في رفح عادت الى الاذهان صور المذابح التي لم تنقطع سلسلتها الدامية منذ ان غُرست هذه النَّبتة الخبيثة في فلسطين المحتلة بوعدٍ آثمٍ من «بلفور».
نعم المذابح التي نرى فيها البيوت تُهْدم على أهلها، والأطفال والنساء والشيوخ يصرخون ويستصرخون ويصبحون امام اعين الجميع مابين شريد وقتيلٍ، ومروَّعٍ لا يدري ماذا يقول.
جرائم العدوِّ الصهيوني ماتزال تُرتكب بالعنفِ نفسه، والطغيان نفسه، والعالم لا يزال يتابع هذه المسرحية الدامية التي رسم المخرج ادوارها، ووضع ملامحها الفنيَّة من خلال رؤيةٍ مسرحية إجرامية قابلة للاستمرار زمناً طويلاً، حتى يصل «بطل المسرحية المجرم» إلى مايريد.
في رفح جرت كارثة انسانية، ولا تزال تجري، والرئيس الامريكي لايزال يحذِّر الفلسطينيين «المشردين»، الذين اغتصب العدو ارضهم، من مغبَّة الاعتداء على «إسرائيل»، وإثارة المواجهة في وجه الحليف المدلَّل شارون.
في رفح تشتعل النيران، ويقتل الاطفال، وتهرب العوائل المنكوبة لاتلوي على شيء، والسلطة الفلسطينية لاتزال تعيش الانقسام، والخلاف، ولا تستطيع الوصول الى رأي موحَّد يواجه العدو.
في رفح تشتعل النيران ولاتزال هيئة الأمم المتَّحدة تحت راية الولايات المتحدة تحاول ان توصِّل رسالة رقيقةً خفيفةً ظريفةً إلى دولة الصهاينة المعتدية، وتحاول ان تختار العبارات التي لاتجرح شعور «شارون» وغيره من اعداء الحق في فلسطين.
تأملوا معي هذا الخبر الناعم «وقد أدان الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة كوفي أنان، مقتل مدنيين فلسطينيين في التوغل العسكري الاسرائيلي الأخير في رفح».
هل نقول «صح النوم» لهذه الإدانة الهادئة التي لاتستطيع ان تهزَّ ورقةً واحدة في شجرة العنف والتطاول الصهيوني في فلسطين؟
قبل ان نجيب عن هذا التساؤل، تعالوا نتأمل ماتبقى من الاستنكار الناعم جداً، الهادئ جداً، الخائف جداً من هيئة الأمم وأمينها للمذابح التي لاتزال وسائل الاعلام تنقل اخبارها الدامية الى الآن.قال بيان صادر عن كوفي أنان: «إنَّ هذه ليست المرة الأولى التي يذكر فيها الامين العام اسرائيل بأنَّ استخدامها «غير المتناسب» للقوة في مناطق مزدحمة بالسكان لايتماشى مع القانون الدولي، كما دعا «انان» الجانبين مجدداً إلى اتخاذ كل اجراءٍ ممكن لتجنُّب اصابة المدنيين بأذى».
يا للهول، ما هذه الُّلغة الظالمة في الحديث عن قوَّات غاشمة، أين نحن يا هيئة الأمم؟، هل قضية فلسطين، واعتداءات اليهود حكاية تنقل الينا من جزر واق الواق، حتى نتحدَّث عنها بهذه الاساليب الرخوة التي تحمل من الضعف، وتلبس الأمر على الناس ما لايخفى.
لاحظوا كلمة «استخدامها غير المتناسب للقوة» وكأن الأمر معركة تجري بين جيشين نظاميين ودولتين مختلفتين، ولاحظوا كلمة «لايتماشى مع القانون الدولي»، كيف استطاعت ان تهوِّن الى درجة محزنة الجريمة الصهيونية في رفح.
بل لاحظوا قوله «كما دعا أنان الجانبين مجدداً»، ما أثقل هذا التضليل، أيُّ جانبين ياترى؟، إنه جانب واحد أيها الأمين المؤتمن على ما ليس موجوداً، نعم، إنه جانب واحد هو الصَّلَف الصهيوني والاعتداء الآثم على اصحاب الحقِّ المسلوب.
اما القانون الدَّولي الذي يذكره فيبدو أنه لايزال يظن أنه على قيد الحياة، كلا، فإننا نذكرك بأنه قد قتل في أكثر من موقع ساخن في هذا العالم، أظنك تتذكر.
إشارة
يامن يداوي الجرح من دائه
مهلاً فلن تحظى بطعم الشفاء
|
|