خلافاً لنموذج المصنع «Factory model» المتضمن ان خطوط الإنتاج تستقبل وتنتج نسخاً متطابقة نجد في المقابل خطوط إنتاج مصنع التربية والتعليم تتعامل مع مدخلاتها الخام الإنسان مراعية أدق خصائصه وسماته النفسية والعقلية. وإذا كانت خطوط إنتاج المصنع تعطينا منتجا بمواصفات محددة مسبقا وتلفظ كل ما يخالف تلك المواصفات فإن خطوط إنتاج المصنع التربوي تسعى هي الأخرى لتقترب بالمنتج التعليمي من مواصفات مثالية محددة ولكنها لا يمكن ان تلفظ مادتها الخام لأي سبب كان.
والسؤال الكبير هو: ماذا نريد لمنتجنا التعليمي المستهدف «إنساننا» ان يكون؟ نريد لمنتجنا التعليمي ان يكون إنساناً مفكراً يستثمر أقصى ما وهبه الله من طاقات وإبداعات ويوظفها لصالح خير أمته والإنسانية، نريده قادراً بذاته على الوصول إلى المعرفة وقادراً على تمحيصها وكشف صدقها من زيفها، نريده مؤمنا بقيم ومثل راقية تحقق له الصفاء الروحي مع خالقه والانسجام والتوافق التام مع ذاته ومع الآخرين، نريده قادراً على التفاعل والحوار مع الغير قادراً على إيصال رسالته إليهم وفهم رسائلهم واحترام وجهات نظرهم مع استعداده للتراجع عن رأيه متى تبين له مصداقية الرأي الآخر، نريده إنساناً يحتكم إلى ضوابط عقلية متزنة تجعل من الصعب اقتناصه وتوجيهه. ان مؤشرات الشارع والتنمية والأحداث تؤكد ان منتجنا التعليمي المستهدف لم يظهر في الأفق بعد.
* كلية المعلمين بالرياض
| 
