Saturday 11th october,2003 11335العدد السبت 15 ,شعبان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

دعونا نستمتع بلغتنا دعونا نستمتع بلغتنا

في يوم الأربعاء 27/7 تحدث الدكتور عبدالرحمن العشماوي في زاويته بمقالة تحت عنوان «وزارة التربية والتعليم ولغة الضاد» وبين فيها أهمية اللغة وان ننشىء ابناءنا على لغة سليمة صحيحة.. ولعل هذه المقالة تكون نافذة للحديث عن هذا الجمال.. وهذه الساحرة.. اللغة العربية لغة القرآن الحكيم ووعاء هذا الدين.. هي الوسيلة والإناء الذي عرضنا به للأمم قيم ومبادىء وشرائع هذا الدين..
اللغة العربية لغة ديناميكية نشطة فاعلة.. لغة مطاطية وان جاز التعبير فهي عجينة بيد طاهية حاذقة تمثلها على أي شكل تريده لغة حيوية مرنة تتحمل الى ما لا نهاية من الشحن العاطفية التي يصبغها على حروفها للكاتب.. فليست لغتنا نظاما صارما وقوالب جامدة ميتة.. بل هي نظام متفاعل متحرك يتطاوع مع المبدع ويستجيب للكاتب.. بل هي اللغة الوحيدة في العالم التي تتحرك من داخل البنية.. فمثلا «خ- ر-ج» التي تشكل كلمة «خرج» تستطيع أن تصنع منها عدة اشكال من الكلمات فتقول: من داخل البنية.. خارج.. خروج وتقول ايضا عندما تضيف بعض الحروف.. يخرج.. اخرج.. مخرج.. الخ..
اما بالنسبة للغات الاخرى فهي لغات الصاقية اي تزود البنية بحروف من خارجها فتتنوع الكلمة بتنوع الحروف الداخلة عليها.
وجاءت معجزة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بالقرآن الكريم لان قومه اصحاب لغة راقية ناضجة فيها ابداع وجمال..
كانت الكلمة ذات الايقاع الجميل والنغمة الآسرة.. تذهلهم وتوقفهم فترة ليست بالطويلة وذلك للتذوق والاستطعام.. كان الشعر هو الآلة المسيطرة على تفكيرهم والمستولية على مشاعرهم.. وايضا كان الوسيلة الاعلامية الناشرة والباحثة للخبر والناقلة للمعلومة.. كانت القصيدة.. يطلقها الشاعر من الغرب فتتكفل الرياح بنقلها الى الشرق..
وكما قال شاعرهم..
لارسلن مع الرياح قصيدة
تردد المياه وما تزال غريبة
اراد الله عن طريق هذا الدستور العظيم والكلام البليغ ان يبهرهم بهذا الاعجاز.. بكلام من كلامهم وحديث من حديثهم.. كلمات بسيطة سهلة.. ولكنها في الوقت ذاته مبهرة.. تسلب اللب وتخلب العقل.. كلام ليس شعرا.. ينشده شعراؤهم ولا نثرا.. يسمعونه من خطبائهم.
والقرآن الكريم زين اللغة ورققها وجمل اسلوبها وزاد في الفاظها ووسع في معانيها وكثفها واثراها وجعلها لغة حية سامية..
وبما ان القرآن محفوظ من قبل الله وتكفل سبحانه وتعالى بحفظه {إنَّا نّحًنٍ نّزَّلًنّا الذٌَكًرّ وّإنَّا لّهٍ لّحّافٌظٍونّ} الا انه يجب علينا أن نحفظ اللغة لا لتحفظ القرآن وانما لتقرب النشء والاجيال الى فهم وتذوق وتدبر لغة القرآن. فكلما نظفنا اللغة من الالفاظ الركيكة والكلمات الدخيلة وازحنا العامية وابعدناها عن مزاحمتها في طريقها.. كلما استوعبنا الابداع القرآني اكثر.. وكلما ازددنا قربا من فهمه وعمقه.
يتصور البعض ان اللغة اداة للتعبير وآلة للكتابة ووسيلة للتواصل مع المتلقي.. فقط ولا دور لها سوى ذلك.. وهذا فهم ضيق رؤيته بسيطة قريبة.. لان قيمة اللغة اسمى من ذلك واوسع.. فهي ارض طيبة لتخصيب العقل ومشروع فاعل لتسمينه وتغذيته.. اللغة ترقى بالفكر وتثري العقل وتوسع المدارك.. وعندما نؤصل نشئنا ونحببهم للغة ونعطيهم فرصة كافية للاستمتاع والاستئناس بها وخاصة في المراحل الاولى من تعليمنا ولانشغالهم ونزاحم عقولهم ونشتتها بلغة اخرى مثلما نفعله الآن من ادخال اللغة الانجليزية على المرحلة الابتدائية.. اذا نحن كثفنا اللغة العربية في هذه المرحلة وجعلنا صغارنا يعبون من لغة القرآن كيفما شاؤوا ويتوسعون ويتعمقون فيها.. فاننا فعلا.. نؤسس لثقافة ونشيد لحضارة وهذا هو قمة الرقي وغاية التقدم والتحضر.. اتمنى من المسئولين في وزارتنا ان يقلبوا في اوراق هذه المرحلة وان يراجعوا فيها وان يراعوا فترة رضاعة اللغة لهؤلاء الصغار.. فكيف ندخل عليهم لغة اخرى وهم لم يفطموا بعد..

خالد عبدالعزيز الحمادا
zeyad15@hotmail

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved