Tuesday 14th october,2003 11338العدد الثلاثاء 18 ,شعبان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الإغاثة السعودية وحقوق الإنسان الإغاثة السعودية وحقوق الإنسان
سعود بن محمد الرشود(*)

تنعقد خلال هذه الايام فعاليات مؤتمر حقوق الإنسان في السلم والحرب الذي تنظمه جمعية الهلال الاحمر السعودي برعاية كريمة من المسؤولين في الدولة وبحسب ما علمت ان المؤتمر سيستمع الى (38) بحثا تغطي هذا الموضوع المهم من خلال عدد من المحاور يشارك في تقديمها عدد من العلماء والاكاديميين المختصين في القانون الدولي والشريعة الاسلامية بالاضافة الى عدد من الخبراء في هذا المجال، مما يتوقع له ان يحقق قدرا كبيرا من النجاح والتوفيق.
والمتابع لهذا الموضوع المهم يجد انه في عام 1948م قد صدر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان مناديا بمبادئ الحرية والعدالة والمساواة لبني البشر جميعا، مبادئ نظرية وقَّعت عليها معظم الدول المشاركة في الجمعية العامة للأمم المتحدة. ومن قبل قد نص إعلان استقلال الولايات المتحدة الصادر في 6 يوليو سنة 1776م على (أن كل الرجال قد ولدتهم أمهاتهم سواسية) وتضمن الإعلان في صدره ذكر حقوق الإنسان في المساواة والحرية والحياة والسعادة..الخ.
وفي فرنسا وعلى إثر قيام الثورة الفرنسية صدر إعلان حقوق الإنسان والمواطن في 4 اغسطس سنة 1789م تتصدره العبارة الذائعة «يولد الناس أحرارا ومتساوين في الحقوق» وقد ركز هذا الإعلان على الحقوق دون الواجبات، وعلى الحرية في مدلولها السياسي والقانوني بوجه خاص، ثم صدر في فرنسا ايضاً الإعلان الذي سبق دستور 24 يونيو سنة 1773م وقد ركز بصفة خاصة على المساواة وأشار الى الواجبات كما أشار إلى حق الجميع في التعليم وفي تلقي المساعدات العامة. وسادت مبادئ هذا الإعلان الفرنسي الصادر سنة 1789م الدساتير الفرنسية التالية، وكثيرا من دساتير دول اوربا الغربية الصادرة خلال القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين الميلاديين، الا انه وبعد الحرب العالمية الأخيرة التي انتهت رسميا سنة 1944م صدرت دساتير جديدة لبعض الدول الغربية مثل ايطاليا وفرنسا والمانيا الاتحادية وغيرها من الدول الأوروبية.
وعند استقلالها حذت الدول الافريقية التي خرج المستعمر منها حذو الدول الأوروبية فتضمنت دساتيرها فقرات عن حقوق الإنسان متجهة نحو التأكيد على الحقوق الاجتماعية والاقتصادية الى جانب الحقوق السياسية والقانونية والفكرية.
بعد ذلك شهد العالم صدور جملة من الوثائق الدولية عن حقوق الإنسان بسبب توسع دائرة الأهوال التي تعرضت لها البشرية خلال القرون الأخيرة من ثورات وحروب وفتن أزهقت فيها الألوف من الأرواح وسالت الدماء غزيرة في أنحاء متفرقة من العالم، ونتج عن ذلك تشرد المئات بل الألوف من البشر الذين باتوا لاجئين متفرقين في أنحاء كثيرة من العالم يفتقدون لأبسط مقومات الحياة.
فكان أن صدر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عن الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1948م Universal decleration Of Human Rights).
ولما كان ذلك الإعلان ناقصا في كثير من جوانبه صدر في ديسمبر سنة 1966م عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ذاتها العهد الدولي بشأن الحقوق المدنية والسياسية.
International Convenant On Civiland Politicod Rights). وألحق به بروتوكول اختياري بشأن شكاوى الأفراد من المساس بحقوقهم المقررة في الوثيقة (Optiond Protocol).
واعتبر العهد الدول بشأن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية النافذ في يوليو 1967م والصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة مستكملا لما سبق إصداره من عهود ومواثيق خاصة بحقوق الإنسان في المجالات المختلفة وهو ما يعرف ب International Convention On Ecohomic Social And Cultural).
على أن تلك الجهود مجتمعة ومخلصة ظلت تفرد بنودا مهمة في هذه المواثيق مظنة أن تصون حقوق الإنسان وتحميها في مختلف المجالات.
هذا وقد سخرت آلة الإعلام الغربية الضخمة للترويج لهذه المؤسسات ولبث مفاهيمها ونظراتها لهذه الحقوق لدرجة ان كثيرا من الناس قد ظنوا ان المفاهيم الخاصة بحقوق الإنسان في العالم لم تولد ولم تعرف الا مع بزوغ وبروز هذه المؤسسات والمنظمات التي لم تنعقد مؤتمراتها وتخرج بتوصياتها إلا خلال القرون الثلاثة الأخيرة فحسب، في حين أن الإسلام قد أرسى القواعد الأصلية والرصينة لهذه الحقوق قبل اربعة عشر قرنا من الزمان وسبق الغربيين إليها بأكثر من أحد عشر قرنا بل إن في الإسلام حقوقا كثيرة لم تتعرف وتتوصل إليها حتى الآن تلك الوثائق وشروحاتها مجتمعة حتى يوم الناس هذا.
ويتحسر المرء كثيرا ويأسف كيف أمضى الإنسان والمجتمعات البشرية في غير ديار الإسلام كل هذه الفترة من دون ان تستفيد وأن تتفيأ هذه الظلال الوارفة التي جاء بها الإسلام وأرسى قواعدها.
ذكرت تلك المعلومات الخاصة بالهيئات والمؤسسات الغربية التي نهضت حديثا قياسا مع القواعد التي أرساها الإسلام لأدلل كذلك ان العمل الإغاثي الذي ظلت تقدمه المملكة العربية السعودية لم يعرف عنه في يوم من الايام انه كان منحازا أو كان مسموما أو مشروطا.
ولا أدل على ذلك من أن برامج الإغاثة السعودية الذي شمل العديد من المشروعات المنفذة لصالح اللاجئين أو برامج الإغاثة العاجلة الذي نفذ لصالح المنكوبين والمعسرين ظل على الدوام برنامجا محايدا يتوخى مساعدة بني الإنسانية جميعا لأننا ندرك أن في كل كبد رطبة اجرا.
كما نشير هنا أيضا إلى أن أعمال الإغاثة السعودية لم تكن لتنتظر هذا التعقيد والتأطير النظري لحقوق الإنسان وبخاصة في مجال تقديم المساعدات حتى تنطلق وتؤدي دورها، بل نجد أنها ظلت تسعى للوفاء بحاجة الإنسان المنكوب أينما كان وحيثما حل، إطعاماً وتطبيباً وسقاء وكساء دون أن تتفحص في هويته أو تدقق في لونه وجنسه وحسبه ونسبه، دون تكلف أو مبالغة لأنها تدرك أنها مطالبة شرعا ودينا أن تغيث الملهوف وتطعم الجائع وتأوي المشرد المهاجر في هذه الظروف ليس ذلك مراعاة لعين رقيبة أو يد تحصى، إنما يتم ذلك ويتحقق استجابة نشطة تلقائية لنوازع الخير وتعاليم الاسلام.
والحق أن ما سجلته مؤسسات الإغاثة السعودية ومنها الهيئة العليا لمساعدة شعب البوسنة والهرسك والتي تشرفت بالعمل فيها لما يقارب 12 سنة لصالح الأيتام والأرامل والمشردين واللاجئين يعتبر سجلاً مضيئاً مشرقاً فضلاً عن كونه يقدم نموذجا معتبرا في التعامل مع بني البشر في الظروف الحساسة واعني بها ظروف الكوارث والمحن المختلفة من حروب وفيضانات وزلازل وغيرها التي يحتاج فيها الإنسان إلى نوع خاص من الرعاية والاهتمام.
ومهما يكن من امر فاننا نتوقع لمؤتمر حقوق الإنسان في السلم والحرب الذي تنعقد فعالياته هذه الايام والذي اشرنا اليه في صدر هذا المقال ان يحقق قدرا من النجاح والتوفيق بسبب ما يناقشه من قضايا مهمة ومحاور ذات صلة مباشرة بموضوع حقوق الانسان تناقش بعلمية وموضوعية وعمق.

(*)مدير المكتب التنفيذي للهيئة العليا للبوسنة
مدير المكتب التنفيذي للجنة السعودية لفلسطين بمنطقة الرياض

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved