* الأراضي المحتلة - بلال أبو دقة:
أعلن مستشار الرئيس الفلسطيني نبيل أبو ردينة أنه تم التوصل إلى اتفاق بين الرئيس ياسر عرفات ورئيس الحكومة احمد قريع على أن تمارس الحكومة الفلسطينية الجديدة مهامها كحكومة طوارىء لمدة شهر.
وقال أبو ردينة: انه تم الاتفاق بين عرفات وقريع على أن تمارس حكومة الطوارئ مهامها حتى نهاية الشهر وفقا للقانون.
كما قال مصدر فلسطيني رفيع إن وزير الداخلية اللواء نصر يوسف سيباشر مهامه فور أداء اليمين الدستورية.
إلا أن اللواء يوسف عضو اللجنة المركزية لحركة فتح أكد أن لا صحة للأنباء التي تحدثت عن بقائه وزيرا للداخلية في حكومة أبو علاء قريع الحالية والذي تناقلته بعض وسائل الإعلام.
وقال يوسف في تصريحات صحفية صباح أمس في غزة تابعتها الجزيرة: انه لن يكون عضوا في حكومة الطوارئ، مؤكدا على انه يرفض أن يكون عضوا في حكومة لا تأخذ صلاحياتها من المجلس التشريعي المنتخب والذي يجب أن يشكل غطاء دستوريا لأي حكومة قادمة حسب رأيه.
وأكد يوسف أن رفضه لفكرة حكومة الطوارئ جاءت في محاولة لوضع ومراقبة كافة تصرفات الحكومة القادمة تحت مراقبة المجلس التشريعي الفلسطيني حتى يكون مسؤولا أمام الناس عن إجراءات يتم اتخاذها على الأرض حيث لا أحد يستطيع أن يأخذ على عاتقه أي إجراءات دون موافقة المجلس التشريعي الفلسطيني وحسب القانون الفلسطيني.
وأضاف: كيف يمكن أن نشكل حكومة طوارئ فلسطينية ونحن جميعا تحت الاحتلال الذي يفرض حالة طوارئ عسكرية إسرائيلية على الضفة وقطاع غزة، فالناس لا تحتمل فرض حكومة طوارئ أخرى بل يجب أن تكون حكومة عادية مسؤولة أمام الناس والمجلس التشريعي.
وكان الوسطاء سعوا إلى التوفيق بين عرفات الذي يريد حكومة طوارىء، وقريع الذي يؤيد تشكيل حكومة عادية تطلب الثقة من المجلس التشريعي.
وقالت مصادر فلسطينية: إن عرفات انزعج من تغيب الوزير نصر يوسف عن أداء اليمين الدستورية مع الوزراء الآخرين قبل الحصول على موافقة التشريعي؛ وبدا وكأنه لا يريده وزيرا للداخلية.
فيما قالت مصادر أخرى: إن الخلاف حول وزارة الداخلية تم حله حيث وافق الرئيس عرفات على تسليم اللواء نصر يوسف حقيبة الداخلية دون تحديد صلاحياته.
وفي هذا السياق قال مسؤول فلسطيني: إن اللواء نصر يوسف طالب بان تتحدد صلاحياته بشكل دقيق وان توضع كل الأجهزة الأمنية تحت مسؤوليته.
وقال عضو بارز في المجلس التشريعي الفلسطيني: إن قريع وافق على ترؤس حكومة طوارئ مقابل وعد من عرفات بمنح سلطات واسعة للوزير نصر يوسف وزير الداخلية كما ترغب في ذلك اسرائيل والولايات المتحدة، تلك الصلاحيات الممنوحة لوزير الداخلية لم يحصل سلفه عباس الذي قدم استقالته وحكومته في السادس من سبتمبر الماضي بعد حوالي أربعة شهور من تسلم مهامه في أعقاب خلافات حادة مع عرفات بشأن السيطرة على الأجهزة الأمنية حيث كان عرفات يحتفظ لنفسه بالسيطرة على أجهزة الأمن كجهازي الأمن الوطني والاستخبارات العسكرية.
وكان اجتماع اللجنة المركزية لحركة فتح واجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الخاصين بمسألة رأب الصدع حول تشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة قد انتهيا دون التوصل إلى اتفاق حول الموضوع.
كما لم يصدر أي تصريح بأعقاب الاجتماعين وتقرر استئناف اجتماع اللجنة التنفيذية لمواصلة مساعي حل الخلاف حول الحكومة.. هذا الخلاف الذي يتمحور حول تعريف الحكومة الجديدة وحول تعيين وزير الداخلية لهذه الحكومة.. حيث يطالب وزراء الحكومة المقترحة اعتبارها حكومة عادية وليست حكومة طوارئ، بمعنى ضرورة حصول الحكومة على مصادقة المجلس التشريعي الفلسطيني.
كما وأنه في حالة تعريف الحكومة فهي ليست بحاجة لمصادقة المجلس التشريعي الفلسطيني، لكن وزراء الحكومة المقترحة يصرون وفي ظل الأوضاع الأمنية والسياسية الحالية الحصول على مصادقة المجلس التشريعي بهدف الحصول على الشرعية وعلى المساندة الضرورية لهذه الحكومة في مثل هذه الأوضاع.
وأوضحت مصادر مسؤولة أن أعضاء الحكومة هم الوزراء الذين أدوا اليمين الدستورية أمام الرئيس ياسر عرفات ورئيس الوزراء الفلسطيني قبل حوالي أربعة أيام في مدينة رام الله؛ وهم: أحمد قريع (أبو علاء) رئيس مجلس الوزراء ووزيرا للأوقاف والإعلام بالإنابة؛ اللواء نصر يوسف وزيرا للداخلية؛ الدكتور سلام فياض وزيراً للمالية ووزيرا للاقتصاد الوطني والزراعة والطاقة والمصادر الطبيعية بالانابة؛ الدكتور نبيل شعث وزيرا للشؤون الخارجية ووزيراً للثقافة بالإنابة؛ الدكتور صائب عريقات وزيراً بلا حقيبة ووزيرا للعدل والسياحة بالإنابة؛ الدكتور عبد الرحمن حمد وزيراً للأشغال العامة والإسكان ووزيراً للنقل والمواصلات والاتصالات والتكنولوجيا بالإنابة؛ جمال الشوبكي وزيراً للحكم المحلي ووزيراً لشؤون الأسرى والشباب والرياضة بالإنابة؛ الدكتور نعيم أبو الحمص وزيراً للتربية والتعليم والعمل بالإنابة؛ وأخيرا الدكتور جواد الطيبي وزيراً للصحة ووزيراً للشؤون الاجتماعية بالإنابة.
وأشارت المصادر إلى أن أبو علاء سيعمل على زيادة عدد أعضاء الحكومة قبل انتهاء مدة الشهر من اجل عرض الحكومة على المجلس التشريعي الفلسطيني للحصول على ثقته.
وكان من المقرر أن تعرض حكومة الطوارئ على المجلس التشريعي الفلسطيني يوم الخميس الماضي إلا أن الخلاف دب بين أبو علاء وأبو عمار مما أدى إلى تأجيل الجلسة ومن ثم إلغائها إلى حين انتهاء المدة الممنوحة لحكومة الطوارئ وهي ثلاثون يوما وفق القانون الأساسي المعمول به في السلطة الفلسطينية.
وجاء في بيان وزاري تلقت الجزيرة نسخة منه والذي كان من المقرر أن يلقيه قريع أمام المجلس التشريعي الخميس الماضي قبل إرجاء الجلسة: أن قريع حدد 13 مهمة رئيسية لحكومته التي ستعمل بموجبها؛ ورغم ان البيان الوزاري لم يطرح أمام التشريعي حتى الان، الا انه يعطي مؤشرات الى توجهات قريع وحكومته المقبلة في حال تشكيلها.. حيث يعرض الرجل «قريع» جدولاً زمنياً لخارطة الطريق معتبرا: أن أولى هذه المهمات هي العمل مع اللجنة الرباعية الدولية من اجل وضع جدول زمني ملزم للجانبين الإسرائيلي والفلسطيني لتنفيذ الالتزامات المتبادلة المترتبة عليهما في المرحلة الأولى من خريطة الطريق، ويأتي في مقدمتها التوصل إلى وقف إطلاق نار متبادل وشامل لكل أشكال العمليات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وبضمان اللجنة الرباعية ورقابتها وبما يؤدي إلى إلزام الحكومة الاسرائيلية وقف العدوان وفك الحصار عن الشعب الفلسطيني ورئيسه المنتخب ووقف الاستيطان وإجراءات عزل وتهويد القدس وإزالة جدار الفصل العنصري وإطلاق سراح الأسرى وسحب قواتها من جميع المناطق الفلسطينية التي تمت إعادة احتلالها منذ 28 ايلول (سبتمبر) 2000، وفتح جميع المؤسسات التي تم إغلاقها في القدس المحتلة وفك الحصار عنها.
