Monday 13th october,2003 11337العدد الأثنين 17 ,شعبان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

يارا يارا
تحت الدراسة
عبدالله بن بخيت

من الصفحات الممتعة في جريدتنا هذه صفحة الجزيرة أيام زمان. تحكي تاريخ التغيرات التي ألمت بهذا الكون السيال. بمتابعتها يعرف الإنسان التطور والتغير الذي أصاب كل شيء في بلادنا وفي العالم. أخبار صغيرة ومتناثرة ولكنها تحكي الكثير. كم تمنيت أن توسع إلى صفحتين أو على الأقل تترك دون تدخل من المحرر حتى لا يكون التاريخ انتقائيا يفسد المتعة الدرامية. انتظرت كثيراً من الأحداث التي أتذكر أنها حصلت في تلك الفترة ولكنها مرت بين الأخبار وكأنها لم تحدث وهذا شيء سيئ جداً. كل شيء مات. كل شيء تغير. ما كان يجب أن يتدخل الرقيب في شيء لا رجعة فيه. فالأجيال الشابة لا تعرف شيئا عن هذا الماضي.. فالفترة التي تحكيها الجريدة وهي بداية السبعينات الميلادية كانت فترة مهمة في تاريخ المملكة وتاريخ العرب. ممتع أن تقرأ التاريخ وكأنك تعيشه.
قرأت يوم امس الأول خبرا أربكني وشككني في ذاكرتي لأني خفت أن عقلي بدأ يخبط ويخلط الماضي بالحاضر. في تصريح لا أعرف سببه قال وكيل وزارة العدل الشيخ عبدالله اليحيى أن المحاكم المرورية (تحت الدراسة). وبعديوم من قراءته حاولت أن أتذكر هل قرأت هذا الخبر في جريدة الجزيرة زمان أم أن الخبر طازج.
أتذكر عندما كنا صغارا قرأنا تصريحا بهذا الخصوص على لسان أحد المسؤولين في وزارة العدل الفتية في ذلك الحين. رجعت للجريدة وقرأت الخبر وتأكدت أنه منشور في الصفحة الأخيرة بالبنط العريض والتصريح لمسؤول ما زال على رأس العمل. يعني أن المشروع يخضع للدراسة منذ أكثر من ثلاثين سنة.
كان يمكن أن أقول إن وكيل وزارة العدل الحالي فتح بالصدفة أحد أدراج أسلافه القدماء في هذه الوزارة وشاهد ملفا كتب عليه (المحاكم المرورية) ولكن عنوان التصريح الجديد يختلف عن عنوان التصريح الذي أطلقه وكيل وزارة العدل قبل ثلاثين سنة. ففي تصريح اليحيى نقرأ بالحرف ان المحاكم المرورية (تحت الدراسة) بينما في الخبر القديم كان المشروع (قيد الدراسة). وهناك فرق بين أن يكون المشروع (قيد الدراسة) وبين أن يكون المشروع (تحت الدراسة). وهذا التطور اللغوي الذي احتاج الى ثلاثين سنة لنصل إليه يمكن أن يعد تطورا إلهاميا شعريا يضاف إلى مآثرنا اللغوية، لولا أنه جاء على لسان مسؤول في وزارة العدل. فهذه الوزارة هي وزارة الدقة اللغوية مما يعني أن كل مسؤول في الوزارة يعرف الفرق بين (قيد الدراسة) وبين (تحت الدراسة) لأنهم أهل القانون والشريعة وتقرر على أيديهم كثيراً من الصراعات في هذه البلاد الطاهرة. هذا يعني أن هناك فرقاً قانونياً بين قولنا (قيد الدراسة) وبين قولنا (تحت الدراسة).
لا يخفى على الأخوة في وزارة العدل كمية الخسائر التي منينا بها في قضايا المرور حتى وصلنا إلى هذا الإنجاز اللغوي العظيم. لذا أرجو أن ينتقل مشروع المحاكم المرورية إلى التطبيق لا الى مرحلة لغوية ابداعية أخرى تستغرق ثلاثين سنة أخرى.

فاكس: 4702164

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved