متابعة: تركي إبراهيم الماضي - عبدالله هزاع العتيبي
التخطيط والبناء مع المحددات الطبيعية والمحدثة في الرياض تمثل المحددات البيئية أهمية قصوى في عمليات التخطيط الحضري التي تتطلب معرفة وتحديد ظروف وأبعاد البيئة المحيطة التي تؤثر على التنمية المستقبلية وتتأثر بها والموارد البيئية التي تعتمد عليها قطاعات التنمية المختلفة وتؤثر على جودة الحياة في المدينة.
حيث تواجه عمليات التنمية المختلفة عادة محددات تفرضها معالم وظروف البيئة الطبيعية والبيئة المحدثة التي أنشأها الانسان، لذلك فإنه من الضروري اعتبار تلك المحددات في عملية التخطيط واعتبار التغييرات اللازمة لهذه المحددات من أجل تحقيق الغايات والأهداف التي بنيت عليها استراتيجية تطوير مدينة الرياض التي تطلع بها الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض.
حماية الحياة الفطرية
توجد بعض أنواع الحيوانات والزواحف والطيور في المناطق الغربية لوادي حنيفة وجبال طويق ومنطقة الثمامة، كما تكونت بعض أنواع الحياة الفطرية الجديدة النباتية والحيوانية على ضفاف المياه الجارية في وادي حنيفة، وبحيرات الحاير. وتحتوي بعض المناطق المحيطة بالمدينة، مثل جبال طويق وشعيب الحيسية ومنابع كل من وادي العمارية وثمار ولبن وأويبر والمهدية والمنطقة الغربية من بحيرات الحاير، على أشكال مختلفة من الحياة الفطرية، ويضاف الى تلك المناطق عرق بنبان ومنتزه الثمامة..، وتكتسب تلك المناطق أهمية كبيرة لوجود بيئات صحراوية فريدة، وما تحتويه من أنواع مختلفة من الحياة الفطرية. وهنالك حاجة ماسة للمحافظة على تلك المناطق وحمايتها واستغلالها ما أمكن لتحسين بيئة المدينة وتوفير فرص الترويح وزيادة وعي السكان بالبيئات الفطرية الموجودة في المدينة.
تراكم الملوثات!!
يعد مناخ مدينة الرياض مناخاً صحراويا حيث ترتفع درجات الحرارة خلال فصل الصيف الى حوالي 48 درجة مئوية مع معدل تبخر عالٍ يصل الى 440 ملم/ شهر ونسبة رطوبة يبلغ متوسط معدلها الشهري 15% وتنخفض خلال فصل الشتاء الى حوالي 2 درجة مئوية مع نسبة رطوبة يبلغ متوسطها الشهري 42%.
والرياح معظمها شمالية وجنوبية في الصيف وجنوبية في الشتاء، مع حدوث انقلابات حرارية «اشعاعية وانسيابية» خلال ليالي الشتاء الصافية الأمر الذي يساعد على تراكم الملوثات في الهواء المحيط لفترات تمتد من الغسق الى قبيل انتصاف النهار. وتسقط معظم الأمطار التي يقدر معدلها السنوي بحوالي 88 ملم خلال الفترة ديسمبر - مايو.
إلا أن الحالة المناخية لا تؤثر بشكل كبير على الشكل العمراني للمدينة ككل عدا اتجاهات الرياح السائدة حيث تم تركيز الصناعات الملوثة في المنطقة الجنوبية، بينما تؤثر الحالة المناخية بشكل أكبر على التصميم العمراني، حيث تم التأكيد على الاستغلال الفعال للطاقة وتقليل استهلاك الطاقة عن طريق زيادة الكثافات السكانية وزيادة التشجير وتوجيه المباني بما يقلل تأثير أشعة الشمس الحارة على درجة الحرارة في المباني والمنشآت، كما تم التأكيد على السياسات المتعلقة بالتصميم العمراني والحضري للأحياء السكنية والمباني على ضرورة مراعاة الأحوال المناخية في المدينة، وستراعي أنظمة البناء المزمع تطويرها لاحقاً تلك الظروف.
تقليل التلوث
عدا ما تتأثر به المدينة من العوالق الترابية القادمة من خارج المدينة نتيجة العواصف الترابية فإن معظم الملوثات يكون مصدرها الأنشطة الحضرية في المدينة، حيث تعاني المدينة حاليا من انخفاض مستمر في جودة الهواء المحيطة كنتيجة لعدم وجود تحكم جيد في مصادر تلوث الهواء التي تشمل مصادر متحركة «المركبات، الطائرات» ومصادر ثابتة، وتشمل محطات توليد الطاقة الكهربائية، المناطق الصناعية، مصفاة الرياض، مصنع الأسمنت، المطارات، ومواقع الكسارات والمحاجر، ومحطات البنزين، ومواقع الانشاءات والأراضي البيضاء، وعمليات حرق النفايات ومحطات معالجة مياه الصرف الصحي.