وقال ابو علاء في بيانه: انه سيعمل على دعوة الشعب الفلسطيني وجميع القوى والفصائل الفلسطينية إلى وقف جميع أعمال العنف والعنف المتبادل كما ورد في خريطة الطريق، وذلك خلافاً لبرنامج سلفه محمود عباس (أبو مازن) الذي سعى الى انتزاع هدنة من الفصائل الفلسطينية وليست هدنة متبادلة بين طرفين. وجاء في البيان: سيسعى أبو علاء إلى إنهاء حال الفوضى السائدة كجزء لا يتجزأ من تعزيز سيادة القانون وفرض النظام العام.. ويفسر أبو علاء الفوضى في البيان بأنها (ما ترون وتسمعون من فوضى حمل السلاح والتنقل به وفوضى تخزين المتفجرات بين المدنيين وكذلك فوضى التظاهرات المسلحة واطلاق الرصاص وفوضى البيانات التي تستهدف كوادر وأفرادا وقيادات في شكل يسيء إلى سمعة الفلسطينيين وعملهم الوطني وفوضى التصريحات الرسمية المتناقضة..).
وأكد البيان على أن الحكومة ستعمل على تعزيز سيادة القانون والنظام؛ معتبرا أنها ستكون المهمة الأصعب لأنها ستصطدم بمصالح فئات أو أشخاص نموا أو كبروا في ظل أوضاع غير صحيحة.
حكومة الطوارئ مسلوبة الإرادة
هذا وقال فاروق القدومي (ابو اللطف) وزير خارجية فلسطين: إن هذه الحكومة مسلوبة منذ البداية من مسؤولياتها، حطموا كل المقرات والمؤسسات وقتلوا رجال الأمن ودمروا مقراتهم واقتلعوا الأشجار واحكموا الحصار، المسألة ليست عند الحكومة نحن نريد الحكومة أن تبقى رمزا حتى يقال إن هناك حكومة وطنية فقط، أما مهامها فقد سلبتها اسرائيل باحتلالها والولايات المتحدة بنزع ثقتها، لذلك نقول إن خارطة الطريق واحتمالات فشلها قائمة وبوش اصبح ضعيفا واللجنة الرباعية أصدرت أخيراً بيانا في الأمم المتحدة يشير بوضوح إلى أنها غير قادرة على تحريك المسيرة السلمية.
من ناحيته قال قيس عبدالكريم عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين للجزيرة: إن الأزمة المزمنة التي تعاني منها السلطة الفلسطينية ترجع بالأساس إلى الآلية الفردية التي تتخذها السلطة منهجاً لصنع القرار الفلسطيني.. وأرجع عبد الكريم قرار حكومة الطوارئ إلى رغبة المتنفذين في السلطة إلى العودة لاحتكار السلطة من جديد، الأمر الذي دفعهم إلى إجهاض مشروع حكومة الوحدة الوطنية، وهو المشروع الذي بدأ به أحمد قريع ( أبو علاء) خطته لتشكيل الحكومة. وأكد قيس عبدالكريم على أنه بدون خيار حكومة الوحدة الوطنية ستبقى السلطة تعيش حالة من التخبط في مزيد من الأزمات التي سيعيشها الجميع دون استثناء.
ويقول محللون سياسيون فلسطينيون للجزيرة: لا جدوى من إغراق الشارع الفلسطيني في جدل إعلان حالة الطوارئ وتشكيل حكومة الطوارئ ولماذا تشكيلها الآن وليس قبل شهرين أو عامين، خصوصاً أن عمرها قصير ولا تقوى على القيام بمهام استثنائية.. ولن تدفع بأرتال الدبابات لشوارع المدن والمخيمات الفلسطينية لتطبيق الأحكام العرفية ولن تفرض منع التجول ولن ترهق نفسها بحملة اعتقالات واسعة... إلخ من الإجراءات التي تتخذ عادة في الدول الطبيعية عند إعلان حالة الطوارئ، فهذه مهام يقوم بها يومياً جيش الاحتلال كان آخرها في رفح، وبالكاد تستطيع حكومة أبو علاء توفير الأمن للوزراء وحرية الحركة لرئيسها من قريته المقدسية أبو ديس إلى رام الله.
|