* البحرين - جمال الياقوت:
أكد المشاركون في المؤتمر العالمي الخامس للاقتصاد الإسلامي الذي عقد في مملكة البحرين خلال الفترة 11-13 شعبان 1424هـ الموافق7- 9/10/2003م ان لصيغ التمويل دوراً حيوياً في تحقيق التنمية المستدامة معبرين عن ارتياحهم يتصاعد التوجه نحو التمويل الاسلامي بوصفة صيغة بديلة للوساطة المالية في انحاء مختلفة من العالم، وانتشار المصارف الاسلامية ومصارف الاستثمار والصناديق المتبادلة، وشركات التأمين التكافلي وسواها من المؤسسات المالية غير المصرفية وقد بدأ عدد من الحكومات وكذلك البنك الاسلامي للتنمية باصدار أدوات مالية لحشد الموارد.
وقدر المشاركون في البيان الختامي للمؤتمر الدور المهم الذي قدمته البحرين في دعم الصناعة المالية الاسلامية وفي قيام المؤسسات المساندة المذكورة أنفا، كما لاحظ المشاركون ان استدامة النجاح والنمو في هذه الصناعة ودعم الموقع الرائد للبحرين فيها يتطلبان نشاطا قويا في مجال البحوث والتدريس والتدريب وقوة بشرية مؤهلة، وهذا يدعونا الى التوصية بأن تنشىء جامعة البحرين مركزا للتدريس والبحوث المصرفية والمالية الاسلامية يعنى خاصة بالقضايا التطبيقية التي تهم هذه الصناعة.
وأبرز البيان ما يتميز به النظام المالي الاسلامي من خصائص تدعم التنمية المستدامة وبما يتطلبه من المشاركة في تحمل المخاطر المالية والتجارية بحيث تتوزع على قطاع واسع من المتعاملين في السوق، كما ان في هذا النظام قابلية كبيرة لتحقيق الاستقرار المالي لاعتماده على الاصول الحقيقية مما يثبط المضاربات السعرية، وحيث ان التمويل الاسلامي لا يمكن تقديمه الا مقابل نشاطات اقتصادية حقيقية ترتبط بالسلع والخدمات فإنه يساعد على ضبط تخصيص الموارد للنشاطات غير الانتاجية ويثبط تكوين أهرامات من المديونيات المتراكبة، كما يلحظ ان التمويل الاسلامي يعتمد على حقيقة المشروعات والوحدات الاقتصادية المتلقية للتمويل ولا يقتصر على النظر لملاءتها المالية فقط مما يدعم الكفاءة في تخصيص الموارد، لهذا كله فإن من الخير للبلدان الاسلامية ان تشجع التمويل الاسلامي مما يؤيد التنمية المستدامة فيها، ويتطلب هذا التشجيع تطوير المؤسسات والاصلاحات المناسبة في القطاع المالي، والتشريعات الداعمة للصيغ الاسلامية في التمويل والاعمال المصرفية.
وأشار البيان الى الحاجة الكبيرة في المؤسسات الاسلامية الى تطوير القدرات الفنية في مجال الائتمان وتقويم المشروعات وتحليل الاستثمار، وإدارة المخاطر، والرقابة الداخلية ونظم التحكم، ولابد لهذه المؤسسات من استمرار تطوير منتجاتها شرعيا وتجاريا، مع التيقظ للتطورات المستمرة في الاطار الرقابي والمعلوماتي والثقافي للصناعة المالية، كما لا بد لهذه الصناعة من تقديم وجهة نظرها بطريقة مؤثرة وواضحة في المحافل الدولية وبخاصة في لجنة بازل، وهيئة الاستقرار المالي (FSF)).
وقدر المشاركون في هذا الشأن دور البنك الاسلامي للتنمية في دعم الصناعة المالية الاسلامية ويأملون ان يستمر هذا الدور ويرتقي بحيث يساعد هذه الصناعة والبلدان الاسلامية عموما على تطوير مواقف مشتركة تجاه التحديات والقضايا المستجدة في السوق الدولية.
وأبرز حقيقة ان التنمية المستدامة هي قضية متعددة الجوانب ولا بد للبلدان الاسلامية من اعادة تقويم مواردها وأولوياتها الوطنية بهدف صياغة استراتيجية اعتماد على الذات مع استمرار المشاركة في الاسواق الدولية، ولا بد لهذه البلدان من تقليل الانفاق غير التنموي حتى يمكن توجيه مزيد من الموارد الى الصحة والتربية والمياه وسواها من مؤسسات البنية الاساسية. ولا يمكن للتنمية ان تكون مستدامة إلا إذا تجنبت احداث اختلالات كلية في الاقتصاد ومن الضروري ان تأخذ بالحسبان كافة العوامل المؤثرة على الرفاهة الانسانية ومن ذلك العوامل الاجتماعية وغير الاقتصادية.وأكد المشاركون ان التنمية المستدامة تتطلب ايضا التوازن البيئي، كما تتطلب القيم الاخلاقية ودعم العائلة والتماسك الاجتماعي والأمانة ومكافحة الجريمة، وهذه جميعا هي متطلبات جوهرية للتنمية البشرية، ويوصي المؤتمرون الحكومات والمؤسسات غير الحكومية بدعم تلك الاستراتيجيات التنموية القابلة للاستدامة اخلاقيا واجتماعيا وماليا وبيئيا. وأخذ المشاركون بالحسبان مستوى التعاون الاقتصادي بين الدول الاسلامية ولاحظوا أهمية تحسين هذا التعاون بما يتفق مع تطلعات الشعوب، وهناك حاجة ماسة لتطوير مؤسسات مناسبة في الدول الاعضاء في منظمة المؤتمر الاسلامي تساعد على انسياب الموارد المالية الى البلاد الاسلامية.
إن حكومات البلاد الاسلامية والبنك الاسلامي للتنمية والمؤسسات المالية الاسلامية وكذلك المؤسسات الداعمة الاخرى لها جميعا دور مهم في توليد جو من الثقة وفي توفير منتجات مالية اسلامية وفي تخفيف المخاوف والمخاطر كما ان الاطار العام المناسب لبث الثقة في نفوس المستثمرين يمكن ان يتحقق بتقوية المساواة أمام القانون وتطبيقه على الجميع وتنفيذ نظم ناجعة للحسابات والمراجعة والمعالجة الحاسمة لشرور الفساد.
|