مَنْ رمالي ومن جذوع نخيلي
أشرق النور بعد ليلٍ طويلِ
أنا أرضُ الجزيرة، الخيلُ خيلي
في اللقاءاتِ، والصهيلُ صهيلي
أنا أرضُ الإسلامِ، لستُ مقراً
لكفورٍ، أو ملجأً لعميلِ
عن دعاوى الإرهابَ، نزَّهتُ سمعي
وفؤادي عن كلِّ رأيٍ هزيلِ
ليس في تربتي مقامٌ لباغٍ
يزرع الوهمَ في زوايا العقولِ
لا تظنُّوا أني حليفةُ لَهْوٍ
أو أداةٌ في قبضة الضِّلِّيلِ
اسألوا الفيلَ عن حماية أرضي
واسألوا عن رُؤايَ حِلْفَ الفُضولِ
اسألوا عن حقيقتي بيتَ ربِّي
واستنيروا بمحكم التنزيلِ
واسألوا كلَّ ذي لسانٍ فصيحٍ
واستدلُّوا ببعض شعر الفحولِ
ينبتُ النور في تقاسيم وجهي
شجراً شامخاً نديَّ الأُصولِ
يبصر المجد نفسَه في جبيني
ويراني على طريقي الطَّويلِ
مشعلاً يدحر الظلام، ويمحو
ما ينادي إليه كلُّ خَتُولِ
أنا عانقتُ روعةَ الوحي صوتاً
مفعَماً باليقيِن من جبريلِ
قال: إقرأْ فهزَّني واحتواني
ودعاني إلى أعزِّ سبيلِ
يا رسولَ الإسلام إقرأ ورتِّلْ
فالمدى يشرئبُّ للترتيلِ
يا بأُمّي، وجه الرسولِ تراءى
قمراً - حينَها - بديعَ الأُفولِ
هذه رحلتي، وهذا يقيني
منذُ أنْ عانقَ الضياءُ حقولي
منذ أنْ شرَّف الذبيح رحابي
وسرى في دمي دعاءُ الخَليلِ
أنا أرض الشموخ، يحميه جيلٌ
من دُعاةِ الإسلام في إثْرِ جيلِ
ألمح الفجرَ باسطَ الوجهِ طَلْقاً
يتراءَى بطرفه المغسولِ
غسل الطَّلُّ ما تبقَّى عليه
من غبار المعاركِ المبلولِ
ألمح الفجرَ، بل أناديه أرجو
أن أرى عنده شفاءَ غليلي
أيها الفجرُ لا عدمتُك فجراً
تسكب النور في خلايا سهولي
أيها الفجر، يا محرِّكَ شَدْوي
بعد شَجْوي، ويا مزيلَ خمولي
بيننا موعدٌ أمام قُباءٍ
حينما استبشرت جذوع نخيلي
طلع البدر، يا بساتينُ غنِّي
واهتفي يا غيومَنا واستطيلي
أقبل المصطفى فيا أرضُ تيهي
وامسحي دمعةَ الأسى وأَزيلي
أقبل المصطفى فهبَّ نسيمٌ
مدَّ جسراً من النَّدى في ذبولي
أنا أرض الجزيرة امتدَّ فجري
فاسأل الليل عن غبار الفلولِ
كنت قبل الإسلام، أُسند ظهري
في غرورٍ، على كثيبٍ مَهيلِ
كنتُ أمضي ولا المبيت مبيتي
في مسيري، ولا المقيل مَقيلي
كنتُ أمضي، والجاهليَّةُ سوطٌ
تتسلَّى به ذراعُ الجَهُولِ
كنتُ في غفلتي أعيش المآسي
وأرى حَلَّها من المستحيلِ
أيها السائلون عنّي اعذروني
أنا غَرْقَى في حيرتي وذهولي
لم أزل أقرأ الوجودَ وأَلْقَى
في زواياه كل لَفْظٍ ثقيلِ
لم أزل أسمع المنادي فأشقى
بمعاني التحريفِ والتبديلِ
لم أزلْ أُتْبع الرجالَ بطرفي
فأرى كلَّ خائفٍ وذليلِ
فأنادي الرّياحَ، والليل ساجٍ
والرؤى بين قاتلٍ وقتيلِ
يا رياحَ التاريخ هبِّي عليهم
وإذا شئْتِ أنْ تصولي فصُولي
وإذا شِئْتِ أنْ تقولي كلاماً
صادقاً عن ربوع مجدي فقولي
حدثيهم عن عزّتي وشموخي
وكثيري فيما مضى وقليلي
حدثيهم عن الميادين لمَّا
خُضتُها في سبيل رب جليلِ
حدّثيهم عن البطولاتِ لمَّا
صدَّ فيها الجهادُ زَحْفَ المغولِ
يا رياح التاريخ هبِّي عليهم
أرشدي التائهين خَلْفَ الطبول
لا تقولي عني: «سليلةُ مجدٍ»
إنما المجد والفخار سليلي
أيها السائلون عني رويداً
أَنا أدَرْى بالمنطق المعسولِ
علَّمتْني الحياةُ أنَّ الرزايا
والمنايا في منطق التهويلِ
أيها السائلون، مهلاً فإني
لا أبالي بمنطق ابنِ سَلولِ
لا تثيروا حولي تراب الدعاوى
فالأكاذيبُ منطق المخذولِ
في ضميري وَحْيُ السماء، ونَبْعي
زمزَمُ الخير، واليقيُن ذَلولي
وابنُ عبدالوهَّاب صوتٌ نقيٌّ
جاء يدعو إلى اتِّباع الرسولِ
جاء والناسُ في غياهبِ جهلٍ
وسيوفُ الهدى بغير صليلِ
لم يحدِّث بالمذهبيَّةِ نفساً
إنما كان مرشدي ودليلي
قالي لي: هذه العقيدة فجرٌ
وشفاءٌ لجسمكِ المعلولِ
عالمٌ جاءَ والخرافاتٌ تسري
مرضاً في اتّحادهم والحُلولِ
ساقني نحو منبعي وكساني
بثيابٍ من الرضا والقَبولِ
فتلقَّيْتُه بصدرٍ رحيبٍ
وفؤادٍ يفيض بالتبجيلِ
أنا أرضُ الجزيرةِ الدِّينُ روحي
وحياتي وسرُّ مجدي الأثيلِ
يرقب المجدُ راحتي، ويراها
منبعاً لانتصاره المأمولِ
وسؤالي مرارةٌ في لساني
ما لقومي لا يعرفون سبيلي؟!
ما لقومي إذا رأوا مستقيماً
من شباب الإسلام قالوا «أُصولي»؟!
رفرفتْ رايتي بأعظم لفظٍ
وسَمَتْ واحتي بزهو النخيل
يا دعاةَ الإسلام في كلِّ أرضٍ
احملوني على الرؤوس وصدُّوا
عن حمايَ الطَّهور كلَّ دَخيلِ
لا تظنوا أنَّ العقيدةَ ضَرْبٌ
من دعاوى الخداع والتَّضليلِ
هي نَهْجٌ منفَّذٌ فإذا لم
تحرسوها فأبشروا بالأفولِ
إن أبيتم إلا طريق ضلالٍ
فسيأتي إلهكم بالبديلِ
أنا أرض الجزيرة الفجر فجرى
حين يشدو بالنور ثغرُ حقولي