قرأت خبراً قبل أيام عن بدء فترة التخييم «أي السماح لمن يريد أن يبتني خيمة بدوية وقت الربيع للنزهة»؛ حول الرياض بالذات؛ لكن الرائي لأطراف الرياض لن يجد مكاناً لبناء مثل تلك الخيام؛ لسبب واحد وهو أنك حينما تخرج من بيتك وتتجاوز العمران تبدأ أميال من الشبك تباري الخط؛ وتلك الأميال ليست هي التي على أطراف الخط السريع للحماية من بهيمة الأنعام؛ لكنها شبوك تهبط وتعلو على الرمال المجاورة للرياض؛ وحتى على تلال الجبال؛ يعني أن من يريد أن يخرج بأسرته فعليه أن يقطع سيرا حثيثاً بسيارته لمسافة تزيد على المائة كيلو متر لكي يجد أرضاً ليس عليها شبك؛ والغريب أن تلك الأملاك المشبوكة ليس بها أحد أبداً؛ وربما تجد في زاوية منها استراحة لا يأتي لها مالكها إلا في الشهر أو الأسبوع مرة؛ أي أن معدل استغلاله لأرضه تلك لا يزيد على 10% منها؛ والباقي عليه شبك لئلا يدخل الناس أملاكه في تلك الصحاري الرملية أو الجبلية.
طبعا هي ملكه وحلاله وهو حر فيه؛ لكن هو بتلك الطريقة يظهر الأنانية على نفسه؛ لأنه ماذا سيضره لو وضع شبكه على ما يستثمره من استراحة وترك عشرات الكيلو مترات لإخوانه طالما أن حاجته لها مؤجلة ولن يضره ذلك إلا أن يدعى له بالسعة في الرزق والحسنة في الدنيا؛ ثم إن أصحاب الإبل يعانون الأمرين من تلك الشبوك؛ حيث بدلا من أن تسير إبله إلى ناحية الأرض التي بها ربيع سبعين كيلا؛ ستسير فوق المائتين لأنه يحدها شبك من هنا ومن هناك عن طريقها؛ وهي مضرة لهم ولأنعامهم؛ ولطالما حدثت مشاكل بين أهل الإبل وبين «بعض» المالكين لتلك الشبوك؛ حيث يقدم صاحب الإبل على قص الشبك لتعبر إبله إلى المكان الذي يراه خلف الشبك الممتد عشرات الكيلوات؛ لكنه لا يريد أن يلف ويدور حول الشبك بإبله للوصول للجهة المقابلة فيقوم «اختصاراً» بقص الشبك وهنا تحدث المشكلة؛ ومثله من يريد أن يتنزه فيمنعه الشبك حتى يدور حوله دورة كاملة فيضيع وقته.
ثم هل من التحضر أن تمتد عشرات الكيلوات المربعة خالية سوى من استراحة كبصمة الأصبع وسط تلك الأميال الكثيرة؛ وهل من الحضارة أن يمنع منها من يريد التنزه قريباً من العاصمة؟ أو من يبحث قبيل الغروب عن فيتامين دال لطفل مريض ينهره حراس تلك الشبوك لو اقترب منها!!!
وهنا أضع أمر هؤلاء الناس أمام أنظار سمو وزير الشؤون البلدية والقروية بأن يتم تنظيم المسارات لعباد الله وعدم منعهم من الأرض البوار من أجل شبك وضعه صاحبه لمنع المسلمين من الطريق؛ ثم إن تلك الأراضي اشتراها هؤلاء بشبه «بلاش» أي بسعر زهيد جداً؛ فلماذا يمنعون الناس ولماذا لا يقص منها طرق للمسلمين عامة و دون مقابل قبل أن يصلها العمران؛ وهنا يخدمون الناس سواء أصحاب السيارات أو الإبل أو حتى الرعاة الذين يعانون الأمرين من تلك الشبوك.. والله المستعان على ما يفعلون..
* الرياض
|