التصدعات وادعاء العافية الكاذبة.. وخداع النفس وإقناعها بأنها في أحسن حال.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved