المشهد السياسي في فلسطين.. والأحداث الدامية على الأرض تجعل أولئك الذين يعملون في متابعة الأحداث ويتعاطون نقل الأخبار ومن يستمعون إليها من المتلقين يصابون جميعاً بما هو أكثر من الاكتئاب، والاحباط، ولا يكفي الفلسطيني في الداخل وفي الخارج ان يبكي بحرقة وأسى على ما آل إليه حال العمل في المؤسسة السياسية الفلسطينية، بل يبحث عن شيء آخر ليفرغ ما في صدره من قهر.
ففي الوقت الذي يجري فيه تنفيذ المخطط الصهيوني الهادف إلى إنهاء الحلم الفلسطيني بتدمير مقومات الدولة الفلسطينية من خلال تقسيم الأرض وعزلها بعضها عن البعض ومنع أي تواصل بينها من خلال اقامة الجدار العنصري ومده الى داخل الأراضي الفلسطينية المكونة للدولة الفلسطينية وبدء تنفيذ تقسيم قطاع غزة الى أربعة أجزاء وعزلها بعضها عن البعض مع استفراد كل جزء بعملية اجتياح عسكرية يرافقها تدمير أكبر عدد ممكن من المنازل والبُنى الأساسية والمعيشية للإنسان الفلسطيني مما يلغي أية امكانية لاقامة الدولة الفلسطينية.
في ظل هذا العمل المتسارع من قبل جنرالات الارهاب الذين تضمهم حكومة جنرال الارهاب أرييل شارون للقضاء على الحلم الفلسطيني، ينشغل القادة الفلسطينيون في اضاعة الزمن والتفنن في حرق الوقت والدخول في عراك يتمحور حول الصلاحيات الواجب منحها لوزير الداخلية في حكومة أحمد قريع، وهل تشمل تلك الصلاحيات الاشراف على جميع الأجهزة الأمنية، أم تظل تحت سيطرة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، ويبقى دور الوزير مسيّراً لأجهزة الشرطة.
هذه المسألة التي كانت إحدى العقبات التي اعترضت طريق حكومة أبومازن السابقة، تضاف إليها معضلة جديدة ينشغل بها السياسيون الفلسطينيون وهي: هل تُعامل حكومة أبوعلاء كحكومة عادية أم بصفتها حكومية طوارئ، وإذا اعتبرت حكومة عادية فهل يفترض على الرئيس ياسر عرفات تغيير مرسوم تشكيلها، وإذا اعتبرت حكومة عادية فهل يُكتفى بأداء اليمين السابقة، أم يؤدي أعضاؤها يميناً أخرى، كل هذه خلافات وتفسيرات متنوعة لنصوص دستورية يراها الفلسطينيون خلافات هامشية لا تستحق الانشغال بها وترك الشعب الفلسطيني يذبح يومياً من قِبل قوات الاحتلال الاسرائيلي وقادته منشغلون في عراك على الصلاحيات.
|