Monday 13th october,2003 11337العدد الأثنين 17 ,شعبان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الصديق الذي فقدته ...!! الصديق الذي فقدته ...!!

* كتب- الحميدي المريبيط:


نعد المشرفية والعوالي
وتقتلنا المنون بلا قتالِ
ونرتبط السوابق مقربات
وما ينجين من خبب الليالي
ومن لم يعشق الدنيا قديماً؟
ولكن لا سبيل إلى الوصالِ

هكذا نحن نركض يمنة ويسرة غير آبهين.. نعبث.. ونضحك.. ونمرر أشياءنا غباء على أنفسنا الأمارة بالسوء وننسى أصدقاءنا ولا نذكرهم إلا حينما نفقدهم.. نحلم ونتوكأ على أحلامنا وأمانينا في دار متاعها غرور ونعيمها زائل.. ونسقط في أحضانها مراراً ثم نعود لنحلم مرة أخرى ونضع لنا طريقاً طويلاً نشجره بالأوهام ونظلله بالآمال.. يزينه في نواظرنا حب الشهوات ويحببه في قلوبنا هوس الغرور والأمنيات.. نصارع من أجل الوصول إلى مبتغى زائل فنحرث الأرض عرضاً وطولاً ولا ندري في أي جهة منها سنسقط ويحضننا حفنة من ترابها؟! ولا نعلم أي عقرب ساعة سيتوقف لديها ركضنا وهرولتنا العابثة.. ولكن طوبى لمن حسن أمره وطاب عمله..


خلوني أرقد في مداهيل جراح
وأحط لي وسط العريق استراحة
أذني أدله باق الأيام وأرتاح
لو إن ما في جور الأيام راحه

بالأمس القريب فقدت ساحة الشعر أحد أبرز نجومها وأبنائها وفقد النقاء وطيبة الضمير، واحد من القلة القليلة الذين ينتمون له في هذا الزمان..
وفقدت أنا صديقا عزيزا لن يجود الزمان بنقائه وصفاء سريرته.. نعم فقدنا عبدالله العير الرجل الذي أحبته جماهير الشعر وأحبه جميع من تعرف عليه.
تعرفت على عبدالله منذ أمد طويل وعرفته مسامحاً متسامحاً صديقاً للجميع لم يحقد ولم يكره حتى لمن زرع الشوك في طريقه.
نعم فقدت الساحة شاعراً لم تستقبله بإعلامها ولم تفرش له مساحاتها بالورود احتفاءً بمقدمه بل هو من فتح أبوابها ليفتح نافذة أمل أخرى لشعراء أوصدت الأبواب في طريقهم فحققت موهبته الشعرية التي يمتلكها انتصاراً له وللشعر واختصرت له مسافات طوال فأدركت الساحة عظم ما اقترفته بحقه وبحق من يمتلكون نفس موهبته فأصبحت تلهث خلفه وتتوسل إليه أن يغفر لها ما اقترفته والذي لن يغفره التاريخ على كل حال حتى وان تسامح عبدالله عن ذلك كما هي عادته.
الحديث عن التجربة الشعرية لعبدالله العير سيجعل القلم يرتكب جرماً آخر بحقه لانه لن يأتي ببحر واحد من جملة بحور الإبداع الذي سطره ذلك المبدع ولكن عزاؤه ان ذلك خلدته ساحات المحاورة التي دائماً ما ينقلها من حالة الفوضى والجمود إلى شعلة من حماس لا يتوقف معه أهازيج ولهيب أكف جماهير تغلق الطرقات وتعكر صفو سير مرورها أثناء حضورها لحفلة يحييها.
وعندما نحاول ان نتكلم عن إنسانية عبدالله العير فان مناقبه وطيبته تفق رافضة ان نكذب على أنفسنا لنصفها بتوصيف يسقط في أحضان الفشل والنقصان ولكن ما يجعلنا مقتنعين برفض ذائقة الطيب والإنسانية ان الجميع شاهد على نقاء العير بدءاً من زملائه الشعراء الذين شاركوه التنافس التصادم الشعري وانتهاء عند واحد من الجمهور الذين يركضون خلفه أينما حل.
لا أدري ان كان عبدالله العير ومالك ابن الريب هما الوحيدان اللذان رثيا نفسيهما وكتبا وصية مماتهما قبل ان تحل عليهما الميتة أم لا؟ ولكن ما أعلمه ان عبدالله فعل ذلك وخلده في بيتين حملا من الحزن ما يكفي لنثر جميع ما تخزنه العيون من دموع.


ان مت عزو لي مرامي ووجدان
وابكوا على قبري ليال طويله
وابكوا وعزو لي سلايل كحيلان
«أبوي» شيال الحمول الثقيلة

سنبكي يا عبدالله وسنعزي أنفسنا في رحيلك قبل ان نعزي مريم ووجدان اللتين سنبقى لهما أوفياء كوفائك لأصدقائك وسنبقى لهن ولشقيقهن «عبيد» سنداً كما فعلت مع أصدقائك في وقت محنتهم وحاجتهم إليك.
اللهم ارحم عبدالله العير وانزله منزال الصالحين من الأنبياء والشهداء واغسله برحمتك وعفوك وغفرانك وألهمنا جميل الصبر والسلوان نحن وأسرته وأحبابه في فقدانه ورحيله.
خاتمة


حاولت أعزي مثل غيري من الناس
ولقيت نفسي تستحق العزاء فيه

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved