الزيارات التفقدية «المفاجئة» التي يقوم بها معالي وزير الصحة الدكتور حمد المانع، التي جاءت تعقيبات بعض الاخوة عليها في «الجزيرة»، يبدو انها اتت أكلها وغدت نهجا اداريا متلازماً مع أخبار الوزارة، فالنتائج لم تقف عند رفع مستوى أداء العاملين بالقطاع الصحي وانعكاس ذلك على الخدمات المقدمة، إنما انسحب ذلك على مديري الشؤون الصحية في مناطق المملكة، وهذا ما نشرته صحيفة «الجزيرة» في بعض اعدادها عن زيارات هؤلاء المسؤولين لبعض المرافق الصحية، ومثال ذلك قيام الدكتور عصام الحركة مدير عام الشؤون الصحية بمنطقة حائل بزيارة مفاجئة لمستشفى بقعاء العام. وهنا لست في مقام النقد لهذه الزيارة أو تقييمها، كونها على الاقل «ظاهرة صحية»، تأتي في الاتجاه الصحيح لرفع مستوى الخدمات الصحية بالمنطقة، وتسهم في تعزيز العلاقة القائمة بين المسؤول والمواطن بما يخدم الأخير ويبرىء ساحة الأول!! غير اني في مقام تسجيل بعض الملاحظات السلبية - ان صح التعبير - على زيارة الدكتور الحركة لمستشفى بقعاء، مع عدم اغفال ان الدكتور عصام يبذل جهداً كبيراً في ادارة دفة الشؤون الصحية من خلال خطط ادارية ناجحة لعل أبرزها قضاءه على المركزية التي كانت مستشرية أيام الادارة السابقة، والعمل الحيوي بالامتداد الأفقي لمختلف الادارات لرفع سقف العمل وتحقيق معدلات مرتفعة في الانتاجية. والملاحظات التي أعنيها لا تقلل من أهمية الزيارة بقدر ما تدعو الى تبني الأسلوب الأفضل والطريقة العلمية والفعالة عند تطبيقها على أرض الواقع.. وهي كالتالي:
أولاً: الزيارات التفقدية وان كانت مفاجئة، فالواجب ان تتم وفق منهجية علمية مدروسة مدعمة بتقارير وافية عن المستشفى المستهدف بالزيارة، وبخطة ذات مراحل واضحة تعتمد المسح الميداني السريع، وليس من قبيل الاستهلاك الاعلامي، وهذا ما شوّه ملامح زيارة الدكتور الحركة، فخلال زيارات الوزير المانع المدعومة بوفد تقصي حقائق وتلمس الحاجات والمشاكل، الذي يستند الى تقارير سابقة، جاءت زيارة الدكتور الحركة لمستشفى بقعاء اعلامية بشكل علني، فلم يكن معه إلا مراسل إحدى الصحف المحلية ممن يعمل لديه في مكتب الشؤون الصحية.
ثانياً: الحقيقة التي لا لبس فيها، ان الزيارة لم تتم في منتصف الليل كما جاء في الخبر إنما تمت قبل مغرب ذلك اليوم، وقد كان في استقبال الدكتور عصام، مدير الخدمات بالمستشفى، فضلا عن تواجد مدير المستشفى «رغم انه خارج وقت الدوام الرسمي» والمدير المناوب والمدير الطبي، وهذا ينفي طابع المفاجأة.
ثالثاً: لم تكن الزيارة «تفقدية» بالمعنى الصحيح لهذه الكلمة، كون مدير عام الشؤون الصحية بحائل لم يستمع لشكاوى النقص او يطلع على الخلل القائم، كما لم يتلمس المشاكل الصحية الواقعية التي يعاني منها المستشفى، كعدم وجود طبيبة نساء، وعيادة عيون، وحضانة أطفال وعناية مركزة، خصوصاً ان المستشفى افتتح عام 1410هـ، ويخدم اكبر محافظة بالمنطقة ويتبعه ستة مراكز صحية، أو يفتح ملف الشركة المتعهدة بصيانة المستشفى وهو ملف مثقل بالشكاوى والملاحظات، او على الأقل دخول المناطق الفعلية في كشف مستوى نظافة المستشفى خلال الزيارة كالمغسلة وغرفة إعداد التغذية!! إنما تمت الزيارة بشكل سريع ومختزل لجميع الأقسام ومقابلة لبعض المرضى. نخلص الى التأكيد على ان الزيارات التفقدية التي درجت عليها وزارة الصحة تسهم ولاشك في رفع مستوى الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين، مثلما تكشف مواقع الخلل الحقيقية ومكامن النقص التي يحاول البعض اخفاءها، ولكن يتطلب تنفيذها بعيداً عن الحضور الصحفي، كون الصحافة ستكون أول من يشيد بالانعكاسات الايجابية للزيارة، وهذا ما لم يحدث في حال زيارة مستشفى بقعاء لأنها تمت تحت عين الصحافة.
محمد بن عيسى الكنعان
|