* رؤية/ تركي بسام..
سألت صديقي محمد يحيى القحطاني.. وقلت له: هل تؤمن بجماهيرية خالد عبدالرحمن؟ قال لي: ومن لا يؤمن بجماهيريته؟. ثم باغتني بصاروخ من نوع أرض جو وسألني: هل تعتقد أن خالد عبدالرحمن هو نفسه خالد عبدالرحمن السابق؟!
هنا تطايرت علامات الاستفهام، وسرقني التفكير في ماضي خالد عبدالرحمن فحاولت الاستدراك بسؤال.. وقلت له: لماذا أنت متهم أنك ضد خالد عبدالرحمن..؟
فقال مبتسماً: أنت أكثر واحد يعرفني.. فأنا أرى خالد فناناً جماهيرياً.. ولكن هناك مشكلة..
قلت: ما هي؟
قال: جمهوره.
قلت: وما بال جمهوره؟
قال: لا أنكر أن خالداً يملك جماهيرية كبيرة، لكن بعض هؤلاء الجماهير لا يريدون النقد الهادف.. بل يريدون أن يكون كل شيء مديحاً، والواقع يقول: إن خالد فنان إنسان وما يقدمه الآن مختلف وانظر إلى مبيعاته كيف انخفضت بشكل مخيف بل لو قلت لك معلومة فلن تصدق؟
قلت: ما هي؟
قال: هل تعلم أن ألبوم خالد الأخير لم يبع سوى 20% من مجمل ما طرح؟
قلت: وهل يعقل؟
قال: نعم.. ولكن.. ماذا تريدني أن أقول؟
هنا سرحت ولم أعد أمتلك التركيز.. فأنا كنت أعلم أن الألبوم الأخير لم يحقق «أي شيء» ولكنني فضلت الصمت لعلها مجرد موجة تضرب السوق «كعادتها» لكن الواقع يقول: إن هناك عدداً من الفنانين ما زالت ألبوماتهم تحقق مبيعات كبيرة رغم أنهم طرحوها منذ زمن..
استأذنت.. وقلت عن إذنك..
ومرة أخرى يفاجئني:
بحكم معرفتك وخبرتك يا «تركي» ترى ما هي السبل لعودة خالد عبدالرحمن.. كما كان صاحب الجماهيرية العريضة.. والألبومات الساحقة.. وكيف يمكن أن يكون «مخاوي الليل» الفنان الذي سرق الأنظار والسؤال الأهم كيف يعود ومتى؟
قلت له: لن أحدثك... بل سأكتب هذا الكلام على ورق.. لعلك تنشره.. وأجيب على أسئلة عديدة احتار فيها من يحب خالد عبدالرحمن ولا أعلم هل سينشره أم لا؟
نعلم أن خالد جاء في وقت كان الجمهور يحتاج لفنان يجسد همومهم وجروحهم من خلال صوتهم.. فجاء صوت خالد.. الرخيم المطعم بحزن ترتسم على ملامحه.. جاء ليضرب بأغانيه كل من سبقه، فهو قريب من القلب ومن النفس، تشم في صوته رائحة الصحراء ونسيم البراري.. وفي فترة قصيرة أصبح الفنان الأول من خلال الجماهيرية العريضة، وكانت البوماته تحقق مبيعات خيالية وأرقاماً فلكية، وأذكر أن أحد المقربين من فنان العرب قال لي حينما ظهر خالد عبدالرحمن وذاع صيته إن محمد عبده طلب احضار جميع ألبومات خالد عبدالرحمن حتى يعرف ذلك السر الذي جعل من خالد يعلو ويصبح فناناً خطيراً.. ويبدو أن محمد عبده عرف السر جيداً لكنه لم يفصح عنه..
وظهور خالد كانت نقلة نوعية فيما يسمى بالأغنية الشعبية، حيث طورها خالد لتصل للجميع.. ابتداء من «صارحيني».. «صفحة جديدة».. «بقايا جروح» «العطاء» وغيرها.. أغاني لن ينساها محبو هذا الفنان.. وإلى الآن نسمعها ونتذوقها.
حتى جاء انتقال خالد إلى شركة «روتانا» وأعتقد أنه لم يحقق ذاته في هذا الانتقال.. ولم يتميز إلا في ألبوم «يا هاجري» التي من خلالها عاد إلى الجمهور خاصة أن أغنية «يا هاجري» كانت جديدة بالنسبة لخالد.. وتميز في أدائها أيضاً أعادنا لما فيه من خلال أغنية «صبر أيوب» وتذكرنا عزفه على أوتار جروحنا من خلال هذه الأغنية.
لعل خالد أعاد جزءاً من بريقه في أغنية «الذاهبة» وكنا نرى خالد.. هو خالد.. لكنها كانت يتيمة تصارع وحدها وأيضاً لم يصنع لها أدوات النجاح المطلوبة.. بل إن خالد نفسه وناصر القحطاني تفاجآ بهذا النجاح الذي كان «متوقعاً».
بعدها طرح خالد ألبوم «عسل» الذي كانت أغانيه من اللون الاماراتي، وأيضاً أكد خالد أنها أغان خاصة أكثر من كونها معدة بشكل خاص للجمهور، ومع ذلك لاقت نجاحاً لا بأس به، ولكن خالد نفسه يبدو أنه غير مقتنع بهذه التجربة.. وأنها لا تحسب من رصيده الفني.. لذلك لم نركز فيها».
بعدها طرح خالد ألبوماً يحمل اسم «احاسيس خالد» وكان عبارة عن قصائد لخالد.. وكان طرح الألبوم.. خطأ في خطأ.. فخالد تواجد كفنان.. إذن ما الحاجة إلى طرح ألبوم قصائد.
بعد ذلك جاء ألبوم «سامريات» وهو ألبوم لم يحقق أي شيء يذكر.. وهو النقطة التي يجب الوقوف عندها كثيراً.. حيث اتضح بقوة انخفاض مبيعات خالد رغم الدعاية الجيدة للألبوم.. بل إن أصحاب محلات بيع الكاسيت انصدموا كثيراً من ردة الفعل للألبوم.. ولم يتحرك منذ طرحه.
كيف يعود خالد؟
من وجهة نظري على خالد أن يقف وقفة صادقة مع نفسه.. ويعود كما كان..
أولاً: صحيح أن الصحافة كتبت ضد خالد وانتقدته كثيراً، ومع ذلك لم تؤثر على عطائه وفنه، ولكن تعامل خالد مع الإعلام يحتاج إلى أناس أكثر خبرة، فخالد حسب ما روى لي البعض أنه يعتقد أن الصحافة «لا تحبه»، وأن أغلب الصحفيين أعداؤه، وهذا تفكير خاطئ، فهناك صحفيون يقدرون خالد.. ويدرون أنه مبدع ولا بد من ايصال هذا الإبداع إلى المتلقي.. لذلك لا بد من رسم سياسة مع الصحفيين، وبالرغم من أن «علي سعد» مدير الأوتار الذهبية، يحاول أن يتواصل، لكن مشكلة «علي سعد» أن تواصله لا يكفي ولا يحقق الرغبات المطلوبة إذا كان الفنان بعيداً..
ويجب أن يعلم خالد جيداً أن الإعلام مهم جداً بغض النظر عن البعض، وعلى خالد أيضاً أن يتقبل النقد الهادف بعيداً عن التجريح.
ثانياً: يجب أن يعلم خالد أنه إذا ابتعد عن التلحين لنفسه وترك الفرصة للآخرين أن يلحنوا له قد يجد نفسه.. وقد يجد النجاح الأكبر..
ولو تعامل مع الملحنين الذين يمقدورهم اكتشاف مساحات جديدة في صوته، أن ينوع في الملحنين فهذا أفضل له لأن خالد كثيراً ما يلحن لنفسه، وهذا يجعله يدور في إطار صنع «سياجه» هو بنفسه، ورأينا حينما غنى أغنية «يا هاجري» كانت مميزة لأن الذي لحنها «أنور عبدالله» ولأول مرة يتعاون مع خالد عبدالرحمن، كذلك في أغنية «توادعنا» التي لحنها له «خالد البراك» وكيف كانت مميزة، إذن لو تعاون خالد مع أكثر من ملحن مع بقاء روح خالد في الأغاني فمن المؤكد أننا سنرى خالد بصورة جديدة ومميزة.
الكلمات
ثالثاً: أما الكلمات فخالد من أميز الفنانين الذين ينتقون القصائد بما تحمل من كلمات وجمل قوية، لذلك عليه أن يسير في هذا الطريق «طريق اختيار الكلمات».
الفيديو كليب
رابعاً: خالد مُقِل جداً في الكليبات، وإذ نشد من أزده لعدم تعامله مع الفتيات ونبارك له هذه الخطوة، لذلك يجب عليه أن يوجد بديلاً مناسباً، وأن يختار ما يمكن أن يقوم بتصويره لكي يكون الكليب داعماً لأغانيه.
خامساً: على خالد أن يهتم بالتفاصيل الدقيقة لتنفيذ عمله، مثل تركيب الصوت، والمساج، وغيرها من الأمور التي لا يفهمها إلا الفنانون أنفسهم.
ومحاولة التجديد في الآلات الموسيقية، والاستعانة بموزعين موسيقيين متخصصين يواكبون تطور الأغنية العربية.
أخيراً
أخيراً.. خالد فنان مبدع.. ولن يستطيع أحد الحد من ابداعه إلا خالد نفسه..
|