أعتقد أنها قلة.. في العالمين العربي والإسلامي هي التي لم تيأس بعدُ من نتائج القمم العربية والإسلامية على كثرتها وسلبياتها.. في المعالجة الفاعلة لقضاياها الأساسية والجوهرية.. وعلى رأسها قضية فلسطين، ووقوف القوة العظمى.. إلى جانب العدوان الإسرائيلي الوحشي على الشعب الفلسطيني الذي يقاوم الاحتلال الصهيوني؛ مطالبا بحريته واستقلاله واسترجاع حقوقه التي اغتصبتها الدولة الصهيونية بتأييد مطلق من الغرب.. وبخاصة أمريكا..
أنا من هذه القلة القليلة التي لم تطو بعد صفحة الرجاء في أن تقف هذه (القمة الإسلامية العاشرة) التي تعقد الآن في دولة (ماليزيا) ـ الموقف التاريخي الذي يجب ان يقفه العالم الإسلامي بكل انتماءاته القومية؛ والفكرية؛ والطائفية..
الحرب الآن قائمة على قدم وساق يصطلي بنارها العالم الإسلامي بعامة، موجهة إلى أقدس ما في حياتنا ووجودنا.. وهو الدين الإسلامي الذي هو اكمل الأديان السماوية وخاتمها للبشرية جمعاء {قٍلً يّا أّيٍَهّا الناسٍ إنٌَي رّسٍولٍ اللهٌ إلّيًكٍمً جّمٌيعْا} [الأعراف: 158].
والتي تتولى كبر هذه الحرب هي طاغية العصر... تتقاسم هذه الحرب بينها وبين (ولايتها) الثالثة والخمسين، في الشرق الأوسط «إسرائيل» تحت ذريعة ما تسميه بحربها ضد (الإرهاب) الإسلامي..! والإسلام بريء كل البراءة من الإرهاب.. وما قام به أفراد شاذون لا يصح أبداً أن يكون حكماً على المسلمين ودين الإسلام.
لكن العداء للإسلام والمسلمين الذي كان مدفونا في الصدور الصليبية.. سرعان ما تَهَدَّلَتْ ثماره (كأنها رؤوس الشياطين).. ليقذفوا بها عالم الإسلام ظلما وعدواناً.
***
بعد هذه المحن التي مازالت رحاها تطحن عالمنا الإسلامي.. ومرشحة لاستمرار الطحن حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً.. يبقى الأمل في الله جل وعلا أن يهيىء لقادة هذه الأمة المجتمعين الآن في (ماليزيا) من أمرهم رشدا؛ وأن يحقق لهم (التنفيذات) الايجابية التي تترجم أقوالهم إلى أفعال ملموسة ومنظورة، ومن ذلك:
* إدانة المواقف الأمريكية المساندة للعدوان الإسرائيلي المتوحش، على الشعب الفلسطيني الاعزل.. والدول العربية المجاورة لها.
* مطالبة العالم بأن يفرق بين مقاومة الشعب الفلسطيني المضطهد.. لنيل حريته واستقلاله واستعادة حقوقه ومقدساته واقامة دولته المستقلة على أرضه.. وبين (الإرهاب) الذي تمارسه إسرائيل في فلسطين، وسوريا، ولبنان، وتمارسه (أمريكا) في (العراق) وفي (أفغانستان).. وفي كل مكان تجد فيه تحركاً إسلامياً ضد هيمنتها وأطماعها في خيرات العرب والمسلمين.
* وأمريكا تتساءل: لماذا يكرهنا العرب والمسلمون..؟
ويجب على هذه القمة الإسلامية أن تصارح أمريكا بأن ما زعمه الرئيس بوش بأن السبب هو كراهيتنا للديمقراطية الأمريكية ـ هو تجاهل فظ للسبب الصحيح والحقيقي لهذه الكراهية.. ولو سلكت طريق الحق والعدل والرشاد لقال بملء فمه: (إن سبب كراهيتهم لنا هو انحيازنا التام إلى جانب إسرائيل..)!
طبعا.. هو لا يستطيع أن يكون بهذه القيم والمثالية خوفاً من (اللوبي الصهيوني) والمتصهينين معه في الكونجرس وخارجه، أن يقرروا عدم انتخابه للرئاسة مرة ثانية.
ولكن يجب أن توجدَ القمةُ آلية لتصحيح المفهوم الأمريكي المغلوط والمغالط.. كأن يشتري العالم الإسلامي (إعلانا توضيحياً) في القنوات الفضائية الأمريكية الرئيسة كقناة (سي.إن.إن) وفي الصحف الكبرى.. إضافة إلى النشاطات الأخرى كاللقاءات الإعلامية والثقافية في الجامعات والتجمعات الشعبية.. الخ.
***
وبعــد:
فعلى القمة الإسلامية المنعقدة الآن أن تفعّل منظمتها (منظمة المؤتمر الإسلامي) بما يجعل لها صوتا مسموعاً ورأياً محترماً في العالم.. وإلا فليريحوها ويستريحوا منها..
لقد كانت مواقفها واعمالها خلال السنوات الماضية سلبية ومؤسفة.
لم تتحرك هذه المنظمة لتصحيح المفاهيم الخاطئة لدى الغرب عامة بما فيه أمريكا.. الأشد شراسة ضد الإسلام وأهله.. ولم تحقق أي نجاح لهذه الدول السبع والخمسين المنضوية تحت راية هذه المنظمة الهزيلة.
لَعَلّ أمينا عاما ينتخب في العام القادم 2004م يكون على مستوى المسئولية.. فكراً وعملاً وحيوية فاعلة.
والله الموفق وعليه التكلان.
|