الحمد لله القائل في محكم التنزيل {وبشر الصابرين الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) } الذي جعل الموت راحة لعباده الابرار فله الحمد ارادته ومشيئته نافذة ولا راد لقضائه والصلاة والسلام على نبينا محمد واله وصحبه وبعد
ان الموت سنة الله في خلقه ولن تجد لسنة الله تبديلا والموت والحياة خلقهما الله لحكمة ذكرها في كتابه الكريم قائلا عز وجل {الذي خّلّقّ المّوًتّ وّالًحّيّاةّ لٌيّبًلٍوّكٍمً أّيٍَكٍمً أّحًسّنٍ عّمّلاْ}. الآية ولعلي بدأت بهذه السطور لأخفف وطأة الحزن اوعظم المصاب الجلل الذي عم اسرة الدغيثر بمدينة الرياض ففي الامس القريب فقدت عاصمتنا الحبيبة وبالذات الاوساط القانونية من رجال الفقه والقضاء احد رموزها الذين أبلوا بلاءً حسنا في ميدان القانون وممن ابحروا في امواجه المتلاطمة سنوات عديدة على نسق واحد من الجد والنشاط علماً بارزاً ذلك هو الدكتور فهد بن محمد بن عبد العزيز الدغيثر - رحمه الله - استاذ القانون بجامعة الملك سعود الذي كان ركناً من اركان القسم وممن وضعوا اسسه وقد وجدت نفسي لا شعورياً اكتب هذه السطور المتواضعة التي قد لا تفى بحقه فالقلم مهما جال في الورقة واغرق سطورها بحبره لن يستطع البوح بما يكنه خاطر الكاتب وما تحمله اشجانه من مشاعر واحاسيس ولعل تقصيري في ذلك يعود لكتابتي للمقال فور استطلاعي لصحيفة الرياض مطلع الاسبوع الثاني من شهر رجب ففوجئت بخبر وفاة استاذي العزيز ورأيت ان من الواجب بعد الدعاء له بالرحمة ان ابث ما يجول في خاطري لهذا العلم فقد كان - رحمه الله - قمة في الاخلاق واللطف والمعاملة الحسنة شعلة من النشاط منهجه في الحياة طلب العلم والحث عليه يحثنا على الاخلاص في طلبه كان استاذاً مثالياً متفانياً في عمله لا اذكر انه تأخر يوما من اداء واجبه اليومي في إلقاء المحاضرات حتى مع تقدمه في السن وسوء حالته الصحية اواخر حياته كان دائما يقول لنا امنيتي ان اراكم في ميادين العمل منكم المحامي والمحقق والباحث والمستشار اود ان يشار اليكم بالبنان والا تكونوا من سقط المتاع كان رحمه الله يؤمن برسالة التعليم لا يهمه النجاح فقط بقدر ما يهمه الفائدة التي يجنيها الطالب ويكون بها ملكة قانونية لقد كانت مادته التي تعمق فيها ومارسها عملياً في ديوان المظالم بالرياض مادة القضاء الاداري التي تعتمد على البحث والتحليل للوقائع القانونية المعروضة، كما اسندت له رئاسة القسم فترة ليست باليسيرة كان فيها نعم الموجه والاداري المحنك يراعي الطلبة ويقدر ظروفهم، ويشحذ هممهم وزرع فيهم حب العلم والانضباط، وارتقى بمستوى القسم وتطوير برنامجه العام بما يتوافق مع حيثيات العصر وتطور الانظمة وصدور التنظيمات الجديدة في البلاد الخاصة بالمرافعات التي تعد لب الدراسة في القسم وذلك بمساعدة الاساتذة اعضاء هيئة التدريس، فرحمك الله ابا يعرب واني لالتمس العذر من ابناء الفقيد واسرته واساتذتي في القسم وزملائي وكل من عرف الفقيد ان قصرت يراعي فما لم اسطره مكنون في القلب ولا تحتمله السطور ولا املك في الختام الا ان ارفع اكف الضراعة الى المولى عز وجل بأن يتغمد الفقيد بواسع رحمته وان يسكنه فسيح جناته وان يكرم نزله ويوسع مدخله وان ينزل شآبيب الرحمة على قبره وان يلهم اهله وذويه الصبر والسلوان انه سميع مجيب والحمد لله على قضائه وقدره.
* سكرتير محافظ الغاط
|