ويتوقع استمرار المصدر الأكبر في تلوث الهواء وهو وسائط النقل في زيادة مستوى التلوث بزيادة عدد المركبات ونقص معدل السرعة وزيادة ساعات الازدحام على الطرق وخاصة على امتداد المحاور. فيما يؤدي التوزيع المتوازن لمناطق العمل في أنحاء المدينة، وخاصة في المراكز الحضرية وفي عصب المحاور المختلفة الى الحد من الزحام وتقليل الحركة خلال الطرق في المدينة وبالتالي تقليل التلوث على مستوى المدينة، كما يتوقع ان يؤدي استخدام النقل العام على امتداد عصب المحاور الى الحد من استخدام السيارة الخاصة، وكذلك اتباع الادارة المرورية الشاملة لحركة المرور في المدينة الى الحد من الازدحام وبالتالي تقليل نسبة الملوثات المنبعثة من السيارات. وسيؤدي توفير تحكم في الانبعاثات الصادرة من محطات الطاقة واستخدام الغاز الطبيعي كوقود الى الحد من آثارها على جودة الهواء في المدينة.
وسيتم وضع خطة بيئية تنفيذية للمنطقة الجنوبية من المدينة من حيث تركيز المصانع والمصفاة وغيرها من مصادر التلوث التالية لتوفير تحكم أكثر في الانبعاثات الصادرة من تلك المصادر، وذلك عن طريق تطبيق أنظمة التحكم في الانبعاثات أو في بعض الأحيان نقل بعض المصادر الى خارج نطاق المدينة. ومن ذلك مدافن النفايات في المنطقة الجنوبية وما يتطلبه من معالجة سريعة للحد من آثارها على جودة الهواء. إن توفير المناطق العازلة وخاصة فيما بين المناطق الصناعية والمناطق السكنية سيؤدي الى الحد من الآثار السلبية للانبعاثات الصادرة على السكان. وقد تم تحديد عدد من تلك المناطق ضمن المخطط الهيكلي، وسيكون ذلك أحد أهم الشروط والضوابط التخطيطية للمدينة.
تلافي الضوضاء
تعتبر وسائل النقل والطرق والمطار والمناطق الصناعية ومحطات الطاقة من أهم مصادر الضجيج «التلوث الضوضائي» في المدينة، وقد أظهرت الدراسات القليلة التي أجريت ارتفاع مستوى الضوضاء في وسط المدينة.. نتيجة الحركة المرورية.. ويمثل السد الترابي المنسق الذي يفصل حي السفارات عن الطريق السريع المجاور كأحد الاجراءات المناسبة للحد من الضوضاء، وتقليل آثارها على السكان، كما تم اتخاذ بعض الخطوات لتلافي الضوضاء المتوقعة من حركة الطيران في مطار الملك خالد الدولي حيث تم تحديد بعض الاستخدامات المناسبة على امتداد مسار هبوط وإقلاع الطائرات بناء على الاطار المكاني المتوقع لمعدل الضجيج، كما تم اقتراح عدد من المناطق المفتوحة في محيط المطار وذلك لتوفير عزل أكبر للمناطق السكنية المجاورة للمطار.
وستظل حركة المرور في المدينة مصدرا رئيسا ومتزايدا للضوضاء وسيتطلب ذلك اتخاذ عدد من الاجراءات للحد من ذلك. مثلا الاجراءات اللازمة أثناء تصميم الطرق وفق المقاييس اللازمة للحد من الضوضاء، وتنظيم الحركة المرورية وخاصة حركة الشاحنات في المدينة. كما ان وصلات سكة الحديد الحالية والمتوقع انشاؤها مستقبلا ستكون مصدراً من مصادر الضوضاء لذا يجب اتخاذ الاحتياطات اللازمة لتصميم مسارات وتوفير العوازل اللازمة للحد من الضوضاء الصادر من حركة القطارات وخاصة في ظل الدور المتوقع للمدينة كمركز لشبكة سكة الحديد الوطنية. كما ان تحديد الاستعمالات المناسبة واستبعاد الاستعمالات الحساسة في المناطق ذات الضوضاء المرتفعة وخاصة على جوانب الطرق السريعة كما ان أنظمة البناء في تلك المناطق يجب ان تتضمن اجراءات للحد من معدل الضوضاء داخل المباني والمنشآت.
القيمة الجمالية
يشتمل وادي حنيفة على أغلب المواقع التأريخية والأثرية في المدينة وبعض المناطق ذات القيمة الجمالية، كما تم تحديد بعد المناطق التاريخية والأثرية. ضمن نطاق المدينة وسيتم حمايتها واستغلالها لأغراض السياحة والترويح وبعد ترميم قصر المربع وانشاء المتحف في مركز الملك عبدالعزيز التاريخي أحد المشاريع الرائدة التي قامت عليها الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض التي تمثل نموذجاً يحتذى للاستفادة من المناطق التاريخية.. وتم اعتماد مشروع لإعادة تطوير منطقة الدرعية القديمة وسيكون لهذا المشروع دور رئيس في دعم السياحة والترويح وزيادة ربط الأجيال القادمة بتاريخها الحضاري. وتعد القيمة الجمالية للعديد من المواقع وخاصة نقاط المشاهدة على ضفاف وادي حنيفة وجبال وحواف طويق المطلة على سهل ضرما وبعض المواقع في منتزه الثمامة..، كما تم اضافة أغلب المواقع التاريخية والأثرية وذات القيمة الجمالية ضمن شبكة المناطق المفتوحة في المدينة فيما سيتم المحافظة على بعض تلك المواقع بشكل مستقل.
استقبال النفايات!!
يتم حاليا استقبال ما يقارب 7000 طن يومياً أو ما يعادل 2كجم لكل شخص في مدافن النفايات، ويتوقع ان تصل هذه الكمية 000 ،35 يومياً أو ما يعادل 5 ،3كجم لكل شخص في عام 1442هـ في حالة عدم تخفيض كمية النفايات المولودة في المدينة، وعدم زيادة نسبة تدويرها. وبناء عليه فيقدر ان تحتل تلك النفايات مساحة تقدر بـ1500 هكتار بارتفاع 20م في عام 1442هـ بما في ذلك المدافن الحالية.. ويتم حاليا التخلص من النفايات البلدية الصلبة في خمسة مدافن موزعة على أطراف المدينة.
أما فيما يتعلق بتدوير النفايات فيتم حالياً بشكل محدود وبواسطة عدد من المؤسسات الخاصة لتدوير الورق والمعادن والبلاستيك. فيما سيتم انشاء مصنع لاعادة تدوير النفايات. ولا يتم في أغلب الأحيان اتباع الطرق الصحيحة في تحرير مواقع مدافن النفايات وخاصة من الناحية البيئية والهندسية يضاف الى ما سبق ما يجري من رمي للنفايات وخاصة مخلفات الهدم والبناء في الأودية والشعاب وخاصة في وادي حنيفة وهو ما يتطلب استمرار الاجراءات الحالية لمراقبة نقل النفايات ورميها وزيادة تلك الاجراءات وتشديدها للحد من رمي النفايات بشكل عشوائي.
وقد كان يتم التخلص من النفايات الصناعية السائلة وهي الناتجة من المناطق الصناعية والزيوت العادمة الناتجة من محطات الوقود ومراكز خدمات السيارات في مكب النفايات السائلة بجانب مدفن السلي «رقم 2» ولكن تم ايقاف استعمال هذا المكب منذ رمضان 1419هـ. وحالياً يتم الاستفادة من جزء بسيط جداً من الزيوت العادمة بواسطة بعض المؤسسات الخاصة اضافة الى الصرف الى شبكات الصرف الصحي وتصريف السيول، وعن طريق خزانات ترشيح (حفريات وخزانات منفوحة) في المصدر وفي الأراضي البيضاء والأودية خارج النطاق العمراني. أما فيما يتعلق بالنفايات الطبية فقد تم البدء بنظام التخلص من النفايات الطبية عبر شركات مختصة ويتم حاليا البدء بوضع الأنظمة والقوانين المتعلقة بجمع النفايات الطبية. وقد تم وضع عدد من السياسات للتحكم في مدافن النفايات واستغلالها، ووضع نظام شامل لادارة النفايات في المدينة.
إن التخطيط والبناء مع المحددات البيئية الطبيعية والمحدثة يعني مراعاة المحددات والموارد وتقدير القيمة العالية لها، وذلك في تحديد الاستخدامات الحضرية المناسبة في المناطق المختلفة داخل المناطق الحضرية وحولها وبناء على ذلك فقد تم بناء المخطط الهيكلي العام للمدينة.
|